اجتمعت الفصائل الفلسطينية وممثلون عن المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والمجتمعية، 14 أغسطس/ آب الجاري، في مدينة غزة للتشاور حول إجراء انتخابات الهيئات المحلية في قطاع غزة، وخلال الاجتماع أكد الحضور على أهمية وضرورة عقد انتخابات الهيئات المحلية في قطاع غزة.
وطالبت الفصائل الفلسطينية وممثلو المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والمجتمعية الجهات الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة تسهيل إجراء الانتخابات المحلية تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية وتذليل العقبات.
بدوره، رأى المستشار في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) عماد أبو رحمة أنّ حركة حماس جادّة، هذه المرة، في دعوتها إلى إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة على طريق تفكيك المأزق الذي يعيشه القطاع الساحلي المحاصر منذ سيطرتها عليه عام 2007م.
وأشار أبو رحمة، في مقابلة مع "الهدف" إلى أنّ إدارة الحركة لملفات قطاع غزة المختلفة سببت حرجًا للحركة خاصة في ملفات جباية الضرائب والكهرباء وتوزيع المساعدات التي تقدّم إلى قطاع غزة، كما تسبب الحرج للحركة لمشاركتها النشطة في الانتخابات في الضفة الغربية المحتلة سواء المحلية من الباطن أو الطلابية، معتبرًا أنّ إجراء الانتخابات في غزّة سينظر إليه كنوع من التراكم الإيجابي لإدارة الحركة للقطاع.
وأوضح أنّ حركة (حماس) قدّمت في اللقاء الوطني الأخير، الذي دعت إليه في قطاع غزة، موقفًا جديدًا يفصل بين إجراء الانتخابات الشاملة والمحليّة ولم تعد تعتبر أنّ إجراء الانتخابات البلدية في غزة يعزز الانقسام، مشيرًا إلى أنّه، في ضوء موقف حماس الجديد، لم يعد هناك أي تحديات سوى الجانب القضائي، أي التوافق على اختيار قضاة "محكمة الانتخابات البلدية".
ولفت إلى أنّ الموقف السابق للحركة من الانتخابات المحلية في غزة هو ما استدعى تأجيلها، مؤكدًا أنّ توفّر الإرادة السياسية لدى (حماس) من جهة والحكومة الفلسطينية في رام الله من جهة أخرى شأنه تذليل أيّ عقبات بإشراف لجنة الانتخابات المركزية التي تعمل وفق مرسوم الرئيس.
من جانبه، اتفق الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان مع أبو رحمة على أنّ حركة (حماس) لجأت إعادة طرح ملف الانتخابات المحلية في غزة في محاولة منها تفكيك الأزمات التي يرزح تحتها القطاع المحاصر خاصة أنّ المجتمع الدولي الدولي يرفض دعم بلديات غزة لأن مجالسها معيّنة، وتتبع للحركة الأمر الذي انعكس بالسلب على الخدمات التي تقدمها هذه البلديات لأهالي قطاع غزة في المقابل لجوء حماس إلى زيادة الأعباء الضريبة على أهالي غزة وهو ما خلق أزمة في العلاقة بين الناس والحركة.
وأشار أبو رمضان، في مقابلة مع "الهدف" إلى أنّ موافقة (حماس) لإجراء انتخابات في غزة مؤخرًا ذات بعد سياسي، في ضوء مساعي الحركة لإلقاء حجر في المياه السياسية الراكدة عقب فشل لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين المصرية في تحقيق أيّ إنجاز سياسي ملموس يبثّ الأمل في نفوس الفلسطينيين على طريق طي صفحة الانقسام البغيض.
وعليه، لفت أبو رمضان إلى أنّ الحركة أرادت في هذه الدعوة تقديم نفسها أمام حرصها أمام الجمهور الفلسطيني على أنها قوة سياسية ترغب في تحقيق الديمقراطية والشراكة في المؤسسات البلدية لتعزيز مكانتها في المشهد السياسي، وإظهار جهوزيتها واستعدادها أمام المجتمع المحلي لخوض الانتخابات برعاية لجنة الانتخابات المركزية.
وشكك أبو رمضان في إمكانية إجراء الانتخابات المحلية بغزة في ظل عدم تفاعل الحكومة الفلسطينية في رام الله برئاسة محمد اشتية مع دعوة (حماس) معتبرًا أنّ دعوة حركة حماس وعدم تفاعل الحكومة معها تأتي في إطار المناكفة السياسية، وأنّ عدم التفاعل الحكومي حتى اللحظة مع الدعوة غير مبرر، داعيًا الحكومة إلى الإسراع في توضيح موقفها.
وفي هذا السياق، يشار إلى أنّ لجنة الانتخابات المركزية أكَّدت، في 15 أغسطس/ آب الجاري، على أنّها "جاهزة لإجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة، في حال أصدر مجلس الوزراء قرارًا بتحديد موعدها" مشيرة إلى أنّ "مجلس الوزراء هو صاحب الولاية القانونية للدعوة إليها طبقًا لقانون الانتخابات المحلية"، مُؤكدةً أنّها "تتابع باهتمام التطورات المتعلقة بهذه القضية".
وفي 17 أغسطس/آب الجاري، وجهت مجموعة من الائتلافات والمؤسسات الحقوقية رسالة إلى اشتية تطالبه فيها بسرعة إصدار قرار يحدد موعد إجراء انتخابات الهيئات المحلية في قطاع غزة، واستكمال انتخابات نظيراتها التي لم تجر انتخابات في الضفة الفلسطينية، مشددةً على ضرورة إصدار قرار عاجل يحدد موعد المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية بحيث تشمل الهيئات التي لم تجرِ فيها الانتخابات في المرحلتين الأولى والثانية وعددها (27) هيئة محلية، والهيئات التي تعثرت بعد الانتخابات في الضفة الغربية وعددها (35) هيئة محلية، ومجالس قطاع غزة التي يبلغ عددها (25) هيئة.
خاتمة
لا يمكن اعتبار أنّ الانتخابات المحلية وحدها كفيلةٌ بإنهاء الانقسام الفلسطيني، أو حتى إصلاح وضع أي منظومةٍ سياسيّة إلا أنها فرصة حقيقة لبناء أجسام مؤسّسيّة محليّة متعدّدة وطنيًّا تحدث خرقٍ في حالة ركود البنى السياسيّة القائم وغياب الرقابة على سلطتي الانقسام، ومواجهة الهجمة الصهيونية الضارية، لاجتثاث كل ما هو فلسطيني في الضفة المحتلة وقطاع غزة.