Menu

استقالات مدوية تضرب جيش الاحتلال

انهيار الثقة في الاستخبارات الإسرائيلية بعد طوفان الأقصى

فشل الاحتلال الإسرائيلي من معرفة هجوم السابع من أكتوبر الماضي

الهدف الإخبارية - فلسطين المحتلة

شهدت دولة الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الاستقالات البارزة داخل المؤسسات العسكرية والاستخباراتية منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، وهي الحرب التي كشفت عن ضعف واضح في الأداء الاستخباراتي للجيش الإسرائيلي.

جاءت هذه الاستقالات نتيجة للتقصير في التنبؤ بهجوم حركة حماس، الذي وصف بأنه من أكثر الهجمات تدميرًا منذ عقود. آخر المستقيلين كان العميد يوسي شارئيل، قائد الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، الذي أعلن استقالته بعد حوالي 11 شهرًا من الهجوم.

كانت الوحدة 8200، وهي من أهم وحدات التجسس والاستخبارات الإلكترونية في إسرائيل، تحت قيادة شارئيل منذ فبراير 2021. ولكن فشلها في توقع هجوم حماس وتجنب تداعياته الكارثية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية أدى إلى توجيه انتقادات شديدة إليه وإلى قيادة الجيش بشكل عام.

بالإضافة إلى استقالة شارئيل، شهدت الأشهر التي أعقبت الهجوم استقالة رئيس شعبة الاستخبارات السابق، اللواء أهرون حليفا، الذي واجه هو الآخر انتقادات حادة من قبل السياسيين والإعلام والجمهور الإسرائيلي.

الاستقالات المتتالية تشير إلى أزمة ثقة داخل مؤسسات الجيش الإسرائيلي، وهي أزمة لم تقتصر فقط على الأفراد بل طالت النظام الأمني والاستخباراتي بشكل عام. كشفت هذه الأحداث عن ثغرات كبيرة في أداء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وهو ما دفع بعض المحللين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين إلى التحذير من تراجع قدرة الجيش على حماية إسرائيل من التهديدات الأمنية القادمة.

من أبرز التعليقات التي جاءت في هذا السياق كان ما ورد في تقرير لموقع "والاه" العبري الذي أشار إلى أن استقالة شارئيل لم تكن مفاجئة بعد الضغوط الشديدة التي واجهها على خلفية الفشل الاستخباراتي، وأن القيادة السياسية كانت قد بدأت تفقد الثقة في قيادات الجيش منذ فشلها في توقع الهجوم. بدوره، علّق موقع "هآرتس" على هذه الاستقالات بأنها تعكس انقسامات داخلية عميقة في صفوف القيادة العسكرية، مشيرًا إلى أن الجيش بات بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة لمؤسساته، ليس فقط من حيث القيادات ولكن أيضًا في كيفية جمع المعلومات وتحليلها.

أشار أيضًا بعض المحللين العسكريين إلى أن الحرب الأخيرة كشفت أن القيادة العليا في الجيش لم تكن مستعدة بما يكفي لمواجهة الهجوم، رغم التهديدات المتزايدة التي كانت تظهر من غزة منذ فترة طويلة. في هذا السياق، جاء في تقرير لقناة "كان" الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي فشل في تكييف قدراته الاستخباراتية لمواجهة التحديات الجديدة، وأن الاستقالات الأخيرة قد تكون بداية لتحول أوسع في النظام الاستخباراتي الإسرائيلي.

إلى جانب التداعيات العسكرية، كان لهذه الاستقالات تأثير سياسي داخلي. شهدت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة من المعارضة والجمهور بسبب تردي الوضع الأمني. وعلّقت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن هذه الاستقالات تمثل ضربة قوية لنتنياهو، الذي كان يعتمد بشكل كبير على دعم المؤسسة العسكرية لتحقيق استقرار سياسي في ظل الأزمات الداخلية المتواصلة. ويرى بعض المحللين أن هذه الاستقالات قد تفتح الباب أمام تحقيقات داخلية وربما إعادة هيكلة واسعة للمؤسسة العسكرية، خاصة بعد الاتهامات المتكررة بالتقصير والاستخفاف بالتهديدات.

تعكس هذه التطورات حالة من الفوضى في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي كانت تاريخيًا تعتمد على قوة استخباراتها وتفوقها التقني لضمان الردع. لكن الحرب الأخيرة أظهرت أن هذا التفوق بدأ يتآكل، وأن القيادة العسكرية بحاجة إلى إصلاحات جوهرية لاستعادة الثقة والقدرة على التصدي للتهديدات المتزايدة.

باختصار، موجة الاستقالات التي تضرب الجيش والاستخبارات الإسرائيلية تمثل أزمة عميقة تتطلب إعادة تقييم شامل لقدرات المؤسسة الأمنية. هذه الاستقالات ليست مجرد رد فعل على الفشل في منع هجوم حماس، بل تعكس تراجعًا أوسع في فعالية الاستخبارات الإسرائيلية وتفاقمًا للصراعات الداخلية.