Menu

مسيرة عام من عملية التحرر من الاحتلال

حوار السابع من أكتوبر مع الرفيق جميل مزهر نائب الأمين العام للجبهة الشعبية نحو تحرير فلسطين

بيسان عدوان

af7gv.jpeg

الهدف الإخبارية - فلسطين المحتلة

في ظل الأزمات المتصاعدة التي تواجه الشعب الفلسطيني، تظل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تجسيدًا للرؤية الثورية والمقاومة الفاعلة. في هذا الحوار، نستضيف نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، جميل مزهر (أبو وديع) لاستكشاف أفكاره ورؤاه حول كيفية التصدي للاحتلال، ودور الحركة في تعزيز الفعل الثوري في هذه الأوقات العصيبة. سنناقش استراتيجيات المقاومة، أهمية الوحدة الوطنية، والتحديات المتنوعة التي تواجهها الحركة في السياق الإقليمي والدولي المتغير.

في حوار خاص لبوابة الهدف، يكشف لنا الرفيق جميل مزهر عن الجوانب الإنسانية والسياسية للمقاومة الفلسطينية. من خلال مقابلتنا معه نستطيع فهم تفاصيل الأوضاع الراهنة وما يواجهه الفلسطينيون من تحديات، بالإضافة إلى تطلعاتهم نحو الحرية. هذا الحوار يتجاوز الجانب السياسي ليكون دعوة للتفكير في كيفية تعزيز العمل الجماعي والمقاومة الفاعلة ضد الاحتلال.

أشار جميل مزهر في حواره مع الهدف الإخبارية إلى أن المعركة قد أدت إلى تحقيق إنجازات نوعية للمقاومة الفلسطينية، حيث تمكنت من إضعاف قوة الردع الإسرائيلية وتغيير معادلات الصراع لصالح الشعب الفلسطيني.

مؤكدا على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية، معتبرًا أن ذلك هو السبيل لتحقيق الأهداف المشتركة والتصدي للاحتلال، وشدد على أن انقسام الفلسطينيين يضر بمصالحهم.

كما تناول مزهر الحاجة الملحة لمواجهة السياسات الاستيطانية والتهويد التي تنتهجها إسرائيل، مشيرًا إلى أن المقاومة الشعبية والتحركات الميدانية تشكل أداة فعالة في مواجهة هذه السياسات.

وعليه،  ناقش مزهر تأثير الدعم الشعبي العربي والدولي على القضية الفلسطينية، موضحًا أهمية التوثيق المستمر لجرائم الاحتلال للضغط على المجتمع الدولي لدعمه، ومطالبًا بزيادة الجهود لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

كيف تقيمون العام بعد طوفان الأقصى/ كيف تقيمون مرور عام على طوفان الأقصى من حيث الأهداف التي وضعتها الجبهة الشعبية والمقاومة الفلسطينية؟ هل تحقق شيء ملموس من تلك الأهداف؟

معركة "طوفان الأقصى" لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، ولم تكن معركة عابرة، بل كانت تَحوّلاً نوعياً في عملية الصراع مع الاحتلال، وجزءاً من مسار طويل في سياق مشروع المقاومة الوطني الذي تسعى الجبهة وجميع فصائل المقاومة إلى تحقيقه، وهو مشروع تحرر وطني يهدف الى تحرير الأرض واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. ولذلك كانت أهداف معركة طوفان الأقصى تتمحور حول إجبار الاحتلال على التراجع عن سياساته الاستيطانية والعدوانية والتهويدية والحصار على غزة والاعتداءات على المقدسات. وضمن هذا السياق جاءت المعركة كحلقة من حلقات نضال شعبنا التي ستستمر وتتواصل ويتبعها معارك أخرى وأخرى حتى دحر هذا الكيان.

وقبل استعراض الإنجازات التي تحققت على مدار عام، فإنه من الضروري الإشارة إلى جرائم الإبادة غير المسبوقة التي ارتكبها الاحتلال طوال عام في قطاع غزة، إلى جانب تصعيد ملحوظ في عملياته العسكرية والاغتيالات والاقتحامات في الضفة المحتلة، تحديداً شمالها. وعلى مدار العام، ارتكب الاحتلال الصهيوني مجازر مروعة في غزة، حيث استهدفت طائراته الحربية المصنعة أمريكياً المناطق السكنية والمؤسسات المدنية بشكلٍ مكثف بعد إجبار غالبية سكان قطاع غزة إلى النزوح. وقد تمثلت أبرز هذه المجازر الكبرى في القصف العشوائي للمناطق المدنية شملت هذه الهجمات استهداف المنازل والمدارس والمستشفيات، مما أدى إلى استشهاد آلاف المدنيين بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء. كما عكفت الغارات الصهيونية على مدار عام البنية التحتية الأساسية في غزة خاصة المشافي وأبرزها مجمع الشفاء الطبي، بما في ذلك محطات الكهرباء والمياه، مما زاد من معاناة السكان الذين يعانون بالفعل من حصار خانق منذ سنوات.

ويضيف نائب الأمين العام أننا شهدنا في الضفة المحتلة خاصة شمالها، تصعيداً ملحوظاً في عمليات الاغتيال والاقتحامات الصهيونية، من أبرزها استهداف قوات الاحتلال مخيمات جنين ونابلس بحملات عدوان موسعة ومتكررة واعتداءات وجرائم يومية، مما أدى إلى استشهاد المئات وجرح الالاف من الفلسطينيين، وتدمير الممتلكات والبنى التحتية. 

وفي محاولته لكسر معنويات المقاومة وإضعاف الحراك الشعبي المتزايد، نفذ الاحتلال عمليات اغتيال بحق قيادات ميدانية للمقاومة في شمال الضفة المحتلة، كما شملت الحملة حملة ملاحقة واعتقالات واسعة في صفوف المناضلين الفلسطينيين، وخاصة قيادات وكوادر الجبهة الشعبية ومنهم الرفيقة المناضلة خالدة جرار، والرفيقة عبلة سعدات زوجة الرفيق القائد أحمد سعدات ومئات القيادات والكوادر.

أشار جميل مزهر " الإنجازات التي تحققت على مدار عام، أولا: كإطار عام لابد من الفهم العميق أن هذه المعركة أوسع من مجرد مواجهة مع جيش محتل، بل مواجهة مع المنظومة الاستعمارية بأكملها، والتي استدعت وحشدت كل طاقاتها لكسر المفاعيل المترتبة على عملية طوفان الأقصى وأبرزها انهيار صورة مناعة وحصانة الكيان الصهيوني، حيث بات سؤال بقاء او تفكك هذا الكيان مطروح بشكل واضح، وهو ما هبت المنظومة الاستعمارية لمنعه وتدخلت في المعركة بشكل مباشر.

وبالتالي حين ننظر لنتائج هذه المواجهة نرى الدمار كما نرى الصمود والمقاومة، ولا نتوقع نتائج لحظية، بل نراهن على حشد كل الطاقات لتثمير ما تحقق من صمود شعبي وبطولات من المقاومة، وانتزاع مكتسبات لشعبنا على طريق انتزاع حقوقه وحريته، فهذه المواجهة لها ابعاد استراتيجية فلسطينيا وإقليميا ودوليا، وهو ما يدركه شعبنا وقوى المقاومة وكذلك تدركه القوى الاستعمارية ما يدفعها لمزيد من الاستماتة في المعركة، ونقلها لمستوى المواجهة الشاملة وحرب الإبادة التي تجاوزت قطاع غزة لتصل للضفة ولبنان.

مضيفا " في جانب شعبنا ومقاومته، نسعى لحشد كل طاقات الأمة وشعوب المنطقة وقوى التضامن ضد هذا التحالف العدواني المركب، وفي هذا الاتجاه تم تثبيت معادلة وحدة الساعات بين جميع فصائل المقاومة، التي دخلت معركة إسناد المقاومة في القطاع؛ فقد شهدت جبهات الإسناد تصعيداً ملحوظاً، خصوصاً من قبل المقاومة اللبنانية واليمنية، والتي شنت العديد من عمليات الإسناد البطولية ضد المواقع الصهيونية على الحدود، في إطار تصعيد جبهة الاسناد، وما يحصل الآن على الجبهة اللبنانية من تصعيد صهيوني واسع، دليل على التأثيرات الكبيرة لجبهة الاسناد في لبنان على الكيان الصهيوني، ومحاولاتهم فصل جبهة اسناد المقاومة في لبنان عن جبهة غزة". 

مذكرا مزهر بما نجحت به القوات المسلحة اليمنية في استهداف العمق الصهيوني خاصة مدينة تل أبيب بمسيرات وصواريخ باليستية، في تَحّول نوعي في الصراع، تعكس قوة هذه الجبهة ونجاحها في حصار الاحتلال اقتصادياً وعسكرياً، وعدم قدرة الجيش الأمريكي وحلفائه على فك هذا الحظر اليمني، نحن في الجبهة ننظر لهذه المفاعيل بمعناها الحالي وأيضا الاستراتيجي باعتبارها استعادة لمفهوم وحدة الشعوب العربية وشعوب المنطقة في وجه المنظومة الاستعمارية، والذي اعادت معركة طوفان الأقصى احيائه ووضعت فلسطين مجددا بوصلة له.

يشير نائب الأمين العام للجبهة الشعبية" إنه من أبرز النتائج التي ظهرت على مدار العام هو تآكل قوة الردع الصهيونية، حيث فشل الكيان الصهيوني في كبح قدرات المقاومة أو إضعافها، ما أدى إلى استمرار الضربات الصاروخية الفلسطينية ومعارك استنزاف العدو بشكل شبه يومي".

ورغم الدعم الأمريكي الكبير للكيان الصهيوني وتورطها المباشر في حرب الإبادة عبر تزويده بالأسلحة أو الغطاء السياسي في المحافل الدولية، إلا أن الإدارة الأمريكية بدت في موقف دفاعي ومتردد، خصوصاً بعد تعرض الكيان الصهيوني للضربات من جبهات مختلفة.

ويشير النائب العام للجبهة الشعبية إلى ما نجحت به المقاومة الفلسطينية في تحويل المعركة إلى حرب استنزاف طويلة الأمد؛ فرغم القوى الصهيونية الغاشمة والمدمرة التي استخدمها الاحتلال على مدار عام في غزة، استمرت المقاومة في اطلاق الصواريخ، وفي استهداف الآليات العسكرية الصهيونية وتحويل كل المناورة البرية إلى مسار مكلف من خلال الخسائر الكبيرة التي تلقاها بالضباط والجنود والآليات. فقد نجحت المقاومة في جعل الاحتلال يخوض معركة طويلة الأمد من حيث الموارد والقدرات العسكرية والاقتصادية، مما زاد من الضغوط على الجيش الصهيوني، والتي اضطرته ومن خلال بياناته الأخيرة إلى أنه أنجز المهمة، وأنه لا يمكن التدمير الكامل لفصائل المقاومة لأنها متغلغلة روحياً وفكرياً في نفوس الشعب الفلسطيني، وصولاً إلى تشكيكه في أهداف الحرب التي وضعها رئيس وزراء العدو، من تدمير حماس وعودة الأسرى بالضغط العسكري.

مشيرا إلى ما شهد هذا العام انتفاضةً عالمية تضامناً مع الشعب الفلسطيني، خاصة في أوساط الطلاب والشباب حول العالم، فقد نُظمت خلال العام آلاف التظاهرات خاصة في الجامعات حول العالم، حيث رفع الطلاب شعارات تندد بالجرائم الصهيونية وتطالب بالعدالة للشعب الفلسطيني، وكان لهذه التظاهرات أثر مهم في الضغط على بعض الحكومات الغربية خاصة بريطانيا وفرنسا وكندا لتغيير موقفها من الحرب. كما ازداد الزخم حول حركات المقاطعة الأكاديمية والثقافية "لإسرائيل"، مما أدى إلى تزايد الضغوط على المؤسسات الدولية لفك ارتباطها بالكيان الصهيوني، وشَكّلت قرارات محكمة العدل الدولية بارقة أمل في محاكمة قادة الاحتلال في المحاكم الدولية على جرائم الإبادة التي يشنوها على شعبنا، إلا أنها بحاجة لضغط أكثر، واستخدام أوراق قوة لوقف أي محاولات من الإدارة الأمريكية لمنع محكمة الجنايات الدولية من توجيه لائحة اتهام ضد بنيامين نتنياهو و غالانت. وعلى مدار العام على مدار العام، زادت الأدلة على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين، مما ساهم في انكشاف الجرائم التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان والصحافة العالمية، من عمليات قصف وقتل مدنيين واستهداف للمنظومة الصحية وللصحافيين، وصولاً استخدام أسلحة محرمة دولياً.

جميل مزهر: على مدار العام، تَحولّت معركة "طوفان الأقصى" إلى صراع طويل الأمد استنزف الاحتلال على عدة جبهات، وفي الوقت نفسه عززت المقاومة الفلسطينية من قدراتها وتحالفاتها الإقليمية، وانتزعت الكثير على مسار احياء العمق العربي رغم مساعي تقويض هذا العمق واخضاعه للهيمنة الامريكية والصهيونية، مما خلق ضغطاً متزايداً على الكيان الصهيوني وداعميها الدوليين.

 وعلى الرغم من التحديات الضخمة والمخاطر التي أحاطت بهذه المعركة والخسائر الباهظة في الأرواح والبنية التحتية الفلسطينية واللبنانية، يمكن القول إن هناك عدة إنجازات ملموسة تحققت على مختلف الأصعدة على مدار عام، يمكن المراكمة والبناء عليها، لإضعاف الكيان وحلفائه، لكن هذه معركة لم تنته ومواجهة ندرك جيدا اننا يجب ان نحشد لها مزيد من الطاقات ونقدم فيها المزيد من الجهود والتضحيات والنضال.

ما هي الاستراتيجيات الجديدة التي تعتمدها الجبهة الشعبية في مواجهة الاحتلال بعد مرور عام على طوفان الأقصى؟ وهل هناك تغيير في كيف تقيمون فعالية العمل العسكري والسياسي الذي قامت به الجبهة خلال العام الماضي؟ وما هي الخطوات القادمة لتعزيز هذه الجهود؟

يشير الرفيق مزهر أن الجبهة، بعد مرور عام على طوفان الأقصى، وضمن خطها الاستراتيجي، الذي يعمل على توظيف كل الأدوات النضالية في استنزاف الاحتلال وأيضا في تعزيز صمود وقدرة شعبنا، تعتمد على استراتيجية شاملة ومتعددة، تستند الى جملة من الاستراتيجيات في مواجهة الاحتلال، تمزج بين اشكال متنوعة من الوسائل الكفاحية، في طليعتها العمل العسكري، وضمنها السياسي والمجتمعي والثقافي والشعبي في إطار رؤية متكاملة. ومن أبرز هذه الاستراتيجيات هو تعزيز المقاومة المسلحة كخط دفاع رئيسي سواء في غزة أو الضفة جنباً إلى جنب فصائل المقاومة؛ فبعد الأحداث التي شهدها العام الماضي، تركز الجبهة على تعزيز قدرات جناحها المسلح ومقاومتها كمحور أساسي في مواجهة الاحتلال، وذلك من خلال تطوير القدرات العسكرية والاعتماد على تكتيكات حرب العصابات. وقد أثبت العمل العسكري دوره في رفع كلفة الاحتلال، سواء على صعيد الجنود، مما أدخل الاحتلال في حالة استنزاف كبيرة. كما شهد العام الماضي تحولاً ملحوظاً في تعزيز التنسيق الميداني بين فصائل المقاومة المختلفة. فقد كان للجبهة دور محوري في تعزيز الوحدة الميدانية بين فصائل المقاومة الفلسطينية خلال معركة طوفان الأقصى. هذه الوحدة عززت من تأثير العمل العسكري على الميدان، ووسعت نطاقه الجغرافي، ليشمل عدة جبهات، ما شكل ضغطًا كبيرًا على الاحتلال ووحداته.

ويرصد مزهر الآتي:  سياسياً، تعمل الجبهة على استغلال كافة المنابر المحلية والإقليمية والدولية من أجل الضغط من أجل وقف العدوان ومعاقبة المحتل على جرائم الإبادة وحصاره وعزله على مستوى العالم. 

ترى الجبهة أن تعزيز صمود الحاضنة الشعبية هو أكثر الأولويات الحاحا في المرحلة الحالية، وهو جزء أساسي من استراتيجيتها لمواجهة مخططات الاحتلال التي ركزت على محاولات إضعاف هذه الجبهة واستنزافها، لذلك ركزت الجبهة خلال معركة طوفان الأقصى على المبادرات الاغاثية، ومحاربة بعض الظواهر السلبية التي طفت على السطح أثناء العدوان، ومن بينها غلاء الأسعار، والاحتكار، والعمل على الحفاظ على البنى والمؤسسات الاجتماعية، واستعادة قدرة الشبكات الاجتماعية على دعم الانسان الفلسطيني في صموده، وهو عمل نضالي يخوضه رفاقنا ولا يقل أهمية اطلاقا عن نضالنا السياسي أو المسلح.

وأضاف الرفيق أبو وديع أنه " على صعيد تقييم هذه الاستراتيجيات، ترى الجبهة أن العمل العسكري قد أثبت فعاليته على عدة مستويات، ليس فقط في استنزاف قوات الاحتلال ورفع كلفته العسكرية، بل في تعزيز ثقة الشعب الفلسطيني بقدرة المقاومة على الصمود واسقاط اهداف العدو تباعا؛ كما أن هذا العمل العسكري ساهم في تبديد كل منجزات الاحتلال في مناوراته البرية لمدن ومناطق القطاع، وعرقلة خططه بتهجير شعبنا. 

مضيفا أن الجبهة تمكنت من تحقيق حضور أكبر لقضيتنا ومطالب شعبنا عربياً وإقليمياً ودولياً من خلال حراكها السياسي المتواصل على مدار عام، وهذا الدور متواصل من أجل وقف العدوان وانتزاع حقوق شعبنا، وأيضا لتنفيذ القرارات الوطنية بإنجاز المصالحة، وفق جدول زمني محدد. كما نستثمر كل علاقاتنا الدولية، مع القوى التقدمية والتضامنية والدول الصديقة، سواء بالعمل المباشر على برامج مشترك، أو بالاتصالات الدولية المكثفة لفضح الانتهاكات الصهيونية غير المسبوقة وكشف الدور الغربي المتورط والشريك، ومواصلة النضال على جبهة الوعي لتعميم السردية الفلسطينية، و عزل الكيان سياسياً وقانونياً ، والاستفادة من الثورات التقنية والإعلامية والثقافية والأكاديمية ومن دور طلبة الجامعات في زيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية.

وتركز الجبهة الآن جهودها على تطوير أساليب العمل العسكري النوعي لمقاتليها وتعزيز التنسيق أكثر، والذي يمكن أن يساهم في إيلام العدو، بمزيد من الضربات الموجعة والمفاجئة له، مع توسيع دائرة المقاومة في الضفة المحتلة، وتعزيز العمل في الداخل المحتل، لأهمية تلك الجبهتين في استنزاف العدو. كما تواصل الجبهة تعزيز حضورها مع محور المقاومة، ومع كل البلدان الصديقة المناصرة لشعبنا، والعمل على فتح قنوات جديدة مع قوى دولية لتشديد الضغط على الاحتلال في المحافل الدولية. 

العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة مستمر منذ أشهر طويلة، كيف تواجه الجبهة هذا التصعيد الإسرائيلي المتواصل ؟ هل هناك تنسيق فعال بين الفصائل الفلسطينية المختفة في ظل هذا العنوان، خاصة فيما يتعلق بتوحيد الجهود العسكرية والسياسية؟

من وجهة نظرنا في الجبهة فإن العدوان "الإسرائيلي" المستمر على غزة والضفة يأتي في سياق خطة ممنهجة سابقة بكثير لعملية طوفان الأقصى ومعركتها البطولية، سعى من خلالها العدو خلال السنوات الماضية خصوصا لإنجاز تصفية نهائية للقضية الفلسطينية و للكيانية الجماعية الفلسطينية، 

 وقد سرع العدو وصعد من خطواته لتنفيذ هذه الاستراتيجية خلال العام الأخير من خلال ادراكه ان هذه معركة مصيرية وحاسمة، وأيضا نحن ندرك أن هذه المعركة تستوجب الوحدة الوطنية الفلسطينية، واستدعاء وحشد كل الطاقات الفلسطينية ضمن استراتيجية وطنية مشتركة، وهو ما نعمل على تحقيقه باعتباره أولا زيادة لعوامل القوة الفلسطينية وتعزيز لصمود شعبنا، وثانيا باعتباره أداة رئيسية في اضعاف واسقاط رهانات المحتل على تمزيق الجسد الفلسطيني وانهاء الكيانية الفلسطينية، وثالثا باعتبار أهمية هذا الموقف الموحد في تثمير الصمود الشعبي والمقاوم عبر مشروع استراتيجي لانتزاع حقوق شعبنا والعبور به نحو الاستقلال وتقرير المصير والعودة والدولة، بل اننا ننظر للموقف الموحد والمنسق المطلوب باعتباره الركيزة الأكثر محورية في كسر العدوان وانتزاع مطالب شعبنا.

والجبهة وغيرها من فصائل المقاومة تواجه هذا التصعيد والمخطط الصهيوني، من خلال اتباع نهج المقاومة المسلحة، باعتبارها الرد الطبيعي والأنجع للتصدي للاحتلال. ولذلك نسعى ومعنا فصائل المقاومة إلى تطوير قدرات المقاومة وتصعيد العمل العسكري المنظم انطلاقاً من الضفة، مع العلم أن الجبهة جزء أصيل من فصائل العمل المقاوم في الضفة، والتي توجه ضربات مؤلمة للاحتلال في الأشهر الأخيرة، وبذلك نفسر حجم الاستهداف والملاحقات والاعتقالات الواسعة لقيادات وكوادر الجبهة بالضفة.

وبخصوص التنسيق بين الفصائل الفلسطينية، ذكر نائب الأمين العام أن الجبهة تركز على ضرورة تكامل العمل الوطني الفلسطيني في مواجهة التصعيد الصهيوني، حيث تؤمن أن وحدة الصف الفلسطيني شرط أساسي للانتصار على الاحتلال وإفشال مخططاته، ورغم التحديات التي تواجه التنسيق بين الفصائل، خصوصاً بسبب الاختلافات السياسية والأيديولوجية، إلا أن هناك جهوداً حثيثة تبذل من أجل توحيد الصفوف، وهناك تنسيق متكامل في ميدان المعركة بين الجبهة ومعظم فصائل المقاومة. 

وضمن ذلك، دعت الجبهة دوماً لضرورة تطوير الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في غزة، لتصبح نموذج مهم للتنسيق العسكري بين الفصائل، والتي أثبتت فعاليتها في التصدي للعدوان. كذلك تسعى الجبهة إلى تطوير هذا التنسيق ليشمل الضفة، حيث يجب أن تتكامل الجهود العسكرية والشعبية والسياسية لمواجهة الاحتلال بشكل شامل.

ويؤكد الرفيق مزهر أن الجبهة تعمل مع مختلف الفصائل من خلال فصائل العمل الوطني والاسلامي، من أجل الوصول لوحدة وطنية حقيقية تستند إلى برنامج مقاوم، وتفعيل الحوار الوطني الشامل وتجنب الانقسامات الداخلية التي تضعف القضية الفلسطينية أمام العالم وتمنح الاحتلال فرصة لاستغلالها، ونهضت الجبهة بمبادرات وجهود كبيرة وأعطت أولوية لسد الثغرات في الموقف الفلسطيني، لعل أهمها المبادرة نحو تشكيل قيادة وطنية موحدة، والعمل مع مختلف الأطراف لإزالة أي عقبات امام الوحدة الوطنية وأيضا أمام الالتفاف على مطالب موحدة تشمل ثوابت شعبنا.

كيف تُقيّمون موقف الدول العربية والمجتمع الدولي تجاه العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين؟ هل تشعرون بخيبة أمل من مواقف بعض الدول الإقليمية وكيف يمكن تعزيز الدعم للقضية الفلسطينية؟ كيف تتعامل الجبهة الشعبية مع محاولات القوى الدولية لتفرض ضغوط سياسية او اقتصادية على المقاومة الفلسطينية؟

إن موقف الدول العربية والمجتمع الدولي تجاه العدوان الصهيوني على شعبنا يتسم بتفاوت كبير بين الإدانة اللفظية والتواطؤ العملي، وهو ما يظهر من خلال عدم اتخاذ إجراءات فعلية لردع الاحتلال أو محاسبته على جرائمه المستمرة. مع التنويه أن هناك عدد قليل من الدول العربية التي أعلنت موقفاً واضحاً إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعمت ذلك بالدخول في معركة إسناد مباشرة للموقف الفلسطيني مثل اليمن ولبنان؛ لكن الغالبية الساحقة إما تكتفي بالشجب الكلامي أو مواصلة الغرق في مسارات تطبيعية تحت مظلة ما يسُمى بالسلام الإقليمي وسجلت موقفاً داعماً للاحتلال في الحرب مثل النظام الاماراتي. إن خيبة الأمل هنا تكمن في تراجع كثير من الدول العربية والإقليمية عن دورها الطبيعي في دعم القضية الفلسطينية، بل وتوجه بعض الأنظمة نحو إقامة تحالفات مع الكيان الصهيوني ومحاولة فك الحصار الاقتصادي الذي فرضته المقاومة المسلحة اليمنية، متجاهلة تماماً ما يرتكبه هذا الكيان من جرائم وحشية غير مسبوقة، وفي هذا الجانب نوجه دعوتنا للقوى العربية الحية وجماهير أمتنا، لردع هذه الحكومات عن سياساتها المدمرة، ونعمل مع هذه القوى على تطوير الموقف الشعبي وأيضا تطوير أدوات لكبح ومنع الأدوار الرسمية السلبية.

يقول الرفيق جميل مزهر أنه "من ناحية المجتمع الدولي، هناك حالة من العمى الأخلاقي والازدواجية التي تميز مواقف القوى الغربية الكبرى؛ فالدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي المقدم للاحتلال مستمر بلا هوادة. الأسوأ هو الصمت الدولي ساهم في إطالة أمد العدوان وشرعنته، حيث أن الدول التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، مثل الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية، تلعب دوراً أساسياً في التغطية على جرائم الاحتلال من خلال دعمها العسكري والسياسي للكيان الصهيوني دون حسيب أو رقيب".

وينبه مزهر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لا يمكن تعزيز الدعم الحقيقي إلا من خلال إعادة بناء الجبهة العربية المقاومة بشكل صلب، حيث تكون فلسطين هي البوصلة التي توحد الشعوب في مواجهة كل أشكال التطبيع والخضوع لإملاءات القوى الكبرى. تعزيز الدعم لا يجب أن يقتصر على البعد المادي أو السياسي فحسب، بل يمتد إلى بناء جبهات شعبية تتواصل مع حركات التحرر العالمية، لتشكيل إطار أوسع لمقاومة الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية التي تتجسد في الدعم غير المشروط "لإسرائيل".

مستطردا "أما بالنسبة لمحاولات القوى الدولية فرض ضغوط سياسية أو اقتصادية على المقاومة الفلسطينية، فإن الجبهة الشعبية تتعامل معها من خلال الرفض القاطع لأي حلول جزئية أو خضوع لإملاءات هذه القوى. إن مقاومة الشعب الفلسطيني هي مقاومة مشروعة وفقاً لكافة المواثيق الدولية، ولا يمكن اعتبارها تحت رحمة "شروط" القوى التي تدعم الاحتلال. كما أن الجبهة تؤمن أن التحرر الكامل من الاحتلال والاستعمار لا يأتي عبر المساومات أو التنازلات، بل عبر التمسك بالثوابت الوطنية وتوسيع دائرة المقاومة بمختلف أشكالها".

 تؤكد الجبهة على أهمية بناء تحالفات استراتيجية مع الدول والقوى التي تتبنى سياسات مناهضة للإمبريالية والصهيونية، والتي تعلن دعمها الصريح للمقاومة. هذه التحالفات تشكل جداراً صلباً أمام أي ضغوط قد تأتي من الغرب أو القوى الرجعية، وتجعل المقاومة قادرة على الصمود في وجه كل محاولات التصفية السياسية والاقتصادية.

 

في ظل الظروف الراهنة كيف تعمل الجبهة الشعبية على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية؟ وما هي الصعوبات التي تواجه جهود المصالحة بين الفصائل؟ ما هي الرسالة التي توجهها الجبهة لبقية الفصائل الفلسطينية حول أهمية الوحدة في هذا الوقت الحرج؟

من وجهة نظر الجبهة فإن تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية يعدّ أولوية مركزية وشرطاً أساسياً لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجه الشعب الفلسطيني في ظل الحرب العدوانية الشاملة على شعبنا، وتصاعد حرب الإبادة والمحرقة الصهيونية. كما رأت الجبهة أنه لا يمكن الوصول لأي إنجازات سياسية من معركة طوفان الأقصى دون إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، حيث أن الجبهة من القوى التي كانت تعتبر الانقسام بأنه ألحق أضراراً جسيمة بالقضية الفلسطينية على الصعيد الداخلي والدولي، مما يتطلب جهوداً مكثفة لإعادة توحيد الصف الفلسطيني في إطار برنامج وطني مقاوم.

ولذلك، فإن الجبهة ترى أن الوحدة ليست فقط هدفاً تكتيكياً، بل هي استراتيجية طويلة الأمد لبناء مجتمع فلسطيني قوي يمكنه مواجهة الاحتلال والاستيطان والتصدي لمخططات التصفية المستمرة التي تستهدف الأرض والشعب والهوية. لذلك، تنادي الجبهة بضرورة تشكيل جبهة وطنية موحدة تضم كافة الفصائل الفلسطينية على قاعدة المقاومة والمواجهة مع الاحتلال. وترى أن الانقسام الفلسطيني الحالي يمثل ثغرة كبيرة يستغلها الاحتلال لتعزيز عدوانه، وتفتيت منجزات شعبنا.

في إطار ذلك، عملت الجبهة ومنذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، على تنظيم حراك سياسي واسع في سبيل تحقيق هدف انجاز الوحدة، ويعتبر اتفاق بكين الأخير هو تتويج لهذه الجهود التي بذلتها الجبهة مع مختلف القوى، إلا أنه بحاجة إلى جدول زمني محدد، وآليات تنفيذ جدية لإنجاز ما تم الاتفاق عليه، حيث ألقت الجبهة الكرة في ملعب الرئيس أبو مازن للبدء في تنفيذ مخرجات اتفاق بكين والقرارات الوطنية، ولكن لم تلمس حتى الآن أي جدية للوصول إلى ذلك وطي صفحة الانقسام خصوصا في ظل العدوان الشامل على شعبنا؛ وفي ظل مواصلة الرئيس تعزيز سيطرته على المؤسسات الفلسطينية، والتمسك بنهج التسوية والحل الأمريكي وما يُسمى حل الدولتين على حساب التوافقات الوطنية التي جرى التفاهم عليها.

الجبهة تدعو الجميع وخاصة حركة فتح إلى تحمل المسؤولية التاريخية في هذه اللحظة الحاسمة، والعمل على تفعيل كل الأدوات التي من شأنها توحيد الشعب الفلسطيني وقيادته في معركته المستمرة نحو التحرير والعودة، وفي مقدمتها الوحدة الوطنية. 

ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه الجبهة الشعبية في المرحلة المقبلة؟ وهل تواجهون صعوبات في الحصول على الدعم اللازم لمواصلة المقاومة؟ كيف تتعاملون مع التحديات الداخلية، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والإنساني المتدهور في غزة والضفة؟

الجبهة مثلها مثل كل فصائل العمل الوطني تواجه تحديات كبرى، تتنوع ما بين السياسية، والعسكرية، ومعظمها تتعلق بالأوضاع السياسية والاجتماعية التي يعيشها شعبنا، وهو ما يتطلب اتخاذ أساليب فعالة تتسم بالمرونة والابتكار، واستثمار كل المقومات لحل هذه التحديات، بشرط ألا تخدش برامجها ومواقفها الثابتة.

التحديات العاصفة التي نعاني منها هي المحاولات المستمرة لتمرير مشاريع تصفوية تستهدف التهجير وطرد أكبر عدد ممكن من شعبنا، وصولاً لتصفية حق العودة وتهميش القضية الفلسطينية، إضافة لمحاولات تعزيز اتفاقيات التطبيع المتزايدة بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني. هذه الاتفاقيات تمثل محاولة لضرب العمق العربي الداعم للقضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب من الجبهة لعمل على التصدي لهذه المخططات، وتعزيز العلاقات مع الشعوب والقوى الشعبية العربية والدولية التي ترفض التطبيع وتؤمن بعدالة القضية الفلسطينية.

ويذكرنا الرفيق مزهر" بخصوص التحديات العسكرية والأمنية فالجبهة تواجه تحديات أمنية مباشرة على الأرض، سواء في غزة، الضفة، أو داخل أراضي الـ48 تتمثل في تصاعد حملة الاستهداف والملاحقة لقياداتها وكوادرها، فالتصعيد العسكري الصهيوني المستمر، وخاصة في قطاع غزة، والهجمات المتزايدة على نشطاء المقاومة في الضفة تشكل تهديداً كبيراً. إلا أن الجبهة تؤكد على أن المقاومة المسلحة تبقى الخيار الاستراتيجي الرئيسي في مواجهة الاحتلال، وتعتبر أن العمليات النوعية ضد أهداف صهيونية تساهم في ردع الاحتلال وتوجيه رسائل قوية على عدم استسلام الشعب الفلسطيني لمخططات التصفية".

ويذكر الأمين العام للجبهة الشعبية التحديات الاقتصادية والاجتماعية قائلا "تمثل للجبهة تحدياً كبيراً ومؤلماً خصوصاً في ظل حرب الإبادة المستمرة على شعبنا وتداعيات الحرب على أوضاع الناس، فلسنا مشغولين بأنفسنا أو كادرنا الذي يواجه ذات المعاناة مع أبناء شعبنا، ولكن بجماهير شعبنا الذي مثل الحاضنة الوفية للمقاومة وللمشروع الوطني التحرري الفلسطيني على طول خط الصراع:.

 مضيفا أن استمرار حرب الإبادة والحصار الخانق على قطاع غزة والحواجز والإغلاق المستمر في الضفة تجعل الحياة اليومية للفلسطينيين أقرب إلى جحيم مستمر،  ومن هنا تدرك الجبهة أن هذه السياسات تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني ودفعه إلى الرضوخ، لكنها رغم هذه المعاناة، ورغم ثقلها وتداعياتها الكارثية، لن تضعف عزيمة المقاومة.

موضحًا أن الجبهة تؤمن بضرورة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني من خلال تعزيز منظومة التكافل والتضامن الاجتماعي من خلال جهود موحدة من الكل الوطني، ومع العمل على خلق بدائل اقتصادية تعتمد على الجهود الذاتية وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي المشروط، وعلى الضغط من أجل كسر الحصار، وأيضا تحمل الكل الوطني الفلسطيني مسؤولياته في هذا الجانب، وعودة جماهير أمتنا العربية وقواها الحية للتعبير الجاد عن الالتزام تجاه الصمود الفلسطيني، وهنا لا نقصد قصر العملية على الأموال والتبرعات، ولكن بناء شبكات اجتماعية عربية تتصل بنظيرتها الصامدة في فلسطين وتدعمها وتتشارك معها النضال والدعم لصمود الشعب الفلسطيني.

كما تواجه الجبهة تحديات متعلقة بالضغوط الدولية والغربية عليها مالياً وسياسياً، والهادفة إلى عزل المقاومة الفلسطينية وتجفيف مصادرها. ومع ذلك، فإن الجبهة تواصل تعزيز علاقاتها مع قوى المقاومة والتحرر في العالم أجمع، وتحظى بحضور كبير في المحافل الدولية، كما أنها تواصل سعيها من أجل تعزيز روابطها مع الحركات اليسارية والتحررية في العالم، وتعتبر أن الدعم الدولي الشعبي والمستقل هو السلاح الأقوى في مواجهة الضغوط.

أما على الصعيد الداخلي الفلسطيني، تدرك الجبهة أن هناك تحديات حقيقية تتعلق بضرورة تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتجاوز حالة الانقسام التي أضعفت الموقف الفلسطيني أمام الاحتلال والمجتمع الدولي. لذلك فإن الجبهة تعمل جاهدة على تعزيز الحوار الوطني وترى أن إنهاء الانقسام هو شرط أساسي لتعزيز المقاومة بمختلف أشكالها، كما تؤكد على ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية مقاومة تضم كافة الفصائل المقاومة، وتكون قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

 تعتبر الجبهة أن تفعيل المقاومة بكافة أشكالها خاصة المقاومة المسلحة، هو السبيل الوحيد لدحر العدوان، وإفشال المخططات الاستعمارية وإبقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان الشعوب العربية والعالمية، وفي ذات السياق ترى في تعزيز الصمود الشعبي رافد أساسي للحفاظ على قدرة شعبنا على المقاومة والعطاء.

بعد مرور عام على طوفان الأقصى ما هي رؤيتكم لمستقبل الصراع مع الاحتلال؟ هل تعتقدون أن هناك أفقاً لتحقيق أي نوع من الحلول السياسية؟ كيف ترى الجبهة الشعبية مستقبل المقاومة الفلسطينية، وما هي الرسالة التي تودون توجيهها للشعب الفلسطيني في هذه اللحظة الحرجة؟

مرور عام على معركة طوفان الأقصى يعزز قناعتنا بأن مستقبل الصراع مع الاحتلال الصهيوني سيظل مفتوحاً على مواجهة طويلة الأمد، بل كشفت حقيقة الصراع وعمقه وبعده الذي يطال المنطقة بأسرها، واتساع دائرة المعركة من لبنان إلى سوريا الى العراق إلى اليمن الى إيران، يظهر حقيقة مخططات العدو وارتباطاته الاستعمارية، وأنه يمارس الخداع باطلاق أهداف واهية،  كمن يذر الرماد في العيون، هدفه الاستراتيجي الواضح هو حسم الصراع في المنطقة، والاطباق الاستراتيجي الذي يتطاب إزالة العقبات الجديّة امام الحلف الامبريالي، والتي تتمثل بالمقاومة من حزب الله في لبنان، الذي يخوض معركة الشرف رغم عظمة التضحيات والتي توجها بسيد الشهداء وسيد المقاومة حسن نصر الله، كما إمعانه في الإبادة لمقومات الحياة في لبنان كما غزة والضفة وتطاوله في ضرب إيران وجرها إلى ما يخطط له، ليطمس القضية الفلسطينية.

وهذا برأينا تتطلب بناء استراتيجيات جديدة تستند إلى المقاومة بكل أشكالها واستثمار الإنجازات التي تحققت خلال هذه المعركة سياسياً وميدانياً ودبلوماسياً وقانونياً وشعبياً وعربياً ودولياً، مع التركيز على الوحدة الوطنية وتطوير أدوات المواجهة.

الجبهة الشعبية ترى أن أي أفق لحل سياسي حقيقي لا يمكن أن يتحقق في ظل الشروط الصهيونية أو الرعاية الأمريكية أو الاستمرار في نهج أوسلو المدمر، حيث يستمر الكيان الصهيوني في تصعيده العسكري وتوسيع مشروعه الاستيطاني، بدعم كامل من القوى الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

الأولوية الفلسطينية العاجلة الآن هو وقف العدوان بشكل كامل على القطاع، والانسحاب الشامل من القطاع، وعودة جميع النازحين، وكسر الحصار وإعادة الاعمار والإغاثة كمقدمة للوصول إلى اتفاق سياسي على أساس قرارات الشرعية الدولية المنصفة لشعبنا. أما الحلول السياسية التي تروج لها بعض الأطراف الإقليمية والدولية ليست سوى إعادة إنتاج للواقع القائم، وهي محاولات بائسة لإدامة الاحتلال بصيغ جديدة تحت مسميات مثل "السلام الاقتصادي" أو "الهدنة الطويلة". هذه الحلول لا تأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة، وتقرير المصير، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

 الجبهة تؤكد أن مستقبل المقاومة الفلسطينية يجب أن يظل في قلب المشروع الوطني التحرري، وأن معركة طوفان الأقصى شكلت مرحلة جديدة ومهمة في الصراع. أثبتت خلالها أن المقاومة، بكافة أشكالها وعلى رأسها المسلحة تُمثل الأداة الأكثر فاعلية في مواجهة الاحتلال. علينا أن نعمل على تعزيز البنية التحتية للمقاومة في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وأن نسعى إلى تفعيل التكامل بين كافة أجنحة المقاومة، من الضفة إلى غزة إلى الشتات وأيضا باتجاه الداخل المحتل عام ١٩٤٨، من أجل إفشال كافة المشاريع التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

أما بخصوص الرسالة التي نوجهها لشعبنا الفلسطيني وفي هذه اللحظة الحرجة هي أن الصمود والمقاومة هما السبيل الوحيد لتحقيق حقوقنا الوطنية. وإن التضحيات الجسام وحرب الإبادة والضغوطات الاقتصادية والحصار والقمع اليومي التي يفرضها الاحتلال يجب أن تدفعنا لمزيد من التلاحم والوحدة، وليس للبحث عن حلول استسلامية؛ فكل شهيد يرتقي وكل بيت يهدم وكل أسير يعذب في سجون الاحتلال يزيدنا إصراراً على استمرار النضال حتى التحرير الكامل. لأرضنا.

كيف ترى الجبهة الشعبية تأثير التطورات الدولية، مثل الانتخابات الامريكية والأوروبية على القضية الفلسطينية؟وهل تعتقدون أن هناك تغييراً في سياسات القوى الكبرى تجاه الاحتلال الإسرائيلي؟ هل تعتقدون أن هناك فرصة لاستغلال الازمات الدولية الحالية لزيادة الضغط على إسرائيل وانهاء الاحتلال؟

التطورات الدولية، بما في ذلك الانتخابات الأمريكية والأوروبية، غالباً ما تُظهر استمرار الهيمنة الرأسمالية العالمية وتواطؤ القوى الكبرى مع المشروع الصهيوني خصوصاً في الدعم اللامحدود العسكري والسياسي لحرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة. ورغم ما أحدثته انتفاضة الرأي العام المتصاعدة منذ بدء معركة طوفان الأقصى من ضغوط على الأنظمة الغربية، إلا أن الجبهة ترى أن الجوهر الأساسي في دعم الاحتلال الصهيوني من قبل هذه النُظم الغربية يبقى ثابتاً، لأننا لم نصل لحتى الآن لنقطة التحول الجوهري في حسابات هذه القوى والنظم الغربية الاستعمارية تجاه المستعمرة الصهيونية بما تقوم به من أدوار في المنطقة، وهنا لابد من الإشارة أن معركة طوفان الأقصى قد طرحت هذا التحدي بأن تتحول القاعدة الاستعمارية المتقدمة المتمثلة في دولة الاحتلال الى عبئ على حلفائها، وهو ما تدور حوله كثير من تفاصيل المعركة اليوم، والحقيقة أن المنظومة الاستعمارية لا زالت تضع دعم الكيان على رأس أولوياتها. فهذه القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة، سواء في ظل قيادة الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، ستستمر في تقديم الدعم العسكري والسياسي والمالي "لإسرائيل"، مبررة ذلك بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، طالما أن الحراك العربي والدولي لم يصل لمستوى الاستنزاف الكبير والشامل لمصالح هذه القوى.

يرى جميل مزهر أن الانتخابات الأوروبية قد تكون ذات تأثير أقل من الأمريكية، حيث أن سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه فلسطين تعاني من ازدواجية مواقف؛ فهي من جهة تدعي دعم ما يُسمى حل الدولتين والسلام، ومن جهة أخرى تواصل علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع الاحتلال دون اتخاذ إجراءات حاسمة لردعها عن مواصلة سياساتها العدوانية والاستيطانية. على الرغم من حالة التفاوت في مواقف بعض الدول الأوروبية عن الأخرى، فمثلاً هناك حالة تمايز من القضية الفلسطينية وتوسعت منذ الحرب على غزة في مواقف بعض الدول الأوروبية مثل اسبانيا والنرويج على مواقف فرنسا وبريطانيا مثلاً، وعلى النقيض من مواقف ألمانيا.

ورغم أن الجبهة ترى أن هناك تغيراً مهماً في المناخ الدولي يمكن استغلاله خاصة بعد معركة طوفان الأقصى؛ فالأزمات الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية مثل الحرب في أوكرانيا، وتصاعد تأثير قوى ناشئة مثل الصين وروسيا، قد تخلق فرصاً لإعادة النظر في مواقف بعض الدول تجاه دعم الاحتلال. في هذا السياق، يمكن للجبهة وقوى المقاومة أن تسعى لبناء تحالفات جديدة مع دول تحاول تقويض الهيمنة الأمريكية والغربية، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على الكيان الصهيوني، وعزله على كافة الصعد.

كيف تقيمون مستوى التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية بعد مرور عام على طوفان الأقصى؟ وهل هناك خطوات لتعزيز هذا التضامن؟ ما هي الرسالة التي تودون ارسالها إلى الشعوب الحرة في العالم حول أهمية دعم القضية الفلسطينية في هذا التوقيت؟

بعد مرور عام على انطلاق معركة طوفان الأقصى يتطلب النظر إلى التحولات العميقة التي طرأت على الحراك العالمي والتغيرات في مواقف الشعوب الحرة من قضايا التحرر والعدالة من وجهة نظر واقعية؛ فلا يمكن إنكار أن حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة والجرائم غير المسبوقة التي ارتكبت في القطاع، أحدثت تحولاً مهماً في الرأي العام العالمي، سواء على مستوى الشعوب أو بعض الحكومات التي أخذت تعيد النظر في مواقفها، ولو بشكل محدود، تجاه القضية الفلسطينية، وأن هذا التحول كشف حقيقة الفظاعات المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني أمام الجميع، والتي لم يعد بالإمكان تجاهلها أو التستر عليها كما كان يحدث في الماضي. فمن جهة، شهدنا تضامناً واسعاً من الحركات الشعبية والنقابات ومنظمات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. كما أن هناك دول باتت تدرك أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية شعبٍ محتل، بل هي جزء من معركة كبرى ضد الاستعمار والاستغلال، وضمن سياق عالمي يتصارع فيه الحق مع الهيمنة والإمبريالية، كما أن المسيرات التي خرجت في شوارع المدن الأوروبية والأمريكية بعد العدوان على غزة، والتفاعل الكبير مع حملة مقاطعة الاحتلال اقتصادياً وأكاديمياً وثقافياً، كلها دلائل على أن التضامن الشعبي أخذ يكتسب زخماً أكبر مع مرور الوقت. ولكن رغم ذلك لم يصل مستوى التضامن إلى مستويات ضاغطة تستطيع وقف العدوان، أو الضغط على الحكومات الغربية لوقف دعمها للكيان. 

بالنسبة للخطوات المطلوبة لتعزيز هذا التضامن الدولي، يرى نائب الأمين العام أن هناك حاجة ملحة لتطوير وتوسيع العمل الدبلوماسي الفلسطيني ضمن الأوساط الشعبية، مع تركيز الجهود على بناء تحالفات قوية مع الحركات التحررية والتقدمية العالمية. يجب استغلال كل منصة دولية، سواء كانت سياسية، ثقافية، أو إعلامية، للتأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية إنسانية، بل هي مسألة مركزية للعدالة الدولية. إلى جانب ذلك، يجب توسيع دائرة حملات المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات من الاحتلال "الإسرائيلي"، التي أثبتت فاعليتها في الضغط على الكيان وإحراجه أمام العالم.

يوجه الرفيق جميل مزهر رسالة إلى الشعوب الحرة في هذا التوقيت الحساس " أن دعم القضية الفلسطينية هو دعم للعدالة وللكرامة، ولحق الشعوب في تقرير مصيرها. والتوضيح لهم أن القضية الفلسطينية ليست مسألة تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي اختبار لمدى التزام العالم بقيم الحرية والمساواة، وإن الوقوف إلى جانب فلسطين هو رفض للظلم بكافة أشكاله، وهو تضامن مع كل من يناضل من أجل عالمٍ أفضل، بعيداً عن سياسات القهر والاستعمار والاضطهاد، وبشكل مفصلي ان التحول الذي نتطلع اليه في مواقف ودور قوى التضامن هو التحول من مواقع التضامن الإنساني الى مواقع النضال الملتزم بحقوق شعبنا وفي مقدمتها حقه في المقاومة".

كيف إثر العدوان المتواصل على النسيح الاجتماعي والاقتصادي للشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وما هي خطط الجبهة لتخفيف المعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب الفلسطيني؟

العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة ترك آثاراً عميقة على النسيج الاجتماعي والاقتصادي، وهو جزء من استراتيجية الاحتلال لتفكيك المجتمع الفلسطيني وتعطيل قدراته على الصمود والمقاومة. وهذا العدوان حسب رأينا يُشكّل امتداداً لمحاولات الاحتلال كسر إرادة الشعب الفلسطيني من خلال تقويض بنيته التحتية وإحداث تفكك داخلي على مختلف المستويات. 

يرى الرفيق جميل مزهر " أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى حدوث حالة تصدع في النسيج الاجتماعي الفلسطيني، حيث يعاني الفلسطينيون من تفاقم المشاكل النفسية والاجتماعية، نتيجة الاستهداف المباشر للأسر وهدم المنازل والمجازر الجماعية، حيث استهدف الاحتلال من خلال هذه السياسات تفكيك الروابط الاجتماعية وزرع الخوف والشك بين أفراد المجتمع، مما يؤدي إلى إضعاف اللحمة الاجتماعية وتقويض الأمان الاجتماعي. لكن، ورغم هذه المحاولات، بقي المجتمع الفلسطيني يتسم بصلابة المقاومة والتلاحم، حيث تزداد الروابط الاجتماعية قوةً مع استمرار الاعتداءات، خاصة من خلال تضامن الشعب مع عائلات الشهداء والمعتقلين والجرحى".

يذكر نائب الأمين العام " إن الحصار المستمر والعدوان المتواصل دمرا البنية الاقتصادية للقطاع والضفة، مما أدى إلى تفاقم البطالة والفقر وتدهور مستويات المعيشة. وقبل العدوان كان يعاني القطاع الصناعي والزراعي من شلل شبه كامل نتيجة الاستهداف المباشر للبنية التحتية واليوم أشبح يعاني من شلل كامل، مما عمق الاعتماد على المساعدات الخارجية وأحدث تدميراً واسعاً للاقتصاد الفلسطيني".

من هذا المنطلق، ترى الجبهة الشعبية أن تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني يتطلب مجموعة من الخطوات المتكاملة، أهمها تعزيز المقاومة والصمود الشعبي؛ فنحن نعتبر أن تعزيز القدرة على الصمود هو جزء أساسي من مواجهة العدوان، مما يتطلب توسيع قاعدة المقاومة الشعبية وتفعيل التضامن المجتمعي، وتشكيل شبكات دعم اجتماعي تعتمد على الروابط الأسرية والمجتمعية القائمة، لدعم المتضررين والنازحين.

كما نحتاج إلى تنسيق كل الجهود مع الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية لمواجهة السياسات الصهيونية التي تفاقم الوضع الإنساني، والضغط باتجاه تعزيز الدعم الإنساني الموجه إلى غزة والضفة ضمن رؤية تحترم كرامة الشعب الفلسطيني ولا تتماهى مع سياسات الاحتلال أو تجعل الشعب رهينة للمساعدات الدولية، كما نناضل من أجل ضرورة تطوير البنية التحتية الصحية الفلسطينية، مع التركيز على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المتضررة، لا سيما الأطفال الذين يعانون من تبعات الصدمات الناجمة عن الحروب والاعتداءات.

مجددا يذكر الرفيق مزهر أن حجم جريمة الإبادة الشاملة، تستدعي ما يتجاوز أفكار الدعم المؤقت، لمفهوم انشاء شبكة عربية ودولية متصلة تتخذ مهمة نضالية لها بالاتصال مع الشبكات والمؤسسات والقوى الفلسطينية الصامدة في أرضنا المحتلة وخصوصا في قطاع غزة، وتنهض بمهمات كبرى ومشاريع لتعزيز الصمود وإعادة البناء، والاستثمار الحقيقي والعميق في الانسان الفلسطيني وبناه الاجتماعية والنضالية الصلبة التي لا زالت جزء رئيسي من معركة التحرر الوطني الفلسطيني.