Menu

الصهيونية الأصولية في مواجهة المشروع الوطني

محمّد جبر الريفي

منذ أن تبلورت الفكرة الصهيونية في أواخر القرن الماضي وتحولت إلى حركة سياسية، تسعى لإقامة دولة يهودية على ارض فلسطين العربية، قوامها المستوطنون اليهود الصهاينة، حيث كان واضحًا لقادة العمل الصهيوني إن الأمة العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة، سيقاومان هذا المشروع الاستعماري المرتبط عضويًا بحركة الاستعمار الأوروبي الحديث، ولذلك عمدت الحركة الصهيونية إلى التحالف مع قوى الاستعمار الغربي. أما بالنسبة للشعب الفلسطيني فقد أقامت الصهيونية مشروعها وبنت إعلامها على تغييبه من خارطة الصراع السياسي في المنطقة، ولذلك انطلاقًا من التغييب المادي، إذ طرح الفكر السياسي الصهيوني شعار (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، نفس التصريحات التي أدلى بها وزير المالية الإسرائيلي الفاشي من حزب الصهيونية الدينية سموترتش، وقد استمرت الدولة اليهودية بعد أن أقيمت على أرض الواقع عام 1948م، على توسيع دائرة التوسع والاغتصاب على حساب الأرض العربية، وذلك تمشيًا مع المنطلقات الإستراتيجية والسياسية والدينية التوراتية التي تتمسك بها غالبية القوي السياسية في إسرائيل، خاصة منها تكتل الليكود وقوى الائتلاف الحاكم الآن، من خلال ادعاء الحق  التاريخي (للشعب اليهودي) في فلسطين وشرق الأردن، حيث استخدم الوزير الصهيوني العنصري الفاشي المتطرف سموترتش خريطة سياسية للكيان الصهيوني تضم الأراضي الفلسطينية المحتلة والمملكة الأردنية الهاشمية، الأمر الذي أغضب الأردن، مستدعيًا السفير الإسرائيلي في عمان، ومطالبا باتخاذ إجراءات إزاء هذا الوزير الفاشي العنصري العدواني المتطرف. وهكذا يتم في النهاية حسب الفكر الصهيوني الديني، تكريس منطق الاغتصاب والتوسع الاستيطاني المكثف وفق الشعار القومي الصهيوني، حيث هذا  الفكر المغرق في الرجعية والتخلف ما فتئ يقوم بممارسة تأثير أيديولوجي على اليهود الصهاينة في فلسطين عام 1948، وفي العالم أجمع، فيتم تعبئه هذه الجماهير المضللة دينيًا وسياسيًا وأيديولوجيًا وفي اتجاهات عنصرية وفاشية سافرة، تبيح ممارسة العنف ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، بهدم  بيوتهم وممتلكاتهم وحرق مساجدهم، كما قام به المستوطنون قبل أيام في بلدة حوارة قرب نابلس، وما تقوم به أيضًا قوات الاحتلال من إعدامات على الحواجز، بحيث تصبح ظاهرة القمع العنصري الفاشي حالة عامة، تحدث في مجالات الحياة اليومية وتتناقلها وكالات الأنباء العالمية وتتم هذه التعبئة عن طريق استخدام التراث اليهودي وما به من مقولات زائفة وأساطير وخرافات باطلة، كأسطورة أرض الميعاد وشعب الله المختار وغير ذلك من الادعاءات التي لا تستند إلى أي حقيقة علمية أو تاريخية.                                                   

إن مشكلة الحل السياسي في المنطقة هي ليست مشكلة الأمن الإسرائيلي المزعوم، بل إن أساس المشكلة هو في مفاهيم ومبادئ الفكر السياسي الصهيوني، الذي ما زال يوجه السياسة الإسرائيلية، وبذلك لا تستطيع أي حكومة يشكلها حزب إسرائيلي أو عدة أحزاب، مهما كانت التباينات السياسية الطفيفة بين هذه القوي من الخروج عن إطار مبادئ هذا الفكر الصهيوني، وهذه الحقيقة التي تبقى قائمة في المستقبل المنظور، بسبب أن الدولة العبرية غير مؤهلة للتمرد على مشروعها الصهيوني الأصولي العنصري هذه الحقيقة تشكل في الواقع قمة التحدي أمام المشروع الوطني الفلسطيني.