في مثل هذا اليوم عام 1948، وقعت معركة "كفار عصيون"، التي هاجمت فيها القوات العربية والمقاومة الفلسطينية مستوطنة "كفار عصيون"، قرب القدس وبيت لحم، وقتلوا فيها 200 من الصهاينة، وأسروا أكثر من 250 آخرين، وسيطروا على مستعمراتٍ أخرى قربها.
و"كفار عصيون" هي واحدة من مجموعة المستعمرات التي أنشأها الصهاينة في مناطق استراتيجية مشرفة تتحكم بطريق القدس- بيت لحم- الخليل وهيأوها لتؤدي دوراً عسكرياً منذ صدور قرار التقسيم* سنة 1947. وقد احتل صهيونيو كفار عصيون بناية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية قريتهم إلى الطريق وأخذوا يطلقون منها النيران على السيارات العربية العابرة.
كانت سيارة القنصل العراقي إحدى السيارات التي أصابها صهيونيو كفار عصيون في 13/1/1948 فتجمع نحو ألفين من مناضلي مناطق الخليل* والقدس* وبئر السبع* وهاجروا المستعمرة بما تيسر لهم من أسلحة عادية بسيطة، قصدوا لافتقارهم إلى التنظيم والخطة السلمية واستشهد منهم 14 مجاهداً وجرح 24.
ظل مناضلو منطقة الخليل يتبادلون اطلاق النار مع المستعمرة من وقت لآخر. وقد هاجموا في 13/2/1948 قافلة خرجت من كفار عصيون الى القدس وأحرقوا سيارتين منها وقتلوا اثنين من الصهيونيين وجرحوا أثنين آخرين. ولم ينفذ القافلة سوى وصول مفرزة من الجيش البريطاني. ثم حدثت معركة الدهيشة* بالقرب من بيت لحم* في 28/3/1948 تصدى فيها المناضلون العرب لقافلة قادمة من القدس إلى كفار عصيون.
لكن صهيونيي هذه المستعمرة زادوا في عدوانهم منذ بداية أيار 1948 حتى غدا اجتياز هذا الجزء من الطريق أمراً متعذراً. ولقد كان الطريق شرياناً حيوياً للجيش أردني كان يستمد أسلحته ومعداته آنذاك من مستودعات الجيش البريطاني في قناة السويس في حين تولت إحدى سراياه الحراسة في غزة* ورفح* وكان لا بد من استمرار الاتصال بها.
لهذا فما ان تعرض صهيونيو كفار عصيون في 6 أيار لقافلة عربي محروسة متجهة إلى الخليل حتى حضرت نجدة من الجيش الأردني وأمطرت كفار عصيون وما حولها من المستعمرات ناراً حامية فاضطر الصهيونيون إلى التراجع. ولكنهم عادوا في اليوم التالي وتعرضوا لقافلة عكسكرية أخرى قادمة من الخليل فتصدت لهم ست مدرعات أردنية وفصلية مشاة معها ثلاثة مدافع هاون من عيار 3 بوصات. وقد هاجمت هذه القوة الأردنية دير الشعار وأحاطت بمستعمرة كفار عصيون من الشمال والشرق والجنوب وأصلها ناراً حامية ثم عادت ولكن الصهيونيين استثمروا في عدوانهم وتعرضهم للسيارات العربية المدنية والعسكرية.
وفي 13/5/1948 قمت مجموعة من المناضلين وسريتا مشاة ومدرعات من الجيش الأردني تساندهم أربعة مدافع هاون 3 بوصات بالهجوم على كفار عصيون ومجوعة المستعمرات الثلاث الأخرى المحصنة بجوارها. وقد قام الصهيونيون بارسال النجدات إلى المستعمرات وأنزلوا جنودهم بالمظلات. ولكن رجال الجيش الأردني والمناضلين من أبناء منطقة الخليل تقدموا بثيات رغم المقاومة الشديدة وفتحوا الثغرات في الأسلاك الشائكة وحقول الألغام المحيطة بالمستعمرات. وتركز الهجوم أولاً على المستعمرة الرئيسة كفار عصيون، في حين طوقت المستعمرات الأخرى المحيطة بها.
أخيراً سقطت المستعمرات الأربع. ووقع 287 صهيونياً في الأسر وقتل نحو 200 صهيوني. وأما خسائر الجيش الأردني فكانت 14 شهيداً. واستشهد عدد كبير من المناضلين والأهالي لعدم تجنبهم حقول الألغام. وهكذا أصبحت طريق القدس – الخليل آمنة.