Menu

ما هو شكل العلاقة بعد عودة السفير السوداني للقاهرة؟

سفير السودان لدى مصر، عبد المحمود عبد الحليم

القاهرة _ بوابة الهدف

تقرر أن يعود إلى القاهرة، أمس الاثنين سفير السودان لدى مصر، عبد المحمود عبد الحليم، بعد أن كانت الخرطوم قد استدعته للتشاور، منذ شهرين، جراء خلافات بين الدولتين.

لكن الناطق باسم الخارجية السودانية، قريب الله خضر، أشار في تصريحات صحفية إلى أن عودة السفير "لا تعني أن القضايا التي من أجلها تم استدعاؤه حلت ولكن وضعت خريطة طريق لإيجاد حلول لها في الاجتماع الرباعي" الذي عقد في القاهرة في مطلع شباط/فبراير بين وزيري خارجية البلدين ورئيسي جهازي المخابرات المصري والسوداني، مُتابعًا أن "الاجتماع وضع أفكارًا للمعالجة لكن الأمر يعتمد على التنفيذ".

وذكر خضر بأن الخلافات تدور حول "ثلاث قضايا هي حلايب وسد النهضة الإثيوبي والإعلام".

يُذكر أن السودان استدعى سفيره في مصر للتشاور مطلع كانون الثاني/يناير الماضي إثر نشر وسائل إعلام أثيوبية أخبارًا تفيد بأن مصر طلبت استبعاد الخرطوم من المفاوضات الجارية مع أثيوبيا بشأن سد النهضة، وهو ما نفته القاهرة فيما بعد.

وتتخوف القاهرة من أن يؤدي بناء سد النهضة الضخم الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل الأزرق، أهم روافد نهر النيل، إلى انخفاض تدفق مياه النيل الذي يوفر نحو 90 بالمئة من احتياجات مصر من المياه.

وشهدت العلاقات بين الخرطوم والقاهرة توترًا في الأشهر الأخيرة، حيث اتهم الرئيس السوداني عمر البشير القاهرة بدعم معارضين سودانيين، فيما اتهمت وسائل إعلام مصرية الخرطوم مرارًا بإيواء عناصر في جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها القاهرة "إرهابية" منذ إطاحة الرئيس "الإخواني" محمد مرسي عام 2013.

وعدا الخلاف حول السد، يقوم خلاف بين البلدين حول السيادة على مثلث حلايب الحدودي الواقع على البحر الأحمر والذي تسيطر عليه مصر منذ العام 1995، فيما تؤكد الحكومة السودانية أنه تابع لسيادتها منذ استقلالها في عام 1956.

وهناك شكوكًا مصرية حول اتفاق بحري بين السودان و تركيا تسببت في تصدع العلاقات.

ويجدد السودان سنويًا شكواه في مجلس الأمن بشأن مثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1958، ويقابلها الجانب المصري برفض التفاوض أو التحكيم الدولي بشأن المثلث الحدودي.

وتتهم الحكومة السودانية، في شكواها بمجلس الأمن، الحكومة المصرية بالمضي قدماً في خططها الهادفة للاستحواذ على منطقة حلايب المتنازع عليها، مُشددةً على أن "حلايب أرض سودانية".

واتخذت مصر، نهاية العام الماضي، عدة إجراءات بخصوص المنطقة المتنازع عليها، من بينها الإعلان عن بناء مئة منزل بحلايب، وبث برنامج تلفزيوني وخطبة الجمعة من المنطقة المتنازع عليها، وإنشاء سد لتخزين مياه السيول، وميناء للصيد في منطقة شلاتين.

في المقابل، أعلن السودان، الذي اعتاد أن يقدم شكوى أممية سنويًا حول مثلث حلايب وشلاتين، عدم الاعتراف باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية الموقعة في 2016، التي منحت فيها مصر للسعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير، مرجعاً ذلك لمساسها بحق السودان في المثلث الحدودي، كونها اعترفت بحلايب ضمن الحدود المصرية.

توتر متجدد

وتجدد التوتر بين البلدين على إثر توقيع السودان وتركيا في كانون الاول/ديسمبر الماضي 2017، اتفاقات للتعاون العسكري والأمني خلال زيارة أجراها أردوغان للخرطوم. الأمر الذي دفع وسائل اعلام مصرية للهجوم على البشير ونظامه، خاصة في ظل العلاقات المتوترة بين تركيا ومصر منذ الاطاحة بالرئيس المصري "الاخواني" محمد مرسي 2013، الحليف الوثيق لأردوغان الذي وصف ذلك بالانقلاب.

الإعلان عن عودة السفير السوداني إلى مصر، خطوة مهمة تطوي -ولو مؤقتًا-، واحدة من الصفحات القاتمة في العلاقات العربية البينية وخاصة بين البلدين، الأكثر من جارين.

لكن مراقبون يرون أن الرئيس السوداني يبدو مضطرًا للتهدئة مع مصر على وقع تصاعد حدة المشكلات الداخلية وتزايد احتجاجات الشارع على الغلاء الذي طحن قطاعًا كبيرًا من المواطنين، هذا بالإضافة الى ارتفاع وتيرة التحركات لإجبار البشير على إنهاء مدة رئاسته الحالية، وكان عمر البشير وصل إلى الحكم عام 1989 إثر انقلاب عسكري، ولا يزال يحكم البلاد حتى اليوم، حيث يتم تعديل الدستور في كل مرة، ليبقى في منصبه.

لذلك فعودة السفير السوداني إلى القاهرة، يمكن فهمها في سياق البرغماتية التي يدير بها نظام الرئيس عمر البشير علاقاته، ومكنته من الاستمرار في السلطة لنحو ثلاثين عام، حيث يحاول البشير ادارة خلافاته الخارجية وخصوصًا مع مصر في محاولة منه لتركيز جهوده على ادارة أزمته الداخلية.