أتينا من الموت
أتينا من الموت ....
مِنْ ظِلِّ زيتونةٍ لا تَمُوت
مِنَ القمحِ إذْ يَنحني للرياحِ... ولا ينكسر!
كَبِرْنَا على حَدِّ سَيْفِ القَضِيَّة
حَفَرْنَا على لَحْمِنَا نَبْضَ هَذِي البِلاد،
وكُنَّا نُرَتِّقُ أثوابَ أُمٍّ تُخَبِّئُ في جَيبِها خُبزَنا والمَدَى...
لنا ما يُجَفِّفُ حُلْمَ الطُّغَاة...
لنا شَجَرٌ لا يُساوِم ...
لنا نَجْمَةٌ لا تُطِيعُ السِّيَاج...
ونَكْبرُ،
سوف نظلُّ...
ونَمْشِي إلى الغَدِ... لا نَنْحَني!
أتينا مِنَ الريح
مِنْ وَجَعِ الأرض
مِنْ لونِ جُرْحٍ تَسَلَّقَ أسوارَ كل اللَّيَالِي
مِنَ الكَفِّ إذْ تَكْسِرُ القَيْدَ... أَوْ تَكْسِرُ العَابِرِينَ!
هُنَا... نَحْفرُ الأُفُقَ المُسْتَحِيل
نُرَتِّبُ ظِلَّ الخُطَاة ونَبْنِي لَهُمْ مَدْخَلاً لِلصَّبَاح
ونَكْتُبُ فِي رَمْلِ هَذِي البِلادِ بَقَايَا الأُسَاطِير
كَيْ لا يَفِرَّ اليَقِين!
******
لِمَنْ تَتْرُكُونَ الأَغَانِي تُهَجِّرُ أَسْمَاءَهَا فِي جُنُوحِ السَّفِين؟!
هُنَا سَوْفَ نَبْقَى سَنَكْسِرُ وَجْهَ السِّيَاج
وَنَشْرَبُ هَذَا المَدَى دُونَ خَوْف
وَنَصْعَدُ... نَصْعَد... نَصْعَدُ حَتَّى تذُوبَ الحُدُود
وَيَرْكَعَ هَذَا الزَّمَانُ الثَّقِيل!
*******
مِنْ صَوْتِ أُمٍّ تُنَادِي غِيَابَ الَّذِينَ مضوا...
مِنَ الدَّمْعِ يَسْقُطُ حَتَّى يُفَجِّرَ وَادِي العَصَافِير
مِنْ وَجَعِ الأَنْبِيَاءِ إِذَا عُلّقوا فِي المَذَابِحِ دُونَ كِتَاب!
نُحَاصِرُ هَذَا الرَّصِيفَ الَّذِي يَتَحَدَّثُ فِي اللَّيْل
نُشَاكِسُ هَذِة المَدِينَة
نَرْفَعُ صَوْتاً يُشَكِّلُ جِسْراً إِلَى زَمَنٍ قَادِمٍ... وَنَقُولُ:
أَيْنَ كُنْتُمْ؟!
أَيْنَ كُنْتُمُ حِينَ انْفَجَرْنَا كَزيتونة
وطَعَنَّا سَحَابَ السُّيُوف
رَشَشْنَا تَوارِيخَنَا فِي الجِرَارِ كَمَاءِ الجَنِين؟!
******
فِي قَامَةِ القَادِمِينَ هُنَا سَوْفَ نَزْرَعُ وَجْهاً يُكَلِّمُنَا فِي الضَّيَاع
وَيَرْفَعُنَا فِي السَّمَاءِ شُمُوساً تُعَلِّمُ أَشْلَاءَنَا كَيْفَ تُوقَدُ للمُشْتَهَى
دُونَ أَنْ نَسْتَكِين!
ومنذُ فُتاتِ القِدَم
نحنُ نهْرٌ جَرَى يَحْتَسِي الغَيْمَ
لا ينكسر...
نحْنُ صوتُ المَدَى...
صرخةُ العابرين!