Menu

تقريرالجماهير تحول دون هدم "الخان الأحمر"

فادي الشافعي

الضفة المحتلة _ خاص بوابة الهدف

المواقف الصهيونية المتتالية التي تدعو إلى هدم قرية "الخان الأحمر" شرقي القدس المحتلة أعادتها إلى الواجهة من جديد، إذ جدد أعضاء في "الكنيست" من حزب الليكود وأحزاب اليمين الصهيوني الفاشي، وبينهم ما يسمى "وزير الأمن القومي" الصهيوني إيتمار بن غفير، دعوتهم، مؤخرًا، إلى هدم القريّة فيما تحول جماهير شعبنا دون تنفيذ القرار.

صدر أول قرار لإخلاء "الخان الأحمر" عما تسمّى "الإدارة المدنية الإسرائيلية" في آذار/ مارس 2010؛ ونتيجة الالتماس ضد القرار على مدار السنوات الماضية، تم تأجيل الهدم عدة مرات، إلى أن صدّقت ما يسمى المحكمة "العليا الإسرائيلية" في أيار/ مايو 2018 على أمر تهجير سكانه وهدم التجمعات البدوية.

وتلقت المحكمة 8 طلبات من الحكومات الصهيونية المتعاقبة لتمديد تقديم اتخاذها القرار النهائي، حيث تجنبت تنفيذ عملية الإخلاء بفعل التضامن الشعبي الواسع والفعاليات الوطنية الرافضة لهدم القرية وتهجير سكانها، وفي هذا السياق دعا نشطاء وشخصيات وطنية والقوى الوطنية والإسلامية جماهير شعبنا إلى اعتصام مفتوح في القرية الخان الأحمر رفضًا لقرار محكمة الاحتلال.

وقال الناشط محمود أبو داهوك، في اتصال مع "بوابة الهدف"، وهو أحد سكان القرية، إنّ  جماهير شعبنا هي التي تحول، على مدار السنوات، دون هدم القرية، داعيًا إلى تكثيف تواجدهم في القرية خلال الأيام القادمة، مؤكدًا أنّ ما حال دون هدم الخان رغم صدور قرار صهيوني بهدمه منذ عام 2018 هو الاحتجاجات الشعبية والتضامن الواسع الفلسطيني الواسع مع سكان القرية.

وشدد أبو داهوك على أنّ الالتفاف الجماهيري حول قضية الخان الأحمر يعد هو السد المنيع ضد تنفيذ قرار الهدم لأنّ الجماهير الواعية فهمت خطورة سياسة التهجير "الإسرائيلية" على الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة، لافتًا إلى أنّ الهدف الأكبر لهدم الخان الأحمر هو استكمال المخطط الصهيوني لإنشاء ما يسمى "القدس الكبرى" الخاضعة للسيادة الصهيونية بالاستيلاء على مساحة تقدّر بألف كيلومتر مربع من الضفة الغربية المحتلة وتقطيع أوصال الوطن.

واعتبر أنّ ما يمنع هدم الخان بالإضافة إلى الالتفاف الجماهيري الواسع هو اعتبارات دولية، إذ تعتقد حكومات غربية أنّ هدم القرية بالقوة من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية خاصة في ظل حالة الغضب الفلسطيني الواسع مع صعود حكومة صهيونية هي الأكثر تطرفًا، لافتًا إلى أنّ الموقف الغربي يعارض هدم القرية خشية من ردة الفعل الشعبية على هذه الجريمة.

وعليه؛ شدد أبو داهوك على أنّ تكثيف حالة التضامن الشعبي يشكّل حجر الأساس لتأجيل الهدم مرات متتالية منذ عام 2018؛ داعيًا جماهير شعبنا إلى التواجد في القرية هذه الأيام.

من ناحيته، أوضح مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، في اتصال مع "بوابة الهدف" أنّ مشروع تهجير سكّان منطقة الخان الأحمر يأتي ضمن مشروع اليمين الصهيوني لتهويد المنطقة وجوارها تطبيقًا لمشروع "القدس 2050" الذي يهدف إلى إعادة رسم هوية المدينة دينياً وديمغرافياً واقتصادياً واجتماعياً، بما يقضي نهائياً على الوجود الفلسطيني حيث يسعى لتوسيع حدود بلدية الاحتلال في المدينة لتصل إلى أريحا شرقاً و"غوش عتصيون" جنوباً، وموديعين (اللطرون) غرباً، مؤكدًا أنّ المخطط يتجاهل السكان الفلسطينيين واحتياجاتهم.

ويوجد في المنطقة الممتدة من بلدة العيزرية شرقي القدس إلى غور الأردن 46 تجمعًا بدويًا، وجميع هذه التجمعات مهددة بالترحيل القسري، وينتشر هؤلاء في أربع مناطق أساسية هي عناتا ووادي أبو هندي وخان الأحمر والجبل، يسكنها نحو سبعة آلاف فلسطيني.

وأشار تفكجي إلى أنّ المخطط يشتمل أيضًا على إقامة مطار دولي كبير في منطقة (البقيعة) القريبة من مدينة أريحا والبحر الميت ولا يبعد سوى بضع كيلو مترات عن القدس، وربط المنطقة بشبكة من القطارات، وإقامة مناطق صناعية وتجارية وفنادق.

ومن الناحية السياسية يشير الكاتب وسام أبو شمالة إلى عددٍ من العوامل المختلفة التي دفعت كلاً من رئيس حكومة العدو نتنياهو وأحزاب التحالف الفاشي بزعامة بن غفير وسموتريتش إلى تصدير المواقف والتصرفات تجاه "الخان الأحمر" وإبراز قضيتها في واجهة الأحداث، منها رغبة نتنياهو في استرضاء زعماء "الصهيونية الدينية" بعد إخلاء جيش الاحتلال بؤرة استيطانية أنشأها المستوطنون.

واعتبر أنّ من بين العوامل التي تدفع باتجاه تصدير الائتلاف اليميني الفاشي قضية الخان الأحمر إلى واجهة الأحداث، عوامل داخلية بحتة، منها سعي نتنياهو للهروب إلى الأمام، وصرف انتباه الرأي العام الصهيوني عن الاحتقان الداخلي الإسرائيلي على خلفية لجوء المعارضة إلى الشارع وتنظيم تظاهرات ضخمة ضد عزم حكومة نتنياهو على تنفيذ ما يسمى إصلاحات في السلك القضائي تعتبرها المعارضة محاولة لتسييس القضاء والتمهيد للانقلاب على السلطة القضائية لأهداف شخصية وحزبية يتم بموجبها إلغاء التهم الموجهة إلى نتنياهو.

تمكنت الجماهير الفلسطينية على مدار السنوات الماضية من إحباط مخططات العدو الصهيوني في هدم قرية الخان الأحمر، وتفرض الظروف الحالية على هذه الجماهير مواصلة مواجهة العدو وفضح جرائمه وعنصريته أمام العالم، وتجربة التكاتف الجماهيري في هذه القرية تؤكّد، مرة أخرى، أنّ الصمود ومقاومة سياسات التهجير الصهيونية ممكنة.