Menu

الجماهير الفلسطينية وأمة العرب على أعصابها بانتظار رد المقاومة على مجزرة العدو في قطاع غزة

عليان عليان

انتظرت الجماهير الفلسطينية في الضفة والقطاع والمناطق المحتلة عام 1948 وفي الشتات، رد فصائل المقاومة على الجريمة – المجزرة ، التي ارتكبتها قوات الاحتلال في قطاع غزة يوم أمس الثلاثاء، والتي أسفرت عن استشهاد ( 15) فلسطينياً من بينهم ثلاثة من القادة العسكريين في حركة الجهاد الإسلامي وهم جهاد شاكر غنام- أمين سر المجلس العسكري في كتائب القسام – وخليل صالح البهتيني- عضو المجلس العسكري وقائد القطاع الشمالي- وطارق عز الدين أحد قادة العمل العسكري في الضفة الغربية، وكان من المتوقع أن يبدأ الرد من غرفة العمليات المشتركة بشكل موحد، ومن قبل جميع الفصائل بعد الانتهاء من عملية تشييع الشهداء، لنكون أمام "معركة سيف قدس" أخرى التي نحيي ذكراها المجيدة اليوم .

وعندما لم يحصل الرد، بات المحللون والمراقبون – وأنا العبد الفقير واحد منهم – يتحدثون مع وسائل الإعلام ومع الفضائيات العربية، بأن تأخير الرد له مبرراته وأسبابه على نحو:

- أن فصائل المقاومة ليست معنية بالتسرع والانسياق إلى النزوع الشعبوي، إنما تريد ترتيب أمور الرد المدروس من حيث مكانه، ومن حيث مدايات الصواريخ، بحيث يكون مؤثراً وفاعلاً يليق بالثأر للقادة الكبار وللمدنيين، الذي استشهدوا في الغارات التي شاركت فيها (40) طائرة حربية صهيونية.

- أن فصائل المقاومة في غرفة العمليات المشتركة، تتواصل مع أجنحتها العسكرية في الضفة الغربية، ومع محور المقاومة، ليكون الرد موحدا في إطار وحدة الساحات.

- أن غرفة العمليات المشتركة تريد التأخير في الرد، من أجل إرباك الوضع في الكيان الصهيوني في سياق الحرب النفسية قبل الرد العسكري المدروس، خاصةً وأن التأخير في الرد كان لها آثاره على الكيان الصهيوني، من حيث إجلاء آلاف المستوطنين من مستوطنة "سديروت" وغيرها، وتعليق التعليم في المدارس ، ووقف حركة القطارات في المناطق الجنوبية ل فلسطين المحتلة، ووقف العمل بمطار اللد وتحويل الطائرات إلى المسارات الشمالية، وغيرها من الآثار الخطيرة على الكيان، لدرجة أن القناة (12) في التلفزيون الإسرائيلي راحت تتحدث عن شلل يعم الكيان خشية من الرد الفلسطيني القادم.

لقد مضى على استشهاد ثلة من القادة العسكريين، واستشهاد وإصابة عدد كبير من المدنيين ما يزيد عن 60 ساعة – لحظة كتابة المقال- دون أن يحصل الرد، ما جعل الجماهير الفلسطينية تعيش حالة من التململ – ولا أقول الإحباط – مبديةَ خشيتها من أن يكون هنالك خلاف في إطار غرفة العمليات المشتركة، حول حجم الرد ومن خشيتها أن حركة حماس لن تشارك في الرد، كما فعلت في مرات سابقة، عندما قامت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد بالرد على اغتيال بعض قياداتها، واعتقال قيادات منها، بدون مشاركة من حركة حماس.

لن نذهب في قراءتنا المتشائمة بعيداً، ولن ندع السموم التي تبثها وسائل إعلام العدو تنطلي علينا، في أن حركة حماس لن تشارك في الرد العسكري، وأن (إسرائيل) هددت باغتيال أبرز قياداتها العسكرية، لا سيما وأن رئيس حركة حماس " إسماعيل هنية " توعد بالرد على هذه الجريمة مع بقية فصائل المقاومة، وأن فصائل المقاومة جميعها، وفي المقدمة منها الجبهة الشعبية، أكدت على جهوزيتها للرد على المجزرة، وأنها لن تسمح للعدو بالانفراد بحركة الجهاد الإسلامي.

لقد أراد العدو الصهيوني من هذه المجزرة، ليس فقط توجيه ضربة عسكرية لحركة الجهاد ولفصائل المقاومة عموماً، بل أراد كي وعي المواطن الفلسطيني، عبر استهدافه المباشر والمبرمج للمدنيين، بهدف وقف التفاف المواطنين حول المقاومة، بحيث تصبح الفصائل بدون حاضنة شعبية، لكن الحضور الجماهيري الهائل وبعشرات الألوف من الرجال وخاصة من الشباب والأطفال والنساء في تشييع الشهداء، الذين حملوا النعوش على أكتافهم إلى مقبرة الشهداء في غزة، أفشل استهداف العدو في هذا السياق، وما حصل حتى الآن هو العكس ممثلاً بكي وعي المستوطنين، الذين باتوا يمضون معظم وقتهم في الملاجئ، بعد إغلاق المدارس والأسواق وتوقف حركة القطارات.. الخ.

وما يدفعنا للتفاؤل بالرد القادم – وكلنا تفاؤل بأن لا يخيب أملنا وتفاؤلنا - هو أن جميع الفصائل بما فيها حركة حماس، أدركت وتدرك استهدافات مجرم الحرب نتنياهو من هذه العملية، بأنه يريد أن يستعيد قوة الردع التي داستها المقاومة في الضفة تحت أرجلها، وأنه يريد أن يهرب من أزمته الداخلية الناجمة عن الانقسام بشأن الانقلاب في المنظومة القضائية إلى الأمام، وأنه يريد أن يؤكد لحليفيه الفاشيين بن غفير وسيموريتش أنه أكثر يمينية وفاشية منهما، وأنه يريد أن يرمم صورة حزب الليكود بعد أن تراجع حضوره في استطلاعات الرأي الأخيرة، وأنه يريد أن يوظف الدم الفلسطيني في بازار مواجهته للمعارضة الصهيونية، التي يقودها كل من رئيس الوزراء السابق "يائير لابيد، ووزير الحرب السابق " بيني غانتس" وأنه أكثر فاشية منهما.. الخ

وفي تقديري أن الرد قادم، لأن عدم الرد يضرب في الصميم وحدة فصائل المقاومة في إطار غرفة العمليات المشاركة، ولأن ضرب وحدة الفصائل يؤدي إلى تراجع وحدة الساحات، ويسهل مهمة العدو في استعادة قوة الردع، التي فقدها وفي تغيير قواعد الاشتباك ، ويمكن نتنياهو من تحقيق الأهداف الأخرى التي توخاها من تنفيذ هذه المجزرة، ناهيك أنه سيطلق يد العدو أكثر في عمليات الاعتقال والقتل في الضفة الغربية... وهذا ما تدركه الفصائل جيداً... وما تدركه بشكل خاص قيادة حركة حماس ورئيسها في قطاع غزة "يحي السنوار".