Menu

حوار الهدف مع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي المغربي جمال براجع

جمال براجع للهدف "الشعب المغربي وقواه الديمقراطية والثورية يعتبرون القضية الفلسطينية قضية وطنية"

محمد أبو شريفة

جمال براجع

حزب النهج الديمقراطي العمالي (النهج الديمقراطي سابقا) هو حزب سياسي مغربي يساري معارض، تأسس في العام 1995 على أيدي مجموعة من المناضلين المنتمين للمنظمة الماركسية – ال لينين ية المغربية "إلى الأمام" والمتعاطفين معها، ويشكل استمرارا لها على المستوى السياسي والفكري. ويتبنى النهج الديمقراطي العمالي الماركسية-اللينينية. ومن أبرز أهدافه المساهمة في إنجاز مهام التحرر الوطني والديمقراطية وبناء الاشتراكية كنظام يقضي على الرأسمالية واستغلال الإنسان للإنسان. وكان من أبرز المكونات السياسية في حركة 20 فبراير 2011 ومختلف الحراكات الشعبية.

وفي المؤتمر الوطني الخامس للحزب الذي انعقد في الرباط في يوليو 2022 أعلن عن تأسيس حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين وغير اسمه إلى حزب "النهج الديمقراطي العمالي" معبرا عن طموح الطليعة العمالية في تصدر معركة التغيير الوطني الديمقراطي الشعبي. وقد تسلم على إثره جمال براجع مشعل قيادة "حزب النهج الديمقراطي العمالي" وهو ثالث أمين عام للنهج بعد عبد الله الحريف والمصطفى براهمة.

وأجرت مجلة الهدف حوارا معه تطرق فيه إلى موقف الشعب المغربي من التصدي لدعوات التطبيع، كما أوضح رؤية النهج الديمقراطي حول المستجدات الحاصلة بعد السابع من أكتوبر 2023 على الساحة الفلسطينية والإقليمية والعالمية.

أجرى الحوار: محمد أبو شريفة

 

1- كيف تقرؤون مسارات القضية الفلسطينية على ضوء التطورات المستجدة في العالم والمنطقة؟

عملت القوى الإمبريالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار مخططها الاستعماري "الشرق الأوسط الجديد" وملحقاته من "صفقة القرن" واتفاقات "أبرهام" على تصفية القضية الفلسطينية بتهجير الشعب الفلسطيني وإزاحة القضية من جدول الأعمال على الصعيد العالمي كقضية تحرر وطني وتحويلها إلى مجرد قضية "إنسانية" للاجئين يحتاجون إلى المساعدة والعناية والإدماج في بلدان اللجوء. وفي المقابل يتم إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة وتشكيل "حلف عربي-إسرائيلي" تحت قيادة الكيان لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة بعد تعميم التطبيع على باقي الأنظمة وأساساً السعودية. كل ذلك بهدف نقل مركز الثقل العسكري الأمريكي إلى الشرق الأقصى للتفرغ لمحاصرة الصين التي تشكل العدو الرئيسي للولايات المتحدة التي بدأت تفقد الريادة على الصعيد العالمي في ظل التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم نحو التعددية القطبية. إلا أن الرياح تجري أحياناً بما لا تشتهيه السفن كما يقال.

 فالمقاومة الفلسطينية الموحدة بتفجيرها لملحمة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 قد أحبطت هذا المخطط، وفرضت معادلة جديدة للصراع في منطقة الشرق الأوسط ضد التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي بتأكيدها على أن القضية الفلسطينية عصية على التصفية ما دام هناك شعب مقاوم مؤمن ومتشبث بأرضه ومستعد للتضحية بالغالي والنفيس من أجلها، وأنه لا سلام ولا أمن في المنطقة، بل وفي العالم، بدون حل قضيته حلاً عادلاً ودائماً يضمن له حقه الشرعي في تقرير مصيره وتحرير بلاده من الوجود الصهيوني.

إن طوفان الأقصى قد أعاد القضية الفلسطينية إلى مكانها الطبيعي في مقدمة القضايا الدولية، وفضح هشاشة وضعف الكيان الصهيوني، وأثبت بوضوح أن هذا الكيان لن يستطيع الاستمرار في الوجود، ولو ليوم واحد، بدون دعم الدول الإمبريالية. كما عرى نفاق هذه الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وفضح حقيقتها كدول راعية للإرهاب والإجرام الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، ومشاركة في حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها، وأن ادعاءاتها بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية مجرد ادعاءات كاذبة وزائفة للتغطية على حقيقتها الاستعمارية العنصرية. كما عرى مدى تخاذل وخيانة وتواطؤ الأنظمة العربية الرجعية، وخصوصاً المطبعة مع الكيان، وعجز وصمت المنتظم الدولي وعلى رأسه هيئة الأمم المتحدة. وفي نفس الآن أيقظ الضمير الشعبي العالمي الذي هب لنصرة الشعب الفلسطيني ضد حرب الإبادة، وبشكل غير مسبوق، وخصوصاً وسط شعوب الدول الإمبريالية. دون نسيان الدور الكبير الذي لعبته بعض الدول الوطنية، وعلى رأسها جمهورية جنوب أفريقيا، التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني وجرت قادة الكيان، لأول مرة، إلى المحكمة الجنائية الدولية رغم كل الضغوطات والترهيب الذي تعرضت لها.

إن هذا المسار الذي فتحته المقاومة الفلسطينية وما حققته من مكاسب هامة في مواجهة حرب الإبادة، بفضل وحدتها وصمودها الأسطوري والتفاف الشعب الفلسطيني حولها، وإسناد قوى محور المقاومة في لبنان و اليمن والعراق وسوريا وإيران، قد فرض على العدو توقيع اتفاق وقف إطلاق النار من دون تحقيق أهدافه في القضاء على المقاومة واسترجاع الأسرى وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وهو ما يعد هزيمة إستراتيجية للعدو الصهيوني وانتصاراً تاريخياً للمقاومة.

في رأيي يجب تعزيز هذا المسار بمزيد من الصمود والوحدة الوطنية على الصعيد الداخلي واستثمار المكتسبات المحققة على الصعيد العالمي بما يقوي ويرسخ القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني لشعب مستعمر ومهجر من أرضه، وبما يعمق عزلة الكيان الصهيوني، وداعميه الإمبرياليين، ككيان استعماري عنصري يجب التحرر منه ليس فقط لصالح الشعب الفلسطيني بل للبشرية جمعاء. وأعتقد أن التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم، والتي من معالمها التعددية القطبية التي ستكون في مصلحة الشعوب ومنها الشعب الفلسطيني، إذا ما تم استثمارها بالشكل الأفضل من طرف حركة التحرر الوطني الفلسطيني وكل القوى التحررية والثورية المساندة لها.

2- بعد أكثر من 471 يوماً من حرب الإبادة البشرية على قطاع غزة، استطاعت المقاومة فرض شروطها على العدو الصهيوني ضمن إبرام صفقة على عدة مراحل تشمل وقف العدوان وتبادل الأسرى. كيف ترى مآلات هذا الاتفاق؟

كما قلت سابقاً، لقد هزمت المقاومة العدو الصهيوني المدعوم من طرف القوى الإمبريالية، وأنهكت جيشه واقتصاده ومجتمعه الذي انفجرت وسطه التناقضات بشكل غير مسبوق، وفرضت عليه توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بشروطها من دون تحقيق أهدافه من حرب الإبادة الجماعية. وحتى الإمبريالية الأمريكية أدركت عجزه وتدخلت لإنقاذه وإخراجه من المستنقع الذي أغرق نفسه فيه. لكن هذا الاتفاق، الذي سيتم عبر مراحل، يبقى هشاً ويحمل في طياته عناصر نسفه من طرف الكيان الذي سيحاول البحث عن مبررات لاستمرار الحرب بغية تحويل الهزيمة إلى نصر وخصوصاً مع صعود "ترامب" للرئاسة الأمريكية وتصريحاته بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى، والتي تندرج ضمن مؤامرة "صفقة القرن"، وتمكين الكيان من مزيد من الأسلحة الفتاكة بما فيها القنابل الضخمة، وانعكاسات التحولات في المنطقة بعد سقوط النظام في سوريا على محور المقاومة وخاصة في لبنان وفلسطين. بالإضافة إلى ما يتردد من وجود مخطط لفرض إدارة مصرية على القطاع لسحب البساط من المقاومة والقضاء عليها بتجريدها من السلاح كبديل لتهجير الفلسطينيين نحو سيناء والذي سيهز أركان النظام المصري في حالة تطبيقه.

لكني أعتقد أن صمود الشعب الفلسطيني ووحدة قواه الوطنية ومقاومته، وقدرة هذه الأخيرة على استثمار المكتسبات المحققة، واستمرار هبات الشعوب عبر العالم وفي منطقتنا لدعم الشعب الفلسطيني، وفعالية إسناد القوى الوطنية التحررية والثورية في المنطقة والعالم للمقاومة وللقضية الفلسطينية، كل ذلك قادر على إجبار العدو على الالتزام باحترام الاتفاق بجميع مراحله ووقف الحرب بشكل نهائي والدخول في مرحلة إعادة الإعمار تحت الإشراف الفلسطيني بعيداً عن الأجندات الأجنبية.

3- تواجه المنطقة مخاطر وتحديات جسيمة تتمركز في بعض دول الطوق بحيث تتقاطع مع توجهات دولية تتسم بتصاعد الصراع، كيف تقيمون هذه المخاطر وتداعياتها على عموم المنطقة؟

لقد شكلت منطقة الشرق الأوسط، تاريخياً، ساحة صراع مصالح وأطماع بين الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بحكم ثرواتها الطاقية والمعدنية الهائلة والمتنوعة وموقعها الإستراتيجي. مما يجعل هذه الدول، وأساساً الولايات المتحدة، تحرص على فرض استمرار هيمنتها على المنطقة بكل الوسائل من تدخلات عسكرية وإثارة الصراعات الطائفية والمذهبية وزرع الحركات الإرهابية لتفتيت وتمزيق الدول وإضعافها وحصار الدول الوطنية في المنطقة كسوريا وإيران بسبب الدفاع عن قرارها الوطني المستقل واصطفافها ودعمها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية. في مقابل ذلك تقوم بتسليح ودعم أداتها وقاعدتها الأمامية في المنطقة أي الكيان الصهيوني بكافة وسائل التفوق العسكري والاقتصادي والتكنولوجي.

وقد ازدادت الغطرسة الإمبريالية الأمريكية مع إدراكها المخاطر التي أصبحت تهدد مصالحها وهيمنتها على المنطقة من جراء الاختراقات الاقتصادية والسياسية والديبلوماسية للقوى الصاعدة في المنطقة وفي مقدمتها الصين في سياق التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم، وفي ظل الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعرفها المنظومة الرأسمالية الغربية وما تثيره من تناقضات وسطها والتي ستجعلها أكثر شراسة وعنفاً خاصة مع صعود الحركات اليمينية الفاشية للسلطة كما هو الشأن في الولايات المتحدة.

إن مواجهة الغطرسة الإمبريالية الصهيونية تفرض على القوى الوطنية والديمقراطية والثورية العمل على توحيد صفوفها وتنسيق جهودها وتوحيد شعوبها وتنظيمها لخوض الصراع لتحقيق مهام التحرر الوطني والديمقراطية، ودعم مقاومة شعوب المنطقة وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية من أجل تحرير واستقلال فلسطين.

4- تزداد التكهنات والتوقعات حول "اليوم التالي" لطوفان الأقصى.. البعض يرجح اندلاع حرب إقليمية واسعة، والبعض الآخر يرى إمكانية الالتزام باتفاقية إعلان وقف إطلاق النار.. كيف تفسر ذلك؟

في اعتقادي من الصعب الحديث الآن عن اندلاع حرب إقليمية واسعة وخاصة بعد الضربات التي تعرض لها محور المقاومة في سوريا ولبنان وما أحدثته من تحولات على مستوى الحكم في سوريا ولبنان، والإنهاك العسكري والاقتصادي والنفسي المجتمعي غير المسبوق الذي تعرض له الكيان الصهيوني والذي أثبت أن هذا الكيان الذي لم يستطع الصمود أمام المقاومة لفترة عام ونصف لا يمكنه الصمود في حرب أطول وأوسع. هذا بالإضافة إلى أن التدخل العسكري الأمريكي المباشر ليس من أولويات الرئيس الأمريكي ترامب الذي يركز، ضمن سياسته البراغماتية، على معالجة الأزمة الاقتصادية والمجتمعية العميقة لبلاده والتخفيف من الوجود العسكري الأمريكي في الخارج والتركيز على الابتزاز والحرب الاقتصادية ضد الدول المنافسة بالدرجة الأولى دون استبعاد التدخل العسكري في نهاية المطاف.

وفي هذا السياق يأتي قرار ترامب فتح المفاوضات مع روسيا لوقف الحرب في أوكرانيا وابتزازه لهذه الأخيرة بالحصول على نصف معادنها النادرة، وأيضاً ابتزازه لحلفائه الأوروبيين بالرفع من نسبة مساهمتهم في الميزانية العسكرية لحلف الناتو، وتصريحاته الاستعراضية حول تهجير فلسطينيي غزة إلى مصر والأردن في إطار ابتزاز حكام هذين البلدين لتوريطهما أكثر في تصفية القضية الفلسطينية، مما يرجح كفة استمرار وقف إطلاق النار مع استعمال العدو الصهيوني كل الحيل والتكتيكات لإفراغه من مضمونه وجعله قناة للقضاء على المقاومة عبر فرض إدارة غير فلسطينية ( دولية أو عربية) تكون من مهامها نزع سلاح المقاومة وتفكيك تنظيماتها وعزلها عن حاضنتها الشعبية وفتح المجال للهجرة الطوعية أمام الفلسطينيين. هذا بالإضافة إلى تصعيد حربه الوحشية على الضفة الغربية وترسيخ احتلاله لأجزاء من لبنان وسوريا.

5- يبدو أن الهيمنة الأميركية على المنطقة تأخذ أطواراً جديدة؟ ما مدى تحقق ذلك؟ وهل نحن مقبلون على عالم متعدد الأقطاب؟

كان اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية سنة 2008 إيذاناً بدخول العالم مرحلة جديدة تنهي مع النظام العالمي ذي القطب الواحد الذي تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي وتفتح الآفاق لتشكل عالم جديد متعدد الأقطاب بعد ظهور قوى دولية صاعدة تقودها الصين وروسيا والتي ستشكل لاحقاً مجموعة "بريكس". وقد رافقت هذا التحول صراعات ومنافسات قوية حول الأسواق ومناطق النفوذ في العالم من نتائجها تراجع هيمنة القوى الإمبريالية التقليدية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية في العديد من مناطق العالم وخصوصاً في أفريقيا وأمريكا اللاتينية لصالح القوى الصاعدة مما سمح للعديد من الدول من استرجاع سيادتها وقرارها الوطني المستقل.

إن اتجاه العالم نحو التعددية القطبية لا يسير طبعاً في اتجاه خطي تصاعدي، بل يخضع في سيرورته لتحولات ومؤثرات تزيد من تعقيده وخصوصاً المرتبطة بردود أفعال الدول الإمبريالية المهددة بهذا التحول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي لن تدخر جهداً من أجل استمرار هيمنتها بما في ذلك جر العالم للحروب.

إن الإمبريالية الأمريكية لن تتخلى بسهولة عن منطقة الشرق الأوسط. لأن فقدانها يعني التسريع الدراماتيكي لخسارة ريادتها للعالم الرأسمالي لصالح الصين كقوة عظمى صاعدة، لذلك فهي تعمل جاهدة على تكريس وجودها في المنطقة عبر تكريس تفوق أداتها الوظيفية أي الكيان الصهيوني وتكريس تحكمها في الأنظمة العربية الرجعية عبر مزيد من الإخضاع والترهيب والابتزاز والتهديد، ومنع إيران من امتلاك السلاح النووي لأن في ذلك تغييراً جذرياً لموازين القوة في المنطقة.

فمسار التاريخ قد يتعطل لكنه لا يتوقف. فهيمنة الإمبريالية الأمريكية الصهيونية على المنطقة لن تدوم إلى الأبد. فالشعوب وحركاتها الوطنية التحررية بدأت تنتفض ضد هذه الهيمنة. والمقاومة قد تجذرت عميقاً وأثبتت أنها قادرة على تغيير معادلات الصراع لصالح قضايا التحرر الوطني، ليس فقط على صعيد المنطقة بل على الصعيد العالمي. صحيح أن هناك نكسات مثل ما حدث في سوريا قد تؤثر على مجريات الصراع لكن النصر في النهاية سيكون لصالح الشعوب.

6- إن الموقف الأصيل للشعب المغربي هو دعم فلسطين ومناهضة التطبيع ، كيف تقيم دور النهج الديمقراطي العمالي وبقية الأحزاب الثورية المغربية في التصدي للدعوات إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي؟

يعتبر الشعب المغربي وقواه الديمقراطية والثورية القضية الفلسطينية قضية وطنية. فهي حاضرة في وجدانه وعقله ونضاله من أجل التحرر الوطني الديمقراطي. من هنا يأتي دعمه وإسناده للشعب الفلسطيني بكافة الوسائل والأشكال من أجل حقه في تقرير مصيره وعودة اللاجئين وبناء دولته الديمقراطية على كامل فلسطين وعاصمتها القدس بما في ذلك مشاركة وانضمام الكثير من الشباب المغربي لفصائل المقاومة الفلسطينية وخاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واستشهاد الكثير منهم في ساحات المعارك فداء لفلسطين.

وقد ازاد حضور القضية الفلسطينية في نضال الشعب المغربي وقواه المناضلة مع إقدام النظام المغربي على توقيع اتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني في 10 دجنبر 2020، والتي تعتبر خيانة ووصمة عار على جبين هذا النظام وطعنة غادرة للقضية الفلسطينية.

وقد لعب حزب النهج الديمقراطي العمالي، وقبله النهج الديمقراطي ومنظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية، التي تعتبر امتداداً فكرياً وسياسياً لها، دوراً أساسياً في دعم وإسناد كفاح الشعب الفلسطيني والتعريف بقضيته في جميع الأوساط العمالية والجماهيرية والطلابية... وفي مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني، سواء في مرحلته السرية أو الرسمية، بمختلف الأشكال والأنشطة السياسية والإشعاعية والنضالية الميدانية. كما ساهم في إنشاء الكثير من الآليات التنظيمية لدعم الشعب الفلسطيني، ومن أبرزها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع التي تم تأسيسها سنة 2021 من طرف 15 منظمة سياسية ونقابية وحقوقية.

فمنذ تأسيسها تقوم هذه الجبهة بدور كبير في تأطير نضالات الشعب المغربي الداعمة للقضية الفلسطينية والمناهضة للتطبيع من مسيرات ومظاهرات شعبية وندوات وأنشطة إشعاعية جماهيرية ومهنية وغيرها. وقد حافظت الجبهة على زخم الإسناد والدعم للقضية، بل وتصاعد هذا الزخم في جميع مناطق المغرب بعد انطلاق ملحمة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.

ورغم كل هذه النضالات والفعاليات فإن النظام المغربي لا زال متمادياً في سياسته التطبيعية ضداً على إرادة وموقف الشعب المغربي، بل أخذ يوسعها لتشمل مختلف الميادين السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية، مستفيداً من اختلال موازين القوى لصالحه، مما يشكل خطراً داهماً ليس فقط على القضية الفلسطينية، بل على مصالح ومستقبل الشعب المغربي وأمن وسيادة المغرب والأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية ككل.

انطلاقاً من إدراكها لهذا الخطر فإن الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بكل مكوناتها مصممة العزم على تصعيد النضال بكل الوسائل الممكنة لإسقاط التطبيع وحشد المزيد من الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.

7- ما هو تقديركم لدور القوى العربية التقدمية والديمقراطية وعموم القوى المناضلة في تصدر المشهد السياسي والاجتماعي العام وعلاقة هذه القوى مع حركات التضامن الأممية والعالمية التي ساندت غزة في وجه حرب الإبادة البشرية؟ وماهي رسالتكم إلى هذه القوى؟

من خلال متابعتي لتفاعل وردود الأفعال في الساحة العربية والمغاربية منذ طوفان الأقصى وما تلاها من حرب الإبادة الجماعية الصهيونية الإمبريالية لاحظت أن ردود الفعل لم تكن في المستوى المطلوب لتشكل الضغط المطلوب لفرض الإرادة الشعبية على الأنظمة الحاكمة حتى تتخذ مواقف صارمة ومؤثرة لوقف حرب الإبادة الصهيونية. كما لاحظت تفاوتاً كبيراً على مستوى التضامن والإسناد الميداني بين شعوب المنطقة. وهذا لا يعني أن الشعوب التي لم تخرج للشوارع، أو التي كان رد فعلها دون المستوى، لم تتأثر وتتأسى بهول الحرب الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، بل إن ظروف الاستبداد والقمع السياسي هي التي حالت دون ذلك، بالإضافة إلى ضعف القوى الديمقراطية والثورية.

في مقابل ذلك لاحظنا الهبة الشعبية المناصرة للشعب الفلسطيني في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا خصوصاً في أوساط الشباب والطلبة حيث تحولت الجامعات الأمريكية والأوروبية إلى منصات نضالية تضامنية بامتياز لم يشهد لها التاريخ مثيلاً منذ الحرب الإمبريالية في فيتنام.

إن هذا الواقع يفرض علينا كقوى وطنية وتقدمية وثورية في منطقتنا وعبر العالم تنسيق جهودنا وتوحيد نضالنا وتنظيم وتعبئة الشعوب والطبقات العاملة لمواجهة التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي. وهنا أتوجه للقوى الماركسية الثورية بأن تلعب دورها الأساسي في بناء الجبهة العالمية لمواجهة الإمبريالية وفي مقدمتها الأمريكية باعتبارها الأكثر شراسة وخطراً على البشرية ككل.