Menu

لبنان: جلسة ثقافية بعناون غزة وسردية الوعي المقاوم

تحت عنوان: "غزة: سردية الوعي المقاوم"، أقامت أكاديمية دار الثقافة والمكتب الثقافي المركزي للجبهة  يوم  6 / 11/ 2023  جلسة ثقافية تفاعلية مغلقة  للبحث والتفكير والعصف الذهني، ولاستخراج خلاصات عملية، من أجل حماية السّردية الفلسطينية في معركتها الراهنة، فالثقافة مقاومة أيضاً، وبدور الوعي في مواجهة حرب السّردية، ولأنها حرب ثقافة الحقيقة في مواجهة ثقافة الهيمنة الإمبريالية والتضليل والتزييف الصهيوني. بدأت الندوة في قاعة مكتبة "أكاديمية دار الثقافة " في مركزها في مخيم مارالياس/ بيروت. أدار الندوة الكاتب حمزة البشتاوي، تخللت الجلسة مداخلات أساسية لكل من: الرفيق مروان عبد العال الذي قدم للجلسة، وداخل فيها الصحفي بيار أبو صعب، والشاعر نعيم تلحوق مدير الإبداع في وزارة الثقافة اللبنانية والدكتور عبد الملك سكرية، وأضاف الحضور مداخلات واقتراحات ونقاشات هامة حول هذه القضية. بحضور ٢٥ شخصية ثقافية وضمنها قيادة الجبهة في لبنان والمكتب الثقافي للجبهة في الفرع. 
وأكدت المداخلات أنه لا يمكن الوقوف بوجه الهيمنة الإمبريالية الغربية دون فهم لغتها وآليات عملها، وهذا يتطلب النهوض بثقافة الهوية والانتماء والوعي بالقضية الفلسطينية لأن الاستعمار كانت من إحدى ركائزه هي الإبادة الثقافية التي تحاول محو الهوية والسيطرة على الآخر باستعباده واحتلال واستعمار العقل،  وهو ما قاد إلى مشروع التطبيع الثقافي ومن ثم التطبيع السياسي، التي حاولت من خلاله الهيمنة الإمبريالية عبر مستعمرتها  "إسرائيل" التي تسعى إلى سيطرة على كل المنطقة العربية. ولذلك يتطلب الأمر العمل على مقاومة كي الوعي بالوعي المقاوم وتشويه الوعي بالحقيقة، وقوة الشر بقوة الحق. سردية الوعي المقاوم  الذي تكتبه غزة اليوم، علمتنا  ضرورة خوض معركة الثقافة الوطنية وكذلك يلزم الأمر عصفاً ذهنياً لما يمكن أن نفعله في مواجهة "الكذبة" التي هي عدونا.
وأضاف المتحدثون، لأن الغرب كان منحازاً ومتواطئاً وشريكاً، ربما أصبح من الصعب جداً أن نعتبر أن هناك غرباً إنسانوياً كما اعتقدنا، رغم بعض الاستثناءات القليلة جداً، فقد قدم لنا هذا الغرب نموذجاً سرعان ما اكتشفنا أنه قد خيب ظننا كثيراً، خصوصاً أن الكثير منا قد درس في جامعات هذا الغرب واستمد ثقافته الانسانية والحضارية واليسارية منه، لنتفاجأ أنه الآن يتحدث بلغة الاستعمار والاحتلال والاستبداد. لقد حاول هذا الغرب أن يستخدم العقول في خدمة أجندته ولغته، لأن البعض من هؤلاء المثقفين انتصر لثقافة الأبيض ليشعر بأحقيته في الانتماء لهذه الثقافة والتباهي بها. ولذلك اليوم نحن معنيون بكشف هذه الأقنعة عبر استخدام لغتنا وكلماتنا وبوعينا بأن سردية الحق ستنتصر، وخصوصاً أن الإعلام الغربي بدأ ينكشف أمام العالم، وبدأ العالم يدرك أن سردية الاحتلال مزيفة في رؤيته للمجازر التي ترتكب بحق الأطفال، وهذا ما  فضح زيف سردية الاحتلال.
ولأن الحرب الثقافية مفتوحة على كل الجبهات، لا بد أن نتذكر أن هناك تأكيداً للصهيونية على يهودية الدولة، ولأن روايتها المزيفة كانت قائمة على ادعاءات دينية، فهي تحاول أيضا التركيز على أن المقاومة دينية، مع أنها مقاومة فلسطينية ونابعة من قلب الشعب الفلسطيني، لذلك هي مقاومة فلسطينية، ويجب التركيز على أنها كذلك، مع احترام كافة الفصائل والآيديولوجيات التي تحفز على المقاومة وتستلهم منها الإيمان بالحق والقضية، ويستلزم ذلك الانتباه للغتنا ومصطلحاتنا وكلماتنا لأنها تحارب اليوم. 
وخلص المحاضرون أن الجبهة الثقافية لا تقل أهمية عن الجبهة السياسية، فقد عمل العدو على مشروعه عبر التعبئة الغربية الثقافية لتصوير اليهود على أنهم ضحايا، ولذلك فان المقاطعة الثقافية للمؤسسات التي تدعم المشروع الصهيوني هي من أهم هذه الخطوات التي تجعلنا مسؤولين عن موقفنا من الاحتلال. لأنه إذا استطاع العدو احتلال اللوعي والعقل فقد انتهت المعركة. المعركة اليوم هي معركة إرادات، وثقافة المقاومة هي من تمكن أي مقاوم القتال والاستشهاد. ولذلك فإن جهدنا هو أن نبقى مقاتلون على جبهة الثقافة، واعين لقضيتنا، فمن يقول سأبقى هنا ولن أرحل، إنما هو يمثل الوعي المقاوم الذي لن يهزم. لذلك فالعدو لا يستطيع أن يهزم وعينا، لو استشهدنا أو استطاع أن يقتل أجسادنا. لذلك فالمسؤولية تلقى اليوم على التعليم والثقافة، لأنها هي الأساس في مواجهة عدو يحاول إبادتك ثقافياً.
ومن خلال المتابعات اليومية للمحتوى الثقافي الذي يقدم عبر وسائل الإعلام، يلاحظ أن هناك من يعبئ جمهوراً هو أصلاً معبأ، بينما تغيب الترجمة الإنكليزية وتلك التي تخاطب الجمهور الغربي. كما تحضر أيضاً السرديات الملفقة التي تضر بقضيتنا عبر منابر عربية تشوه الحقيقة.
 وفي السوشال ميديا، يبدو أن ما يقدم من محتوى فني وثقافي قد صنعه أفراد غربيون مناصرون للقضية الفلسطينية، لذلك يجدر بنا نحن العاملين في المخيمات وكأكاديمية ثقافية أن نفكر كيف سنقدم محتوى ثقافياً يدعم سرديتنا الحقيقية ويمكن الشباب المثقف من امتلاك سلاح المعرفة بقضيته. 
 فعلينا إذاً التفكير عميقا في مشروع ثقافي عربي من نخبة ضليعة بالعمل الثقافي للوقوف في وجه المشروع الصهيوني الاستعماري، وفي استخدام كافة الوسائل النضالية من تراث وتاريخ وفن وموسيقى وتراث لكي نكون في هذه المعركة جنوداً. فالمشروع الثقافي يبدأ من الإيمان بأننا نستطيع أن نفعل الكثير في ظل ما يحدث، بعيداً عن الكلام والبيانات والتصريحات. وما يحدث في غزة برغم قساوته وألمه، إلا أنه كشف كل شيء كان مستوراً في اللاوعي من قبل وخصوصاً فيما يخص لغة الغرب وثقافته الاستعمارية الاستعلائية. فلقد كشفت غزة القناع الثقافي الذي يلبسه الغرب حين كان يخاطبنا به بلغة الحقوق والمعرفة والحضارة والتعاطف والديمقراطية .
واختتمت الجلسة باقتراح أن تستكمل هذه النقاشات في حلقات أخرى، يتم فيها الحديث أكثر عن اقتراحات للتعاون والعمل على الأرض، ووثقت المداخلات ليتم الاستفادة منها لاحقا. ولأن فلسطين هي قضية وفكرة، فكما قال غسان : تسقط الأجساد لا الفكرة، ستظل الفكرة حاضرة وحية ويقظة في قلوبنا وعقولنا.