من يطلق النار على جنود العدو لا يحتاج لشهادة أو إشادة من أحد، وتاليًا موضوع هذه المقالة لا يتناول الفعل الفدائي البطولي لمقاتلي شعبنا الأبطال في الضفة المحتلة بكل مكوناتهم ومجموعاتهم بمنطق التقييم، ولكن ينظر لجملة العمليات الأخيرة كعنوان لقراءة التطور المهم في سياق المواجهة مع العدو الصهيوني في ساحة الضفة وعموم الوطن.
بجانب التصاعد العددي للعمليات المسلحة، وكذلك الاتساع المُطرد لعدد المجموعات المسلحة العاملة، في الأسابيع الأخيرة، فإن المؤشر الأهم هو إعلان فصائل المقاومة وأذرعها المسلحة عن عمليات قامت بتنفيذها، وما حملته هذه العمليات من تفاصيل على مستويات عدة، حيث واجه العدو في مجدو وحوارة وتخوم القدس المحتلة، مستويات وأنماط مختلفة من العمل الفدائي، بما حملته من مخاطر إضافية على منظومة امن العدو.
الانخراط العسكري المباشر والمعلن لفصائل المقاومة في معركة الضفة، هو واجب هذه الفصائل الذي تأسست لأجله، والذي لا يجب أن تقتصر مساهمتها عليه، فهذه المجموعات الفدائية الشجاعة التي تخوض معركة فلسطين والعروبة في ساحة الضفة، تحتاج لظهيرها الجماهيري، ولشبكات اسناد ودعم، تحمل جزء من عبء حماية المناطق المستهدفة بالهجمات اليومية للعدو، وتعيد حشد الجماهير حول خيار القتال وحماية من يقاتل.
وبكل وضوح ممكن: إن استمرار العدو في حصر المواجهة مع بقاع مطوقة أو شبه مطوقة يستنزفها بجرائمه اليومية، لا يرتبط بقدرة استثنائية لهذا العدو أو عبقرية منقطعة النظير، ولكن بتقصير هائل من البنى الفلسطينية بما فيها فصائل العمل الوطني كافة، وبالطبع المستوى الرسمي الفلسطيني؛ فلا يعقل أن المدن الفلسطينية الرئيسية ما زالت قابعة خارج حيز الاشتباك أو إسناد من يخوض الاشتباك حتى الآن.
إن استعادة الثقل الجماهيري في الاشتباك ضرورة حيوية يفترض بالدور الفصائلي أن يشكل أحد أدوات تحقيقها، فهذه الفصائل حتى وإن تحطمت بناها التنظيمية بالمعنى التقليدي للهيكليات التنظيمية، فإنها ما زالت تختزن تأييد وطاقة مئات الآلاف من المناضلين الفلسطينيين الذين اختزنوا تجارب هائلة في ظل المواجهة، وعايشوا مراحل مختلفة من عمل شعبنا النضالي في مواجهة العدو الصهيوني، وخبروا أدوات هذا العدو وامكانيات التغلب عليها بأشكال مختلفة متعددة ومرنة للعمل التنظيمي.
هؤلاء المناضلين هم رصيد الفصائل ورصيد فلسطين وجيشها في ساحة النزال مع عدونا، وعلى شبكات عملهم المشترك يمكن لشعبنا أن يراهن، وكل مناضل منهم سيكون خندق ومتراس، وقلعة شامخة، تسقط أمامها خطط العدو ووزراء حكومته وزحوف جيشه.
إن هذه البنادق التي سطعت شموسًا في ليل فلسطين، وأعادت الاعتبار لمعنى وجودنا على هذه الأرض، تحتاج لشعبها، ولمن يساندها... هذه مقاومة تحمي شعب يحمي مقاومته ويذود عنها ويمدها بكل ما تحتاجه ويعمل على إدامتها حتى تحقيق الانتصار.