حسم حزب (البيت اليهودي) اليميني الصهيوني موقفه، في النهاية وقرر أن وزيراه، نفتالي بينت (التربية) وإيليت شاكيد (العدل)، سيستمران في الحكومة وأعلنا سويا في مؤتمر صحفي أنهما لن يستقيلا. وزعم نفتالي بينت أنه يفضل أن يخسر أمام نتنياهو على أن يخسر أمام يحيى السنوار.
كان البيت اليهودي قد توعد مرتين منذ استقالة أفيغدور ليبرمان بالانسحاب وتفكيك الحكومة إذا لم تسلم حقيبة الحرب إلى بينت، ولكن يبدو أن دهاء وحنكة نتنياهو تغلبا على شراسة وطموح نفتالي بينت، ومن الواضح بمعزل عن كل الترهات التي قالها بينت في المؤتمر الصحفي أن الحزب اضطر لبلع الإهانة، لتمسكه حتى النهاية بحبال نتنياهو، ورغبته أن يكون معه في الائتلاف الجديد، ويعلم نفتالي بينت جيدا أن الفرص التي تتاح لحزبه مع نتنياهو في الائتلاف القادم ليس لها مثيل مع أي شخص آخر، كما أن شاكيد عبرت سابقا بصراحة عن أنها تدعم نتنياهو لولاية جديدة وأنها ستكون في حكومته كما تعتقد هي.
يبقى الموضوع الانتخابي طاغيا برأينا على مجمل ما سمع من خطابات، سواء من نتنياهو يوم أمس أو من نفتالي بينت اليوم، فالصراع الآن على كعكة الناخبين اليمينيين، ووراء الأصوات من ليبرمان، ولكن هذا يبقى لعبة خطيرة يمارسها أطراف الائتلاف الصهيوني، قد تؤدي إلى تصرفات غير منضبطة، وغير محددة المعالم، ولكن ما نعرفه الآن أن الجميع متعطشون لسفك الدم الفلسطيني، وكما هو معتاد يدخل هذا الدم في الوقت المناسب إلى بازار الانتخابات الصهيونية، وإن كان على الصهاينة أن يغيروا السيناريو هذه المرة، بعد أن خيبت المقاومة آمالهم ويبقى أننا في مواجهة عدو متجبر تمثل العنجهية سمة لازمة من صفاته ولايمكن الركون إلى الاطمئنان بوجوده.
بالعودة إلى بينت في المؤتمر الصحفي فقد قال أنه في اجتماعه يوم الجمعة مع نتنياهو أوضح له أن كلامه لم يكن يجب أن يؤخذ كإنذار، و " أعلن رئيس الوزراء أنه ينوي تغيير الاتجاه. إنني أعلن الآن أننا نزيل كل مطالبنا السياسية وسوف نساعد رئيس الوزراء على الفوز".
وزعمت شاكيد التي لم توفر أي فرصة لمهاجمة ليبرمان، وزير الحرب المستقيل "نحن ممثلي الشعب، ونحن لا تهرب من المسؤولية، "
العبارة المهمة التي نطق بها بينيت كانت "مع شركائنا سنقرر ما إذا كنا سنسقط الحكومة أم لا"، فهل حصل بينت على صفقة لاحقة في الكنيست القادمة، ليترك لنتنياهو "شرف إسقاط الحكومة؟ ننتظر ونرى، لأن أسهم إسقاط هذه الحكومة ما زالت عالية ويبدو أن هناك خلاف على الوقت والتوقيت.
وقد كرر نفتالي بينت بعض كلام نتنياهو إذ قال " سنواصل العمل لضمان أمن إسرائيل" وكرر الوزيران القول بأنهما إذا لم يقوما بتفكيك الحكومة فإنه ما زال هناك حاجة " لتغيير في المفهوم الأمني" وأكدا أنهما سيساعدان نتنياهو على "إعادة الردع إلى إسرائيل" ووجها سهامهما إلى ليبرمان إذ قالت شاكيد "لن نكون وصمة عار مثله". واعترف بينت "لابد من دفع ثمن سياسي معين في الساعات والأيام القادمة".
وزعم بينت أن الجنود الصهاينة لايملكون الحرية الكافية في إطلاق النار على الفلسطينيين بسبب خوفهم من القواعد التي يضعها المدعي العام، والتمحيص في قانونية إطلاق النار على حد زعمه، وقال "مقاتلونا خائفون من المدعي العام العسكري أكثر من السنوار" متسائلا عن الشخص الذي " قرر إطلاق مصطلح "أطفال" على الإرهابيين الذين أطلقوا بالونات "
واعترفت شاكيد أيضا أن قرار العدول عن الاستقالة، قد يضر بهما بشكل شخصي، ويسيء إلى سمعتهما السياسية ولكنها زعمت أنهما يتصرفان " بدافع المسؤولية الوطنية مضيفة أن يد حزبهم مهمة جدا في المعركة بحيث لايمكن رفعها عن الزناد في هذا الوقت، مدعية أن " حزب البيت اليهودي لا يزال الأكسجين للحكومة الوطنية".
قبل المؤتمر الصحفي لبينت وشاكيد بدقائق كان نتنياهو قد وجه لهما ما يمكن القول أنه ‘إنذار معاكس، فقد قال إن موضوع الإطاحة بالحكومة أمر حساس وخطير، وأضاف أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست إن "إسرائيل في معركة لم تنته بعد" و"نستعد لمواجهة كل التحديات". وقال نتنياهو فيما يعتبر رسالة لشركائه وخصوصا المتمردين منهم "اذا قرر شركاؤنا الاطاحة بالحكومة أم لا فإننا سنواصل العمل لضمان أمن بلدنا وأمن مواطنينا."
في النهاية ورغم كل شيء تبقى صلابة نتنياهو وقدرته على المضي قدما على محك فقدرة حكومته على العمل خلال الفترة المقبلة بقاعدة ائتلافية من 61 مقعدا فقط، وهو أمر مشكوك فيه بسبب الخلافات أصلا بين الأحزاب في قضايا أخرى مهمة جدا لقواعدهم الانتخابية.