Menu

فرنسا الاستعمارية: ما الذي يحدث في تشاد؟ 

مظاهرة ضد الوجود الفرنسي في تشاد (وكالات)

خاص بوابة الهدف

تشهد مدن تشاد في الاسابيع الاخيرة مظاهرات تندد بالوجود الفرنسي في البلاد، ذلك في ظل استمرار دعم فرنسا لنظام الحكم العسكري التشادي.

وشهدت عدّة مدن وبلدات تشادية، يوم السبت 14 مايو الجاري، موجة احتجاجات واسعة رافضة للنفوذ الفرنسي في البلاد. وذلك استجابة لدعوات كان قد عممها ائتلاف "وقيت تما" (حان الوقت) المعارض، للخروج بغرض استنكار مساندة فرنسا للمجلس العسكري الانتقالي الذي تقلد السلطة بعد اغتيال الرئيس إدريس ديبي على يد متمردين في أبريل/نيسان عام 2021.

وقمعت قوات الأمن التشادية المظاهرات بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه، فيما أحرق المحتجون الأعلام الفرنسية وهاجموا فروع محطات الوقود التابعة لشركة توتال الفرنسية معتبرين انها رمز لاستمرار الاستعمار الفرنسي.
وهاجم محتجون قاعدة عسكرية للقوات الفرنسية في أبشي، أقصى شرق البلاد، وحطموا نصباً تذكارياً كان بداخلها.

وتعيش تشاد صراع على السلطة بين المجلس العسكري برئاسة محمد ديبي المدعوم من فرنسا، وفصائل معارضة مسلحة ومدنية، ترى في حكم ديبي استمرار للاستعمار الفرنسي للبلاد.
جذور الأزمة التشادية:

خضعت تشاد للاستعمار الفرنسي المباشر في العام ١٩٢٠ حتى نالت استقلالها في العام ١٩٦٠، قبل أن تشهد البلاد حرب اهلية بلغت ذروتها بين عامي ١٩٧٩ حتى العام ١٩٨٢.
 حيث تشكلت منذ الاستقلال مجموعات عسكرية وفصائل معارضة ضد الحكومة الخاضعة للنفوذ الفرنسي. تركز معظمها في المناطق الشمالية من البلاد.
ورغم تمكن "حركة الإنقاذ الوطني" من اقصاء حكومة حسن حبري الموالية لفرنسا، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة ادريس ديبي في ديسمبر ١٩٩٠، فإن ديبي سرعان ما جمع بين التفرد في السلطة والخضوع للهيمنة الفرنسية، حيث استمر في الحكم الى حين اغتياله أبريل ٢٠٢١، ليرث نجله سلطته مشكلا مجلسا عسكريا منحه سلطات منفردة في حكم البلاد.
ومنذ تولي محمد ادريس ديبي للسلطة تعيش البلاد حالة من الاضطراب والصراع جراء المعارضة الواسعة الرافضة لسلطته، وسياساته في إخضاع البلاد للهيمنة الفرنسية.
ويذكر ايضا ان الجيش التشادي يشارك على نحو نشط في العمليات الفرنسية في العديد من الدول المجاورة، أبرزها مشاركته بأكثر من ١٥٠٠ جندي ضمن العملية العسكرية الفرنسية في مالي.
و تنشر فرنسا 5 آلاف و100 عنصر من قوات عمليات "برخان" في منطقة الساحل التشادي، وتتخذ من نجامينا العاصمة التشادية  مركز قيادة لها في المنطقة.
ورغم وجود ثروة نفطية في البلاد فإن الواقع المعيشي للسكان بالغ التردي، فقد بلغت نسبة السكان الواقعين تحت خط الفقر حوالي ٨٦٪ من سكان البلاد، بينهم حوالي ٦٣٪ من السكان يعيشون حالة من الفقر المدقع.

وتهيمن مجموعة من الشركات الاجنبية على ثروات البلاد، حيث تسيطر إكسون موبيل  (Exxonmobil) وغلينكور (Glencore) على قطاع استخراج النفط، وشركة توتال الفرنسية على توزيع المشتقات النفطية، فيما انضمت شركة  (Cnpcic) الصينية مؤخرا كمنافس لهذه الشركات.

ورغم انخراط الفصائل التشادية المعارضة في مفاوضات مع المجلس العسكري التشادي، تبدو افاق الحل السياسي في البلاد بعيدة، وكذلك تبدو ملامح الخروج من دوائر الهيمنة الفرنسية المتغلغلة في البلاد لا تقل صعوبة، ذلك في ظل خضوع النخب السياسية التشادية تاريخيا للتأثير الفرنسي، وهو ما تنادي معظم التحركات الجماهيرية بالتخلص منه.