Menu

أمنيان صهيونيان يحذران حول العلاقات مع واشنطن : لا شيء يدوم إلى الأبد

قال معهد الأمن القومي الصهيوني إنّ المحادثة الهاتفية الأخيرة التي أجراها الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء نتنياهو، والتي نقل فيها الرئيس قلق الولايات المتحدة بشأن الإصلاح القضائي الجاري في الكيان، هي علامة أخرى على عدم الرضا الأمريكي عن سياسات الكيان الحالية. وحذر من فشل الحكومة "الإسرائيلية" في مراعاة المصالح الأمريكية وأنّها يجب أن تتذكر أنّ الحفاظ على العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة هو عنصر حاسم في الأمن القومي "الإسرائيلي".

وجاء في المقال الأمني الذي كتبه إلداد شافيت (عقيد احتياط في الاستخبارات العسكرية) وتشاك فريليش (نائب مستشار الأمن القومي سابقًا) إنّه في محادثة هاتفية في 19 مارس 2023، نقل الرئيس بايدن قلقه إلى رئيس الوزراء نتنياهو بشأن الأحداث على الجبهة الفلسطينية والإصلاح القضائي "الإسرائيلي". وتأتي المحادثة بعد سلسلة من التطورات في الولايات المتحدة التي ينبغي أن تدفع الحكومة "الإسرائيلية" إلى إدراك أنّ أفعالها وخطاباتها يمكن أن تؤدي إلى تدهور العلاقات الثنائية. حتى لو كان "لإسرائيل" الحق في حماية ما تعتبره حيويًا لأمنها القومي، فإنّ أهمية الولايات المتحدة للأمن القومي "لإسرائيل" تتطلب أن تعطي هذه الأولوية للعلاقات مع واشنطن، وخاصة الحفاظ على العلاقات الجيدة بين قادة الجانبين، وأضافا أنّه من المحتمل ألا تتردد الإدارة في الرد بالانتقادات إذا اعتقدت أنّ "إسرائيل" تتصرف بشكل ينتهك القيم الأمريكية الأساسية والمصالح المشتركة.

الشأن الفلسطيني

وجاء في المقال حول الاتصال الهاتفي بين بايدن ونتنياهو بعد انقطاع طويل، أنّه بشأن الساحة الفلسطينية: على غرار الإعلانات السابقة، كرر الرئيس بايدن مطالبته بأن تعمل "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية معًا لزيادة التعاون الأمني ​​وتجنب أي خطوات قد تقوض آفاق حل الدولتين في المستقبل. ورحب الرئيس بالاجتماع الذي عقد في شرم الشيخ بين كبار الشخصيات السياسية والعسكرية من "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية و مصر والأردن والولايات المتحدة، والذي يهدف من وجهة نظر الإدارة إلى تخفيف حدة التوتر بين الجانبين. حيث تنضم تعليقات الرئيس إلى العديد من التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين الأمريكيين في الأشهر القليلة الماضية مما يعكس قلق الإدارة المتزايد بشأن التطورات على الجبهة الفلسطينية واحتمال التدهور على الأرض. ومن شأن مثل هذا الوضع حسب المقال أن يُلزم الإدارة باستثمار الموارد الدبلوماسية في وقت تعتقد أنه ينبغي تركيز اهتمامها في مكان آخر - لا سيما المنافسة مع الصين والحرب في أوكرانيا. وأن تمارس الإدارة ضغوطا مكثفة على "إسرائيل" والفلسطينيين، بدافع القلق من أنّ الفترة القادمة، بما في ذلك شهر رمضان، قد تؤدي إلى اشتعال. لذلك، وكما أوضّح البيان الصادر في نهاية اجتماع شرم الشيخ، فإنّ بايدن يطالب الجانبين باتخاذ إجراءات ملموسة لتلافي ذلك.

التشريع القضائي:

صرح الرئيس بايدن أنّ "القيم الديمقراطية كانت دائمًا، ويجب أن تظل، سمة مميزة للعلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" ... وأنّه يجب متابعة التغييرات الأساسية بأوسع قاعدة ممكنة من الدعم الشعبي". وعرض الرئيس دعمه للجهود المستمرة لإيجاد حل وسط، على أساس المبادئ الأساسية للمجتمعات الديمقراطية التي تسمح بإجراء تغييرات جوهرية فقط بأوسع قاعدة ممكنة من الدعم العام. هذا هو التعليق الأكثر أهمية حتى الآن من الرئيس حول هذه القضية، مما يعكس قلقًا حقيقيًا من أنّ الإجراءات التشريعية التي تتبعها الحكومة "الإسرائيلية" يمكن أن تضر بالقيم التي كانت دائمًا الأساس الرئيسي للعلاقات بين الولايات المتحدة و"إسرائيل". كقاعدة عامة، امتنع رؤساء الولايات المتحدة عن التدخل في شؤون "إسرائيل" الداخلية.

وقال الأمنيان الصهيونيان في مقالهما إنّ محادثة الرئيس مع نتنياهو لا تترك مجالاً للشك في أنّه على الرغم من الأساس المتين الذي تقوم عليه العلاقات "الإسرائيلية" الأمريكية والصداقة العميقة للرئيس بايدن ودعمه للكيان، فإنّ الإدارة لم تعد تخفي استياءها وقلقها بشأن العمليات التي تقودها الحكومة. وأحد المؤشرات الواضحة على ذلك هو أنّ الرئيس يواصل تجاهل دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض، وهو ما ظهر أيضًا في محادثتهما الأخيرة. وكان المؤشر الثاني هو لقاء خاص في وزارة الخارجية مع "سفير إسرائيل" في واشنطن، الذي تم استدعاؤه بشكل استثنائي.

وقال المقال إنّ عددا من التطورات المقلقة الإضافية على الجبهة الأمريكية تشير إلى أنّ هناك قلقًا حقيقيًا من تقويض الأساس المتين الذي تقوم عليه العلاقات بين الجانبين، وما سمح لهما بالحفاظ على تلك الصداقة حتى في أوقات الخلاف:

مثلا في استطلاع رأي جديد لمؤسسة غالوب وجدت أنّه للمرة الأولى، فإنّ أكثر من المستطلعين الذين يعتبرون أنفسهم من أنصار الحزب الديمقراطي (49 في المائة) يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من "إسرائيل". وتشير النتائج إلى زيادة بنسبة 11٪ في الدعم للفلسطينيين مقارنة بالعام الماضي وحده. كما تتجلى زيادة التأييد للفلسطينيين بين الناخبين الذين يعرّفون أنفسهم على أنّهم مستقلون، رغم أنّ معظمهم ما زالوا يعربون عن دعمهم "لإسرائيل". من ناحية أخرى، لا يوجد تغيير في مستوى الدعم العالي "لإسرائيل" بين الناخبين الجمهوريين. ومع أخذ جميع البيانات في الاعتبار، لا تزال "إسرائيل" في المقدمة - لكن الفجوة تضيق. وتدعم هذه الأرقام الدراسات الاستقصائية السابقة، والتي أظهرت اتجاهًا أصبح أكثر وضوحًا في السنوات الأخيرة - حتى لو كان معظم الديمقراطيين لا يزالون ينظرون إلى "إسرائيل" من منظور إيجابي بشكل عام - فإنّ هذا الدعم يتآكل، الأهم من ذلك، هناك مسافة متزايدة بين "إسرائيل" والداعمين الأصغر للحزب الديمقراطي. يدعم معظم الناخبين اليهود الأمريكيين الحزب الديمقراطي، وخاصة الجناح الليبرالي إن لم يكن الجناح التقدمي.

وذكر المقال إنّ السناتور الديمقراطي كريس مورفي، الرئيس المؤثر للغاية للجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا ومكافحة الإرهاب، والمعروف بآرائه المؤيدة "لإسرائيل"، خرج بقوة في مقابلة ضد السياسة "الإسرائيلية" وقال إنّه يجب على إدارة بايدن تكثيف الضغط على الحكومة "الإسرائيلية": "سواء كانت مشروطية المساعدة "لإسرائيل"، سواء كانت مشروطية للزيارات إلى الولايات المتحدة، علينا أن نرسل رسالة مفادها أنّ هذا الهجوم على حل الدولتين على وجه الخصوص، هو سيئ للغاية بالنسبة للعلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" على المدى الطويل ". كما هاجم مورفي التغييرات التي اقترحتها الحكومة الصهيونية على النظام القضائي وقال إنّها "تزعزع الروابط التي تربط الإسرائيليين ببعضهم البعض". وإذا كانت الاتجاهات المعادية "لإسرائيل" واضحة من قبل، بشكل رئيسي بين المشرعين من الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، والذي غالبًا ما يتحدى المؤسسة الديمقراطية من اليسار. فإنّه في الآونة الأخيرة، ومع ذلك، لاحظ المقال، يبدو أنّ هناك زيادة في الدعم حتى بين السياسيين الديمقراطيين الوسطيين لفكرة ربط المساعدة العسكرية الأمريكية "لإسرائيل" بالقضية الفلسطينية.

وقال المقال، إنّ معظم الأدلة تشير إلى أنّه حتى لو كانت الإدارة تبذل قصارى جهدها للتأكيد على دعمها "لإسرائيل" والتزامها بأمنها، فإنّ التوتر بين الجانبين كان له بالفعل تأثير على تلك العلاقة. على المدى القريب، فإنّ القضية الفلسطينية هي التهديد الأساسي. والإجراءات "الإسرائيلية"، التي تنتهك الالتزامات التي تم التعهد بها في الاجتماعات الأخيرة في عمان وشرم الشيخ، وإجراءات إضافية أحادية الجانب، والتشريع الذي تم تمريره هذا الأسبوع والذي ألغى قانون فك الارتباط عن شمال الضفة (والذي كان بدوره نتيجة للتأكيدات التي تم تقديمها إلى الولايات المتحدة)، قد يؤدي إلى تفاقم استياء الولايات المتحدة بشكل كبير.

وقال المقال: لطالما استند الأمن القومي "لإسرائيل"، في جملة أمور، إلى علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة. وقد ساهم الفهم السائد في واشنطن بأنّ الجانبين يشتركان في قيم الحرية والديمقراطية والحقوق المدنية في ذلك، وحتى في حالة وجود خلافات في الرأي، فهم الجانبان بعضهما البعض واحترما مصالح بعضهما البعض. ولطالما اتخذت الإدارات الأمريكية، الديمقراطية والجمهورية على حد سواء، خطوات عملية لحماية "أمن ورفاهية إسرائيل"، وأحيانًا في مواجهة الانتقادات المحلية. استند دعم المؤسسة السياسية الأمريكية "لإسرائيل" إلى الاعتراف بأنّ الشعب الأمريكي داعم جدًا لهذه العلاقات وواجب الحفاظ على أمن الدولة اليهودية.

وقال المقال إنّه يجب على الحكومة "الإسرائيلية" أن تأخذ في الاعتبار أنّ الاعتقاد الأمريكي (داخل الإدارة وفي الكونجرس) بأنّ "القيم المشتركة" قد تضررت وأنّ "إسرائيل" تتصرف ضد المصالح المباشرة للولايات المتحدة، يمكن أن يقوض العلاقات الحميمة بين الجانبين. وهذا صحيح بشكل خاص في هذا الوقت الحساس، عندما تتطلب التحديات الأمنية - بقيادة إيران، التي تواصل بحزم تطوير برنامجها النووي - تنسيقًا أكثر إحكامًا بين "تل أبيب" وواشنطن، مع ملاحظة أنّه لم يرد ذكر القضية الإيرانية إلا بشكل عابر في البيان الصادر عن البيت الأبيض بشأن المكالمة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو.

وأضّاف أنّه حتى إذا كان على "إسرائيل" حماية ما تعتبره مهمًا لأمنها القومي، فيجب عليها، خلال الفترة المقبلة، إعطاء الأولوية لعلاقاتها مع الولايات المتحدة وإيلاء أهمية قصوى لها - لا سيما قدرتها على الحفاظ على علاقات جيدة بين الزعيمين. ويبدو أنّ الإدارة لن تتردد في إبداء الاعتراضات والانتقادات إذا اعتقدت أنّ "إسرائيل" تتصرف بما يخالف القيم الأساسية والمصالح المشتركة - وخاصة إذا تراجعت عن وعودها على الجبهة الفلسطينية. ويمكن أن يتراوح رد الولايات المتحدة من الإدانة العلنية إلى التآكل العملي للدعم السياسي والاقتصادي والأمني ​​الذي تقدمه الولايات المتحدة "لإسرائيل".

وختم الأمنيان الصهيونيان "إنّ السلوك الإسرائيلي وطبيعة العلاقات الثنائية سيكون لهما تداعيات مهمة وطويلة الأمد، بالنظر إلى العوامل الديموغرافية والاقتصادية، والعمليات الاجتماعية الجارية في الولايات المتحدة. حتى لو لم يكن لبعضهم علاقة مباشرة بإسرائيل، فيمكنهم المساهمة في تآكل الالتزام الأمريكي طويل الأمد تجاه إسرائيل. قد يؤدي تجاهل هذه التحذيرات إلى كارثة على المصالح الإسرائيلية، لأنّها ستؤثر عاجلاً أم آجلاً على العلاقات الخاصة بين البلدين".