Menu

مخيم اليرموك: أنفاسٌ محبوسة تنتظر الخلاص من "داعش"

أرشيفية - عناصر التنظيم داخل مخيم اليرموك

دمشق _ خاص بوابة الهدف _ وليد عبد الرحيم

يستشعر أهل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا قلقًا بالغًا من الوضع القادم في المخيم، وبشكلٍ خاص بعد عودة الحديث عن إنهاء قضية احتلاله من قبل المجموعات الإرهابية، وبخاصة عقب اقتراب حسم الجيش العربي السوري لمعركة الغوطة بعد تقدمه بشكلٍ كبير فيها، وتحرير العديد من مناطقها.

وحتى اللحظة، ما يزال الوضع العسكري العام داخل مخيم اليرموك على حاله منذ نحو شهر بعد أن سيطر تنظيم داعش يوم الـ14 من فبراير الماضي، على شارع حيفا في المخيم بعد معارك مع النصرة، وبالتالي تراجع وجود النصرة بشكل كبير لصالح داعش داخل المخيم.

أوضاع أهل المخيم مُتباينة بحسب جغرافيا تواجدها والوضع الأمني، حيث بات هناك نحو 5000 شخص في يلدا وببيلا المجاورة والتي تعتبر منطقة مصالحة، بينما ما زال داخل اليرموك نحو 3800 مواطن يرزحون تحت بطش وممارسات وإرهاب التنظيم.

لقد خرج مؤخرًا – خلال الأيام العشرة الأخيرة- كافة المدرسين من المخيم باتجاه يلدا بفعل ضغوط داعش الذي يرفض مناهج التدريس ويغلق المدارس ويحول العديد منها إلى أماكن تدريب بعضها يعلمون الأطفال فيها من خلال مناهجهم التدريسية الخاصة، والتي يرفضها أهل اليرموك بشكلٍ عام باعتبارها مناهج غير تدريسية بقدر ما هي تأهيلية ليكون الأطفال من عناصر داعش ويحملون قيمها المتطرفة، ما أدى إلى استنكار المدرسين وانسحابهم خارج اليرموك إلى يلدا بغالبيتهم، وتفيد المعلومات بأنه لم يتبق منهم سوى (27) مدرسًا، وقد فرض داعش على المدرسين الخارجين من اليرموك باتجاه يلدا التوقيع على وثيقة تعهد بعدم التدريس في يلدا!.

"الأونروا" بدورها ترفض فتح مدارسها في المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة السورية باعتبارها تحت سيطرة المسلحين كما تنص قوانينها، وتدعم جزئيًا أو بشكل طارئ المدارس في المناطق التي هُجَّر إليها اللاجئون الفلسطينيون ومنها يلدا التي تتواجد فيها مدرسة الجرمق البديلة والعودة والدمشقية، وقد علمنا بأن "الأونروا" تدعم الطلبة الفلسطينيين في يلدا لكنها لا تعترف إلّا بمدرسة الجرمق البديلة وتتبنى ما فيها ومدرسيها وتكاليفها.

ومنذ شهور عدة قليلة، يستشعر الناس اختلاف حركة وطبيعة تواجد عناصر تنظيم داعش عمومًا في مخيم اليرموك -كما ذكرنا في تقارير سابقة-، وصلتنا في "بوابة الهدف" تقارير عدة عن تصفيات داخلية بين عناصر التنظيم وتنحية آخرين وخروج آخرين إلى مناطق مجهولة خارج المخيم.

وفي الآونة الأخيرة ازدادت عمليات هروب عناصر التنظيم، خاصة بعد انتصارات الجيش في الغوطة، والمعلومات الواردة عن حشد الفصائل الفلسطينية لقوات على مداخل المخيم، الأمر الذي يشي باقتراب البدء في عملية تحرير اليرموك، وهو ما يولد قلقًا لدى داعش خاصة بعد انتصارات الغوطة.

وقد توفيت داخل اليرموك، أثناء إعداد هذا التقرير اليوم، طفلة رضيعة تبلغ سبعة أشهر من عمرها، ووردت أنباء عن أن تنظيم داعش الإرهابي منع نقلها إلى خارج المخيم للعلاج!، حيث يقوم التنظيم بالتضييق على الأهالي والتنكيل بمن يحاول الخروج، ما يعني بأنه يخطط ليكون المتبقون في المخيم بمثابة دروع بشرية في حال وقوع معركة التحرير.

لكن اللافت في الفترة الأخيرة أيضًا هو تصاعد ممارسات عناصر داعش التي بدت أكثر وحشية في التعامل مع من يرغبون بالخروج، فقد أعدم التنظيم عدة مواطنين في المخيم بعد اعتقالهم إثر محاولتهم الفرار خارجه أو الوصول إلى حواجز الجيش السوري، بعد إلصاق تهم ملفقة مفادها التعامل مع أعداء داعش كان آخرها يوم 27/2/2018 حيث تم إعدام شاب في ساحة جامع فلسطين في المخيم بتهمة التخابر مع "هيئة تحرير الشام" أي جبهة النصرة الإرهابية.

وكان التنظيم قد قام مُؤخرًا بعدة حالات إعدام لأشخاص من أهالي المخيم بنفس التهم أو تهم قريبة منها، وفي الشهر الأخير فقط تم إعدام أربعة، وجلد العديد من الشبان بعد اتهامات من قبل ما يعرف بمكاتب داعش المختصة بالمحاكمات والتي تحمل أرقامًا كإسم لها وتبث التهم العلنية على غير مسار التهم الموجهة في التحقيق، كتلك التي فضحت تمامًا عندما أعدم التنظيم الإرهاب سيدة فلسطينية من المتبقين في بيوتهن ولديها طفل رضيع، وهي السيدة هديل أبو ماضي التي شتمت عناصر داعش فأُعتبرت "علمانية كافرة"، وتم إعلان تهمة "التخابر مع النظام" حيث تم إعدامها يوم 28/ ديسمبر 2016، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم وصل مجموع من تم إعدامهم نحو 30 شخصًا بتهمٍ مختلفة، كالتعامل مع النظام، أو مع النصرة، أو "الكفر والعلمانية".

استخدم داعش منذ ذلك الحين سياسة قطع الرؤوس والأيدي كما تم معاقبة العديدين بالجلد لتهم مختلفة غالبيتها ثبت بأنها ذات دوافع خفية، ومنها معاقبة من يرفع علم فلسطين باعتباره "راية كفر" وما شابه، وقد بلغت هذه الحالات العشرات من المواطنين، منها مؤخرًا ما جرى يوم 5/2/2018 حيث أعدم التنظيم شابين فلسطينيين في المخيم، الأول بشار سعيد بتهمة تعامله مع "النظام السوري"، والثاني رامز عبد الله بتهمة تعامله مع فصائل المعارضة، وقد أعدم أحدهما بالرصاص والآخر نحرًا.

ويسود حاليًا قلق من الوضع القادم، حيث يتوقع أن يتخوف سكان اليرموك من أن يقوم داعش بتجنيد إجباري للمواطنين المتواجدين داخل المخيم، أو استخدامهم دروعًا بشرية في حال اندلاع المعركة، وربما يقوم بقتل الرافضين لذلك، وهو ما يفسر توقع وتخوف أهالي المخيم خاصة مع منع خروجهم، سيما بعد ورود أنباء عن تعزيز الجيش السوري والفصائل لوجودهما وجلب عناصر نحو المخيم والقيام بمناورات قتالية على أبوابه، حيث يمكن لمراقب تحركات التنظيم إدراك الاضطراب الكبير في صفوفه.