أحيت اللجنة الوطنية لإحياء الذكرى الخمسين لاستشهاد الأديب المناضل غسان كنفاني ووزارة الثقافة، مساء اليوم الأحد، ذكراه الـ50 في القصر الثقافي بمدينة رام الله، بمشاركة رسمية من فلسطينية، وأعضاء منظمة التحرير، وحشد من ممثلي الفعاليات الوطنية والمجتمعية والأدبية.
وقال رئيس وزراء السلطة محمد اشتية، في كلمة له خلال فعاليات إحياء الذكرى إنّ "رؤية غسان الثورية لم تغرق في الأيديولوجية وظل بعيدًا عن الشعاراتية منحازًا للوحدة الوطنية" لافتًا إلى أنّ أدبه وفنه كانا بمثابة سلاح الوعي الذي يشحذ به الهمم بعد النكبة، وكانت صرخته المدوية لماذا لم يطرقوا جدران الخزان بمثابة جرس الإنذار للبقاء في كامل اليقظة وعدم الاستسلام للواقع ورفض الموت بصمت".
وأضاف: "روايات غسان من عائد إلى حيفا، وما تبقى لكم، وأرض البرتقال الحزين، وأم سعد، ورجال في الشمس، شكلت وعيًا لنا وللأجيال التي عاشت مرحلة المد الثوري، ووثقت رحلة التشتت والشتات بعد نكبة فلسطين".
واستطرد: "كان اغتيال غسان كنفاني مؤلمًا وصادمًا، فاغتيال المفكرين والكتاب هو اغتيال للأمة، لكنه ظل حيًا بما تركه من إرث أدبي وصحفي وحضور وطني، في ذكرى غسان نردد ما قاله شاعرنا الكبير محمود درويش في وداعه طوبى للجسد الذي يتناثر مدنًا، ونضيف يشعل أملًا متوهجًا في قلوب الأجيال المتعاقبة التي لم يسقط الوطن من ذاكرتها المشتعلة بحق العودة إلى فلسطين".
واختتم رئيس وزراء السلطة كلمته: "أمامنا خيار واحد وهو الصمود والصمود المقاوم، نحن رجال ونساء في الشمس في جبال بيتا وبرقة وكفر قدوم، ونحن برقوق وبرتقال فلسطين على الأشجار التي تبقى واقفة، وقد يكون العالم اليوم ليس لنا، ولكن هذا الوطن لنا دائمًا، كل النساء أم سعد، وكل الرجال أبو العبد، في فلسطين لا يوجد نصب تذكاري للجندي المجهول فشهداؤنا كما غسان كنفاني نعرفهم ونعرف أمهاتهم وأولادهم وكذلك الأسرى نحفظ أسماءهم الرباعية".
بدوره، لفت وزير ثقافة السلطة عاطف أبو سيف إلى أن الذكرى الـ 50 لاستشهاد الأديب غسان كنفاني تتزامن مع إطلاق ملتقى الرواية العربية في فلسطين بدورته الخامسة كجزء مركزي من عمل اللجنة، الذي أقرته الحكومة قبل خمس سنوات في ذكرى استشهاد كنفاني، لافتًا إلى أنّ الحكومة تعمل على استعادة الموروث الثقافي كإعادة طباعة 50 كتابًا طبعت قبل النكبة، إضافة لتطوير المحتوى الرقمي وأرشفة الثقافة الوطنية الفلسطينية قبل النكبة وبعدها.
من جهته، قال الوزير سدر إن هذا اليوم يمثل تخليدًا لذكرى المناضل الفلسطيني غسان كنفاني، الذي قال "ليس من المهم أن يموت الإنسان قبل أن يحقق فكرته النبيلة، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت" لافتًا إلى أنّ كنفاني استطاع أن يحفر في الذاكرة الفلسطينية فكرة وطنية نقية متأصلة في الأرض، فكرةٌ لا تُنسى، تتناقلها الأجيال، ويخطها التاريخ، وتشهدها القضية.
وتابع أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعلن وفي هذا اليوم عن إطلاق طابع بريدي في ذكرى الاغتيال الخمسين لأديب المقاومة غسان كنفاني، إيمانًا بأن الطابع البريدي سبيلٌ للحفظ والتوثيق، وأداةٌ للنقل عبر التاريخ والحدود، يحمل فكرة تؤرخ على مدار عمل البريد الفلسطيني.
وتخلل فعالية إحياء الذكرى الإعلان عن الرواية الفائزة في جائزة غسان كنفاني للرواية العربية في دورتها الأولى عام 2022، وهي رواية "قماش أسود" لأديب المغيرة الهويدي من سوريا، كما تم الإعلان عن الفائز بدرع غسان كنفاني للرواية العربية للعام 2022، وهو الروائي السوري حيدر حيدر.
من جانبها، قالت رئيسة جائزة غسان كنفاني للرواية العربية الدكتورة رزان إبراهيم: إن جائزة غسان كنفاني للرواية العربية كانت حريصة على السير على خطى غسان في انحيازها لرواية نجحت في تمرير الفكرة والمعنى دون التجني على القيمة الفنية.
وأشارت إلى أنّ الجائزة تحمل في انطلاقتها الأولى دعوة للكُتَّاب في مختلف الأقطار العربية إلى سد الفراغ الذي يتصور الأعداء أنهم قد خلقوه بغياب غسان كنفاني، وأنها فوق هذا كله اعتراف بما قدمه كنفاني في فترة زمنية وإن قصرت.
وقال الكاتب محمود شقير إن لقاء اليوم يأتي احتفاءً بذكرى غسان في الدورة الخامسة لملتقى فلسطين للرواية العربية، وعبر أنشطة ثقافية أخرى من بينها جائزة غسان كنفاني للرواية، الجائزة التي تحمل بجدارة اسم الراحل الكبير الذي ما زال في سماء فلسطين وفي سماوات أخرى عديدة، وسيظل نجمه ساطعًا، مضيفًا: في هذا اليوم نستذكر كنفاني وكم كان تأثيره على جيل مجلة "الأفق الجديد" المقدسية الذي بدأ الكتابة أوائل ستينيات القرن العشرين، وظهر منه شعراء وقاصون ونقاد، كانوا وما زالوا على درب الأدب، غير أن رواية غسان الأولى "رجال في الشمس" ظلت تحرضهم على كتابة السرد بعد تأثرهم بها وبقصصه المتميزة التي ظهرت في "موت سرير رقم 12"، وفي "أرض البرتقال الحزين".
وفي ختام فعاليات إحياء الذكرى قدمت فرقة الفنون الشعبية عرضًا للدبكة الشعبية، وألقى الفنان محمد البكري نصًا للشاعر الراحل محمود درويش في رثاء كنفاني، إضافة إلى عرض مسرحي لجمعية المسرح الشعبي.