Menu

عملية القدس والإجماع اليهودي لسفك الدم الفلسطيني

مصطفى ابراهيم

حسب زعم الجيش الإسرائيلي، أنه منع هجوماً من جنين بقتل 9 فلسطينيين كانوا يحضرون لعملية "إرهابية" كبيرة، فكانت النتيجة تنفيذ عملية فدائية في القدس !

العملية التي وصفها نتنياهو والمحللين الإسرائيليين بالقاسية والخطيرة، ولم تحدث منذ سنوات، وكانت أول اختبار حقيقي للحكومة الفاشية الجديدة. لذا شكلت ضربة للمنظومة  السياسية والأمنية، والاستعدادات المستمرة الدائمة لإحباط أي فعل فلسطيني مقاوم. فالعملية تعبير حقيقي عن حالة الرعب السائدة التي لم تتوقف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التحذير، من وقوع هذا النوع من العمليات الفردية، وبينما كانت الاستعدادات الأمنية الكبيرة في إسرائيل، خاصة في القدس، كان من الصعب للغاية إحباط أي عملية فدائية من قبل فدائي وحيد  ويحمل بطاقة  هوية إسرائيلية.

كان من بين أهدف مجزرة جنين رسالة من الحكومة الفاشية، والهروب من حالة الانقسام في إسرائيل، والاحتجاجات ضد خطوات الحكومة لإصلاح الجهاز القضائي، وهي أيضاً تكريس وتعميق الردع ضد الفلسطينيين. وجاءت العملية الفدائية في  القدس ليس كفعل ثأري انتقامي على مجزرة جنين فقط، بل لإفساد ومواجهة مخططات نتنياهو وحكومته، وقدرة المقاومة علي الردع أيضا، وتدفيع الاحتلال ونتنياهو وحكومته الثمن.

كان الجيش الإسرائيلي والشباك يتوقعان حدوث رد من الضفة وغزة، وفي تقييم للجيش الإسرائيلي والشاباك أن إطلاق الصاروخين من غزة ليلة الخميس الجمعة الماضية، لم يكن الرد الأخير على المجزرة  في جنين، واعتباره رد رمزي لحركة حماس التي تريد الحفاظ على الهدوء، وتصعيد المقاومة في الضفة الغربية.

‏ وفي ظل الاستعدادات الأمنية الكبيرة، وبينما كانت الأنظار متوجهة لغزة والضفة جاءت الضربة في القدس.

إسرائيل يديها ملطخة بالدم الفلسطيني، والحكومة الجديدة ومن سبقها من حكومات عملت على تعزيز الاستيطان ومصادرة  الأراضي في القدس ومحيطها، وأقامت المستوطنات هناك وفعلوا كل شيء لشرعنة  تلك المستوطنات، وضم الأراضي في الضفة الغربية المحتلة.

‏ماذا تعتقد الحكومة الإسرائيلية الفاشية المستمرة في تصعيد عدوانها وجرائمها ضد الفلسطينيين والخطوط العريضة للحكومة تعبير عن سياسات عنصرية واستمرار  حربها، وكانت البداية باقتحام وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير للحرم القدسي الشريف، والتصريحات التحريضية والعنصرية حول استمرار الاقتحامات، بما في ذلك توقيف شرطي إسرائيلي ‏السفير الأردني في إسرائيل لدخول الحرم، وزيادة التوتر مع الأردن، ومشاهد استعراض القوة وممارسة القمع، ونحو  300 شرطي وجندي قاموا باقتحام مخيم شعفاط لهدم منزل الشهيد عدي التميمي؟

30 شهيدا قبل أن ينتهي الشهر الأول من العام الجديد، واقتحام جنين وارتكاب مجزرة بشعة بشكل متعمد واستشهاد 9 فلسطينيين وتدمير وحرق المنازل، وغير ذلك من عمليات الاقتحام والاعتقالات اليومية وإرهاب المستوطنين.

وفي ظل الحديث عن تهدئة الأوضاع قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكية للمنطقة، والزعم الإسرائيلي بنجاح سياسة الردع ضد الفلسطينيين وهي بالمناسبة بدعة وكذب. ولم تتمكن دولة الاحتلال من ردع الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو الضفة والقدس، وهروب نتنياهو من أزماته بتهديد وضرب غزة لم يثمر عن أي تأثير في ردع الفلسطينيين. وفي طبيعة الاحتلال وسياسته العدوانية ولم تستسلم غزة والضفة والقدس، بل أن المقاومة مستمرة وتتصاعد.

لم تتعلم  الحكومة الفاشية والاستفادة من سابقاتها أنها لن تستطع كسر الفلسطينيين، وأنها قادرة علي حل أزماتها بتصديرها للقطاع والضفة، حتى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجديد هرتسي هاليفي الذي اتخذ قراراً  بزيادة عدد كتائب الجيش في الضفة، لن يكون قادراً على فرض قوته وتطويع الفلسطينيين.

وفي ضوء ذلك والمؤشرات السلبية خول الأوضاع  الاقتصادية، والقلق من  بداية الانهيار الجليدي وتأثيره على إسرائيل، في ظل حالة الاضطرابات السياسية المتصاعدة في الساحة الإسرائيلية، والاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو الذي قد يستغل حالة التصعيد الأمني في إضعاف التظاهرات وخطوات مقاومة الانقلاب ضد النظام القضائي وتسهيل القضاء عليه بسرعة.

بعد مجزرة جنين وقبل عملية القدس قال بعض المعارضين من اليسار الإسرائيلي لخطوات نتنياهو  في مثل هذه الاضطرابات، فإن آخر ما نحتاج إليه هو صراع مع غزة، حيث ليس لدينا ما نحققه هذه المرة، ولم يتم توجيه ضربة قاسية لحماس التي  لا تحتاج إلى التصعيد عندما يكون هناك تدهور في الدولة اليهودية.

في مثل هذه الأوضاع نتنياهو ليس بحاجة لحث المحتجين ضد سياسته على التوقف، فطبيعة اليهود في إسرائيل في ظل أي عدوان ضد الفلسطينيين يتوحدوا خلف الحكومة، ويتشكل إجماع صهيوني من أجل سفك الدم الفلسطيني.