نشرت مجلة الهدف في عددها الصادر يوم 11/7/1970، تقريراً عن الشهيد القائد "أبو منصور"، المُناضل الذي قاد قوات الجبهة الشعبية في الخليل، بوابة الهدف تُعيد ما تم نشره من الأرشيف.
"فقد النضال الفلسطيني المسلح، باستشهاد البطل الثائر سعيد اسعيد أبو خوار السويركي (أبو منصور) ليل 9/7/1970، أحد أبرز العناصر المقاتلة: فقد استشهد البطل بعد أن أمضى ثلاثين شهراً في جبال الخليل خاض خلالها عشرات المعارك البطولية ضد العدو، وكبده خسائر فادحة.
وكان ((أبو منصور)) رفيقاً للمُناضل عبد الرحيم جابر، نشأ في بيئة فقيرة جداً، وقد قاسى في حياته الكثير من الظلم الاجتماعي والقهر الطبقي مما اضطره لرعي الغنم ليكسب ما يعيل به أبناءة الخمسة، وقد التحق الشهيد بصفوف الجبهة بعد هزيمة حزيران، وتلقى تدريباته في جبال فلسطين.
وفي صباح يوم الجمعة الماضي 10/7/1970، وبالقرب من بيت عينون خاض رفيقنا البطل معركة ضاربة وغير متكافئة مع قوات العدو الصهيوني، وقد ضرب شهيدنا البطل أروع الأمثلة في الشجاعة والتضحية، حيث استشهد وهو يغطي انسحاب رفاقه بعد أن تمكنوا من إحداث ثغرة في الطوق الذي ضربه العدو من حولهم. كما استشهد لنا في هذه المعركة الضاربة الشهيد البطل المناضل محمود مصطفى القواسمي المُلقب بـ"الضبع"، وجُرح أحد مُناضلينا الذي أخذه العدو أسيراً.
أبو منصور الكادح الذي غاب مع غياب شمس يوم 10/7/1970، يمثل الصورة المتوهجة الرائعة لإحدى أروع التجارب الثورية الفلسطينية في حلقة من حلقات النضال المستمر بعناد وتدفق لا نهاية له ولا حدود، فهو يمثل صلابة الكادح، شعر بالسحق فرفض، وتبرع بالدم فأعطى دون توقف، فكان شهيداً.
أبو منصور لقب، اسعيد سلامة منصور السواركة، من إحدى القبائل العربية جنوب قطاع غزة. وجد أبو منصور في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المكان الحقيقي لتفجير طاقاته الثورية وإعطاء هذه الطاقات الاطار التنظيمي والعلمي الفعّال، فكان فدائياً في الجبهة وتلقى تدريباته في جبال فلسطين ومغاورها، الشيء الذي أكسبه القدرة على التحرك بحرية في مناطقها، وكان رفيقاً للمُناضل عبد الرحيم جابر، وخاضا معاً معارك ضارية ضد العدو الصهيوني، واعتقل المناضل عبد الرحيم، فتولى أبو منصور قيادة مجموعات الجبهة في الخليل، وبقى ثلاثون شهراً في الجبال ينتقل من معركة إلى أخر، ضارباً المثل الرائع في قيادة الثوار، وأسطورة في الصلابة والقدرة على الاختفاء وتضليل العدو، أتقنه هذا البطل فرصد العدو مبلغ 20 ألف دينار ثمناً لرأسه الصلب.
واستشهد أبو منصور الذي يأتي على استشهاده تأكيد لنظرية الجبهة الشعبية الثورية، عن أن العمال والفلاحين وجماهير الشعب الفقيرة هي مادة الثورة الأساسية وأصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة.
تشهد لأبي منصور المعارك العديدة التي خاضها لثوار الجبهة الشعبية فهي تعرفه جيداً، من هذه المعارك التي دفع ثمنها العدو المئات من القتلى والجرحى، منها معركة الحاووز في الخليل، ومعركة الحرائق على طريق الخليل الظاهرية، ومعركة الغوار، ومعركة عين سارة على مدخل الخليل، ومعركة عين خير الدين على طريق وادي التفاح، ومعركة الباب الإبراهيمي، ومعركة الجوازات، كما شارك في الهجوم على معسكر المجنونة في الخليل، ومعركة الكرنتينا، ومعركة وادي القاضي، ومعركة بني نعيم ومعارك أخرى عديدة تعرف من هو أبو منصور حق المعرفة.
ان استشهاده في الوقت الذي شكل فيه خسارة حقيقية للنضال الفلسطيني، فإنه يرسي قواعد مئات من الانطلاقات والدروس الثورية التي لا يمكن أن تذهب هباء".
ونُشير إلى أنّه في أحد المُؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها الشهيد الأديب غسان كنفاني في مقر مجلة الهدف في بيروت، كانت صورة الشهيد أبو منصور تتصدر جدارية الشرف في المؤتمر الصحفي، حيث كان "كنفاني" وفياً للشهداء في ذكرى استشهادهم.