Menu

ما وراء بئر السبع: تقييم العلاقات الأسترالية الإسرائيلية

من احتفال الكيان الإسرائيلي وأستراليا بالذكرى السبعين للايتسلاء على بئر السبع

بوابة الهدف / إعلام العدو - ترجمة وتعليق أحمد .م.جابر

رأت دراسة نشرها معهد الأمن القومي الصهيوني التابع لجامعة تل أبيب أنه رغم كون العلاقات الصهيونية –الأسترالية قديمة وتعود إلى أكثر من سبعين عاما إلا أنها بعيدة كل البعد عن أن تحقق المأمول منها، والتي تستند إلى تشابك في المصالح والخبرات خصوصا في مجالات الأمن والابتكار التقني والزراعة، ورغم ذلك بدلا من أن تصبح العلاقة مزدهرة بقيت نوعا من صداقة قديمة مهملة نتيجة للتراخي الدبلوماسي والسياسة المتقلبة للأحزاب. وتعيد الدراسة هذه العلاقات إلى ما يوصف بالدور المحوري الذي لعبته القوات الأسترالية قبل مائة عان في الاستيلاء على بئر السبع وطرد العثمانيين منها، وكثيرا ما يعول الكيان على الاحتفاء المستمر بهذه المعركة للتذكير بالعلاقات القوية والراسخة مع الأستراليين.

وكانت أستراليا قد اعترفت بالكيان الصهيوني منذ عام 1948، ولكن هذا لم يمنع العديد من رؤساء الوزارة من انتقاد السياسات "الإسرائيلية" في مناسبات عدة، كما تجدر الإشارة إلى أنه كما قامت دولة الكيان الصهيوني على أنقاض الشعب الفلسطيني وحضارته، قامت أستراليا الحديثة أيضا على أنقاض مائتين وخمسين دولة (أبريجانالية) (نسبة إلى سكان أستراليا الأصليين، والذي يعود تاريخهم إلى أكثر من أربعين ألف عام مضت). وناقشت الدراسة التي كتبها روتم نسيم تطور العلاقات بين أستراليا و"إسرائيل" وحللت مستقبل العلاقة بين الجانبين ومصير هذه العلاقات.

وثمة طبعا العديد من العوامل التي تلعب دورا مهما في هذه العلاقات أهمها أن المجموعة اليهودية الأسترالية حاليا تعتبر الأكثر صهيونية، وجميع زعماءها من أحفاد الناجين من المحرقة الذين يدعون إلى مساندة "إسرائيل" بغض النظر عن الصواب السياسي والأخلاقي، ولكن هذا لم يكن دائما حيث شهد المجتمع اليهودي الأسترالي شهد انقساما مبكرا حول الدولة الصهيونية ففي الأربعينيات من القرن الماضي حيث دعا الحاكم العامّ الأسترالي آنذاك "إسحق إسحق"، وكان معادياً للصهيونيّة، إلى قيام دولة فلسطينيّة علمانيّة واحدة، بينما دعا الصهيوني الشابّ "جوليوس ستون"، وكان أستاذاً جامعيّاً، إلى تقسيم فلسطين لدولتين: واحدة لليهود، وأخرى للفلسطينيين.

وفي السبعينات شهدت جامعات أستراليا استقطابات سياسيّة كبيرة حيث دعم "اتّحاد طلبة أستراليا" منظّمة التحرير الفلسطينيّة، وكان في ذلك الإتّحاد بعض اليهود ممّا أدى إلى صدامات مع أعضاء "الإتحاد الأسترالي للطلاّب اليهود"، وبقيت السياسة الأسترالية العامة مرتبكة عموما فيما يعيده هذا البحث إلى الفشل الدبلوماسي "الإسرائيلي"، ونشير هنا إلى أن تعداد اليهود الأستراليين يبلغ 84 ألفا أي نحو 4% من مجمل السكان، حسب إحصاء اجري عام 2001. في ما يلي ترجمة معالجة مع تعليقات إضافية بين قوسين كبيرين- المحرر].

يرى البحث أنه بالنسبة "لإسرائيل" قد تساعد العلاقات الوثيقة بين الجانبين في التعامل مع الحملات السلبية المضادة للكيان الصهيوني وعمليات نزع الشرعية، وأيضا إيجاد موطئ قدم ثابت للكيان في آسيا والمحيط الهادئ.

ويتزعم الدراسة أن توثيق العلاقات الأسترالية مع "إسرائيل" سيفيد أستراليا في مجال الأمن والتكنولوجيا، وعلى سبيل المثال، التعلم من التقدم التكنولوجي الذي حققته صناعة التكنولوجيا الفائقة و الصناعة التقنية والنظام الإيكولوجي الوطني متعدد التخصصات التابع للجيش الصهيوني الذي يزعم أنه يشكل غلاف حماية إلكترونية للكيان وقد يساعد هذا الحكومة والصناعات الصغيرة في أستراليا لاكتساب مهارات قيمة في الحماية، وتذكر الدراسة أن "إسرائيل" ساعدت كدولة ناشئة على تطوير شبكة عالمية من الاتصالات التي قد تكون مفيدة لاستراليا، وكذلك باعتبار الكيان رائد عالمي في مجال الصادرات العسكرية والأمنية وكذلك التعاون في مجال الاستخبارات ودعم أستراليا في جهودها " للتعامل مع التطرف العنيف من قبل القوى الإسلامية العاملة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".

من بئر السبع إلى يومنا هذا

كانت معركة بئر سبع، التي وقعت في 31 أكتوبر 1917، واحدة من الانتصارات الأسترالية المهمة في الحرب العالمية الأولى، التي خاضها لواء الخيالة الأسترالي الخفيف، وقد قامت حينها الكتيبتان الرابعة والثانية عشر بهجوم على مدينة بئر السبع، ثم سيطرت عليها لتحتلها العصابات الصهيونية فيما بعد وتصبح أكبر مدينة في جنوب فلسطين المحتلة. وقد حسمت معركة بئر السبع في نظرة ما كل معركة فلسطين نظرا للأهمية الاستراتيجية للمدينة وتوفير إمدادات المياه للجيوش المحاربة ما حسم فعليا مصير الحملة الأسترالية، وبعد سقوط بئر السبع بدأ التراجع العثماني فعليا في فلسطين.

ترتكز أهمية هذه المعركة بالنسبة للجانب الصهيوني في كون أستراليا أحد الأطراف التي ساهمت في اللجنة المخصصة التي أنشأتها الأمم المتحدة حول فلسطين ومصيرها في ضوء المطالب الصهيونية ووعد بلفور المشؤوم.

وقد أيدت أستراليا توصية اللجنة الخاصة للأمم (لجنة UNSCOP) بشأن تقسيم أراضي الانتداب البريطاني إلى دولة يهودية وعربية. كانت أيضا واحدة من أولى الدول الأعضاء التي صوتت لصالح قرار الجمعية العامة رقم 181، والذي منح الموافقة الرسمية كما دعمت أستراليا "إسرائيل" بشكل عام منذ ذلك الحين. وإن كان في كثير من الأحيان في شكل لفتات دبلوماسية رمزية بدلا من العمل الفعلي كما تقول الدراسة.

[ يجب الإشارة إلى أن أستراليا طالما اعتبرت القابلة القانونية للكيان الصهيوني حيث قام رجال أعمال يهود في العام ١٩٤٠بالضغط على الحكومة الأسترالية وعلى وزير خارجيتها في ذلك الوقت، دوك إيفت من أجل إقامة وطن قومي مستقل لليهود في فلسطين. ومنذ ذلك الوقت وأستراليا تقدّم الدعم الكامل لدولة الكيان، خلا بعض الحكومات العمالية التي وقفت ضدّ السياسة الإسرائيلية تجاه بعض القضايا، كالمستوطنات والاستخدام المُفرط للقوة تجاه المدنيين.]

تطورت المواقف الأسترالية تجاه "إسرائيل" ببطء وتميزت بتغييرات مهمة في السياسة، مع تغيير الحكومات، كما في حرب لبنان عام 1982 فبينما بدا أن أستراليا تنضم إلى الكيان في دعمها للعدوان إلا أنها أخذت في الواقع موقفا محايدا عبر دعوتها الطرفين للامتناع عن التصعيد والثناء على موقف الأمم المتحدة. وقد وصف غوف ويتلم رئيس الوزراء العمالي، أيضاً، الهجوم "الإسرائيلي" على قواعد منظمة التحرير في لبنان بأنه جريمة، التغير الآخر ظهر عام 1985 عندما أدانت أستراليا بشدة الهجمات الصهيونية ولم تدعم الوجود الاحتلالي في جنوب لبنان.

وفي الوقت نفسه، أيدت أستراليا باستمرار "إسرائيل" في سلوكها التصويتي في الأمم المتحدة ما انعكس في إعلان الكنيست الصهيوني امتنانه لأستراليا عام 1987 لمساهمتها في رفض القرار الأممي الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية.

وفي الوقت الذي "أيدت مبدأ تقرير المصير للشعب الفلسطيني" إلا أن رئيس الوزراء هوك أكد أيضا التزام حكومته بأمن "إسرائيل" و "حقها في الوجود ضمن حدود آمنة ومعترف بها هو ضرورة أخلاقية وسياسية ".

كما أكد هوك التزام حكومته بمواصلة تصدير الفحم إلى الكيان لزيادة التعاون في مجالات الصناعة والزراعة، وتصميمه على تعزيز العلاقات التطورات الاقتصادية، ومع ذلك، فإن الخطاب الدافئ لحكومة هوك ضعف في وقت لاحق من عام 1987، مع إلغاء زيارة وزير الصناعة والتجارة أريل شارون لأستراليا بسبب ردود الفعل السلبية لمؤيدي منظمة التحرير الفلسطينية في أستراليا وقد وصف أعضاء مجلس الشيوخ الأسترالي العمليات الفدائية الاستشهادية عام 1990 بأنها “ بمثابة ضربة لعملية السلام ، والتي لن تؤدي إلا إلى تشديد مواقف إسرائيل"، ، ما أدى إلى تحول يميني كبير في أستراليا تجاه الكيان ، وأشار السناتور روبرت راي إلى أن هذه الهجمات سوف تؤدي إلى مراجعة الحكومة لدعمها لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد أن كانت وافقت على طلب المنظمة تغيير مكتبها في كانبيرا إلى "مكتب منظمة التحرير الفلسطينية".

كما شكلت مسألة المستوطنات تحديًا متزايدًا للعلاقات بين الجانبين، وكما اللاعبين الآخرين في الساحة الدولية، رأت أستراليا أيضا أن المستوطنات مدمرة لعملية السلام، كما صرح رئيس الوزراء جون هاوارد خلال زيارته "لإسرائيل" والسلطة الفلسطينية في عام 2008 منتقدا سياسة "إسرائيل" تجاه المستوطنات.

ورغم ذلك حاولت المعارضة العمالية الضغط لتمرير قانون لمنع النواب، والموظفين العموميين والأفراد العسكريين من قبول الدعوات لزيارة "إسرائيل"، طالما حكومة بنيامين نتنياهو "تواصل سياسة الاستيطان وترفض إقامة دولة فلسطينية وتتحرش بوحشية بالسكان العرب في الضفة الغربية ".

[عام 2009 أصدر أكثر من مائة يهودي أسترالي بينهم شخصيات عامة مثل وزير البيئة الاسترالي السابق موس كاس والكاتبتان ليندا جايفين وساره داوس و زعيم الخضر إيان كوهين، بينان نددوا فيه بالهجوم الصهيوني الوحشي على غزة، وقال البيان " نحن يهود استراليا ننضم في إسرائيل وفي كل أنحاء العالم إلى الذين يدينون الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على غزة".، التي وصفها البيان بـ"الوحشية والفظيعة"، ورغم ذلك أدان البيان أيضا إطلاق المقاومة الفلسطينية للصواريخ ضد الكيان الصهيوني، إلا أن البيان أكد أن هذه الصواريخ لا تبرر "هذا الهجوم العسكري غير المتكافىء كليا" معتبرين ان الدولة العبرية انتهكت هدنة هشة مع حماس من جهته انتقد مجلس الأعمال اليهودي في أستراليا هذا البيان وزعم أن مصدريه ليسوا مطلعين على حقيقة الوضع].

وفي سياق مؤتمر حزب العمل في نيو ساوث ويلز في عام 2017، نجح وزير الخارجية بوب كار في تمرير اقتراح للدعم غير المشروط لدولة فلسطينية، وكان ذلك تطورا على النهج الذي دعا إلى حل للنزاع من خلال المفاوضات والاتفاق المتبادل.

كما أعرب زعيم الحزب السابق بوب هوك و كيفن رود عن دعمهم لهذا الاقتراح، ومن الممكن أن يكون لهذا التغيير تأثير كبير على مواقف السياسة الخارجية لحزب العمال حول القضية الفلسطينية في الانتخابات القادمة. ما دفع الوزير السابق باري كوهن عن حزب العمال للزعم أن نهج الحزب "مشبع بمعاداة السامية" الاتهام الذي رفضه زعماء الحزب ولكن له صدى في المجتمع اليهودي في أستراليا، وترى الدراسة أن موقف حزب العمال مهم خصوصا بسبب صغر حجم الجالية اليهودية في أستراليا والتي توصل أيضا بأنها الجالية اليهودية الأكثر صهيونية.

زيارة دولة نتنياهو لاستراليا: الخطاب الدبلوماسي أو الالتزام المتبادل النزيه؟

التطورات الأخيرة في العلاقات بين حكومتي "إسرائيل" وأستراليا تمت في إطار زيارة رئيس الوزراء نتنياهو غير المسبوقة لاستراليا في أوائل عام 2017 ورافقها إعلانات التعاون بين "إسرائيل" وأستراليا في شكل اتفاقيات قد يتم إجراؤها بمناسبة بداية حقبة جديدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية الثنائية الوثيقة. حيث وقع نتنياهو ورئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول على اتفاقية ثنائية حول الابتكار التكنولوجي والبحث والتطوير، والتي ستكون بمثابة إطار عمل للعلم والهندسة ومجموعات الأعمال لخلق فرص العمل وصناعات المستقبل، كما تم توقيع اتفاقية طيران لتوسيع العلاقات التجارية والشخصية وأعرب تيرنبول عن أمله، على أساس الالتزامات، "لتبادل الخبرات الوطنية وخبرات بلداننا في مجال أمن الطيران والدفاع عن الأماكن المزدحمة "، فضلا عن" المبادرات التي تعزز المصالح المشتركة بين دولتينا في الأمن القومي، و مكافحة الإرهاب، الأمن السيبراني، الابتكار، التجارة" وفي الواقع، ركزت الاجتماعات بشكل كبير على الابتكار والأمن السيبراني حيث تتفوق "إسرائيل" في هذه المجالات، ولأستراليا اهتمام متزايد بتطوير قدراتها الخاصة.

[وصل تيرنبول إلى السلطة في 15 أيلول 2015 بعد أن ألقى اليمين الدستورية أمام الحاكم العام "بيتر كوسجروف" الذي يمثل ملكة بريطانيا "إليزابيث الثانية"، وبدأ مهامه الرئاسية. وجاء ذلك بعد فوزه في التصويت السري الذي جرى على زعامة الحزب الليبرالي وبالتالي رئاسة الوزراء، حيث فاز على منافسه توني آبوت (الذي صار رئيسا للوزراء عقب الانتخابات العامة في 2013)، وأزاحه عن رئاسة الحزب والوزراء، ونال تيرنبول 54 صوتا، مقابل 44 صوتا لمنافسه آبوت، ليكون بذلك رئيس الوزراء التاسع والعشرين لأستراليا.]

و ليس من المستغرب أن يكون التركيز الرئيسي للتعاون في مجال الأمن، كأحد أهم المسائل المطروحة خلال الزيارة تأكيدًا لأهمية التعاون الأمني ​​، الذي يفتقر إليه في هذه المرحلة، وتشير الدراسة إلى عدم وجود زيارات متبادلة للضباط العسكريين بينما يقيم الملحق العسكري الأسترالي لدى الكيان في تركيا ، ولكن ركز الجانبين على دمج القدرات الفضاء السيبراني في العمليات العسكرية، لإظهار التزامهم بالحوار الثنائي في الفضاء السيبراني، ومع ذلك، لم تكن الزيارة خالية من النقد، فخلال مؤتمر صحفي مشترك أكد تيرنبول التزامه بحل الدولتين بعد أن كان قد انفتح على حل الدولة الواحدة في اجتماع سابق مع الرئيس الأمريكي ترامب، ومشروع القانون الذي تقدمه المعارضة الأسترالية حاليا يشير "بوضوح وبشكل لا لبس فيه" أن المستوطنات هي عقبة في طريق السلام وتسيء إلى عملية السلام. ومع ذلك، لخص نتنياهو زيارته مشيرا إلى أن الاتفاقات التي وقعها مع الحكومة الأسترالية تعكس "التزامنا [من قبل أستراليا وإسرائيل] بالدفاع عن قيم الحرية المشتركة، الديمقراطية، حكم القانون، التعددية "

وبمناسبة الذكرى المئوية لمعركة بئر السبع في أكتوبر 2017، زار وفد أسترالي من الوزراء وأعضاء المعارضة الكيان، بما في ذلك رئيس الوزراء مالكولم تيرنبول. الذي تغيب عن نصف الأحداث المخطط لها بالنسبة له في "إسرائيل".

وقد كانت زيارته للكيان هي الأولى لرئيس وزراء أسترالي منذ العام 2000 ولكن الكيان اعتبرها تطورا مثيرا للاهتمام، حيث اعتبر أن التراث العسكري الأسترالي في المنطقة يشجع على تنمية العلاقات وقد أشار تيرنبول إلى دعم الكيان حكوميا وعلى الصعيد الشخصي، بينما وصفه نتنياهو بأنه "صديق حقيقي لإسرائيل" ولكن ترى الدراسة أن هذه المجاملات تعكس استخداما مألوفا للغة الدبلوماسية ولا تعني أنها ملموسة وقابلة للقياس.

ويشير كل من المسؤولين الإسرائيليين والأستراليين مرارًا وتكرارًا إلى مبادرات محدودة للتعاون كما في حالة معركة بئر السبع كحدث تاريخي يتشبث به كلا الجانبين في محاولة لتشديد روابطهم، ولذلك بدا أنه على الرغم من زيارة نتنياهو الهامة لأستراليا إلا أن العلاقات ليست أعمق من العلاقات بين "إسرائيل" وحلفائها الآخرين.

تحليل نقدي للعلاقات بين أستراليا وإسرائيل

تلقت أول زيارة لرئيس وزراء "إسرائيلي" إلى أستراليا انتقادات مختلطة. بسبب تركيز أستراليا الكبير على منطقة آسيا والمحيط الهادئ ما أدى إلى تجاهل الزيارة، وانخرط القليل من المعلقين في التركيز المتجدد على العلاقات بين البلدين. ورغم ذلك شملت تحليلات بعض مراكز الأبحاث أهمية العلاقة على أساس حجة “الحقيقة هي أنه لا يوجد بلد في الشرق الأوسط تتقاسم معه أستراليا المصالح كما إسرائيل" ولكن من جانب آخر، رأى آخرون الزيارة على أنها لم تظهر دبلوماسية مقنعة على أساس نظرة "إسرائيل" للعالم وحقيقة أنها لا تعرف ما تريد من العلاقة ما انعكس في انخفاض ملموس في الإنجازات في الكثير من الحقول فلجأ الجانبان للاعتماد على البلاغة اللغوية بدلا من التقدم الجوهري.

[مؤخرا، كانت أستراليا إحدى 8 دول رفضت إدانة الكيان بسبب جرائمه في قطاع غزة، ولكن أيضا أكدت جولي بيشوب وزيرة الخارجية أن بلادها لت تحذو حذو الولايات المتحدة في نقل سفارتها إلى القدس المحتلة باعتبارها أحد موضوعات الحل النهائي، ورغم أن أستراليا رفضت سابقا الدعوات لوقف الدعم عن السلطة الفلسطينية غير أنها عادت الاثنين 2 تموز/يوليو الجاري وأعلنت وقف دعمها المباشر للسلطة الفلسطينية "خشية أن تصل إلى الإرهاب" رغم أن بيشوب أكدت "أنا متأكدة من أن الأموال الأسترالية السابقة، المقدمة للسلطة الوطنية الفلسطينية من خلال البنك الدولي، قد استخدمت في الغرض المقصود منها". وبحسب ما ورد في الصحافة العالمية أعلنت وزيرة الخارجية، في وقت سابق من اليوم، وقف تحويل الاشتراكات السنوية البالغة 10 ملايين دولار أسترالي (حوالي 7.4 مليون دولار) إلى الصندوق الائتماني للبنك الدولي لإعادة الإعمار والتنمية في فلسطين والموقف الأسترالي الأخير ينسجم تماما مع المطالب الصهيونية.]

تخشى دولة الاحتلال أن تأتي حكومة عمالية جديدة في أستراليا تؤكد على دعمها غير المشروط لفلسطين واعترافها بها، في وقت يتلاشى فيه دعم الحزب الوطني الليبرالي (NLP) "لإسرائيل" أيضا وترى الدراسة أن هذه المخاطر تعزى إلى حد كبير إلى فشل الدبلوماسية "الإسرائيلية" ولكن ترى أن عرضا دبلوماسيا ناجحا يمكن أن يقلص العروض الفرص الفلسطينية عبر دبلوماسية استباقية وقد تعطي المصالح المشتركة دافعًا “لإسرائيل" للتركيز بشكل كبير على استعادة علاقاتها مع أستراليا، لئلا يتم إهمالها في النهاية، وتفقد حليفا مهما.