نقلت واشنطن رسائل مقلقة إلى لندن بخصوص الوضع الأمني لهذه الأخيرة "لم يعودوا قادرين على حماية بريطانيا وحلفائها"، وجاء في تحليل الرسالة أن ذخيرة الجيش البريطاني ستنفذ بعد أيام قليلة من استدعائه للقتال، وأنه لا يمكن مجاراة عملية التذخير الروسية في أوكرانيا، ويتساءل المراقبون العسكريون عمّا إذا كان هذا التحذير حقيقي فعلاً أم محاولة داخلية لزيادة ميزانية الدفاع؟
أبلغت الولايات المتحدة بريطانيا مؤخرًا أنها قلقة على وضعها العسكري، ولم تعد تعتبرها "قوة قتالية عالمية المستوى"، كما نشر صباح أمس الاثنين في تقرير لشبكة سكاي نيوز، وجاء في التقرير، تحدث جنرال أمريكي كبير مؤخرًا مع وزير الدفاع البريطاني بن والاس وأشار له إلى أنهم يقدرون في واشنطن أن الجيش البريطاني الذي كان يُعتبر أحد أقوى الجيوش في العالم، لم يعد كذلك. ولا يمكنه –الجيش البريطاني- الدفاع عن بريطانيا وحلفائها.
تضمن الادعاء الأمريكي الافتقار إلى الخبرة القتالية والقدرة القتالية للجيش البريطاني، إلى جانب التخفيضات المستمرة في ميزانيته على مر السنين، حيث أدى إلى خفض مستواه بشكلٍ كبير. لهذا السبب، حسب التقرير، من الضروري الآن الترويج لخطة متسارعة لوضع ميزانيته وتعزيز قوته، على خلفية الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ ما يقرب من عام.
وقال التقرير "ريشي سوناك –رئيس وزراء المملكة المتحدة- يخاطر بالفشل في دوره كرئيس للوزراء في زمن الحرب، ما لم يتخذ إجراءات سريعة وحاسمة لمواجهة التهديد الأمني المتنامي" من روسيا. وزعمت المملكة المتحدة أنّ "التاريخ سيحكم على تصرفات رئيس الوزراء ووزير المالية في الأسابيع المقبلة"، تمهيدًا لإمكانية تقديم خطة ميزانية طويلة المدى في مجال الأمن. ومن ناحية أخرى، يظهر الادعاء: "محاولة من قبل جهاز الأمن البريطاني لزيادة ميزانيته".
القضايا الملحة الناتجة عن تحليل أوضاع الجيش البريطاني:
- سيعاني الجيش من نقص حاد في الذخيرة بعد أيام قليلة من استدعائه للقتال.
- لا تملك بريطانيا القدرة على الدفاع عن أجوائها ضد تهديد الصواريخ والطائرات بدون طيار الموجه الآن ضد أوكرانيا.
- سوف يستغرق الجيش حوالي 5-10 سنوات لإنشاء فرق عسكرية قادرة على المناورة قوامها حوالي 25-30 ألف جندي مدعومين بالدبابات والمدفعية والمروحيات.
- حوالي 30٪ من قوات الرد الفوري للجيش البريطاني هم جنود احتياط غير قادرين على التعبئة والوفاء بالجداول الزمنية للناتو في حالة الحرب.
- تم بناء معظم المركبات القتالية للجيش البريطاني، بما في ذلك الدبابات، قبل 30-60 عامًا - ومن غير المرجح تجديدها بالكامل في السنوات القادمة.
كانت هناك خطط في بريطانيا لتجديد قوة الجيش وحالته منذ ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن بداية الحرب في الشرق عطلت وصدمت خطط العديد من القادة. وفي أعقاب الحرب، أعلنت العديد من الدول في العالم الغربي بالفعل عن إصلاحات أمنية مكثفة وطويلة الأجل لتقوية وتحسين وضعها الأمني.
على سبيل المثال، أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون في الأسابيع الأخيرة أنه من المتوقع أن تنمو ميزانية الدفاع الفرنسية بنحو 40٪ في الأعوام 2024-2030. كما أعلنت ألمانيا، بقيادة المستشار أولاف شولز، عن زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث خصصت ما لا يقل عن 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي للأغراض العسكرية. كما أن اليابان، الدولة التي ظلت لعقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية اتسمت بسياسة أمنية "سلمية"، وأعلنت عن إصلاح شامل في الجيش بزيادة أكثر من 50٪ في ميزانيات الدفاع، فيما عُرِّف بـ "تغيير جذري في السياسة".
لفترات طويلة في التاريخ، كانت بريطانيا تعتبر قوة عسكرية، لكن على مدى العقود الماضية، توقفت بريطانيا عن القلق بشأن الأمن، وخضعت لسلسلة من القضايا السياسية الأخرى. تقليديًا، أدت حقيقة أن بريطانيا جزيرة إلى تصور أنها معرّضة لخطر أمني أقل بكثير مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى. في الوقت نفسه، أعادت الحرب في أوكرانيا إشعال المخاطر - على خلفية استخدام روسيا المكثف للصواريخ بعيدة المدى والطائرات بدون طيار - التي تنجح في إحداث دمار هائل.