تستمر أسعار الخضروات والفواكه في الارتفاع في أسواق قطاع غزة، خصوصًا بعد فرض وزارة الزراعة رسومًا إضافية على أصناف الفواكه المستوردة من الخارج، ما جعل التجار يترنحون أمام "الضرائب" الجديدة، إضافة لغضب المواطنين، خصوصًا أنّهم على أبواب شهر رمضان.
ويشتكي المواطن محمد خليل من القرار، قائلًا لـ"بوابة الهدف"، إنّني "أعمل بأجرة يومية تقدر بـ (20 شيكلًا)، لا أعرف ماذا أوفر لعائلتي، سلع أساسية من سكر وزيت ودقيق أم الفواكه التي ارتفع سعرها بشكل كبير بعد فرض الرسوم الإضافية، خصوصًا مع قدوم شهر رمضان"، مضيفًا أنّ "سكان القطاع يعيشون أوضاعًا اقتصادية صعبة جدًا، نظرًا لعدم وجود عمل وخصم على الرواتب، وعدم صرف شيكات الشؤون الاجتماعية حتى هذه اللحظة".
ويُشير خليل، إلى أنّه بالكاد كان يوفّر لعائلته المكوّنة من 5 أطفال صنفًا واحدًا من الفاكهة كل عدّة أيام، يُتابع: "أمّا الآن ومع فرض الرسوم الإضافية وارتفاع أسعارها لا أستطيع أن أشتريها، لأنّه وبكل صراحة قرار الوزارة يرهق المواطنين ويضر بهم، حيث سيلجؤون للأطعمة الأقل ثمنًا، أو بمعنى آخر الأقل جودة والرديئة، وهذا التوجّه له تبعات صحيّة على المواطنين".
خسائر كبيرة
يؤكّد بائع الفاكهة خالد البرعي لـ"الهدف"، أنّ "وزارة الزراعة احتجزت بضاعتي من الفواكه المستوردة على معبر كرم أبو سالم لمدة يومين بحجة فرض رسوم إضافية على كل طن، وهو ما سبّب الضرر لي لأنّها تلفت بعد 48 ساعة".
وأشار البرعي، إلى أنّ "الوزارة تأخذ في الأصل رسومًا بما يقارب (50) شيكلًا عل كل طن، أمّا الآن فتأخذ كل على طن (100) شيكًلا بحجة الفحص المخبري"، مبينًا أنّ "القرار يتسبب في خسارتي لأني أستوردها من الخارج بمبلغ أكبر من ذلك إلى جانب أنّ حركة المواطنين الشرائيّة كانت ضعيفة في الوقت السابق، لكنّ بعد فرض الوزارة لهذه الرسوم الجديدة، ستُصبح الحركة الشرائيّة شبه معدومة، نظرًا لانعدام السيولة وغلاء الأسعار".
وتعقيبًا على ذلك، يُبيّن مسؤول اللجنة الاقتصاديّة في غرفة التجارة والصناعة بغزة، رياض السوافيري لموقعنا، أنّ "وزارة الزراعة تتذرّع عند إضافة الرسوم الجديدة على السلع، بأنّها تقوم بفحصٍ مخبري للتحقق من سلامة المواد المستوردة، لكنّها في الأساس تأخذ على كل طن 50 شيكلًا"، مشيرًا إلى أنّه "في حال كانت حمولة السيارة 20 طنًا من البضاعة، فإنّ الوزارة تأخذ ضريبة على هذه الحمولة ألف شيكل".
الذرائع مختلفة.. والمال أولاً
ويوضّح السوافيري: "قبل يومين حجزوا بضاعة التجّار، بحجة أنّ الوزارة ستعمل فحوص مخبريّة، وهذه الفحوص معروف ثمنها وهو (350) شيكل، ولكنّ الحقيقة عندما يدفع التاجر الضريبة تفرج الوزارة عن هذه البضاعة حتى لو لم تظهر نتائج الفحوصات، وهذا يدلّل على أنّ الوزارة تُريد المال ولا تهتم كثيرًا بسلامة المواطنين".
كما بيّن السوافيري، أنّ "آلية الفحص معروفة لدينا، وتبدأ بأخذ عينة عشوائية من البضاعة المستوردة، ويتم التحفظ عليها في مخازن المُستورِد إلى حين إجراء الفحص، وعندما يثبت صحة وسلامة البضاعة يتم الإفراج عنها ويتصرّف بها التاجر، لكنّ أنّ يُؤخذ من التاجر على كل طن (100) شيكل للإفراج عن بضاعته بمجرد دفعه للضريبة الجديدة فهذه كارثة كبيرة".
وحول ما إذا كانت أسباب فرض الضرائب الجديدة تعود إلى الأزمة العالميّة، يؤكّد السوافيري، أنّ "هذه الأزمة كانت خارجة عن إرادة الجميع، لكن لا يجوز زيادة حجم الضرائب على التجّار والمواطنين والتسبّب في زيادة معاناتهم، فبدلًا من أنّ نفرض ضرائب إضافية عليهم، يجب على الوزارة القيام بدورها ومساندة المواطنين والتجّار"، مطالبًا "الحكومة بإشراك القطاع الخاص في اتخاذ القرارات حول الاستيراد والتصدير للخروج بقرارات تخدم المجتمع".
من جهتها، دعت الجبهةُ الشعبيّةُ لتحرير فلسطين، الاثنين 20 مارس/ آذار، الجهات المسؤولة في قطاع غزة إلى التراجع عن قرار زيادة قيمة الضرائب والرسوم الجمركية على بعض السلع والبضائع، خاصةً المنتجات الزراعية والبحرية والملابس الجاهزة والبالة.
ورأت الجبهة في بيانٍ لها، أنّ "هذه الإجراءات تُفاقمُ معاناة جموع الفقراء والمحرومين، وتوسّعُ دوائر الحرمان التي يعانيها قطاعٌ واسعٌ من شعبنا بإخراج عددٍ إضافيٍّ من السلع الرئيسيّة خارج القدرة الشرائيّة للفقراء، خصوصًا أنّنا مقبلون على شهر رمضان"، مُطالبةً "بضرورة قيام الجهات المسؤولة في قطاع غزة بتعزيز صمود المجتمع وتقديم نموذج مجتمع المقاومة ومشروعها في مقابل مشاريع السلام الاقتصادي والتفاهمات الأمنية، ما يتطلّب منها اتخاذ إجراءاتٍ في صالح الفئات الشعبية الفقيرة لا أن ترفع الضرائب على السلع الأساسية التي تعتمد عليها هذه الفئات".
كما أكّدت الجبهةُ، على أنّ "المنتج الوطني يُعلي مصالح الفقراء والعمّال، ويقدّم لهم فرص العمل، ويحد من حرمانهم؛ فالمنتج الوطني لا يمكن حمايته بالاحتكار أو تعظيم الجباية، ولا يتقاطع مع تلك السياسات أبدًا".
ويُشار إلى أنّ قطاع غزّة بشرائحه وقطاعاته المختلفة يُعاني من آثار الحصار الصهيوني المفروض منذ أكثر من 16 عامًا، والذي تسبّب بأزماتٍ اقتصاديّة ومعيشيّةٍ مركّبة، انعكست سلبًا على أوضاع السكّان الذين تتجاوز أعدادهم 2.2 مليون نسمة، في حين تجاوز معدل الفقر 70%، ووصلت معدّلات البطالة إلى 50% خاصّة بين فئة الشباب.