بعد اندلاع حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكن العديد من سكان قطاع غزة من الفرار عبر معبر رفح البري، هربًا من حرب إبادة تستهدف كل شيء؛ الإنسان، الشجر، والحجر. وبحسب تصريحات السفير الفلسطيني في مصر، دياب اللوح، فإن حوالي 100 ألف فلسطيني تمكنوا من دخول مصر قبل إغلاق المعبر في السابع من مايو/أيار 2024، عقب سيطرة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" عليه.
وبحسب تقارير أخرى، فإن من بين هؤلاء النازحين قرابة 10 آلاف فلسطيني مصاب ومرضى، حيث دخلوا إلى مصر بهدف تلقي العلاج في المستشفيات المصرية، نتيجة الإصابات البالغة التي تعرضوا لها جراء القصف والعدوان المستمر على قطاع غزة.
س.ك، أحد المواطنين الغزيين، صرح لبوابة الهدف قائلًا: "توجهتُ عدة مرات إلى العباسية للحصول على إقامة لي ولعائلتي، ولكن طلبي قوبل بالرفض دون إبداء أي سبب. هذا الرفض جعل من المستحيل تسجيل أبنائي في المدارس المصرية، سواء العامة أو الخاصة. لقد قدمت بالفعل لمدرسة خاصة، وتم قبول أبنائي بعد دفع الرسوم، لكنني تفاجأت في يوم بدء العام الدراسي حين طلبوا مني استرجاع الرسوم والملف بسبب عدم توفر الإقامة."
ت.أ، مواطن آخر، تحدث لبوابة الهدف عن تجربته، حيث لم يتمكن من فتح حساب بنكي في مصر بسبب عدم وجود إقامة سارية، كما تم إيقاف خط الهاتف المحمول الخاص به بعد انتهاء صلاحية إقامته الشهرية، مما اضطره للبحث عن صديق مصري لشراء خط هاتف باسمه. يقول ت.أ: "لم يكن لدي خيار سوى الاعتماد على صديق مصري للحصول على خط محمول باسمه حتى أتمكن من استخدامه."
من جهة أخرى، ذكرت ب.ب، إحدى الفلسطينيات المقيمات في مصر، أنها لم تستطع استلام حوالة مالية من "ويسترن يونيون" أرسلتها لها صديقتها بسبب عدم توفر إقامة سارية.
وبالنسبة للطلاب الفلسطينيين الذين كانوا يدرسون في مصر قبل الحرب، فقد واجهوا تحديات إضافية تتعلق بارتفاع رسوم الإقامة التي ارتفعت من 1870 جنيهًا إلى 7095 جنيهًا مصريًا، مع انتهاء صلاحية إقامتهم في 20 سبتمبر من هذا العام.
كما أن مصر تحتضن بالفعل عددًا كبيرًا من الفلسطينيين من حملة الوثائق الفلسطينية المصرية، والذين يقدر عددهم بحوالي 70 ألف فلسطيني، معظمهم من أبناء قطاع غزة الذين لجأوا إلى مصر في مراحل مختلفة من النضال الفلسطيني ضد الاحتلال إسرائيلي، على الرغم من أنهم عاشوا في مصر لعقود، إلا أنهم لا يتمتعون بحقوق مساوية للمصريين في التعليم أو الصحة أو العمل الرسمي. كما يواجهون أزمة مستمرة في الحصول على الإقامة سواء السنوية أو الثلاثية، وهو ما يعرقل حياتهم اليومية.
هؤلاء الفلسطينيون غير مشمولين بخدمات وكالة الأونروا، مما يزيد من تعقيد أوضاعهم المعيشية. ومنذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر "وإسرائيل" في عام 1979، تم رفع يد الدولة المصرية عن توفير الخدمات والرعاية لهم. ورغم أن بعضهم متزوج من مصريات، إلا أن القانون المصري كان يحرم أبناء الأم المصرية من التجنيس إذا كان الأب فلسطينيًا، ولكن الوضع تغير بعد قيام ثورة 25 يناير .
تظل هذه الفئة من الفلسطينيين تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، دون حلول دائمة أو شاملة لوضعهم القانوني والمعيشي.
يرى فلسطينيون غزة المقيمون في مصر أن الوضع الحالي يتطلب مزيدًا من التعاطف والرأفة من مصر، حتى يتمكنوا من العيش بكرامة وحل مشاكلهم اليومية لحين عودتهم إلى ديارهم بعد انتهاء الأزمة.