أثارت حادثة نقل طفل من خانيونس جنوب قطاع غزّة من مرضى الكلى عبر سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة وإلى جانبه في ذات المركبة جثة لمواطن فارق الحياة في أجواءٍ مرعبة لهذا الطفل الذي تركه سائق للإسعاف بعيدًا عن منزله مئات الأمتار ليكمل مسيرة العودة إلى المنزل مشيًا على الأقدام، سخطًا وغضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه الحادثة وقعت مع الطفل رأفت حمتو السطري البالغ من العمر (14 عامًا)، ومريض بـ"فشل كلوي" منذ أكثر من عشر سنوات، ويعالج من خلال "غسل الكلى" لمدّة ثلاثة أيّام في الأسبوع.
وبحسب أحد أقرباء الطفل الذي روى تفاصيل هذه الحادثة المؤلمة، فإنّ الطفل رأفت وبسبب أنّ محافظة خانيونس لا يوجد في مستشفياتها قسم لغسيل كلى الأطفال، فإنّ وزارة الصحة تقوم بنقل المرضى من خلال سيارة إسعاف ذهابًا وإيابًا لمستشفى الرنتيسي في مدينة غزة.
ويقول قريب الطفل: "قبل عدة أشهر تقريبًا كان رأفت يغسل الكلى وبعد 4 ساعات من الغسيل، جاء موعد عودته للمنزل في خانيونس، وكانت والدته ترافقه، وبعد أن جلسوا في سيارة الإسعاف في الخلف تفاجئوا بوجود جثة في الاسعاف معهم، وعند وصول سائق الإسعاف إلى "شارع الأرنب" في محافظة خانيونس، أنزلهم السائق وقال أكملوا المسافة للبيت مشيًا على الأقدام، مع العلم منزل رأفت بحي الأمل شارع الهلال القديم".
وتابع: "عند وصول رأفت ووالدته إلى منزلهم كتب رأفت منشورًا على حسابه في موقع "فيسبوك" قال فيه الآتي: (حسبنا الله ونعم الوكيل في سائق الإسعاف الذي أنزلني ولأكمل مشيًا إلى البيت وأنا متعب)، وبعد انتشار الحادثة تم التدخل في حينه من وزارة الصحة ممثلة بمدير الإسعاف والطواري، وبعض الأطباء والشخصيات وآخرين، بالتواصل مع والد الطفل وأسرته لمعالجة الحدث وفتح تحقيق من قبل وزارة الصحة، وبناءً على ذلك تم حذف المنشور عن صفحة المريض رأفت في حينه".
لكن المفاجئة، بحسب الراوي وهو قريب الطفل، أنّ "أسرة الطفل رأفت السطري تفاجأت قبل أيام ببلاغً يأتيها من محكمة الأحداث في غزة من أجل محاكمة الطفل رأفت بتاريخ 2023/5/16 بتهمة إساءة استخدام وسائل التكنولوجيا وممارسة التهديد والذم، والمفاجئة الأخرى أيضًا أنّ مقدّم الشكوى هو سائق الإسعاف! وهنا تساؤل نرجو منكم إبداء الرأي فيه: جلسة المحكمة في نفس موعد جلسة غسيل الكلى لرأفت التي تستمر أربع ساعات، برأيكم هل يذهب رأفت لجلسة غسيل الكلى أم لجلسة المحكمة؟".
ومن جهته، رأى سمير الجبور في منشورٍ له، أنّه "من المفترض الخروج بمسيرة سلمية والاعتصام أمام المحكمة للتضامن مع الطفل البريء والمريض يوم جلسة المحكمة".
أمّا أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسام أبو ستة، فقال: "عندما أنزله سائق الإسعاف الذي كان يحمل معه جثمان أحد المتوفين بعيدًا عن منزله وهو عائد من جلسة غسيل الكلى، كتب الطفل المريض رأفت السطري منشورًا غاضبًا ضد سائق الإسعاف، كما وشكاه للجهات المسؤولة بالوزارة التي يعمل بها السائق، وبعد تدخلات حذف رأفت منشوره على الفيس بوك، ليتفاجأ رأفت وأسرته بأن هناك قضية مرفوعة على طفلها مريض الفشل الكلوي، بتهمة التهديد والذم واساءة استخدام التكنولوجيا، وإنه مطالب للمثول أمام المحكمة يوم ١٦ مايو الجاري، الذي يصادف يوم الثلاثاء البعد القادم، أي إنه في ذلك الوقت سيكون في جلسة الغسيل لكليته المريضة".
ويتابع الدكتور أبو ستة: "سألني رأفت عندما حدثته اليوم لأطمئن عليه، هل سيحاكمونني داخل قسم غسيل كلى الأطفال وأنا على سريري؟ أم سيتركونني أذهب للمحاكمة بجهاز غسيل الكلى؟ أم ليس من المهم أن أعالج كليتي وأذهب بالموعد المحدد ليقتصوا من جسدي المريض؟".
وأكّد أبو ستة: "لا يوجد عندي حاليًا اجابة يا رأفت، فهل يملك أحدًا من العقلاء اجابة لرأفت؟!".
وفي السياق، أصدرت عائلة أبو نقيرة/ السطري توضيحًا للرد على بيان وزارة الصحة الفلسطينية، حيث قالت العائلة إنّه "وعلى ضوء ما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي بموضوع الطفل رأفت السطري المريض بالفشل الكلوي وقول وزارة الصحة أنه يوجد خلاف عائلي بين سائق الاسعاف وأهل الطفل، فإنّنا ننفي ما جاء في بيان وزارة الصحة بشكلٍ قطعي إزاء ما قالوه عن وجود خلاف عائلي بين سائق الاسعاف وأهل الطفل المريض رأفت السطري".
وشدّدت العائلة أنّ "ما حدث من سائق الاسعاف ونقل المريض بعد الغسيل الكلوي برفقة جثة متوفية وإنزال الطفل المريض رأفت السطري بعيدًا عن مكان منزله تصرّف غير معقل".
وأوضحت العائلة، أنّه "تم إنهاء الخلاف وحذف المنشور الذي وضّح فيه الطفل المريض سوء المعاملة من سائق الإسعاف، ولكننا تفاجأنا بتقديم شكوى رسمية من سائق الاسعاف ضد الطفل المريض والشكوى أخذت الاجراءات القانونية وتم ابلاغه عدة مرات وله موعد في محكمة الأحداث".
