قال الأسير ثائر حنيني إنّه، في ظل الإبادة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، تُمارس أيضًا إبادة جماعية داخل سجون الاحتلال وزنازينه، وسط تعتيم إعلامي، حيث أعدم الاحتلال ما يقارب 65 أسيرًا نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد، والتعذيب، والضرب، والتجويع.
وجاءت تصريحات حنيني خلال مشاركته عبر الهاتف في فقرة "حكاية أسير" من برنامج بلا حدود الذي تبثه إذاعة صوت الشعب في لبنان، وتقدمه الصحفية شذى عبد العال، علمًا أن الاحتلال أعاد اعتقاله قبل أيام، بعد توقيفه على حاجز بيت دجن في نابلس.
وأوضح حنيني، الذي تحرر من الأسر في يونيو 2024 بعد 20 عامًا من الاعتقال، أنّ الاحتلال صعّد من أساليب التعذيب بحق الأسرى بعد السابع من أكتوبر، حيث تحوّل إلى ممارسة القتل المتعمّد والعنف اللامحدود، وهو ما ظهر في ملامح الأسرى الذي تم الإفراج عنهم، وحالاتهم الصحية، ونقلهم إلى المستشفيات.. وأضاف: "لا نعرف عدد الشهداء داخل السجون، ولا ما يخفيه الاحتلال من معلومات، بما في ذلك احتجاز جثامينهم".
وتحدث حنيني عن سياسة التجويع المتعمّد والإهمال الطبي، قائلًا: "الإهمال الطبي هو قتل بطيء، وهو جزء من سياسات الاحتلال، إلى جانب عدم توفير الطعام والرعاية الصحية، في ظل هذه الحياة المنظمة بقوانين قمعية، يُترك الجانب الطبي دون أي اعتبار، حيث يُهمل الأسرى المصابون بأمراض خطيرة ولا يُقدم لهم أي علاج أو دواء، هذا لا يُعد خرقًا للمعايير الطبية فقط، بل انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية الأساسية".
وأردف: "من خلال متابعتي مع المحامين، وخلال العدوان على غزة، عايشت أسوأ الممارسات، حيث يُقتل الأسرى بكل الطرق، من بينها الضرب حتى الموت، كنت شخصيًا تحت التعذيب في أحد أقسام سجن "نفحة"، حيث استُشهد أسير خلال تلك الفترة، وكذلك في أحد أقسام سجن "مجدو". اليوم، بات استهداف الأسرى مباشرًا، فالاحتلال لا يتخيّل أن هناك أسيرًا سيخرج حراً إلى خارج هذا العالم، فهو يمارس عليه جنونه حتى الموت".
وناشد حنيني المؤسسات الحقوقية والإنسانية متابعة أوضاع الأسرى، مؤكدًا أن المعلومات تصل بصعوبة بالغة، في الغالب من خلال الأسرى المفرج عنهم، لأن المحامين يُمنعون من نقل أي خبر أو معلومة، وتُعلّق الزيارات فور تداول أي تفاصيل.
وأشار إلى أنّ الأسرى لا يعلمون شيئًا عن تفاصيل ما يجري خارج السجون، ولا تصلهم أي أخبار عن الحرب، مضيفًا: "بلغنا مرحلة لا نرى فيها بعضنا البعض، كل أسير محتجز في زنزانة منفردة، نفتقد الحياة الإنسانية وسط البرد القارس والحرّ الشديد".
كما قال حنيني إنّ عدد السنوات خلف القضبان يميز الأسير بحجم المعرفة والوعي والإرادة القوية، رغم الظروف الصعبة والقاسية التي يمر بها، ومحاولات الاحتلال المستمرة لكسر روح الأسير الفلسطيني، إلا أنّ الأسير يظل مؤمنًا في النهاية بحريته.
وفيما يخص روايته "تحيا حين تفنى"، تحدث حنيني عن تحويل السجون إلى أكاديميات ومدارس، وأماكن للإنتاج الأدبي والفني، قائلاً: "نحن نرتب حياتنا داخل السجن بتعريفنا له، من فوضى الجدران والأسلاك إلى مكان نابض بالأمل، فنحول السجن إلى مساحة للجاهزية والمعرفة والوعي، وليس مجرد استراحة محارب كما يُقال".
وأوضح أن الكتابة داخل السجن كانت سلاحًا ضد النسيان، لقتل الفراغ، وللتغلب على الوقت، ولتمحي قبح السجان، معتبرًا أنها فعل ثوري في مواجهة سياسة التنكيل التي تطارد الأقلام والكتب والذاكرة والتاريخ. وأضاف: "من خلال كتاباتنا، نؤكد للعالم أننا هنا، نمتلك مقومات الكتاب والباحثين، وعقولنا ناضجة كما رأينا في الشهيد القائد وليد دقة، وباسم خندقجي، وكميل أبو حنيش، وغيرهم ممن أثبتوا جدارتهم في الكتابة والبحث، رغم قسوة السجان".
وأكد أن روايته "تحيا حين تفنى" هي وفاء لرفاقه الذين قدموا أرواحهم على مذبحة الحرية، وأنّ من استُشهدوا كان لهم طموحات وأحلام. وقال: "وفاءً لشهدائنا، نسير على طريقهم، ونتبعهم".
وختم حديثه بالقول: "من مات واقفًا لا يحتاج إلى قبر، بل إلى كتاب ورسالة، نحن بحاجة إلى العلم والوعي كي ننتصر على الجهل والاحتلال، وأن نصون وصايا من استشهد.