Menu

تحليلبين الترحيب والتحذير: هل تكون قمة جونغ أون – ترامب مجرد لحظة عابرة في تاريخ الصراع؟

بوابة الهدف/متابعة خاصة

لا أحد ينتظر طبعا أن تؤدي القمة المترقبة بين دونالد ترامب وكيم جونغ أون إلى نتائج درامية، وان تنهي التاريخ الطويل من العداء والمجابهة الذي تحفر جذوره ليس فقط في الايدلوجيا بل في العدوان الأمريكي الذي يبدو وكأنه بدأ منذ الأزل ضد كوريا الشمالية،  بحجة مساندة الحليف الجنوبي، ولم ينتهي العدوان بعد، وما زلنا نشهد فصولا متجددة من التنمر الأمريكي ليس آخرها تصريح ترامب بأنه جاهز لمحو كوريا الشمالية إذا ما هددت صواريخها البر الأمريكي، وكأن العالم الأصم الأبكم لا يرى أن مثل هذا التهديد يستلزم أن صواريخ الولايات المتحدة وطائراتها تهدد فعليا التراب الكوري وأن الجنود الأمريكيين موجودين أصلا على أرض كورية.

على العموم سبق لنيكسون أن اجتمع بماو تسي تونغ، وكان ذلك لقاء تاريخيا، ولكنه لم يكن غير متوقع كما هو اللقاء الذي نرتقبه هنا، بغض النظر عما إذا جاء جونغ أون إلى نيويورك أو ذهب ترامب إلى بيونغ يانغ أو ربما اجتمعا في بلد حيادي كسويسرا التي سبق أن استضافت لقاء تاريخيا غريبا آخر بين ريغان وغورباتشوف.

بغض النظر عن هذا من المنطقي أن نتوقع أنه لن يكون هناك أي أثر درامي للقمة المتوقعة، يعزز هذا جملة من العناصر أهمها التناقض بين ما يريده الكوريون وبين ما يريده الأمريكان، ويبدو من الواضح أن الأمريكان ربما يفكرون باستسلام كامل من كوريا شبيه بخطوة العقيد معمر القذافي بخصوص البرنامج النووي، وبينما لا يبدو الكوريون مستعدون لمناقشة هذا الخيار إطلاقا. عموما الصحافة الأمريكية انقسمت في تقييم الخطوة، ما بين النقد الإيجابي المرحب بتحفظ وحذر،  في نيويورك تايمز والضد تماما في فوكس نيوز.

هي خطوة مدهشة بالفعل، لم تكن متوقعة حتى قبل يومين، ولكن نيويورك تايمز وعبر مراسلها نيكولاس كريستوف تحذر من أن تكون القمة هي تمهيد لصفقة سيئة بالنسبة لكوريا الجنوبية والوجود الأمريكي في أوكيناوا، إذ هل سيفعلها ترامب ويمضي قدما تحت راية هاجس الإنجاز ودافع التحقق الذاتي؟

يشير كريستوف أن التناقض المثير للسخرية أن ترامب ربما يقدم على إزالة جدار عن كوريا الجنوبية ليرفع جدارا مع المكسيك، بل إن ترامب كما تقول الصحيفة أدخل نفسه في عدد كبير من الالتزامات السياسية دون استشارة مساعديه، في قضايا أقل حساسية مثل الحديد والألمنيوم.

ولكن كيف يمكن لترامب أن يذهب لبيونغ يانغ دون دعم صيني لهذه الخطوة؟ صحيح أن الصينيين رحبوا هذا الصباح بالفكرة، غير أن هذا ترافق مع توقيع ترامب على القرار التنفيذي بصدد رفع الرسوم الجمركية ما يمكن أن يؤدي إلى حرب تجارية، فها ستكون بكين متحمسة لإراحة ترامب من صداعه الكوري؟

لعل هذا ما دفع نيويورك تايمز بدون أن تفصح للقول أن القمة "مقامرة خطيرة وفكرة سيئة" لآنها تأتي بدون أي إعداد بينما تحذر الصحيفة من أن من شأن هذا أن يضفي "شرعية على نظام بيونغ يانغ"، الذي يريد فعلا اعترافا دوليا ومساواة في المعاملة الدبلوماسية والحفاظ على الكرامة الوطنية.

ويبقى سؤال إن كانت الولايات المتحدة ستحصل من القمة على أكثر من الإفراج عن الأمريكببن الثلاثة المحتجزين في كوريا أم لا، خصوصا أن ترامب لم يقدم بعد تطمينات لحليفيه الجنوبي والياباني فيما إذا كان سيتخلى عنهما مقابل الصفقة مع الشمال.

ولكن رغم ذلك ترى نيويورك تايمز أملا ما: فقد تكون دعوة جونغ أون لترامب خطوة إيجابية لأنها لم تشترط وقف المناورات الأمريكية الجنوبية المشتركة، وحسب التسريبات فإن الزعيم الكوري الشمالي مستعد لمناقشة البرامج النووية والصواريخ. وبناء على هذه التدابير، فمن الممكن رسم ملامح  صفقة محتملة: ستتخلى كوريا الشمالية عن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات وتطبيع العلاقات إلى جانب التزامات معينة من جانب الشمال في مجال حقوق الإنسان.

ما الذي يمكن أن يفجر المحادثات؟ شرط كوري شمالي بانسحاب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية، يمكن أن ينهي المحادثات في طريق مسدود، ولا يوجد سبب للاعتقاد أن الزعيم الشمالي لن يطالب بهذا، وأيضا المطالبات الأمريكية المبالغ بها قد تفجر القمة وتنهيها بدون أي نتائج: وقف الشامل للتجارب النووية والصواريخ الباليستية، والسماح بفحص شامل وتفكيك المنشآت النووية، وتقديم تقرير  عن الأسلحة النووية  التي في حوزة كوريا وتفكيكها. بل ولإرسال  الوقود النووي خارج حدودها والكشف عن كل المعلومات حول خططها النووية والباليستية

فوكس نيوز اليمينية المتشربة بالعاطفة الاستعمارية الفجة زعمت أن ترامب "الذكي" الذي لا يمكن خداعه، قد أرعب الشماليين عندما أرسل تهديداته إليهم، بأنه سيدمر كوريا الشمالية بالكامل ويبدو هذا التحليل مشوبا بالخرق الإمبريالي المعتاد. إذا ربطناه بشخصية الزعيم الكوري وطريقته في إدارة المواجهة.

بقي أن ننتظر ونراقب التطورات فترامب المتناقض عشوائي القرارات قد يقلب الأمور من اليوم وحتى أيار/مايو، إضافة إلى الأزمة القانونية في البيت الأبيض كل هذا يجعل هذه القمة تبدو أكثر فأكثر مجرد فصل آخر من فصول المواجهة المفتقرة للخاتمة المنطقية.