الأخوات والاخوة الأعزاء.. بودّي أن أؤكد بداية سعادتي الغامرة بهذا اللقاء الحواري مع نخبة من مثقفينا من الكتاب والادباء للحوار حول قضايا معرفية وثقافية عامة، مع التركيز على عنوانين رئيسيين في هذا اللقاء، هما العولمة والثقافة الفلسطينية.
وسعادتي تنطلق من أن هذا الحضور يشكل بالنسبة لي تقريباً تجسيداً للدوافع المعرفية الثقافية المحمولة بالهموم الوطنية النقيضة للانقسام والتفكك والحريصة على إيجاد السبل الكفيلة للخلاص من واقع الانحطاط الذي نعيشه اليوم، خاصة وأن الانقسام الكارثي الذي مضى عليه خمسة عشر عاما ونيف أدى الى تفكيك الشعب والقضية والمجتمع، الى جانب دوره في تفكيك الهوية الوطنية الجامعة التي تربينا عليها تحت مظلة م.ت.ف وبالتالي أدى الى مزيد من تبهيت الثقافة الوطنية الفلسطينية الجامعة وانقسامها.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى الانعكاسات السلبية التي أفرزها عصر العولمة ، حيث تهاوت في هذا العصر كثير من النظم والأفكار والقواعد المعرفية لحساب تكنولوجيا ثورة المعلومات والاتصالات التي باتت محددا رئيساً لهذا العصر ، عبر التطور المتسارع لعلوم الفضاء والهندسة الوراثية وهندسة النانو والميكروبيولوجي ، وعلوم الاجتماع والذكاء الاصطناعي ، حيث أصبحت الثقافة بضاعة معولمه تتحكم في انتاجها وتسويقها الشركات المتعددة الجنسية الى جانب وسائل الاعلام والفضائيات المعولمة ، الأمر الذي يستدعي من المثقف في بلداننا مزيداً من التأمل والتفكير يدفعه الى متابعة المستجدات النوعية ، خاصة وان صناعة المعرفة في هذا العصر أصبحت من أهم الصناعات بلا منازع ، والأخطر أن المجتمعات العربية -ونحن جزء منها -قد تعاطت مع كم الانفتاح الكبير والتنوع والتلون العالمي بعقول مغلقة ، مغلفة بمفاهيم رجعية جامدة ، رافضة للاختلاف والتعدد ، وتحيا ظروفا فيها من الظلم والاستعباد ما يكفل بتحويل الفضاء التكنولوجي الرحب أداة لتبرير العنف وتمرير الافكار الظلامية .
وهنا أؤكد بان مفاعيل التراجع الثقافي وتقزّم الوعي وانحدار دور ثقافة الانتاج وثقافة الارادة الحرة والتغيير ، ساهمت في مضاعفة التحجر الفكري والمذهبي ، وحالتنا الفلسطينية خير نموذج ، فالانفتاح الشكلي الذي كرسته العولمة لم يحمي الفلسطينيين من مثالب الانقسام والتعصب الحزبي ، بل استُغلت كافة منابر العولمة في تعزيز الشرخ الفلسطيني الفلسطيني ، وفي نبذ ثقافة الحوار واستيعاب وقبول الآخر ، حتى آل بنا الحال لطرد الديمقراطية كممارسة حضارية واستحضار العصبيات الحزبية والعشائرية بدلا منها .
وأخلص هنا بالقول ، ان مستهلكي الحضارة المتقاعسين عن ركب المساهمة في مكوناتها يعيشون ازدواجية مركبة ما بين لهاثهم لاستهلاك شكل وقشور التطور ، بعقول رجعية عليها من غبار التخلف الكثير .
المسألة المهمة الأخرى تتجلى في أن أولى ميزات الحوار الجريء لابد لها ان تطرح بوضوح المشكلات الحقيقية والاسئلة الموضوعية المعرفية الصعبة والوقفة التحليلية النقدية الصارمة ، بهدف البحث -عبر الحوار- عن الحلول الواقعية الفعالة لكافة قضايانا السياسية والمجتمعية والثقافية ، وفق رؤية تحررية وديمقراطية تنطلق من التزامنا جميعا بثوابتنا الوطنية ونضالنا المشترك على طريق استنهاض شعبنا ووحدتنا الوطنية التعددية الجامعة لكل الاطياف في اطار ممثلنا الشرعي والوحيد م.ت.ف رغم كل ما أصابها وتعرضت له من عثرات وخطايا بسبب أوسلو وما تلاه.
فمهما تبدى للبعض بأن منظمة التحرير أصبحت ثوباً قديماً وبالياً إلا أنني لا أرانا إلا عرايا دونها ، مع تأكيد تفاؤلي بقدرتنا من داخلها على اصلاحها واستعادتها أكثر اشراقاً مما هي عليه الان ، وهذه هي رسالة كل الوطنيين الى كل من يفكر -مخطئاً أو عابثاً أو عدمياً أو متآمراً- بالخروج عليها او خلق بديل عنها أو موازٍ لها.
أولاً- حول اللحظة الراهنة للعولمة الامبريالية:
نحن أمام ظاهرة تَعَمُّق ديكتاتورية السوق عبر العولمة أو عبر الأممية الراهنة لرأس المال المعولم (الشركات المتعددة الجنسية) ، وما يعنيه ذلك من تركز الثروة واتساع الفروق بين البشر والدول اتساعاً لا مثيل له بالتعاون الوثيق مع كل من البنك والصندوق الدوليين ومنظمة التجارة العالمية .
إن تسارع عمليات العولمة سيؤدي إلى تغيير مضامين الكثير من المفاهيم مثل "العالم الثالث" "التقدم" "العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية" وحوار الشمال والجنوب" إذ أن هذه المفاهيم لم يعد لها معنى مع تزايد البطالة والفقر وتحرر الأسواق والانفتاح والتخلي عن كل الضوابط التي أدت إلى تحكم 20% من سكان الكوكب بمقدرات 80% من سكانه، ما يؤكد على الاستغلال البشع لثروات الشعوب الفقيرة .
ففي إطار العولمة تكرست مظاهر التبعية والاستغلال والانحطاط في مجتمعاتنا العربية إلى جانب التطبيع والاعتراف بشرعية الدولة الصهيونية والعمل على تصفية حقوق شعبنا الفلسطيني في العودة وتقرير المصير. ومن آثار العولمة ، يتوقع زيادة البطالة العالمية بنهاية العام 2022لنحو 220 مليون شخص، فيما لا تغطي الحماية الاجتماعية الملائمة سوى 27% من سكان العالم . إن تطور العولمة في صيغتها الأكثر وحشية " الأمركة " خلق نوعاً من الحراك الاجتماعي الجديد على مستوى العالم، لكن للأسف ، لا تزال القوى الاجتماعية والحركات السياسية التقدمية في بلداننا العربية عاجزة أيضاً عن الانخراط في الحركة العالمية المناهضة للعولمة ، ما يعني استنفار كل الجهود من اجل صياغة الرؤى والبرامج السياسية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية للخروج من إسار العولمة ، الامر الذي يعني حرصنا الشديد على استيعاب مضامين ومفاهيم الدراسات المستقبلية ، التي يمكن تعريفها على أنها "العلم الذي يرصد التغير في ظاهرة معينة ويسعى لتحديد الاحتمالات المختلفة لتطورها في المستقبل، وتوصيف ما يساعد على ترجيح احتمال على غيره"، وعلى هذا الأساس تتباين الدراسة المستقبلية عن الدراسة الاستراتيجية، فالثانية تقوم على هدف يكون قد حدد سلفا ثم البحث عن أدوات تحقيق هذا الهدف، بينما الدراسة المستقبلية تسعى لاستعراض الاحتمالات المختلفة للظاهرة. كما تختلف الدراسة المستقبلية عن التنبؤ في أن الأخير يحسم في أن الظاهرة ستتخذ مسارا معينا، بينما لا تزعم الدراسة المستقبلية مثل ذلك أبدا.
ثقة الإنسان بخياله وقدرته على تحقيق هذا الخيال يشكل دفعة للدراسات المستقبلية من حيث إدخال الخيال في الاحتمالات المختلفة عند دراسة ظاهرة معينة.
والسؤال هنا ، هل النظام الدولي هو أحادي أو ثنائي القطبية أو متعدد القوى ..؟ انتهى الصراع الأيديولوجي في المرحلة الحالية .
المشهد الدولي الحالي.. القوى المركزية الحالية هي:
- هناك امبراطورية تفككت وتسعى إلى وقف التفكك داخل روسيا الحالية ، إلى جانب الحفاظ على الأمن الاستراتيجي المحيط بها (أوكرانيا وغيرها) بحيث تحافظ على المجال الحيوي المحيط بها.
- الإمبراطورية الثانية هي امبراطورية تتراجع ، وهي الولايات المتحدة ، يؤكد على ذلك أهم الباحثين والمفكرين الامريكان الذي أكدوا هذا الاستنتاج أهمهم بول كنيدي.
جون كالتنج تنبأ بانهيار الاتحاد السوفييتي ، اكد ان الولايات المتحدة تسير في حالة تراجع ، وكذلك بول كيندي.
- الصين: عند وفاة ماوتسي تونغ كان ترتيبها في الناتج المحلي العالمي رقم 36 ، أما الآن فإجمالي ناتجها المحلي حسب القوة الشرائية يبلغ 27.31 تريليون دولار ، وهي بالتالي الأولى في العالم ، أما الناتج الإسمي فيصل إلى 14 تريلون $ مقابل 22 تريليون الناتج الإسمي الأمريكي (المجموع العالمي للكرة الارضية 94 تريليون $).
- الآن مطروح مخطط لبناء الصين الكبرى بكلفة 6 تريليون $ بقرار من الحزب الشيوعي عبر تكامل اقتصادي سياسي مع سنغافورة وماليزيا وهونغ كونغ وتايوان وفيتنام والفليبين.. إلخ ومشروع الحزام الصيني، والبناء العسكري.
- اليابان دولة ستظل تقبل ان تقوم بدور التاجر ومنتج السلع ؛ فهي لن تستطيع منافسة أمريكا والصين فيما يتعلق بعسكرة الدولة .
- الاتحاد الأوروبي لا يستطاع التحدث عنه ككتلة واحدة او موحدة وسيظل ضمن علاقات تابعة مع الولايات المتحدة بشكل أساسي .
- مقاييس أو مؤشرات ترابط العولمة الراهنة : هناك مؤشر عالمي من مائة درجة -حسب د. وليد عبد الحي- يتم تطبيقه على دول العالم، لمعرفة مدى الروابط الدولية مع العولمة بالنسبة إلى دول العالم حالياً.
- من 90 درجة فما فوق دولة معولمة مثال سنغافورة (اقتصادها وثقافتها وتطورها معولمة بالكامل).
- من 32 دولة من 80 – 90 درجة و 66 دولة من 60 درجة إلى 80 درجة.
- عدد الدول بين 60 درجة إلى 75 درجة 14 دولة ، 11 دولة أقل من 50 درجة.
- نتيجة هذه الأوضاع المترابطة والمرتبطة بالعولمة، أصبح وضع العالم يشبه شبكة العنكبوت الواسعة على مستوى الكوكب، وبالتالي أي تأثير في أي بلد يؤثر فوراً على العلاقات الدولية ، مثلاً : أحداث في كوبا تؤدي إلى تدهور أسعار السكر ، واحداث في أوكرانيا أدت إلى تدهور أسعار الغذاء.
- 28.5 تريليون $ حجم التجارة الدولية عام 2021 ، الاتفاقات التجارية المعقودة بين دول العالم 80% منها تم توقيعه خلال الثلاثين سنة الأخيرة .
- ديون الولايات المتحدة 1.19 تريليون $ للصين.
- 2.6 مليون عامل في أمريكا يشتغلون لإنتاج بضائع صينية .
- 4 – 5 مليار نسمة في الكوكب مرتبطين بالإنترنت ، يعني هناك ترابط غير مرئي بين البشر.
- هناك حوالي 60 ألف شركة متعددة الجنسيات تملك نصف مليون فرع لشركتها ، تسيطر على حوالي 42 % من حجم التجارة الدولية (حوالي 11.5 تريليون $) وتستحوذ على 40% من الناتج العالمي.
- مثال : شركة أمن (لنقل الأسلحة والمرتزقة والحماية) شركة G4 موظفيها عددهم 533 ألف موظفاً (موجودين في العراق والصومال وسوريا واليمن وأمريكا الجنوبية وغير ذلك وكلهم عسكر منهم خبراء إسرائيليين) .
- قياس القوة : لو أخذنا القوة العسكرية للدولة نجد أن قوة روسيا تساوي 2.5 مرة القوة اليابانية لكن حجم الاقتصاد الياباني خمسة أضعاف الاقتصاد الروسي .
- هناك 24 مؤشر للدول التي تحتل المواقع الرئيسية أهمها الناتج المحلي ، ثم بنسبة الانفاق على الجيش، نسبة الانفاق على البحث العلمي، حجم التجارة الدولية، الانفاق على الصحة والتعليم، نسبة الدين العام إلى الناتج الإجمالي، القوة النووية، نسبة قبول الرأي العام الدولي بالدولة المعنية، عدد مرات استخدام الفيتو، وهو مؤشر على رضا الدول أو رفضها لسياسات الدولة المعنية، عدد السكان، عدد براءات الاختراع ، في ضوء تطبيق هذه المؤشرات هناك خلاصة توضح طبيعة العلاقات الدولية، وهذه الخلاصة -التي توصل اليها د. وليد عبد الحي- هي:
- أمريكا تملك 38.18% من القوة العالمية.
- الصين تملك 34.55% من القوة العالمية.
- روسيا تملك 27.70% من القوة العالمية.
- معنى ذلك ان المجتمع الدولي متعدد الأقطاب، لكن الخطورة في نسبة التسارع في كل مؤشر، ونلاحظ هذا التسارع في الصين أعلى من التسارع الأمريكي ، وبالتالي الصين قد تسبق الولايات المتحدة خلال عشر سنوات وهذا ما يجعل أمريكا تشعر بالقلق الشديد من الصين (ليس في الاقتصاد بل أيضا في القوة النووية).
- معدل الاستقرار السياسي : الصين هي الأفضل .
- حجم التجارة الخارجية : الصين 4.6 تريليون دولار ، أمريكا 4.3 تريليون ، روسيا 606 مليار $ فقط .
- الصين لديها فائض 359 مليار $ مقابل 946 مليار دولار عجز في أمريكا في الميزان التجاري .
- الولايات المتحدة 106.7% ديونها مقابل الناتج المحلي .
- مساعدات خارجية لدول العالم : الصين تقدم 38 مليار $ مساعدات للعالم ، أمريكا 32 مليار $ (الصورة العامة ان أمريكا أكثر) روسيا 1.14 مليار $ .
- النظام العالمي الآن أكثر تعقيداً مما يتصور أحد ، لذلك لابد من متابعة المتغيرات واستيعابها.
- في أمريكا 496 ألف براءة اختراع ، في الصين 1.440 مليون براءة اختراع (3 اضعاف أمريكا) روسيا أقل من 50 ألف براءة .
- وضعت الصين خطة بدأت في تنفيذها عام 2015 تكلفتها 1,68 تريليون $ مخصصة لمجال الذكاء الصناعي حتى عام 2025، وهذا يعني ان الصين ستكون أهم دول العالم في الذكاء الصناعي ، اسم الخطة: صنع في الصين، الصين ستتفوق عام 2026.
عدد الحروب بين الدول سيتراجع ، بينما الحروب الداخلية قد تتصاعد خاصة في البلدان التي لا تستطيع التكيف مع إيقاع التغيّر السريع في العالم وخاصة في البلدان العربية. (العولمة تساهم في ضبط الاختلافات الدولية) وفي تطور الأوضاع الصحية للبشر، الأمر الذي يفرض ايقاعا سريعا جدا لمتغيرات وتطورات التكنولوجيا صوب أوضاع ليس من السهل تخيلها ، لكنها ستتحقق بالضرورة ، والمهم كيف نتفاعل معها
ومن أبرز هذه المتغيرات :
-36 جزء في الانسان المعاصر ممكن تغييرها.
- ستختفي محطات البترول ومحلات تصليح السيارات كما اختفت محلات أفلام الفيديو سابقاً، وسيحل محلها السيارات الكهربائية.
- خصصت كبرى شركات تصنيع السيارات الذكية أموالاً لبدء بناء مصانع تصنع فقط السيارات الكهربائية.
- ما حدث لـ Kodak و Polaroid سيحدث لعدة صناعات في 5-10 سنوات مقبلة.
- هل فكرت بعام 1998 أنه بعد 3 سنوات، لن يتم التقاط صور على فيلم؟ مع الهواتف الذكية من يمتلك كاميرا هذه الأيام؟ ..
- مؤلف كتاب صدمة المستقبل قال أهلا بكم في الثورة الصناعية الرابعة.
- عطلت البرمجيات وستعطل معظم الصناعات التقليدية خلال 5-10 سنوات القادمة.
- الذكاء الاصطناعي: أصبحت أجهزة الكمبيوتر أفضل بفهم العالم.. هذا العام تغلب جهاز كمبيوتر على أفضل لاعب في العالم (قبل 10 سنوات من المتوقع).
- برنامج واتسون من شركة اي بي ام يساعد الأطباء بتشخيص السرطان (أدق ب4 مرات من الأطباء).
- لدى Facebook الآن برنامج تعرف على الوجوه (أفضل من البشر). عام 2030 سيصبح الكمبيوتر أكثر ذكاءً من البشر...
- ستفلس معظم شركات السيارات التقليدية بلا شك. سيجربون النهج التطوري ويبنون سيارة أفضل فقط، وستبني شركات التكنولوجيا (Tesla و Apple و Google) النهج الثوري بجهاز كمبيوتر على عجلات (سيارات كهربائية ذكية).
- شركة سيارات فولفو الآن. تخلصت من محركات الاحتراق الداخلي بسياراتها، وبدلتها بالمحركات الكهربائية والهجينة فقط.
- كما نلاحظ أيضا في اطار صيرورة العولمة ، وعلى صعيد مراكز القوى العالمية ، أن هناك تحول في مركز القوة من الغرب إلى الشرق ، فالولايات المتحدة تتعرض -حسب د.وليد عبد الحي- لكثير من الامراض ، ويبدو أن دولة العدو الإسرائيلي مدركه لذلك ، وبناء على هذا الادراك تتعامل مع الصين لأنها إسرائيل تعتبر الصين هي القوة القادمة مستقبلاً ، أما بلداننا العربية فهي مازالت غارقة في الحضن الأمريكي وستظل على هذه الحال طالما استمرت الأنظمة الراهنة الحاكمة فيها على ما هي عليه .
- في هذا السياق ، أشير الى أن بلدان الوطن العربي عموما وخاصة مصر والعراق وسوريا والجزائر وتونس ، لم يعد لها دور او تأثير في السياسة والعلاقات الدولية الراهنة بسبب تفاقم تبعيتها وخضوعها للشروط الامريكية الإسرائيلية ، حيث نلاحظ بوضوح وبكثير من الأسى والحزن بروز الدور الرئيسي المركزي في الشرق الأوسط لحساب ثلاثة دول رئيسية هي دولة العدو الصهيوني ، ودولة حلف الناتو تركيا ، وايران بعد أن غاب الدور المركزي للوطن العربي .
- وصل عدد السكان في الدول العربية عام 2022 حوالي 430 مليون نسمة. العمالة العربية كما في عام 2020 بلغت حوالي 135 مليون عامل منهم حوالي 26 مليون عامل عاطل عن العمل بنسبة 19.2% من مجموع القوى العاملة العربية، يترافق ذلك مع تزايد مساحات الفقر وانتشاره بحيث يزيد – اليوم – مجموع الفقراء ومن هم دون خط الفقر عن 200 مليون نسمة45%من عدد السكان معظمهم في البلدان العربية غير النفطية التي يتدنى معدل دخل الفرد السنوي فيها إلى أقل من ألف دولار في حين يتجاوز هذا المعدل 30 – 120 ألف دولار سنوياً في البلدان النفطية. هذه الحقائق تستدعي لكي نمتلك مقومات مقاومة التحالف الإمبريالي الصهيوني تفعيل النضال السياسي الديموقراطي والطبقي الاجتماعي لتحقيق اهداف الثورة الوطنية الديمقراطية الكفيلة بإسقاط أنظمة الاستغلال والاستبداد والتبعية والتخلف عموماً وفي ما يسمى بالسعودية والخليج العربي خصوصاً حيث بلغ مجموع الناتج المحلي الاجمالي في السعودية والخليج لعام 2020 ما يزيد عن 1100 مليار دولار بنسبة 40% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي العربي الذي يبلغ في نفس العام (2,757) مليار دولار.
- العالم العربي سيجد الاتجاه شرقاً نحو الصين أقل تكلفة من العلاقة مع الأمريكان وإسرائيل ، لكن الأمر يحتاج إلى ثورة لتغيير الأوضاع واسقاط الأنظمة الحالية لكي نبدأ علاقتنا مع الصين أو الشرق، كما يحتاج الوضع السياسي الفلسطيني إلى ثورة جماهيرية تضغط وتقاتل لاسقاط الانقسام لكن نتمكن من مواصلة النضال في إطار م.ت.ف وتحقيق الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضنا ومواردنا بما يمكننا من مواجهة إعصار الزيادة السكانية الهائلة في الضفة قطاع غزة.
التحولات الديمغرافية للفلسطينيين والنمو السكاني في الضفة والقطاع:
النمو السكاني في الضفة وقطاع غزة كما في 2030 و 2050:
أولاً: عدد الفلسطينيين في نهاية عام 2021 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني: حوالي 14 مليون فلسطيني، وأضاف التقرير أن نحو 5 ملايين و300 ألف من الفلسطينيين يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها شرقي القدس .
مستقبل فلسطين - السكان في الفترة 2030-2050:
يتوقع "تقرير فلسطين 2030" أن ينمو عدد السكان في فلسطين من 4.7 مليون في سنة 2015 إلى 6.9 في سنة 2030، ويتوقع أن يتضاعف إلى 9.5 مليون في سنة 2050، وسيتضاعف عدد السكان خلال هذه الفترة، على الرغم من الانخفاض الحاد المتوقع في الخصوبة من 4.06 طفل لكل امرأة إلى 2.17 في سنة 2050.
بالنسبة لقطاع غزة، سيزداد عدد السكان فيه حسب التقرير المشار إليه بأكثر من الضعف ( 2.4 مرة ) بسبب خصوبته الأعلى وزخمه السكاني الداخلي، إذ يتوقع أن يرتفع العدد من 2 مليون في سنة 2020 إلى 3.1 مليون في سنة 2030 ثم 4.8 مليون في سنة 2050، في المقابل، سينمو سكان الضفة الغربية من 2.9 مليون الى 3.8 مليون في سنة 2030 ثم إلى 4.7 مليون في سنة 2050، بالتالي، سيشكل عدد سكان غزة 50.3% من الفلسطينيين، متجاوزاً عدد سكان الضفة الغربية بقليل وسيظل فتيا بالمتوسط .
النمو السكاني وسوق القوى العاملة في سنة 2030:
يتوقع أن يزيد حجم القوى العاملة في فلسطين من 1.5 مليون عامل عام 2020 الى 2.3 مليون في 2030 وإلى 3.8 مليون في سنة 2050.
هذه الزيادة تفوق كثيرا في معدلها معدل الزيادة في مجموع السكان والذي سيؤدي الى مضاعفة عددهم.
حتى سنة 2030 سيزداد حجم القوى العاملة بمقدار مليون: من 1.5 مليون في سنة 2020 الى 2.3 مليون في سنة 2030 وبحلول سنة 2050 تتكون القوى العاملة من 3.8 مليون شخص مرشح للعمل، ترجع هذه الزيادة الى الدفعة الكبيرة من صغار السن الذين سيلتحقون في سوق العمل.
النمو السكاني وخدمات التعليم (حسب تقرير "فلسطين 2030") :
سيزداد حجم الفئات السكانية في سن المدرسة من 2.1 مليون حالياً إلى 2.4 مليون في سنة 2030 وإلى 3.1 مليون في سنة 2050، تبلغ هذه الزيادة نسبياً 48%.
حتى سنة 2030، سيلتحق بالمدارس حوالي مليوني طالب وطالبة في عمر 4-17 سنة وسيلتحق بالتعليم العالي حوالي 400.000 طالب وطالبة.
سينمو العدد اللازم من المعلمين في فلسطين بسرعة، بحيث يكاد يتضاعف بحلول سنة 2050 بالنسبة لمرحلة التعليم قبل الأساسي والمرحلة الثانوية، وسيكون الطلب أعلى في قطاع غزة مما في الضفة الغربية، فحتى سنة 2030، سیلزم وجود 32000 معلم إضافي، بواقع 9000 في الضفة الغربية و 23000 في قطاع غزة.
للحفاظ على النسبة الراهنة -كما يقول تقرير فلسطين 2030- سيلزم توفير 1620 مدرسة جديدة في فلسطين بحلول سنة 2030، 750 منها في الضفة الغربية و900 في قطاع غزة.
ثانياً- حديث الثقافة والمعرفة:
الحديث عن المشهد الثقافي الفلسطيني هو سؤال واسع نكرره منذ ثلاثين عاماً ، وهو ضيق جداً حيث أن المشهد الفلسطيني ثقافياً وسياسياً يتداعى منذ أوسلو إلى اليوم عموماً وبات أكثر ضيقاً وتفككاً وضبابية منذ الانقسام البغيض خصوصاً، ما يعني ان تفعيل الضغط الشعبي لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التعددية في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا هو هدف مُلح وراهن.
الحديث عن مفهوم محدد للثقافة ، أمر يفتقر للسهولة ، خاصة في عصرنا هذا الذي تتهاوى فيه كثير من النظم والأفكار والقواعد المعرفية ، فهي ليست موضوعا علميا واحدا ، بل هي مجموعة من العلوم الاجتماعية والتاريخية والفلسفية تتشابك معا في نسيج كلي مع ما توصلت إليه ثورة المعلومات والاتصالات والإنترنت والتكنولوجيا والعلوم المتقدمة ، مضافا إليها الانسان صانع هذه الثقافة ومبدعها ومتلقيها ، فالثقافة جملة ما يبدعه المجتمع على صعيد العلم والفن ومجالات الحياة الروحية الأخرى من أجل استخدامها في حل مشكلات التقدم العلمي ، أو هي "مجمل ألوان النشاط العملي والعلمي للإنسان والمجتمع وكذلك نتائج هذا النشاط ، بارتباطه بأشكال الوعي الاجتماعي : الفلسفة ، العلم ، الأيديولوجيا ، الأخلاق ، الدين ، الفن التي سيصيبها –فيما نعتقد- تغيرا عميقا بسبب هذه التطورات والمتغيرات النوعية الهائلة في البنية الثقافية على الصعيد الإنساني ، منذ العقود الأخيرة للقرن العشرين والى اليوم في سياق هذا التطور المتسارع للعلوم والتقانة أو تكنولوجيا المعلومات ، حيث أصبحت صناعة الثقافة والمعلومات من أهم صناعات هذا العصر بلا منازع .
إن المعرفة بالنسبة لي لا تتوقف عند المعرفة الأولية التي تتشكل في الأذهان عن طريق الحواس فحسب، بل تتخطاها ، دوماً ، لإدراك الظواهر والأشياء من حولنا في الطبيعة كما في المجتمع والفكر ، إدراكاً عقلانياً ، وعليه فإن ما يشكل هاجساً بالنسبة لي ، بالاستناد إلى هذا الإدراك العقلاني، هو محاولة فهم الأسباب التي تحول دون تطور أو تقدم المجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية عموماً، وصولاً إلى معرفة السبل الكفيلة بتجاوز الواقع الراهن ، وهنا تتجلى الرؤية العقلانية العلمية ومنهجها الجدلي كمدخل رئيسي لوعي حقيقة الواقع والمشاركة الفعالة في تغييره.
إن المعرفة والثقافة التي أدعو إلى امتلاكها ووعيها، هي المعرفة المشغولة بالعلم والاستكشاف المرتكز إلى العقل والتجربة ، وتخليص البحث المعرفي من المواقف المسبقة ومن جمود الأفكار، كمدخل لا بد منه لتحرير الواقع العربي من حالة التخلف والتبعية والخضوع.
ذلك إن تحرير فكرنا العربي من حالة الجمود والانحطاط، يتطلب اعتماد العقل كأداة وحيدة للتحليل، والعقلانية كمفهوم يستند على المنهج العلمي الجدلي، ما سيدفع بفكرنا العربي صوب الدخول في منظومة المفاهيم العقلانية التي تقوم على أن للعقل دوراً أولياً ومركزياً في تغيير الواقع والتحكم في صيرورة مستقبله .
حوارنا المعرفي هو حوار ثقافي الأمر الذي يدعوني الى الحديث عن الثقافة الفلسطينية، والثقافة العربية ، واستعراضهما ، وهنا أقف متأملاً بحزن وخيبة على انحسار دور المثقف العضوي العلماني الديمقراطي، الأمر الذي راكم في داخلي - وفي دواخل غيري - حالة غير مسبوقة من القلق الذي يقترب من الاحباط الناجم عن تسارع هبوط الثقافة الوطنية العقلانية والديمقراطية، وطغيان ثقافة الخضوع والتخلف والتبعية وفضائياتها في مشهد الانحطاط العربي الراهن الذي بدأت تراكماته الأولى في الظهور منذ رحيل القائد الخالد جمال عبد الناصر .
ففي هذا المشهد المنحط تغيرت مراتب القيم، بحيث باتت الأفكار اليمينية الغيبية والليبرالية الرثة والقيم السياسية الهابطة والانتهازية المصلحية وقيم النفاق والقيم الاستهلاكية ، هي البضاعة الرائجة في الزمن العربي المحكوم لأنظمة تطبيعية تابعة وخاضعة للشروط الامريكية الصهيونية التي تستهدف تصفية قضيتنا وحقوق شعبنا.
على أي حال ، لقد باتت هذه الظواهر المرتدة او الانتهازية جزءا من الحياة الثقافية الفلسطينية والعربية الهابطة ، وهي ظواهر قديمة لكنها تزايدت اليوم بصورة غير اعتيادية ، اذ غالباً ما يحدث أن يبدأ بعضا من المثقفين البورجوازيين في بلداننا بواكير حياتهم ثوريين أو حالمين وينتهون في أواخر حياتهم إما مرتدين او خداما للسلطان أو مهاجرين يائسين من واقعهم ناعين له, وكأن حركة التاريخ في مجالنا العربي تسير نحو مزيد من الهبوط والتراجع، بحيث تجعل من الانتهازية أو النعي خطاباً مفضلاً عند هؤلاء .
وهنا أود التأكيد – بلا كلل او يأس - على أهمية انحياز المثقف الوطني الديمقراطي الفلسطيني للمصالح والأهداف الوطنية التي جسدتها م.ت.ف والحفاظ عليها رغم كافة العقبات والعثرات التي واجهتها ، إذ أن هذا الانحياز ، هو الأساس الأول في تحديد جوهر دور المثقف و ماهية موقفه السياسي، ورؤيته الفكرية وفق ما يتطابق مع تطلعات الجماهير الشعبية في الوطن والشتات ومعاناتها وأهدافها المستقبلية ، وعندها يمكن القول بثقة عن امكانية خروج ثقافتنا من حالة التردي والهبوط الى حالة النهوض والتغيير المنشود.
بناء على ذلك أقول لن يكون الكفاح، التحرري والديمقراطي العربي والفلسطيني مجدياً، إلا إذا كان كفاح مواطنين حررت إرادتهم وعقولهم، ولن يكون القائد الوطني جديراً باسمه إلا إذا كان واجبه التحريض على هذه الإرادة وخلق أشكال سياسية بلا مراتب وبلا رعية وأعيان أو محاسيب أو شلل أو مراكز قوى.
فعندما تهترئ الأطر الثقافية والسياسية التي تتصدر قيادة الجماهير، يصبح رصد آفاق النضال الوطني التحرري والمجتمعي والجماهيري، وتلمس مشاكله ضرباً من الجهد الفردي القلق، ومهمة شائكة وصعبة، وخاصة في مرحلة مضطربة وصاخبة ومعقدة كالتي نعيشها اليوم في ظل تجديد وإعادة إنتاج التبعية والتخلف وفق أدوات الليبرالية الرثة أو أدوات اليمين بكل اطيافه ومنطلقاته ، وهنا أرى من المفيد التطرق بايجاز مكثف حول مفهوم الثقافة وأزمة الثقافة في فلسطين .
الحديث عن مفهوم محدد للثقافة ، أمر يفتقر للسهولة ، خاصة في عصرنا هذا الذي تتهاوى فيه كثير من النظم والأفكار والقواعد المعرفية ، فهي ليست موضوعا علميا واحدا، بل هي مجموعة من العلوم الاجتماعية والتاريخية والفلسفية تتشابك معا في نسيج كلي مع ما توصلت إليه ثورة المعلومات والاتصالات والإنترنت والتكنولوجيا والعلوم المتقدمة ، مضافا إليها الانسان صانع هذه الثقافة ومبدعها ومتلقيها ، فالثقافة جملة ما يبدعه المجتمع على صعيد العلم والفن ومجالات الحياة الروحية الأخرى من أجل استخدامها في حل مشكلات التقدم العلمي ، أو هي "مجمل ألوان النشاط العملي والعلمي للإنسان والمجتمع وكذلك نتائج هذا النشاط ، بارتباطه بأشكال الوعي الاجتماعي : الفلسفة ، العلم ، الأيديولوجيا ، الأخلاق، الدين ، الفن التي سيصيبها –فيما نعتقد- تغيرا عميقا بسبب هذه التطورات والمتغيرات النوعية الهائلة.
على أي حال ، الثقافة كانت وستظل عنوان الوجود المجتمعي في مرحلة محددة –أو أكثر- من مراحل التطور ، تعكس طريقة أو أسلوب النشاط الإنساني الاجتماعي ، وعاداته وتقاليده وأعرافه وقيمه ومعتقداته وتصوراته تجاه الخير أو الشر أو باتجاه عالم الغيب وعالم الواقع ، فالثقافة ثمرة هذا النشاط المادي والروحي للمجتمع الذي يتحدد مستوى تطوره بطبيعية النمط (أو الأنماط) الاجتماعي السائد فيه .
و في عصرنا الراهن فإن الثقافة كلمة تطلق على قيم المجتمع ، و سلوكياته و أهدافه و نظمه الاجتماعية و قواعده الإقتصادية ، و علاقاته الإنتاجية السائدة بين أفراده ، و ما تفرزه هذه العلاقات من علاقات إجتماعية متباينة ، و إلى جانب كل ذلك ، فإن الثقافة تطلق أيضاً على جميع الأفعال و المتغيرات التي تعطي المجتمع طابعاً خاصاً بما في ذلك طريقته في النظر إلى الحياة أو التعامل معها .
بهذا المفهوم "الثقافي" يمكن التأكيد على أن العلاقات الاقتصادية جزء من النمط الثقافي العام ، و لعل نمط الاستهلاك السائد في ظروف العولمة الرأسمالية الراهنة ، خير مثال على بشاعة رأس المال المعولم ، الذي يتعاطى مع المجتمع البشري كله ، كوجود "مسلوب الارادة" محكوم لقوة رأس المال التي تسعى الى التحكم في مصائر الشعوب والأفراد دون أي اعتبار لجوع الملايين من البشر، ودون أي اعتبار لاغتصاب الحقوق والعدوان -كما هو الحال مع قضيتنا وحقوق شعبنا- واضطهاد الشعوب والاستيلاء على مقدراتها من أجل تحقيق هدفها الوحيد: تسهيل سير عملية التوسع والتراكم الرأسمالي ضمانا لمقومات القوة لدى الطغمة الحاكمة في بلدان المركز الرأسمالي ، وحليفتها إسرائيل والحركة الصهيونية في بلادنا.
ولئن نجحت هذه القوة الرأسمالية المعولمة ، وحليفتها وركيزتها اسرائيل والحركة الصهيونية في بلادنا ، فمعنى ذلك نهاية أو موت النقيض الوطني التحرري المناضل من اجل حريته واسترداد حقوقه في العودة وتقرير المصير والاستقلال والسيادة .
وهنا بالضبط تكمن مهمة المثقف الملتزم في فلسطين أو في سائر أقطار الوطن العربي، التي لا تقوم على تبرير الوضع القائم واضفاء الشرعية السياسية أو الفكرية عليه ، بل ممارسة النقد الجذري لما هو كائن التزاما بما ينبغي أن يكون وفق قواعد ومنهجية تحديث العلم والوعي التنويري الاجتماعي عبر تغيير العلاقات الاجتماعية السائدة ، فالمثقف هو الشخصية المفكرة على نحو نقدي مرتبط بعملية التغيير التي تنقل السياسة بوضوح وجرأة الى العلن لتصبح فعلا اجتماعيا ينقض ويجابه العدوان والظلم بكل أشكاله الوطنية والطبقية.
وإذا كان الصعود الوطني الفلسطيني، بعد سنة 1965، حرض على الكتابة الروائية، فإن الإحباط الذي وقع على الفلسطينيين، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ومازال ممتداً حتى اللحظة ، اختصر تلك الرواية في أعمال قليلة.
فعلى خلاف الشعر الفلسطيني، لم تظهر الرواية، في شكلها الحديث، إلاّ مع رواية جبرا إبراهيم جبرا "صراخ في ليل طويل"، التي كتبها في القدس سنة 1946.
فقد واظب جبرا ابراهيم جبرا (1920- 1994) على الكتابة الروائية في منفاه العراقي جاعلاً من القدس - أجمل مدن الدنيا كما كان يقول - محوراً لأعماله، بدءاً من روايته "صيادون في شارع ضيق"، إلى عمله الأكثر طموحاً "البحث عن وليد مسعود".
قبل جبرا وضع نجيب نصار (1873- 1948)، مؤسس جريدة "الكرمل" سنة 1908، روايتين تعليميتين هما "في ذمة العرب" و"وفاء العرب".
وهناك رواية اسحاق موسى الحسيني (1904- 1991) "مذكرات دجاجة" (1943) التي قدّم لها طه حسين وظهرت في مصر، أكثر من مرة. أما رواية الحسيني، فهي عمل أدبي يثير التساؤلات وكثيراً من الفضول، أراد الحسيني منها "أمثولة أدبية"، ليست بعيدة عن "كليلة ودمنة"، مؤكداً قيمة التسامح الإنساني، وواضعاً "تآزر البشر" فوق الأمور الدنيوية "العارضة".
وإذا كان جبرا قد قيد نفسه إلى فلسطيني فائق الصفات، ينتظر انتصاراً أكيداً، وإلى منظور رومانسي قوامه فرد متفوق لا يشبه غيره، فإن الشهيد غسان كنفاني (1936- 1972)، الذي مارس بدوره المقالة والمسرحية والقصة القصيرة، ذهب إلى طريق مغاير.
أراد الرفيق غسان رواية "واقعية مئة في المئة"، كما كان يقول، فوصف مآسي الخروج وعثار اللاجئين في مخيماتهم، ومسارهم السائر، بالضرورة، من "الكمون إلى اليقظة.
تظل روايته "رجال في الشمس" (1963) هي العمل الأكمل، والوحيد، الذي قبض على عمق المأساة الفلسطينية، متخذاً من مقولة "العار" مجازاً، قرأ به أحوال الفلسطينيين الذين رضوا بالرحيل عن وطنهم.
ثم أنتج الكفاح المسلح الفلسطيني رواية تحتفي به وتعد بنصر قريب، بدءاً من غسان كنفاني وصولاً إلى جيل لاحق تمثّل بمحمود شقير ويحيى يخلف ووليد سيف وإبراهيم نصرالله وسحر خليفه وفيصل حوراني وعارف الحسيني وغريب عسقلاني وربعي المدهون وزكي العيله وزكريا محمد وزياد عبد الفتاح ومحمد نصار وصولا الى مروان عبد العال واحمد رفيق عوض وعبد الكريم السبعاوي وعبدالله تايه وطلال أبو شاويش وشفيق التلولي وخلوصي عويضة ومحمد جبر الريفي أبو نزار ونعيم الخطيب ويسري الغول وحبيب هنا وسماح حسنين وميرفت جمعه وأحلام بشارات ونور السبوع وغيرهم الكثير ممن لا تستحضره الذاكرة .
غير أن المنظور المتفائل، لم يعمر طويلاً، بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، فظهر منظور روائي نقدي متشائم، تجلى في عملين لسحر خليفة هما "باب الساحة"، التي تأملت انتفاضة 1987، قبل أن تسخر من القيادة السياسية الفلسطينية في رواية "الميراث".
أفضى الخروج من بيروت، كما اتفاق أوسلو، إلى "تحرر الرواية الفلسطينية"، فجاءت سامية عيسى بنقد أقرب إلى الهجاء في عمليها "حليب التين" و"خلسة في كوبنهاجن"، وكذلك مايا أبو الحيات في "لا أحد يعرف زمرة دمه".
ووصل حسين البرغوثي (1954- 2002) المبدع المتعدد الصفات، الذي عايش ما بعد أوسلو إلى رواية رثائية تبكي فلسطين التي لن تعود، وذلك في عملين أقرب إلى الفرادة هما: "الضوء الأزرق"، و"سأكون بين اللوز".
في هذا الجانب أشير الى انه لا يمكن قراءة الرواية الفلسطينية اليوم، من دون التوقف أمام أمرين: الشتات الواسع الذي يعيشه الفسطينيون ، وغياب المؤسسة التعليمية- الثقافية الجامعة.
فقد اغتال العدو الصهيوني أديبنا غسان كنفاني في بداية مساره الروائي ، ولم يتح لجبرا إبراهيم جبرا أن ينشئ مع غيره تصوراً روائياً للعالم ، ذلك إن غياب المؤسسة الثقافية الفلسطينية "الموحِّدة"، حاصر تكامل الجهود، ووزع الرواية على جهود مفردة، أكانت داخل "فلسطين المحتلة" أو خارجها ، في حين تميّز غسان بتناول عالم المخيّم، واستطاع التقاط ابرز ملامح ومعالم هذا المخيم، وعوالمه الخفية، ليشتغل عليها ويعيد صياغتها على نحو نادر في خلق شخصيات باقية ، تميّز بالمقابل عالم جبرا بتناول عالم البورجوازية الفلسطينية، في الوطن السليب وفي المهجر، وتميز إميل حبيبي عن كنفاني وجبرا، بتناول الداخل الفلسطيني والعلاقة مع الاحتلال، وجاء تميّزه على غير صعيد، فابتداء من "بوابة مندلباوم" (1954)، مرورًا بروايته "سداسية الأيام الستة"(1969)، ثم "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" (1974)، وبأسلوبه الساخر الممتع استطاع التعبير عن معاناة شعبنا حيال الاستعمار الصهيوني، مع تضمين البعد الأيديولوجي في نصوصه .
وفي هذا الجانب لا يمكننا إغفال الصدى الواسع لرواية الطنطورية لرضوى عاشور والتي نجحت في سرد حكاية النكبة بتفاصيل إنسانية وببعد مختلف عما اعتدناه في الرواية الفلسطينية ، عدا عن المشروع الذي قد يكون الأهم في التأريخ للرواية الفلسطينية وهو ملهاة إبراهيم نصر الله ، " الملهاة الفلسطينية" ، والتي تشكل تأريخاً انسانياً مكثفا للغة وحياة وتفاصيل الفلسطيني المغيبة عن الآخر .
وهنا أعتقد أننا جميعاً نتفق على أن الادب بكل ألوانه -في كثير من الأحيان- لا يخلو من الايديولوجيا ، ذلك ليس عيباً -كما يقول عمر شبانة-، بل إن العيب كله يكمن في بروز الإيديولوجيا ونفورها بشكل طاغٍ ومهيمن ، لكن الأيدولوجيا لا تقول ذاتها بوضوح. فكلما كانت هامسة أكثر، كان صوتها مسموعاً بشكلٍ أفضل، ومُقنعاً أكثر.
في هذا السياق نتفق أيضا على أن العديد من المفكّرين الماركسيين يرون أنّ الأدب العظيم هو القادر على التعبير عن حقيقة المجتمع وعن أنظمة الأيديولوجيا المشكّله له.
وكان الروائيّ الفرنسيّ بلزاك في التصوّر الماركسيّ معبّرا عن المجتمع البرجوازيّ الفرنسيّ في القرن التاسع عشر وعن تناقضاته وصراعاته على الرغم من أنّه ابن الطبقة البرجوازيّة نفسها في ذلك المجتمع.
من ناحية ثانية يذكر الفيلسوف الماركسيّ الفرنسيّ لوي ألتوسير (1918-1990) أنّ الأدب العظيم هو وحده القادر على التعبير عن أيديولوجيا المجتمع دون أن يقدّم لنا معرفة بها بالمعنى العلميّ، فالفنّ، بكلمات ألتوسير، "أعني الفنّ الأصيل لا الأعمال ذات القيمة المتوسّطة والعاديّة" يجعلنا، من خلال سماته المكوّنة له، نرى، "يجعلنا نحسّ، بشيء ما يلمّح ويشير مداورة إلى الواقع... إنّ ما يجعلنا الفنّ نراه... هو الأيديولوجيّة التي ولد الفن منها، ويستحمّ في مياهها.
أما الفيلسوف جورج لوكاتش (1885-1971) يرى أن ظهور الرواية في أوروبا ارتبط بنشأة الطبقة البورجوازية باعتبارها الفن الممثل لطبيعة هذه الطبقة ومصالحها ، لكن على الرغم من أن لوكاتش يؤكّد أنّ الرواية هي فنّ المجتمع البرجوازيّ المعبّر عن طبيعته وعن تناقضاته، إلّا أنّه يبيّن أنّ البرجوازيّة لم تتبنَ الرواية للتعبير عنها بشكل قصديّ مخطط له، فقد كانت الرواية تتطوّر بشكل مستقل عن المستوى النظريّ الذي كان يعتمد على الأشكال الفنيّة القديمة ومفاهيمها ، وبالتالي يتجلى هنا دور المثقف النقدي المبدع في صياغة الرواية او أي شكل من اشكال الادب بصورة تعبر عن المستقبل النقيض لمصالح الطبقة البورجوازية ، وتلك هي رؤيتي انطلاقا من تجارب بعض الروائيين العرب من ذوي الانتماء البورجوازي ، لكنهم عبروا في رواياتهم عن طموحات الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين ، عبر رفضهم لكل اشكال ومظاهر الاستغلال الطبقي ، وهنا أؤكد على أن قوة انتشار الرواية عبر مضامينها الحاملة لتطلعات الجماهير في فلسطين او أي بلد عربي آخر يكمن في ترجمتها لمشاعر الجماهير عبر متابعتهم للنص الروائي مكتوباً أو مرئياً .
هنا بالضبط أعود الى الثقافة ، من خلال تعريفي لمهمة المثقف النقدية التغييرية والثورية في بعض الأحيان ، هي مهمة قد تكون قاصرة على عدد قليل من المثقفين العرب ، دون أن اتجاوز دور الانتهازيين الذين اختاروا الطريق السهل في خدمة الحاكم او الأجنبي الى جانب تسويغهم لعملية التطبيع والتراجع عن اعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية رغم ادراكهم بان مواقفهم هذه هي ابشع سمات الخيانة بالمعنيين الوطني والثقافي ، ويدركون أيضا أن مواقفهم تلك تنطلق من أكاذيبهم الوقحة ، فلا يقومون بالدفاع عن القضايا الوطنية، ولا ينتقدون، ولا يتحدثون عن القضايا العميقة، القضايا الحقيقية للحياة، ولا يتحدثون عن الأزمات الحقيقية في بلدانهم التابعة المتخلفة المستبدة ، فلم يعد يهمهم أبدا الاقتراب من قضايا تحرر شعوبهم ، ولم يعودوا معنيين بطرح الأسئلة ، والكشف عن مصدر الاستبداد والقمع ومصادرة الرأي والرأي الاخر.
لكن تلك الممارسات الانتهازية مرتبطة بالتأكيد بالمصالح الانانية الطبقية لهذا المثقف او ذاك في تبريره لسياسات النظام العربي في وضع الانحطاط الراهن ، الذي تتجلى فيه عدداً من المظاهر الاقتصادية التي تجسد تلك الممارسات والسياسات .
في مثل هذه الأوضاع ، اعتقد أن أدونيس على حق بقوله ” إن الثقافة العربية السائدة لا “تعلّم إلا الكذب والنفاق والرياء”، “فإذا كانت الرقابة في المجتمع العربي جزء عضوي من الثقافة العربية وليست فقط رقابة أهل السلطة، فرقابة أهل السلطة جزء من الرقابة الاجتماعية والسياسية” ، وبالتالي كما يضيف أدونيس بحق ، فإن تاريخنا أصبح مزيفاً لأن الأنظمة الحاكمة المستبدة هي التي كتبته .
أنا لا أستطيع أن أقول كل ما أفكر فيه وإذا قلته في قاعة كهذه لا أستطيع أن أقوله كله، وهذا يؤكد أن الثقافة العربية لا معنى لها فهي ثقافة وظيفية لا ثقافة بحث واكتشاف كلنا موظفون في ثقافة سائدة .
في كل الأحوال يعد علم التاريخ من العلوم المهمة إن لم يكن أهمها، ويجب قراءة التاريخ وفهمه لتوظيف الماضي والحاضر والاستفادة منه في بناء مستقبل.
فالتاريخ بالنسبة لنا يظل مصدراً للتعلم، فهو ذاكرة شعوبنا ومستودع تجاربها، ومخططاتها للمستقبل بشرط وجود أدوات / أو أحزاب وحركات وطنية تمتلك الرؤية الواضحة والقدرة والإرادة لتحقيق تطلعات شعوبنا.
لكن رغم كل الإنجازات التي حققها الكتاب والمبدعون العرب في كل الميادين، فإن الحداثة العربية ليست حاضرة معنا وليست أمامنا وإنما الحداثة هي خلف ظهورنا .
لذلك لا استغراب أو دهشة إذاً إذا لم نجد مفكرًا أو شاعرًا أو نجد فيلسوفًا عربيا معاصرًا يستطيع أن يجاري بفكره وأرائه فلاسفة الغرب في حين أن تعداد المسلمين في العالم قد تخطى المليار ونصف المليار مسلم”. “لكننا على الطرف الآخر نجد مئات بل آلاف الفقهاء، الذين ليس لديهم أي تجديد أو ابتكار، فهم فقط يقلّدون أسلافهم تقليداً أعمى من ابن تيمية والشافعي الى ابن باز دون وعي أو فكر.
العلاقة غائبة بين المثقف الممأسس وبين السلطة أو النظام العربي، وبالتالي لا دور للمثقف في بلداننا كما هو الحال في دولة العدو، السؤال هنا كيف يمكن لاتحاد الكتاب الفلسطيني استعادة دوره التنويري العقلاني الوطني عبر مأسسة الثقافة الوطنية الفلسطينية ورسم السياسات المستقبلية بالنسبة لانهاء الانقسام ولحرية شعبنا واستقلاله وصراعنا مع العدو، فالمستقبل يقترب منا -عبر مقومات القوة والعولمة والاختراعات ودور العدو الصهيوني- بشكل أسرع مما نتخيل، فهل يبدأ الاتحاد بنشر مفاهيم الحداثة (الديمقراطية والمواطنة والعلمانية والعدالة والوطنية والتقدم) قبل فوات الأوان.. بمعنى قبل ان نتحول عبيداً أذلاء في بلادنا.
قد نتفق على أن الديمقراطية بالمعنى العقلاني جزء من الحداثة ، ولكن ليس من الممكن وجود حداثة بلا ديمقراطية، وعندما تقول حداثة وديمقراطية، فإنك تتحدث عن مجتمع مُسيّس – كما يقول د.فيصل دراج -أي أنك تمر على السياسة بالضرورة.
إذن، فلا إمكانية لوجود ديمقراطية بدون حياة مجتمعية سياسية، ولا إمكانية لوجود حداثة بدون دولة تعبر عن مصالح قوى اجماعية فاعلة، تنظر إلى المستقبل ولا ترى في الماضي مثالًا.
أنا مع المفكر العربي أدونيس في بلورة مشروع للإصلاح يقوم على عدد من النقاط “النقطة الأولى تتمحور حول قطيعة كاملة مع القراءات السائدة للدين والتي تحول النص الديني من كونه نص رحمة ومحبة وسعادة للبشرية إلى نص عنف وإلى جلّاد، أما النقطة الثانية فتربط تغيير السلطة والمجتمع بإنشاء جبهة علمانية ديمقراطية على مستوى الوطن العربي تعمل على إعادة قراءة الموروث وتؤسس لمجتمع جديد قائم على المعرفة والفكر المتجدد.
النقطة الثالثة: تحرير الثقافة من القيود المفروضة عليها من الأنظمة وذلك انطلاقا من أن الثقافة هي من أجل الحرية وفتح الآفاق والتقدم الديمقراطي.
النقطة الأخيرة : الديمقراطية التي لا مفر منها ، فبدون الديموقراطية لا حرية ولا حقوق ولا مساواة فالديمقراطية والمواطنة القائمة على علمنة المؤسسات هي ما تستحق أن نناضل من أجله” .
تحيل علاقة الثقافة / المستقبل على مرجعية العمل الثقافي، التي يتكشف الواقع المعيش، في مستواها الأول، والثقافة الدائرة فيه، في مستواها الثاني، فلا معنى للثقافة -كما يقول فيصل دراج- إلا إن كانت استنكاراً لكل ما يحرم الإنسان من إنسانيته ويمنعه عن الوجود الطليق، واقتراحاً لشكل مختلف من الوجود الإنساني.
وبالتأكيد، فإن أشكال المثقف لا تختزل إلى تقني وتنويري، بل تنطوي على أشكال أخرى، تتعدد بتعدد السلطات السياسية وبمواقف المثقف منها؛ ذلك أن هذه المواقف لا تتعين بمعزل عن السلطات السياسية في الأنظمة العربية الراهنة ، ولا على مبعدة منها ، وهذه السلطات، رغم فروق متعددة بينها، لا تعبر عن إرادة مجتمعية كلية -كما يقول د.فيصل دراج- ، ولا تقاوم السيطرة الأميركية – الصهيونية بل تخدمها ، ولا تقدم لمجتمعاتها إلا مشاريع التفكك والانحلال والتشظي.. الأمر الذي يجعل من سياساتها المتعددة استجابة طيعة لروح العصر" ، التي تصوغها الولايات المتحدة الأمريكية، بدءاً بتدمير القيم الأخلاقية والابداع الثقافي وصولاً إلى اقتصاد السوق ، الأمر الذي يفرض على المثقف الوطني الديمقراطي الفلسطيني عموما وعلى الاخوات والاخوة في الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين خصوصا ، المبادرة الى تشكيل الأطر الجمعية الثقافية الهادفة الى تجسيد الرؤية السياسية والثقافية والمجتمعية من منظور وطني فلسطيني وحدوي في اطار م.ت.ف ، يؤكد على بلورة الهدف الاستراتيجي الذي يستدعي منهم جميعا العمل على حماية موروثنا الثقافي وصيانته ، الى جانب حماية وصون كل الإنتاج الادبي الفلسطيني عموما والشعر والرواية والتراث والهوية الثقافية الوطنية خصوصا ، بما يحقق تعميق الاشتباك الثقافي مع روايات العدو الصهيوني النقيضة تماما للرؤية الثقافية الوطنية الفلسطينية ، ومن ثم خلق كافة العوامل التي تؤكد على تعزيز الصمود والمناعه الوطنية في صفوف شعبنا ، الى جانب تكريس التواصل الثقافي الفعال الى جانب التواصل السياسي بين أبناء شعبنا في الوطن والمنافي من أجل انهاء الانقسام الكارثي واستعادة وحدتنا الوطنية التعددية في نظام وطني وفق نصوص اتفاقية الاسرى 2005 واتفاقيتي القاهرة 2011 و 2017، ولا سبيل امامنا من اجل تحقيق هذا الهدف سوى الحوار الوطني الديمقراطي الشامل بمشاركة كافة القوى والشرائح المجتمعية الوطنية ، فاما الحوار الوطني الفلسطيني الشامل والاتفاق على انهاء وتجاوز الانقسام والمأزق الراهن أو أن نتحول جميعا إلى عبيد أذلاء في بلادنا بعد أن نخسرها ونخسر أنفسنا وقضيتنا، و أعتقد أننا في اللحظة الراهنة على هذا الطريق طالما ظل الانقسام ، وطالما ظل العدو الأمريكي الإسرائيلي متحكماً في مقدرات شعبنا و طالما بقي الملف السياسي الفلسطيني ملفاً إسرائيليا بلا قيود، و في مثل هذه الأحوال يضيع الحاضر و تنغلق أبواب المستقبل ويحق علينا قول محمود درويش "أيها المستقبل : لا تسألنا من أنتم ؟ وماذا تريدون مني ؟ فنحن أيضاً لا نعرف !!".
عدد المؤسسات الثقافية العاملة في فلسطين حسب النوع والمنطقة، 2021
المنطقة/ المحافظة | المؤسسات الثقافية العاملة | ||
المراكز الثقافية | المتاحف | المسارح | |
فلسطين | 577 | 31 | 17 |
الضفة الغربية* | 505 | 26 | 14 |
قطاع غزة | 72 | 5 | 3 |
القدس | 51 | 4 | 2 |
* البيانات تشمل محافظة القدس.
ارتفع عدد الأنشطة الثقافية المنعقدة في المراكز الثقافية خلال عام 2021 بنسبة حوالي 54% بالمقارنة مع العام السابق، حيث بلغ عددها حوالي 7 آلاف نشاط ثقافي خلال العام 2021، في حين كان عدد الأنشطة الثقافية المنعقدة في المراكز الثقافية حوالي 5 آلاف نشاط ثقافي في العام 2020.
وعلى الرغم من الارتفاع الملحوظ في عدد الأنشطة إلا أن الدورات لا تزال تحتل المرتبة الأولى من بين الأنشطة الثقافية المنعقدة في المراكز الثقافية.
التوزيع النسبي للأنشطة الثقافية المنعقدة في المراكز الثقافية العاملة في فلسطين حسب نوع النشاط للعام 2021
نوع النشاط | 2021 |
دورات | 62.7 |
عروض فنية | 7.9 |
محاضرات | 17.5 |
ندوات | 10.2 |
معارض | 1.7 |
المجموع (نسبة) | 100 |
المجموع (عدد) | 7,291 |
(المصدر: موقع وفا - المؤسسات الثقافية في محافظة القدس)
عدد المراكز الثقافية العاملة في فلسطين لعام 2021
ارتفع عدد المراكز الثقافية العاملة في فلسطين من 528 مركزاً ثقافياً في العام 2020 إلى 577 مركزاً ثقافياً في العام 2021، مع فجوة واضحة في عدد المراكز الثقافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
توزيع المراكز الثقافية العاملة في فلسطين حسب المنطقة للعام 2021
المنطقة | 2021 |
فلسطين | 577 |
الضفة الغربية | 505 |
قطاع غزة | 72 |
(المصدر: موقع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني - الإحصاء الفلسطيني ووزارة الثقافة يصدران بياناً صحفياً بمناسبة يوم الثقافة الفلسطيني)
* (ندوة الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين-غزة-16/8/2022)