طالبت عدة مؤسسات ومراكز حقوقية في قطاع غزّة، إلى ضرورة وقف السلطات الحاكمة التابعة لحركة "حماس"، تنفيذ أحكام الإعدام بحقّ المدانين في القتل، والتي تعتبرها مخالفةً للقانون.
وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان أنّه "ينظر بخطورة بالغة لإمكانية تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق مدانين في قطاع غزة دون مصادقة الرئيس وفقاً لمحددات القانون".
كما اعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أنّ تنفيذ أحكام الإعدام في قطاع غزّة،دون مصادقة الرئيس الفلسطيني عليها يعتبر "قتلًا خارج إطار القانون".
وكانت كتلة حماس البرلمانية قد أعلنت، الأربعاء، عن إقرار المجلس التشريعي اعتبار أحكام الإعدام القضائية الصادرة وفقاً لمعايير المحاكمة العادلة والتي استنفذت طرق الطعن كافة، "واجبة النفاذ".
اعتبر مركز الميزان هذا القرار اذا ما تم تنفيذه يشكل سابقة خطيرة واعتداء سافر على الحقوق والحريات في قطاع غزة وانتهاك للأسس الدستورية لاسيما المادة (109) من القانون الأساسي الفلسطيني التي تنص على أنه” لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أيّة محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية”.
وأضاف المركز أنّ "هذا الضمان والصلاحية الممنوحة فقط للرئيس، ونظراً لأهميتها ووجوب تنفيذها أعيد التأكيد عليها في قانون الإجراءات الجزائية المادة (409) والتي تنص على أنه “لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه”.
وأضاف أنّ هناك مخالفة واضحة لنص المادة (418) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001، ارتفعت أصوات تطالب بتنفيذ عقوبة الإعدام في الأماكن العامة، بينما أوضحت المادة أن تنفيذ عقوبة الإعدام يكون داخل مراكز الإصلاح والتأهيل(السجون) المعروفة قانونياً، لصون كرامة المحكوم عليه وعائلته.
وكان النائب العام في قطاع غزّة، قد أعلن في وقتٍ سابق أنّ تنفيذ أحكام الإعدام قد يكون في الأماكن العامّة، أو أمام وسائل الإعلام، بهدف تحقيق الردع.
كلا المركزين شدّدا على أنّ وقف الجريمة في قطاع غزّة، لا يرتبط بالردع من خلال الإعدام، إنما يرتبط بشكلٍ أساسيّ بالوضع الاقتصاي والاجتماعي الذي يعيشه السكّان. وطالب كلاهما لضرورة حلّ المشاكل التي تؤدي بالسكّان الفلسطينيين إلى الجريمة، ومعالجتها.
وأكدّت المؤسسات الحقوقيّة أنّ رفضها لتنفيذ الإعدام بدون المصادقة، لا يعني بشكلٍ ما التساهل مع المجرمين، مستنكرةً الجرائم الخطيرة، حيث طالبت بإيقاع العقوبات القاسية على المجرمين، لكن مع ضمان تنفيذها بموجب القانون وبشكلٍ سليم.
وكان كل من إسماعيل هنية ، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وعضو المجلس التشريعي، والمستشار اسماعيل جبر، النائب العام في قطاع غزة، قد أشارا في تصريحات أمام وسائل الإعلام، إلى مساعي حثيثة لتنفيذ 13 حكماً بالإعدام في قطاع غزة، وأشار جبر إلى أنها ستكون بشكل علني في الأماكن العامة.
وأشار المركز الفلسطيني أنه بعث برسالة للقيادي في حماس، إسماعيل هنية، في أعقاب تصريحاته الأخيرة، والتي نسب إليه فيها أنه سيعقد مشاورات مع المجلس التشريعي للدفع باتجاه تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في قطاع غزة والتي “أقرت من الجهات القانونية والقضائية”، عرض فيها المركز الحجج القانونية والموضوعية لضرورة العدول عن هذه المساعي.
وشدد على أنّ الادعاءات بأن تنفيذ أحكام الإعدام سيجلب الأمن لسكان قطاع غزة هي ادعاءات واهية، لا تؤيدها الأبحاث العلمية الخاصة بالجريمة ولا الواقع، وليس أدل على ذلك من بقاء نسب الجريمة الخطيرة على معدلها في قطاع غزة، حتى في الوقت الذي كانت تطبق فيه عقوبة الإعدام، وهي نسب تباري أو تزيد عن مثيلها في الضفة، والتي لم تطبق عقوبة الإعدام منذ العام 2001، وتمتلك ضعف عدد السكان.
ونبه المركز إلى أن تنفيذ أحكام إعدام بهذه الطريقة قد يساهم في تعزيز صورة مغلوطة عن قطاع غزة يحاول الاحتلال الاسرائيلي تسويقها لتبرير جرائمه المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
كما طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الجهات التنفيذية في قطاع غزة بالامتناع عن تنفيذ مثل هذا القرار غير القانوني، وإن صدور قرار من كتلة التغيير والإصلاح لن يحميها من إمكانية المسائلة المستقبلية على جريمة قتل خارج إطار القانون.
مؤكدًا أيضاً بأن الجرائم التي ترتكب بحق الإنسان وحرياته وسلامته لا تسقط بالتقادم بموجب القانون الأساسي، وأن تنفيذ أحكام الإعدام دون مصادقة الرئيس الفلسطيني، يجعل من المنفذ مجرماً، ومن المجرم ضحية، في مشهد لا تقبله العدالة الواعية ولا يرغب المركز في حدوثه.
ويأتي تنفيذ أحكام الإعدام التي أعلنت عنها النيابة العامة، والمجلس التشريعي، بعد سلسلة جرائم واسعة انتشرت في قطاع غزّة، خلال الأسابيع الماضية، وبعد مطالباتٍ واسعة من قبل الرأي العام بالقصاص.