Menu

المركز الفلسطيني: إعلان "إسرائيل" السماح بدخول المساعدات إلى غزة خداع جديد للمجتمع الدولي وإمعان في جريمة التجويع

الهدف الإخبارية ـ قطاع غزة

حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من محاولة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تضليل العالم، عبر إعلانها السماح باستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك بعد شهرين ونصف من إغلاق المعابر بشكل كلي، ومنع دخول المواد الإغاثية بكافة أشكالها.

وأكد المركز في بيانٍ له، اليوم الخميس، أنّ هذا الإعلان لا يؤشر بأي حال من الأحوال إلى نية الاحتلال تقديم استجابة حقيقية لمواجهة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في غزة، وإنما يمثل محاولة خداع مفضوحة لأنسنة صورته أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي. 

وأشار المركز إلى أنّ الاحتلال سمح بوصول بضعة عشرات من الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والأدوية عبر معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة، وهي كميات لا تكفي لتغطية الحد الأدنى من احتياجات جزء ضئيل من السكان، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة يومياً من المساعدات والإمدادات الإنسانية لتلبية احتياجاته الأساسية، وذلك بحسب وكالات الأمم المتحدة. ورغم زعم سلطات الاحتلال إدخال  الشاحنات المحملة بالمساعدات، فإن المؤشرات الفعلية على الأرض تؤكد أن المنظمات الإنسانية تمكنت فقط من إدخال حوالي 90 شاحنة إلى داخل قطاع غزة خلال الأيام الماضية2، فيما تزال مئات آلاف الأطنان من المساعدات والإمدادات بما فيها الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية عالقة على الجانب الآخر من المعابر، نتيجة لعرقلة الاحتلال إدخالها، والتحديات اللوجستية التي تواجه المنظمات الإغاثية في إيصال المساعدات إلى المستودعات داخل غزة.

وأكد المركز زيف ادعاءات الاحتلال، مشيرًا إلى أنه ما يزال يصر على توظيف المعاناة الانسانية للفلسطينيين خدمةً لأهدافه العسكرية والسياسية، وفي مقدمتها التغطية على جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها بحق أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، تحت وطأة الحصار والتجويع والقتل والتهجير القسري، وما يرافق ذلك من دمار واسع للبنى التحتية ومقومات الحياة الأساسية، وهو ما أثبتته تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن إدخال المساعدات يأتي في إطار “الحاجة العملياتية لتوسيع القتال في قطاع غزة”، ليعد بمثابة اعتراف لا لبس فيه بتوظيف الغذاء والدواء كسلاح حرب وورقة للضغط والابتزاز في سياق جريمة التجويع الممنهج بحق السكان الفلسطينيين، وانتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي، لا سيما المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحرّم استخدام الإغاثة كوسيلة من وسائل الحرب، وتلزم إسرائيل باعتبارها قوة قائمة بالاحتلال بضمان وصول الغذاء الإمدادات الضرورية لبقاء السكان على قيد الحياة بشكل كاف ودون قيد أو شرط.

كما لفت المركز إلى أنّ الاحتلال سمح بإدخال هذه الكميات المحدودة من المساعدات إلى غزة مؤقتًا، إلى حين بدء تنفيذ الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات، حيث سيتم توزيع المساعدات عبر شركات خاصة في مناطق محددة وعلى رأسها رفح، وبإشراف من الاحتلال الاسرائيلي وهو ما يعتبر محاولة مدروسة من الاحتلال لإدارة عملية التجويع، واستخدام المساعدات الإنسانية كأداة للضغط على الفلسطينيين ودفعهم نحو تلك المناطق، تمهيدًا لتحويل شمال ووسط القطاع إلى مناطق مفرغة من السكان.

وأضاف: في الوقت ذاته، تكثف القوات الإسرائيلية المحتلة من وتيرة هجماتها الحربية بشكل غير مسبوق في الأيام الماضية، حيث اتسعت رقعة أوامر الإخلاء القسري لتشمل مساحات كبيرة من مناطق شمال وجنوب قطاع غزة، وسط التهديد بشن هجوم عسكري واسع النطاق، تمهيدًا لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بأكمله. ويواجه الفلسطينيون ظروفًا مأساوية، تتفاقم بشكل خطير منذ أكثر من 10 أسابيع، في ظل استمرار إغلاق المعابر بشكل كامل، ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس 2025. وقد وثقت فرق المركز الميدانية تصعيد القوات المحتلة عمليات الاستهداف المتعمد لما تبقى من البنى التحتية الأساسية، بما في ذلك استهداف المستشفيات والمراكز الصحية، وقصف التكايا ومراكز تقديم وجبات الطعام، ونقاط توزيع المساعدات الإنسانية، مما يشير بوضوح إلى استراتيجية الاحتلال الرامية إلى تفكيك أي أنوية ومنشآت إغاثية متبقية، وترك السكان في مواجهة الموت البطيء دون أي مساعدة.

وأكد المركز أن استمرار الاحتلال في عرقلة دخول المساعدات الإنسانية وعسكرتها، يشكل مخالفة فاضحة للتدابير العاجلة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتي تنص على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات الفعالة لمنع الإبادة الجماعية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق وبإشراف أممي بعيدًا عن أي تدخل سياسي أو عسكري.

كما شدد المركز على أن جريمة الاحتلال بتجويع وحرمان الفلسطينيين من الغذاء والإمدادات الأساسية، لا تمثل انتهاكًا لاتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها فحسب، بل يرقي دونما شك إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفق المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تجرم تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وعرقلة الإمدادات الإنسانية عمدًا، كما أن إخضاع المدنيين لظروف معيشية تؤدي إلى فنائهم، يمثل أحد أركان جريمة الإبادة الجماعية كما ورد في المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام1948.

وجدد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان مطالبته للمجتمع الدولي، بضرورة التحرك بشكل فوري وعاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية الوحشية الجارية ضد الفلسطينيين، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي، واتخاذ إجراءات صارمة من أجل فرض دخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وغير مشروط إلى كافة أنحاء قطاع غزة، ورفع الحصار غير القانوني عن غزة فورًا وبشكل دائم، وتوفير الحماية الكاملة للطواقم الإنسانية والإغاثية، وتمكين المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة من الإشراف على عملية توزيع المساعدات وضمان حيادها.

وفي ختام بيانه، دعا المركز الدول الداعمة لفلسطين، بالتحرك العاجل لطلب توسيع نطاق التدابير الطارئة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، ردًا على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وتوثيق الخرق المتواصل لها من قبل الاحتلال الاسرائيلي، والضغط لفرض آلية رقابة أممية دائمة على دخول وتوزيع المساعدات بموجب صلاحيات المحكمة، بعيدًا عن سيطرة الاحتلال، كما طالب الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية بوضع حد لنهج الافلات من العقاب، والامتثال لواجباتها القانونية في ملاحقة ومحاسبة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال، والتي صدرت بحقهم مذكرات توقيف واعتقال، وتقديمهم إلى العدالة الدولية أينما وجدوا، وفرض عقوبات دولية سياسية واقتصادية وعسكرية على دولة الاحتلال.