Menu

قراءة في خطاب السيد حسن نصر الله

تقريرحسن نصر الله يعيد تشكيل قواعد اللعبة: دلالات وتداعيات على المقاومة الفلسطينية

تنزيل.jpeg

وكالات - بيروت

استعرض الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، تفاصيل العملية العسكرية التي استهدفت قاعدة "غليلوت" قرب تل أبيب، في رسالة واضحة تحمل في طياتها عدة أبعاد استراتيجية وسياسية.

تأخر الرد: استراتيجية محسوبة

بدأ السيد نصر الله خطابه بتوضيح أسباب تأخر الرد على العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية. كانت الأسباب مرتبطة بحجم الاستنفار الأمني الإسرائيلي-الأمريكي الذي فرض تحركاً محسوباً لتجنب الفشل. هذه الإشارة توضح مدى إدراك حزب الله لحجم المخاطر وتعقيدات الميدان، وهو ما انعكس في تحضير متأنٍ ومستوى عالٍ من الانضباط العسكري.

الرد المنفرد: رسالة إلى الحلفاء والأعداء

أشار السيد نصر الله إلى أن القرار بالرد بشكل منفرد كان مقصوداً لمنح الأطراف الأخرى في محور المقاومة فرصة التحرك بشكل مستقل. هذا الموقف يعزز فكرة وحدة المحور مع الحفاظ على استقلالية القرار لكل طرف، وهي رسالة تحمل تحذيراً ضمنياً لإسرائيل بأن جبهات المقاومة متعددة، وكل جبهة قادرة على اتخاذ قراراتها العسكرية بمعزل عن الأخرى.

العملية: تخطيط محكم وهدف عسكري دقيق

كشف السيد نصر الله عن تفاصيل العملية التي استهدفت قاعدة "غليلوت"، مؤكداً أن الاختيار وقع على هدف عسكري حساس قرب تل أبيب، مما يعكس تصعيداً واضحاً في مستوى الأهداف والرسائل التي تريد المقاومة إيصالها. هذا النوع من الأهداف يؤكد قدرة حزب الله على استهداف مراكز حيوية وعسكرية في العمق الإسرائيلي، ما يضيف أبعاداً جديدة للمواجهة.

التكتيك العسكري: مسيرات وصواريخ متعددة المهام

أبرز ما كشف عنه السيد نصر الله هو استخدام صواريخ "كاتيوشا" بكثافة عالية لإشغال منظومة "القبة الحديدية"، بينما تركزت المسيرات على ضرب الأهداف بدقة. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تشتيت الدفاعات الجوية الإسرائيلية وإثبات فعالية المسيرات في تجاوز تلك الدفاعات. الحديث عن إطلاق 340 صاروخاً وعدم إصابة أي منصة صواريخ قبل العملية يعكس مستوى التخطيط والتنسيق العالي داخل صفوف المقاومة.

الرد الإسرائيلي: فشل في المواجهة الاستخبارية

انتقد السيد نصر الله رد الفعل الإسرائيلي، الذي شمل غارات جوية على مناطق بين شمال وجنوب الليطاني، دون تحقيق أهداف استخباراتية واضحة. هذا الفشل الإسرائيلي في الحصول على معلومات دقيقة عن تحركات حزب الله يضعف الموقف الإسرائيلي ويعزز من معنويات المقاومة.

 رسالة تكتيكية واستراتيجية

اختتم السيد نصر الله خطابه بتأكيد قدرة المقاومة على التصدي للعدوان الإسرائيلي مهما كانت حجم التهديدات، مع ترك الباب مفتوحاً أمام استخدام الصواريخ الباليستية في المستقبل، إذا دعت الحاجة. هذا التحذير يعكس استعداد حزب الله للتصعيد في حال استمرار التهديدات الإسرائيلية، ويضع قواعد جديدة للاشتباك في المرحلة المقبلة.

التزام بدعم غزة: وحدة محور المقاومة

أبرز ما جاء في خطاب السيد نصر الله هو تأكيده على أن أي آمال إسرائيلية بإسكات جبهات الإسناد، وخاصة الجبهة اللبنانية، ستفشل، وأن حزب الله سيبقى داعمًا ل غزة مهما كانت التضحيات. هذا الموقف يعكس التزام حزب الله العميق بوحدة محور المقاومة، ويدل على أن الحزب يرى في دعم غزة جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المقاومة الشاملة ضد إسرائيل. كما أن هذا التأكيد يعزز من تماسك المحور ويدحض أي محاولات إسرائيلية لإحداث شرخ بين أطرافه، سواء من خلال الضغوط العسكرية أو السياسية.

دلالات على المستوى الإقليمي

يحمل خطاب السيد نصر الله دلالات مهمة على مستوى المنطقة، خصوصًا في ظل التوترات المتصاعدة بين محور المقاومة وإسرائيل. بإعلانه عن إخلاء الوديان من الصواريخ، يبعث حزب الله برسالة مفادها أنه على استعداد دائم لأي مواجهة مقبلة، وأنه يمتلك القدرة على حماية مقدراته الحيوية رغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة. هذا التصريح يعزز من موقع حزب الله كقوة إقليمية قادرة على التأثير في مجريات الأحداث، ويضع إسرائيل في موقف حرج حيث تواجه تحديًا متزايدًا من جهة الجنوب اللبناني.تداعيات على المقاومة الفلسطينيةبالنسبة للمقاومة الفلسطينية، فإن خطاب السيد نصر الله يعكس دعمًا قويًا لا يتزعزع من قبل حزب الله، رغم كل التحديات والضغوط. هذا الدعم يعزز من معنويات المقاومة في غزة، ويؤكد على أن محور المقاومة سيستمر في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لها، مما يتيح لها الاستمرار في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. كما أن تأكيد نصر الله على أن أي محاولات لإسكات جبهات الإسناد ستفشل، يبعث برسالة طمأنة للمقاومة الفلسطينية بأن الدعم سيستمر وأن حزب الله سيبقى جاهزًا لمساندتها في أي وقت.

 كان خطاب السيد نصر الله هذا رسالة واضحة إلى إسرائيل وحلفائها، بأن حزب الله ما زال يمتلك زمام المبادرة، وقادر على تنفيذ عمليات نوعية رغم الظروف المعقدة. كما أن اختيار الهدف وطبيعة العملية تشير إلى أن المقاومة قد دخلت مرحلة جديدة من المواجهة، تتسم بجرأة أكبر وتخطيط أكثر دقة وفاعلية.