Menu

لبنان وكيان الاحتلال.. هل حرب "الغاز" قادمة؟

العمل على حقول الغاز في البحر المتوسط - أرشيف

بيروت _ خاص الهدف _ وليد عبد الرحيم

تتصاعد التخوفات اللبنانية مؤخرًا بشأن سرقة الثروات اللبنانية في البحر المتوسط، وربما قرب الحدود الفلسطينية اللبنانية، ويبدو التوتر سائداً في أروقة الدبلوماسية اللبنانية والدولية، والذي من الممكن أن يتصاعد إلى مواجهة عسكرية – كما لمّحت بعض أوساط الحكومة والجيش اللبنانيين-.

لكن يبدو أن الجميع نسي بأنه ليست هناك ثروات لما يُسمى بـ"إسرائيل"، بل هي ثروات فلسطين المُحتلة في الواقع، وهذا الأمر لوحظ بأن العرب والفلسطينيين لا يطرحونه البتة!

يوم 25 أكتوبر 2010، أعلنت حكومة الكيان الصهيوني أنها بدأت عمليات التنقيب الفعلي عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط شمال سواحل فلسطين المحتلة، وقبالة السواحل اللبنانية، مع العلم بأنه ليس هناك ترسيم دقيق لحدود فلسطين ولبنان المائية سوى ما يعرف دوليًا، حتى بعد قيام الكيان فقد تم التحديد من جانب واحد هو المغتصب الصهيوني.

لبنان انتظر لعامين برده على خطوة التنقيب، حتى أعلن عروض وتراخيص التنقيب في يناير كانون الاول 2012 عبر رئيس الحكومة سعد الحريري.

بين العامين 2010 و2012، كان الاحتلال قد شرع في التحضير لاستخراج الثروات من البحر المتوسط، وأغلب الظن أنها بدأت قبل ذلك الإعلان بسنوات، حيث بدأت حملة دولية للترويج والتحضير لاستيراد الغاز منها في عدة دول، بخاصة تلك التي تواجه مشاكل مع روسيا والغاز الروسي، و قطر والغاز القطري، ما يؤكد وجهة النظر بأن الكيان بدأ فعليًا بالتنقيب والتحضير قبل إعلانه بسنوات.

وتبين خلال السنوات العشر الماضية أن ثروة غازية مهمة تقع في المتوسط بين شمال فلسطين وجنوب لبنان، وهناك على الأقل عشرة حقول ضخمة الإنتاج، يحاول الاحتلال الاستيلاء على ما تيسر له عبر تهديد أو تضليل لبنان.

أمّا بالنسبة للفلسطينيين فهم نائمون تمامًا عن المسألة، علمًا بأن قرار تقسيم فلسطين الجائر والمجحف بحقهم يعتبر المنطقة التي يتنازع اليوم عليها لبنان والكيان المحتل ضمن الأراضي العربية الفلسطينية، وهذا سند قانوني لم يتحرك الفلسطينيون من خلاله!.

في 2012 تدخلت الولايات المتحدة لتأمين سرقة الغاز لصالح حليفتها، واقترح الدبلوماسي الأمريكي فريدريك هوف تحديد خط بحري حدودي يعطي لبنان قرابة ثلثي منطقة على شكل مثلث بحري تبلغ مساحته نحو 862 كيلومترا للكيان المحتل نحو الثلث، لكن الاقتراح تم رفضه لبنانيًا، وما زال.

وفي 2017 تصاعدت صحوة اللبنانيين لأهمية المسألة اقتصاديًا وسياديًا، عبر حزب الله الذي طرح ذلك في البرلمان اللبناني.

أمين عام الحزب حسن نصر، صرّح بأهمية الحفاظ على حقوق لبنان بثرواته، قائلًا "إن المعركة على البلوك رقم 9 اليوم هي معركة كل لبنان"، مُبينًا موقف المقاومة، بل وهدّد الاحتلال بقوله: "نحن في هذه تحت الأمر، إذا مجلس الدفاع الأعلى اللبناني يأخذ قرارًا بأن محطات الغاز والنفط في البحر الفلسطيني ممنوع أن تعمل.. أنا أعدكم خلال ساعات قليلة ستقف عن العمل".

مُؤخرًا، عاد نشاط الدبلوماسية الأميركية باتجاه تأمين نهب الكيان لأكبر ما يمكن من الحصة، والاقتراحات مع القادة اللبنانيين ظلت غامضة، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية وقائد الجيش عبروا جميعًا عن الرفض للمقترحات الأمريكية بما فيها مقترحات وزير الخارجية الأميركي التي طرحها أثناء زيارته للبنان الأسبوع الماضي، وبخاصة مسألة إلهاء لبنان عن الثروات في البحر عبر الجدار الذي يسعى الاحتلال لبنائه عند حدود فلسطين المحتلة ولبنان.

واتضح التدخل الأميركي المباشر لتحقيق ما أمكن للكيان الصهيوني، في فبراير الحالي، حيث حاول وزير الخارجية تيلرسون الذي زار لبنان يوم السادس عشر من ذات الشهر، المزج بين النزاع حول الجدار والنزاع الأسبق حول أحقية التنقيب عن الثروات وبخاصة حقول الغاز، وثني لبنان بكل وقاحة عن عزمه استخراج الثروات من البحر المتوسط، حيث بدأ فعليًا خلال الفترة الماضية بالاتفاق مع شركات عدة في هذا السبيل، وتم التركيز على الجدار الحدودي لمزج القضيتين "الغاز والجدار" ومساومة لبنان على هذا الأساس.

الأمم المتحدة لم تعترض جديًا بخصوص الجدار الذي يصر الكيان على أن مخطط بنائه يقع خارج حدود لبنان، بينما يُصر لبنان وحكومته على أنه يقع داخل أراضيه.

حزب الله عاد وجدد تهديده بعمل عسكري سواء فيما يخص الجدار أو الاستيلاء على حقول الثروات في البحر، وهو ما يؤكده حزب الله عبر وسائل إعلامه، كما ألمح الجانب اللبناني إلى الاستنفار بخصوص الجدار، بل والجاهزية للتصدي ميدانيًا لمنع إقامته.

الحالة القائمة في لبنان تؤكد توحّد اللبنانيين حول المسألتين، وكان صوت رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ووزير الخارجية والمقاومة صوتًا واحداً في هذا الشأن، مع تباين في مفردات التعبير بين الدبلوماسي والعسكري والقانوني الدولي.

لكن أميركا التي عبرت عن امتعاضها من الموقف اللبناني ما زالت تتبنى الموقف الصهيوني الذي يحاول كسب ما أمكن من مناطق بحرية لنهب الثروات، وتحاول جر لبنان إلى اتفاق عبر الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتشريع سرقاتها، كما تصر على موقفها لجهة الجدار على الحدود، وبالتأكيد فإن لبنان يتعرض لضغوط أمريكية في هذا الخصوص، والحكومة اللبنانية تصر على مواقفها، بل تتناغم بنسب مختلفة مع تصريحات الجيش والمقاومة، ما يجعل حالة الترقب لكيفية الحل عالية التوتر!