على هامش زيارته إلى العاصمة المصرية القاهرة على رأس وفد من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك لاستقبال الأسرى المحررين، التقت بوابة الهدف الإخبارية مع نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق جميل مزهر، حيث عبّر في تصريح خاص للبوابة عن شعوره بالفخر والاعتزاز العميق في استقبال الأسرى المحررين في القاهرة بعد تنفيذ الصفقة الثانية لعملية تبادل الأسرى، قائلاً: استقبلنا أبطالاً لم ينكسروا، وصنّاع ملحمة الصمود الذين حوّلوا خلاها زنازين القهر إلى قلاع مقاومة ومدارس ثورية خرجت أبطال ومقاومين.
هؤلاء الأسرى الأبطال الذين قضوا زهرة شبابهم في السجون جعلوا من كل لحظة أمضوها خلف القضبان ساحة مواجهة خطّوا فيها ملاحم أسطورية ستبقى خالدة؛ انتصر خلالها الكف على المخرز.
لذلك مشهد الاستقبال كان مزيجاً من الفرح بتحرر هؤلاء الأبطال، والحزن أيضاً على فراقهم لرفاقهم الذين ما زالوا يقاتلون بصبرهم خلف الأسلاك، والألم على سنوات الأسر التي سرقها الاحتلال من أعمارهم، لكنها لم تسرق إرادتهم. هذا يوم من أيام فلسطين الخالدة الذي ترتفع فيه رايات الحرية عالياً وخفاقة، يوم نؤكد فيه أن الحرية لا تُوهب بل تُنتزع، وأن القيد الذي انكسر اليوم جاء تضحيات جسام قَدمّها شعبنا وهو ليس إلا خطوة في طريق كسر كل القيود حتى تحرير آخر أسير، وتحرير فلسطين كاملة، من بحرها إلى نهرها.
وأشار مزهر إلى أن فصائل المقاومة تضع الأسرى المحررين في صدارة أولوياتها، إدراكاً منها لحجم التضحيات التي قدّموها. لذلك، ستتخذ خطوات عاجلة لضمان إعادة دمجهم في المجتمع الفلسطيني واستعادة حياتهم الطبيعية قدر الإمكان، وأبرزها الاحتضان الكامل وتوفير الدعم الشامل لهم، سواء على المستوى المعيشي أو الاقتصادي لضمان حياة كريمة لهم ولعائلاتهم، بالإضافة إلى إعادة تأهيلهم مهنئاً وأكاديمياً وفقاً لاحتياجاتهم ورغباتهم.
كما ستعمل فصائل المقاومة على تسهيل اندماجهم الاجتماعي، وتوفير بيئة داعمة تضمن لهم الاستقرار الأسري والنفسي. وبالتعاون مع الأشقاء والمؤسسات الصديقة لشعبنا سيحظون برعاية طبية وتأهيل نفسي يساعدهم على التعامل مع آثار الأسر والحرمان الطويل.
وباعتبارهم جزءاً أصيلاً من النضال الوطني سيتم دمجهم في المشهد الفلسطيني ليواصلوا دورهم الوحدوي والنضالي. كما أن فصائل المقاومة ستواصل النضال بلا هوادة من أجل عودتهم إلى أرضهم وديارهم وبين أبناء شعبهم؛ فهناك التزام وطني وأخلاقي تجاههم، وهم لن يُترَكوا وحدهم أبدًا، بل ستُوضَع خطط وبرامج مستدامة لضمان اندماجهم الكامل، ليكونوا جزءاً لا يتجزأ من المشهد الوطني والمقاومة المستمرة، وجهود استعادة الوحدة.
وشدّد مزهر على أن الأسرى المبعدين المحررين، هم جزء لا يتجزأ من النضال الوطني الفلسطيني، ولن يكون مصيرهم إلا ما تقتضيه مصلحتهم وراحتهم وأمنهم، وفصائل المقاومة التي انتزعت حريتهم من سجون العدو ملتزمة بضمان أمنهم واستقرارهم في أماكن إقامتهم المؤقتة، إلى حين عودتهم الحتمية إلى الوطن. وهناك تحركات جدية واتصالات مكثفة مع عدد من الدول العربية والإقليمية التي أبدت استعدادها لاستقبالهم وتوفير الظروف الملائمة لهم.
كذلك وجه الرفيق مزهر تحية للأسرى المحررين وأسرهم في هذا اليوم الذي انتزعوا فيه حريتهم من بين أنياب السجان، وتوجّه إليهم بتحيةً تليق بصمودهم وصبرهم، مشيراً إلى أنهم لم يخرجوا من الأسر ليستريحوا، بل ليعودوا إلى قلب المواجهة، أكثر صلابةً وعزيمة، يحملون على أكتافهم مسؤولية الاستمرار في مسيرة الثورة حتى التحرير الكامل.
وأضاف: حريتكم ليست منحة، بل انتصار انتزعتموه بصبركم وصلابتكم وثباتكم، وهي محطة في معركة لم ولن تنتهي إلا بزوال الاحتلال عن كل شبر من أرضنا. أما أنتم، أسر الشهداء الأحياء، الذين حملتم وجع الفراق وواجهتم انتقام المحتل، فأنتم شركاء في هذا النصر، وصبركم كان جسراً للحرية.
أيها الأحرار، السجون لم تكسر إرادتكم، بل صهرتكم في نارها لتخرجوا أكثر بأساً، وأكثر إيماناً بأن الحرية الحقيقية لا تُستكمل إلا بالتحرير الشامل والعودة الحتمية. من زنازين العزل إلى ساحات المعركة، ستبقون طليعة المواجهة، ورأس الحربة في معركة الكرامة، حتى يندحر الاحتلال أو نموت ونحن نقاتله.
وتوجه الرفيق مزهر بتحية فخر واعتزاز إلى جميع الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال وخص بالذكر القادة الأبطال الرفيق القائد أحمد سعدات والقادة مروان البرغوثي وحسن سلامة وبسام السعدي ووجدي جودة وباسل الخندقجي وعاهد ابو علمى وكميل ابو حنيش وكوكبة من مناضلي ومقاومي شعبنا داخل قلاع الأسر.
وفي ختام حديثه وجه مزهر رسالة إلى المجتمع الدولي هي أن قضية الأسرى لم تكن ملفاً إنسانياً فحسب، بل هي قضية سياسية بامتياز وهي أحد عناوين الصراع مع الاحتلال.
مضيفاً أنه على المجتمع الدولي أن يعيد آلية التعامل مع هذه القضية الحساسة والمركزية لشعبنا، والتخلص من سياسة الإهمال والتقصير وحتى التواطؤ. خصوصاً وأن ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني يندرج في إطار جرائم الحرب والإرهاب المنظم التي يمارسها الكيان بغطاءٍ من المجتمع الدولي. فما يتعرض له الأسرى من تعذيب وعزل وتنكيل وإهمال طبي وحتى إعدام الأسرى بدمٍ بارد هو انتهاك صارخ للقانون الدولي. وإن صمت المجتمع الدولي يجعل منه شريكاً في هذه الجرائم، مما يعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع حقوق الإنسان. إن الأسرى هم طليعة شعبنا ومقاومته الباسلة، وإن اعتقالهم لن يكسر إرادة الشعب بل سيؤجج الغضب والنضال. والمطلوب دولياً استخدام كل وسائل الضغط من أجل وقف جرائم الاحتلال داخل السجون من أهمها سياسة الاعتقال الإداري، والإهمال الطبي وسياسة العزل، والعمل على محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم خاصة عناصر إدارة السجون، وضمان حقوق الأسرى، وبذل الجهود من أجل كشف مصير مئات الأسرى الذين أعتقلوا بعد تاريخ السابع من أكتوبر دون معرفة مصيرهم وهناك العشرات منهم استشهدوا نتيجة التعذيب.
وأكد مزهر أن حرية الأسرى مسؤولية وطنية ودولية، والصمت عن معاناتهم تواطؤ مع المحتل. وعلى العالم أن يقرر: إما دعم العدالة أو التواطؤ مع سياسات القمع والتنكيل وحتى إعدام الأسرى.