قدرٌ كبيرٌ من الجمال غادر عالمنا صباح اليوم، برحيل امرأةٍ من طرازٍ خاص، مزجت بين الطب والسياسة والأدب، فشكّلت نموذجًا فريدًا للمرأة العربية، التي تمكّنت وبجدارة منقطعة النّظير من التنافس في عالم الرّجال.
رحلت صديقة شجرة اللّوز الكاتبة والمناضلة د.هدى فاخوري عن عمر يناهز السبعين عامًا، مخلفةً عشرات المؤلفات والمنشورات السياسية والأدبيّة، في الوقت الذي لم تنقطع فيه عن ممارسة مهنتها كطبيبة أسنان، متمسكةً ومؤمنةً بجملة من القضايا الوطنيَّة والإنسانيَّة الساميَّة.
لطالما احتلت القضيّة الفلسطينيّة مكانةً مميّزة لدى فاخوري، التي كانت ترى الأمور مِنْ زاوية العداء للإمبرياليّة والصهيونيّة والرجعيَّة، جامعةً المُثل الاشتراكيّة والديمقراطيّة، مناديةً بالتحرّر الوطنيّ والوحدة العربيَّة.
كانت تمقت التطبيع العربي مع الكيان الصّهيوني وهو ما دفعها لتكون عضوًا في لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النّقابية، وفي إحدى منشوراتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي كتبت فاخوري: "حركة من يد السيدة البحرانية لم تأخذ من الزمن أكثر من ثانية، كانت كطلقة الرصاص ومدفع رشّاش وطائرة مُسيرة وصلت لقلب العدو الصهيوني في عقر داره، وفي قلوب المطبعين من الحكام العرب الذين يحتمون بالعدو الصهيوني لقهر شعوبهم المقاومة لوجودهم على أرض فلسطين".
وتابعت: "لا يهم يا سيدة مقاومة التطبيع إن كنتِ شيخة أو وزيرة، المهم أنك مواطنة عربية مؤمنة بعروبتها ولا تقبل الاحتلال في فلسطين، ولا تقبل تغلغل العدو الصهيوني في نسيج المجتمع العربي المقاوم" شعارنا لا التطبيع مع العدو الصهيوني، فلسطين عربية من البحر إلى النهر".
وبالطبع لم تغفل فاخوري عن الكتابة للأطفال واليافعين إيمانًا منها بأنّهم غد الأوطان وبناة المستقبل، فحدّثتهم في "سراج الحصادين" عن حياة الأهل أيام الحصاد، وفي رواية "فتاة السّحاب" وهي رواية الخيال العلمي، كتبت: "سحاب فتاة يافعة تمتطي غيمة إلكترونية وتسبح في الفضاء وتستكشف الأرض بكل ما فيها من بشر وجبال ووديان وأنهار وصحارى ومحيطات، وغيرها من صنوف الحياة، وتتصل عن طريق شريحة مزروعة على ظاهر يدها مع والدها كون وأمها سما وتبث لهم ما تراه من خلال تجوالها في العالم الذي تراه من علٍ وتحذر من الكوارث الطبيعية التي تضرب المحيطات".
أصدرت الكاتبة مقالات متنوعة في مجال التثقيف الصحي السني، منها: قصة الأسنان، وأسنانك.. رمز الشباب، حافظ عليها بالوقاية، والسنونية وقصص أخرى، وصديقتي شجرة اللوز، وأيام صبا الباسمة، واللؤلؤة دانة، وسامية وشقيقتاها، وحكايات العمة عربية، وحديث الحروف، كما وأصدرت مجموعتين قصصيتين، هما: حديث المرايا والكوابيس، ودوائر الحب والودّ، ولها كتاب بعنوان «انطباعات في التجربة الانتخابية ومقالات أخرى»، ونشرت مقالاتها السياسية والاجتماعية والثقافية في صحف يومية ومجلات أردنية وعربية.
ترُجمت مجموعتها القصصية حديث المرايا والكوابيس إلى اللغة الإنجليزية واعتمدت مقرّرًا دراسيًا لقسم الدراسات العربيّة في جامعة ديبول، في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركيّة.
ويشار إلى أنّ الكاتبة هدى فاخوري من مواليد مدينة السلط، الأردن، حصلت على شهادة البكالوريوس في طب وجراحة الفم والأسنان من جامعة القاهرة في العام 1969، وعملت منذ تخرجها طبيبة في مجال تخصصها، وهي عضو نقابة أطباء الأسنان، ورابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، واللجنة التنفيذية للمجابهة وحماية الوطن، والمؤتمر القومي العربي، لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النقابية.