قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، أنّه وفي ضوء الزيارات المحدودة التي تتم لمعتقلي غزة، تمكن الطاقم القانوني من إتمام زيارة لعدد من معتقلي غزة في معسكر (عوفر)، ومن جديد فقد عكست الزيارات الأوضاع والظروف المأساوية والروايات الصادمة وعن عمليات التنكيل والتّعذيب التي يتعرضون لها المعتقلون.
واستنادا لآخر الزيارات التي تمت لتسعة من المعتقلين، فإن إدارة المعسكر تواصل تنفيذ عمليات السلب والحرمان لحقوق المعتقلين والتي تندرج في إطار سياسات التعذيب، فعمليات التّعذيب كسياسة ممنهجة ما تزال الأساس لرواية المعتقلين، والتي يندرج تحتها العديد من التفاصيل التي تؤكّد أنّ العناوين العامة للجرائم والسياسات التي توثقها وتتابعها المؤسسات الحقوقية، لم تعد كافية لعكس مستوى التوحش الذي مورس ويمارس بحقّ معتقلي غزة.
وكان من أبرز ما أكّد عليه المعتقلون، أساليب الإذلال التي تنتهجها إدارة المعسكر، ومنها إجبار المعتقلين على الهتاف بشكل يومي لما يسمى (بالكابتن) بكلمة شكرا للكابتن باللغة العبرية، ومن لا يمتثل لذلك يتعرض لاعتداء (عقاب)، وهذا نموذج واحد عن أساليب كثيرة تستخدمها إدارة المعسكر لإذلالهم، ومحاولتها المستمرة لسلبهم إنسانيتهم.
وعلى صعيد العلاج، تواصل الإدارة حرمان المعتقلين من حقّهم بالعلاج والرعاية الصحية، فبعض المعتقلين الذين خرجوا للزيارة كانوا يعانون من جروح وإصابات لم تلتئم نتيجة حرمانهم الممنهج من العلاج، والذي يشكل أحد أوجه الجرائم الطبيّة.
كما وركز المعتقلون خلال الزيارة، على الوضعيات المهينة والمذلّة التي يُجبرون على القيام بها. نموذجاً على ذلك، يُجبر المعتقلون الذين تُعقد لهم جلسات محاكم عبر الهاتف، الجلوس بوضعيات مذلّة على ركبهم أو بطونهم في ساحة المعسكر، ويستمر ذلك لساعات تمتد من الساعة السابعة صباحا حتى انتهاء الجلسات.
ومع حلول فصل الخريف واقتراب فصل الشتاء، فإن المعتقلين بدأوا يعانون من البرد الشديد تحديدا في ساعات الليل، وذلك في ظل عدم توفر ملابس تقيهم من البرد، أو أغطية، وكما هو الحال للآلاف من الأسرى والمعتقلين في سجون ومعسكرات الاحتلال، فالاحتلال وجزءا من سياساته الممنهجة هو تحويل ظروف الطقس البارد إلى أداة للتنكيل بالمعتقلين وتعذيبهم.
وعبرت الهيئة والنادي عن تخوفهما من انتشار الأمراض الجلدية بين صفوف معتقلي غزة في المعسكر، خاصة مع استمرار إدارة المعسكر بحرمانهم من استخدام الصابون، حيث يجبر المعتقلون على الاستحمام بدون صابون منذ عدة شهور، ومن خلال المتابعة فإن انعدام أدوات النظافة الشخصية كان السبب المركزي في انتشار الأمراض الجلدية بين صفوف الأسرى والمعتقلين في مختلف السّجون.
وفي هذا الإطار تشيرهيئة الأسرى ونادي الأسير، إلى أنّ كل ما تم عكسه ونقله عن معتقلي غزة على مدار الشهور الماضية وحتّى اليوم، يؤكّد أنّ رغبة الانتقام هي من تسيطر على سلوك الجنود والسجانين، بل إنهم يتسابقون على من يكون أكثر وحشية بحقّ المعتقلين.
واستعرضت الهيئة والنادي مجدداً، أبرز المعطيات المتعلقة بقضية معتقلي غزة ،والتي تشكّل التحدي الأبرز للمؤسسات الحقوقية في ضوء استمرار فرض جريمة الإخفاء القسري بحقّ المئات منهم، وذلك على الرغم من الجهود التي تواصل المؤسسات بذلها، في ضوء التعديلات القانونية التي أجراها الاحتلال، والتي أتاحت معرفة مصير العديد منهم، وزيارة العشرات منهم من قبل الطواقم القانونية، تحت قيود مشددة.
أولا: حتّى اليوم ومنذ بدء حرب الإبادة، لا يوجد تقدير واضح لعدد المعتقلين من غزة في سجون ومعسكرات الاحتلال، والذين يقدروا بالآلاف، منهم عشرات النساء، والأطفال، وكبار السن، إلى جانب حملات الاعتقال التي طالت الطواقم الطبيّة.
ثانيا: شكّلت روايات وشهادات معتقلي غزة، تحولا بارزا في مستوى توحش منظومة الاحتلال والتي عكست مستوى -غير مسبوق- عن جرائم التّعذيب، وعمليات التّنكيل، وجريمة التّجويع، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسية، واستخدامهم دروعا بشرية.
ثالثا: شكّل معسكر (سديه تيمان) عنواناً بارزاً لجرائم التّعذيب، والجرائم الطبيّة المروعة بحقّ معتقلي غزة، إضافة إلى ما حملته روايات وشهادات معتقلين آخرين مفرج عنهم عن عمليات اغتصابات واعتداءات جنسية فيه، مع العلم أنّ هذا المعسكر ليس المكان الوحيد الذي يحتجز فيه معتقلو غزة، فالاحتلال وزّعهم على عدة سجون مركزية، ونفّذ بحقّهم عمليات تعذيب ممنهجة، توازي عمليات التعذيب في معسكر (سديه تيمان) ، منهم سجني (النقب وعوفر).
رابعا: أدت هذه الجرائم إلى استشهاد العشرات من المعتقلين، هذا عدا عن عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحق آخرين، علماً أنّ المؤسسات المختصة أعلنت فقط عن (24) شهيدا من معتقلي غزة، وهم من بين (41) معتقلاً وأسيراً اُستشهدوا منذ بدء حرب الإبادة، فيما يواصل الاحتلال إخفاء بقية أسماء معتقلين استشهدوا في المعسكرات والسّجون.
خامسا: يواصل الاحتلال منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم، كما الأسرى والمعتقلين كافة.
سادسا: آخر معطى صدر عن إدارة السجون بشأن معتقلي غزة، فيما يتعلق بعدد من صنفتهم بالمقاتلين غير الشرعيين، والبالغ عددهم استنادا لما أفصحت عنه حتى بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر (1618).
يشار إلى أنّ الاحتلال نفّذ مؤخرا حملات اعتقال واسعة في شمال غزة طالت المئات، علماً أن حملات الاعتقال هذه طالت العشرات من الطواقم الطبيّة، وحتى اليوم لا تتوفر معلومات عن مصير من تم اعتقالهم مؤخرا وما زالوا رهن الإخفاء القسري.
وكشفت الهيئة والنادي عن أسماء عدد من المعتقلين المحتجزين في معسكر (عوفر)، استنادا لما ذكره المعتقلين الذين تمت زيارتهم.