Menu

مؤتمر "هرتسيليا"... فيمَ تفكر "إسرائيل"؟!

جانب من المؤتمر

الهدف_فلسطين المحتلة_أحمد سعيد:

مؤتمر يعقد بشكل دوري منذ عام 2000 في مدينة هرتسيليا الواقعة في ما تسمى "إسرائيل" حاليا  .. تأسس مؤتمر هرتسليا عام 2000 بمبادرة من عوزي آراد ،وهو ضابط سابق في الموساد وشغل منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو  .. المؤتمر   الذي يعقد منذ خمسة عشر عاما بشكل سنوي في مدينة هرتسيليا في فلسطين المحتلة على البحر المتوسط عقد هذا العام.

وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي موشيه يعالون، قال إنه لا يرى "اتفاقاً مستقراً" مع الفلسطينيين خلال حياته.

وفي كلمة له أمام المؤتمر الذي ينظمه معهد "السياسة والاستراتيجية" (غير حكومي) أضاف يعالون (64 عاماً): "لا أرى اتفاقاً مستقراً مع الفلسطينيين خلال حياتي".

وتابع: "سياساتنا تجاه الفلسطينيين واضحة للغاية وهي أننا لا نريد أن نحكم الفلسطينيين.. يجب علينا اتخاذ خطوات واقعية ورصينة  لخلق تسوية مؤقتة"، دون التطرق لطبيعة هذه الخطوات.

 وكانت المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية توقفت في شهر أبريل /نيسان من العام الماضي، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات على استئنافها مجدداً.

ويقول المسئولون الفلسطينيون إن المفاوضات أخفقت مع إسرائيل بسبب رفض الأخيرة قيام دول فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، ووقف الاستيطان، والإفراج عن الأسرى، بينما تقول تل أبيب إنها تريد مفاوضات بدون شروط مسبقة.

في سياق آخر، جدد في "هرتسيليا"  وزير الدفاع الإسرائيلي، انتقاده للاتفاق الدولي المتبلور مع إيران، قائلاً: "على الرغم من العقوبات الاقتصادية على إيران فإن أولويتها هي الاستثمار في الإرهاب وأي شخص يحارب إسرائيل".

واعتبر أن هذا الاتفاق "لا يشمل إغلاق أية منشأة نووية، ويفتح الطريق أمام إيران للوصول إلى القنبلة".

وكانت أعمال مؤتمر "هرتسيليا" السنوي الخامس عشر، انطلقت الأحد، تحت عنوان "إسرائيل في شرق أوسط مشاغب"، واختتمت الثلاثاء.

وتضمن برنامج المؤتمر على مدار اليومين الماضيين، كلمات لكبار المسؤولين الإسرائيليين وضيوف أجانب.

وبحث المؤتمر كيفية مواجهة الخطر على الجبهات الثلاث.

لقد كانت الانظار شاخصة داخل كيان الاحتلال على محور يومه الاول الذي اسماه حرب لبنان الثالثة التي باتت الهاجس الاول والاخير لقادة الاحتلال بعد كابوس حرب لبنان الثانية عام 2006

وتحدث رئيس الطاقم السياسي والأمني بوزارة الحرب الاسرائيلية عاموس جلعاد، عن الأخطار المحيطة بكيانه وتحديدا عن حزب الله الذي راكم خبرات قتالية عالية من خلال مشاركته بالقتال في سوريا ضد الجماعات الارهابية كما قال.

وما زاد القلق الاسرائيلي، تهديد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بان المقاومة جاهزة للدخول الى مستوطنات اليهود شمال الاراضي المحتلة، التي رد الكيان عليها مؤخرا بأنه سيهجر مليون ونصف المليون لبناني من أراضيهم اذا ما نفذت المقاومة تهديدها.

المؤتمر الذي استمر لثلاثة ايام، تطرق الى مسائل أمنية داخلية ومن اهم التحديات تحدي انفاق المقاومة في اطراف غزة، وصواريخها المعدلة، والتطورات في الشرق الاوسط، حيث لفت وزير الدفاع في الكيان موشي يعالون الى ان الكيان لم يعد يرى خطرا من الجيوش العربية، في ظل انهيار الانظمة في الشرق الاوسط، بينما قضية فلسطين لم تعد قضية العرب الاولى، والكلام هنا ليعالون.

وفيما يعكس الاولويات التي يعيش هاجسها الكيان، كانت سبقت المؤتمر مناورات اسرائيلية شاملة قامت بها الجبهة الداخلية، وحاكت سيناريو اندلاع حرب على جبهات ثلاث، في الداخل من جهة غزة، وفي الشمال من جهة جنوب لبنان ومن الشرق الجولان السوري المحتل.

وجاءت الخارطة التي رسمها رئيس الطاقم السياسي والأمني في وزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال عاموس جلعاد، أقل ظلمة مما كانت عليه في السابق.

فقد حدد جلعاد أنّ الجبهة الشرقية لم تعد تحمل للاحتلال الخطر التقليدي الذي كانت تحمله في السابق. وقال إن "وحدة أراضي العراق ذهبت أدراج الرياح، وتفككت الدولة العراقية عملياً، ولم تعد تشكل خطراً على إسرائيل".

ورأى جلعاد أن "النظام الأردني يملك من عناصر القوة والاستقرار ما يجعله قادراً على مواجهة تهديدات "داعش"، وهو بات بعد معاهدة السلام (وادي عربة)، بمثابة العمق الاستراتيجي لإسرائيل في الشرق، خصوصاً أن سورية تفككت كدولة، ولم يعد الجيش السوري، الذي كان قبل 3 سنوات أكبر تهديد لإسرائيل، يشكل مصدراً للتهديد".

ولم يغفل جلعاد أن يذكر وصول تنظيم "داعش" و"القاعدة" إلى هضبة الجولان، إلا أنه أشار إلى أن "أجندة هذه التنظيمات والاقتتال فيما بينها يحول بينها وبين استهداف إسرائيل في المرحلة الحالية".

وحسبما يرى جلعاد يبقى أمام إسرائيل، بحسبه، مصدر خطر أساسي يتمثل في إيران وطموحاتها الإقليمية، مدعيا أن النظام الإيراني "يجيد اللعبة الدولية والخداع في كل ما يتعلق بمشروعه النووي، ولا يضيره أن يواصل الخداع وصولاً إلى تحقيق هدفه الأعلى".

ورأى جلعاد أن سقوط محمد مرسي وجماعة الإخوان في مصر وتولي عبد الفتاح السيسي الحكم "معجزة أمنية من المعجزات التي حصلت لإسرائيل"، معتبرا أن "الجيش المصري بات عملياً، بفعل اتفاقية السلام، وتحت قيادة السيسي، جيشاً سلمياً لا يهدد أمن إسرائيل، بل على العكس يشكل كنزاً لا يجب التفريط فيه، ويجب تعزيز وتنمية هذه العلاقة".

وفيما يتعلق بالفلسطينيين يعتقد جلعاد أنه خلافاً للانطباعات التي سادت في العام الماضي، فإن واقع الحال القائم في الضفة الغربية المحتلة يشي بسيطرة أمنية ثابتة تجعل من سيناريوهات اندلاع انتفاضة ثالثة بعيدة، بفعل قوة الردع الإسرائيلية العسكرية. في المقابل، فإن الخطر أو التحدي الرئيسي هو بالذات على الصعيد الدولي، في سياق الحملة التي يقودها الفلسطينيون لنزع الشرعية الدولية عن إسرائيل.

يذكر أنه في العام الماضي احتلت الحرب الإسرائيلية على غزة، بكل مجرياتها وعواقبها، مركز الصدارة في مؤتمر هرتسيليا الرابع عشر الذي افتتح  تحت شعار "الإرهاب في سياق متغير - تحديات الحاضر والمستقبل"، وجرى التركيز أساسا على حرب "الجرف الصامد" في غزة.

 وتحدث أمام المؤتمر شخصيات سياسية وعسكرية عديدة، كان من أهمها وزيرة العدل عضو الكابينت تسيبي ليفني والرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز.

وقالت ليفني آنذاك: إن الخطأ تمثل في أن العملية لم تنته بسلسلة ترتيبات دولية مشتركة بيننا وبين الأسرة الدولية والدول العربية المعتدلة والسلطة الفلسطينية، وبغرض استئناف المفاوضات".

وأضافت إن "قوتنا العسكرية أضعفت حماس، لكن كان ينبغي لنا أن نضعفها أكثر، والعمل السياسي المكمل المفترض أن يستبدلها كسلطة. فالانطباع الذي تبقى من العملية، وهو ما كان ينبغي ألا يكون، هو لماذا لم نستخدم المزيد من القوة؟ لأن ذلك كان سيجلب النتيجة ذاتها. والمطلوب هو الساق السياسية، ليس من أجل أن نمنح حماس شيئا آخر، وإنما من أجل إنشاء ترتيب جديد في غزة. بهذه الطريق، ليس فقط نقدم حلا لغزة، فهذا كان ممكن فعله، ولا يزال بالإمكان فعل شيء يمكن أن يغير مكانة إسرائيل وكونها جزءا من ائتلاف جديد يواجه الأخطار الإسلامية في المنطقة".

وتحدث وزير المالية يائير لبيد، في المؤتمر بالروحية ذاتها. وقال إن "عملية الجرف الصامد لا يمكنها أن تنتهي بوقف نار مؤقت نعود فيه لننتظر المرة التالية التي سيطلقون فيها علينا النار".

وهكذا نخلص إلى أن المؤتمر احتوى على  العديد من القضايا المفصلية في إسرائيل، من أهمها:مراجعة الحسابات وإعطاء الحكم العلاقات الإسرائيلية الامريكية كأهم كنز تملكه اسرائيل على الحلبة الدولية، وأنفاق غزة، والمتغيرات التي طرأت في السنوات الأخيرة التي تحتم تعديل المفاهيم الأمنية التي تم وضعها في سنوات الخمسينيات رئيس الحكومة الأول دافيد بن غوريون، والدروس والعبر من عملية الجرف الصامد، والبحث عن الامن  مع ثلاث جبهات مشتعلة، ووضع الجبهة الداخلية.

كذلك احتواء طموحات إيران الاستراتيجية. مع التركيز على ان الخطر الإيرانى هو الخطر الأكبر، تحديد أولويات التنمية الإقليمية، والدور الاستراتيجي للولايات المتحدة وأوروبا وتحديدات روسيا وحلف شمال الأطلسي، وإسرائيل والسوق العالمية، و أين يتجه المجتمع الإسرائيلي؟، وإسرائيل الأمنية في دول شرق أوسط مختلف.

وهكذا تعكس مؤتمرات هرتسيليا السنوية تقويمات لنظرية الأمن الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته ترسم تصورات حول ما ينبغي لإسرائيل أن تقوم به لمواجهة التحديات التي تنتظرها.

لقد جاء انعقاد مؤتمر "هرتسيليا" الإسرائيلي هذا العام وسط تهديدات متلاحقة تعيشها الدولة، ومخاوف تعاني منها بفعل التطورات المتسارعة في المنطقة، مما دفع بإدارته لإشراك عدد كبير من القادة الإسرائيليين، وشخصيات دولية بينها رؤساء ووزراء أوروبيون، وكبار المسؤولين في مؤسسات ومنظمات اقتصادية عالمية.

وعلى الرغم من كثرة المؤتمرات والمناورات لا يزال جيش الاحتلال غير قادر على الخروج من هواجس وجوده في المنطقة.