الناظر لأرشيف العام الماضي سيجدُ أن شهر رمضان كان يعجُ بالمشاهد الدموية المؤلمة، استعادة النظر لمشاهد الأطفال المضرجين بالأحمر، وأحياء الكاملة تحولت لأكوام من الركام، جرح لم يغلق ويبقى متاح لينكأه الغزي وينظر في عمق جرحه ومأساته متى شاء.
يأمل الغزيين ان يتاح لهم في شهر رمضان لهذا العام، ان يشاهدوا التلفاز فحسب، لعل ذلك يساعد المشاهد على نسيان بعض المشاهد المؤلمة، ولكن الدراما الفلسطينية الرمضانية لا تبتعد كثيرا عن واقع الفلسطيني، فعبر الحكواتي فلفل والفدائي وغيرها من الأفلام والمسلسلات الدرامية، يتابع الفلسطينيون تمثيل لواقعهم في تفاصيل الاعمال الدرامية لهذا الموسم الرمضاني.
مسلسل الفدائي والذي سيبث عبر فضائية الأقصى في شهر رمضان المبارك تتحدث حلقاته عن قضية الأسرى وتهويد المنازل الفلسطينية في مدينة الخليل بالضفة المحتلة .
مخرج الفدائي محمد خليفة أخرج العديد من الأفلام السنيمائية منها ( بيارة الموت , عين الصقر , إخوة الدم ) لكن مسلسل الفدائي كان الأضخم في مسيرة خليفة الإخراجية .
فيقول المخرج ان اخراج المسلسل يتطلب مجهود مضاعف عن اخراج الفيلم لأنه يتطلب تركيز أكبر, ومسلسل الفدائي شارك في تمثيلة العديد من الأشخاص حديثي التمثيل ولأول مرة يواجهون الكاميرا فأبدعوا , وكان الهدف من ذلك التنويع والتجديد والسماح للطاقات والمواهب الشابة بأن تظهر على السطح , مضيفاً ان ابرز الصعوبات التي واجهته كمخرج هو عدم وجود لوكيشن خاص بالتمثيل وعدم وجود مدينة إنتاج إعلامي التي بدورها تسهل كل عمليات التصوير واخراج المسلسلات والافلام .
المخرج المساعد سعدي العطار احد أفراد طاقم تمثيل مسلسل الفدائي يقول ان لوكيشن التصوير كان له حكاية أخرى في المسلسل فعند البحث عن مكان تصوير ممتاز كالبحث عن إبرة في قوم قش , فبيوت مدينة الخليل القديمة لها طابع خاص ومن النادر جدا ان توجد في غزة , لكن وبعد صعوبة تغلبوا على الأمر .
العطار يضيف انه عند التصوير في منزل قديم هو بالأصل مسكون من قبل عائلة من الصعب على أصحابه ان تصور داخل المنزل لمدة خمسة أيام, وعند تصوير مشاهد الشوارع تجد مضايقات من الناس والأطفال فيتجمهروا حول الطاقم مما يعيق العمل والتصوير فالمشهد يعاد مرات ومرات حتى يكون بجودة مقبولة .
أما أحمد الوحيدي من ادراة الإنتاج قال ان بداية انطلاق تصوير مسلسل الفدائي كانت في بداية يناير هذا العام ومسلسل الفدائي هو أشبه بالمتخصص بقضية الاسرى واول مسلسل يتحدث عن معاناة الاسرى واهاليهم في الزيارات .
وأردف الوحيدي أن مجموعة من المعيقات واجهتهم في مسلسل الفدائي منها قلة المعدات الخاصة بالتصوير مع وجود الحصار وعدم القدرة على الاستيراد من الخارج , وان مواقع التصوير هي مواقع حية لعدم توفر مدينة انتاج اعلامي فالباعة المتجولين وصوت المارة يؤثر بشكل كبير على أداء التمثيل مما يتطلب من جميع افراد طاقم التمثيل التركيز أكثر .
وختم الوحيدي ان مسلسل الفدائي يشكل قفزة نوعية في الدراما الفلسطينية فلديه القدرة على منافسة أعمال الوطن العربي لهذا العام .
كوميدي تراجيدي
تلفزيون فلسطين في هذا العام سيبث مسلسل "الحكواتي فلفل" من انتاج شركة المنطار للإنتاج الفني وهو عبارة عن مجموعة من الحلقات الإجتماعية المتنوعة التي تحاكي الواقع الفلسطيني المرير الذي يعيشه سكان قطاع غزة مثل (الكهرباء و غلاء المهور وغيرها) فتقول بطلة المسلسل الفنانة نور النجار انها تكون زوجة المخرج سعيد البيطار في احدي الحلقات المحبوكة بشكل درامي جميل , وهناك حلقات تم تناولها بشكل درامي كوميدي وهناك حلقات أخرى تم تناولها بشكل تراجيدي للدلالة على معاناة الناس في هذه الحلقات .
الفنانة النجار والتي تقف لأول مرة أمام الكاميرا وهي بالاساس مذيعة صحفية تنازلت عن بعض حقوقها المادية من اجل نجاح واستمرار العمل .
المخرج خالد خماش كان احد كتاب سيناريو ومخرجين "الحكواتي فلفل" وكام له دور في كتابة الحلقات الكوميدية التي تناقش السلبيات الموجودة في المجتمع التي تهم الأسرة بالدرجة الأولى مثل مشكلة الزوجة التي تفشي أسرار زوجها خارج البيت والزوجة الفضولية التي تريد معرفة أسرار بيت الجيران , فالمشاهد عندما يرى حلقات المسلسل سيخرج برسالة مفيدة .
وأضاف خماش انه على مر الزمان الدراما لا تغير أو تعدل سلوك في المجتمع لكن الدراما تسلط الضوء على القضايا وتترك للمشاهد ان يغير ويعدل من سلوكه السلبي .
مدير إنتاج مسلسل "الحكواتي فلفل" فتحي عمر تحدث بدوره عن المعيقات التي واجهتهم أثناء تصوير المسلسل والتي كان اولها صعوبة التصوير في بعض الأماكن وصعوبة التنسيق لكنهم تغلبوا على هذه المشكلة وأزمة الكهرباء أعاقت تصوير بعض الحلقات مما دفعهم لإبتكار أساليب جديدة للتغلب على هذه المشكلة وتصوير الحلقات على أكمل وجه ,مضيفاً أن مواضيع بعض الحلقات من باب أهميتها كقضية أبنا العملاء المظلومين والمهمشين مجتمعياً ستطرح في مسلسلات لاحقة وأفلام مستقبلية .
الأعمال الدرامية التي ستبث في شهر رمضان لم تكن حكراً على الفضائيات بل كان هناك نصيب للإذاعات المحلية من كعكة الدراما الرمضانية .
بلا سياسة
إذاعة صوت القدس المحلية العاملة على الموجة 102.7fm كان لها نصيب من الدراما الرمضانية لهذا العام فقال المسؤل عن قسم الدراما في الإذاعة الكاتب نبيل ساق الله: ان طبيعة الدراما في اذاعة القدس هي دراما اجتماعية حياتية يومية كوميدية وابتعدنا عن السياسة في التمثيل الدرامي لفشل السياسيين في حل مشكلاتهم في على أرض الواقع .
ساق الله يضيف "أنتجنا مسلسل "عائلة لطيفة" وهو مجموعة من الحلقات المتنوعة وكل حلقة مختلفة عن الاخرى والمسلسل بشكل عام يتحدث عن الحَماه والكنة والصراع الكوميدي الراقي بينهما مع اضافات كلامية جديدة غير مقتبسة بل جديدة من صناعة المخرج نفسه" .
أما المسلسل الثاني الذي أنتجته إذاعة القدس لهذا العام هو "مجرموا النكبة" والذي يسلط الضوء على المجرمين من بني صهيون منذ بداية الحركات الصهيونية للكتاب هاني مطر .
والمسلسل الثالث هو "خيوط العنكبوت" وهو عبارة عن حلقات متسلسلة مكملة لبعضها البعض مكونة من 15 حلقة تتحدث عن أساليب الاحتلال في اسقاط العملاء والضغط عليهم .
وبين المخرج نبيل ساق الله ان الدراما الموجودة لا ترتقي الى الدراما الاذاعية المطلوبة لنقص الامكانيات, حيث ان الدراما الاذاعية تحتاج الى استديو كبير خاص بها يوجد فيه جميع ما يحتاجه الممثل لإخراج صورة طبيعية لمؤثرات صوتية من داخل الاستديو كأصوات تحدث داخل المطبخ مثلا او صوت المياه جميعها تكون داخل الاستديو كما في الإستديوهات المصرية التي تكون كبيرة ويوجد فيها جميع الامكانيات ولكن ما يحدث معنا والاصوات التي نخرجها هي عبارة عن اصوات مسجلة واذا احتجنا لتسجيل مؤثر صوتي نذهب الى مكان ما للتسجيل فيأخذ وقت أكبر وإمكانيات أعلى .
إذن قضية الأسرى , أبناء العملاء , أزمة الكهرباء , مدينة الخليل , الحماة وكنتها , ومجرموا النكبة , غلاء المهور , والعديد من القضايا الوطنية الإجتماعية هي المكونات الشهية في الطبق الرئيسي على مائدة الدراما الفلسطينية لشهر رمضان .