لطالما أضاءت علاقة الحركة الصهيونية والكيان الصهيوني مع النظم الفاشية والعنصرية الأخرى الكثير حول حقيقة هذه الحركة، وهذا الكيان ، ولعل ما يقوله المفكر الراحل إسرائيل شاحاك المؤرخ المناهض للصهيونية يؤشر بوضوح على ما سنلحظه هنا من أن الطيور على أشكالها تقع، وأن كيانا من طراز الكيان الصهيوني سيجد علاقاته مع أنظمة وقوى توافقه أيدلوجية ورجعية.
هذا النص يبحث في هذه العلاقات، وطابعها العسكري أساسا التي جمعت بين الكيان الصهيوني وأنظمة مختلفة المرجعيات الأيدلوجية والسياسية، ولكنها تتفق جميعا على انتهاك القانون الدولي، والاستهتار الدموي بحقوق الإنسان، ويبرز بشكل خاص عنف الانتهازية الصهيونية في موضوع تجارة السلاح الذي يبرز في مستويين: الشره المادي، المستند على إعجاب الكيان بتفسه كأحد أكبر مصدري السلاح في العالم، واستغلال هذه الميزة بدون تمييز في بيع السلاح لمختلف أنواع القتلة والمطهرين العرقيين من جهة، وحقيقة أن الكيان يستخدم اضطهاد الشعب الفلسطيني والاحتلال والعدوان المستمر في تحويل هذا الشعب وأرضه لبيئة لاختبار السلاح لبيعه مع ضمانة نجاعة الاستخدام. وقد استندت هذه التجارة من ناحية أخرى على أمرين، فإضافة إلى الجانب المادي والأرباح الهائلة سعى الكيان الصهيوني عبر دعم هذه الأنظمة إلى شراء الولاء وتكريس السلوك التصويتي لهذه الدول في الأمم المتحدة لمصلحة الكيان الصهيوني، ومن جانب تلك الدول استفادت من وجود نظام مارق لايخشى تصدير السلاح إليها بمعزل عن القوانين الدولية كما إن استخدام هذا السلاح سيتم تغطيته دوليا بمساعدة الولايات المتحد التي لاتريد فضح الكيان من جهة ولأن الولايات المتحدة كان لها دور مركزي في الصراعات في أمريكا اللاتينية ودور هذه الأنظمة في تحويل بلدانها لجمهوريات موز وحديقة خلفية لواشنطن، مقابل استمرار تربع الطغم الحاكمة في السلطة.
ويستند هذا النص إلى أبحاث خاصة قام بها الكاتب، وأبحاث قام بها غيره ونشرت في آماكن عديدة أهمها، مقالات متعددة في جريدة هآرتس، وتقارير في الصحافة العالمية، ويستند الجزء الثاني من هذا النص بالتحديد إلى تقرير مطول كتبه ريتشارد سيلفرستين بعنوان "عملاء إسرائيل في مجال الإبادة الجماعية" على موقع Jacobin اليساري الأمريكي مؤخرا. وسيلفرستين هو مدون أمريكي ومؤلف يكتب عن "الأمن القومي الإسرائيلي".
يقول شاحاك «عندي تجربة كبيرة مع النازيين فقد رزحت تحت حكمهم، وهذه التجربة تخولني حق الحديث عن أوجه الشبه بين النازية العادية بوجهها الألماني والنازية الإسرائيلية، كيف تبرر إسرائيل لنفسها التعاون مع جنوب أفريقيا، حيث يوجد هناك عدد كبير من قدامى النازيين، وإسرائيل لا تتعاون مع نازيي جنوب أفريقيا فحسب بل مع نازيي الأرجنتين أيضا، وباراغواي المملوءة بالنازيين أكثر من الأرجنتين، إن حكام إسرائيل والحركة الصهيونية من ورائهم، لا يهتمون بشيء غير مصلحة الدولة الإسرائيلية وبقائها، وهذه المصلحة لا تهتم بما هو خير أو شر للفرد اليهودي، بل بما هو خير أو شر للحركة الصهيونية والدولة الصهيونية» سنجد من خلال هذا النص كيف أن هذه العلاقة القائمة على العناصر الأساسية لأفكار الفاشية تشكل حجر الأساس لتحالف شيطاني لنظم قامعة تختلف مسمياتها وتوصيفاتها .
سجل العار
كان للكيان الصهيوني طوال العقود الماضية علاقات وثيقة مع الأنظمة العنصرية والديكتاتوريات العسكرية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والوسطى، وبالتركيز على أنظمة أمريكا الوسطى الديكتاتورية، غواتيمالا ونيكاراغوا وهندوراس وكوستاريكا وكذلك عهد الديكتاتورية العسكرية في البرازيل وهي أنظمة مارست وبعضها لا يزال أبشع أساليب القهر والاضطهاد بحق شعوبها وخاصة السكان الأصليين من شعوب القارة الأصلانيين.
وقد كان الكيان قد حظي منذ نشأته بدعم وتعاطف واسعين من جانب أنظمة هذه الدول لسببين أولهما النفوذ الأمريكي الواسع في تلك الدول الذي دفع للاعتراف "بإسرائيل" منذ قيامها والسبب الثاني مرتبط بنفوذ التجمعات اليهودية الكبيرة الحجم والنفوذ في أمريكا الوسطى وارتباطها بأوثق الروابط مع الحركة الصهيونية ودعمها لنشاطها منذ الثلاثينيات من القرن الماضي.
غواتيمالا:
بالإمكان إعادة الروابط القوية بين الكيان وغواتيمالا في فترة الحرب الأهلية التي لعب فيها الجنرال والدكتاتور إيفرين ريوس دورا بارزا إلى عدة عوامل، يأتي في القلب منها الطبيعة العنصرية لكلا النظامين، فكما قامت "إسرائيل" على أساس طرد الفلسطينيين من وطنهم، كذلك النظام العنصري الغواتيمالي قام بقمع واضطهاد السكان الأصليين (هنود المايا) الذين يشكلون غالبية سكان غواتيمالا وخاصة في مناطق التمردات الثورية.
وتعود العلاقات التاريخية بين النظامين إلى ما قبل قيام "إسرائيل" ففي العام 1947- 1948 لعب (جورج غارسيا غرانادوس) – والذي كان مندوباً لبلده في اللجنة الخاصة ب فلسطين في الأمم المتحدة قبل أن يصبح رئيساً لغواتيمالا- دوراً مؤيدا للحركة الصهيونية ودورا مؤثرا في اللجنة حملها على الاعتراف بقرار التقسيم، كما حث على الاعتراف الفوري بـ"إسرائيل" وكان صديقا مقربا لقادة صهاينة من أمثال بيغن وشامير. وتطورت هذه العلاقة بشكل كبير ففي كانون الأول/ ديسمبر 1977 قام الرئيس "الإسرائيلي" أفرايم كاتزير بزيارة إلى غواتيمالا وقع خلالها اتفاقا للمساعدة العسكرية ولم تقتصر العلاقات "الإسرائيلية" –الغواتيمالية على تصدير السلاح من الأولى إلى الثانية بل اتسعت لتشمل عدة مجالات وخاصة القمع العنصري الذي مارسته السلطات الغواتيمالية ضد السكان الأصليين، مستعينة بالخبرات "الإسرائيلية" في قمع الفلسطينيين وعزلهم حيث كان اهتمام السلطات الغواتيمالية يتوجه أساساُ ما بين عامي 1954-1984 إلى تدمير المجتمع الهندي التقليدي ومحو ثقافته الأمر الذي تملك "إسرائيل" سجلا حافلا من الخبرات فيه، مما جعل الخبراء والمستشارين الصهاينة يتدفقون على غواتيمالا، ولمعرفة مدى نفوذهم نذكر انه حينما استولى (ريوس مونت) على السلطة في انقلاب عسكري في آذار 1982 اعترف "الإسرائيليون" باشتراكهم في التخطيط له وتنفيذه وأعدوا له برنامجا جديدا (لتهدئة الريف) سمي (الحبوب والرصاص) قام على تقديم الطعام والسكن للفلاحين المتعاونين مع الحكومة والقمع والاضطهاد للمناوئين لها.
وعلى صعيد آخر وبمساعدة "إسرائيلية" نفذ ريوس مونت خطة أخرى على أساس تجنيد جزء من الفلاحين في حرس الدفاع المدني المشكل بإشراف الجيش لمواجهة جماهير الفلاحين، حيث يحصل المجندون على الطعام والسلاح مقابل اضطهاد الفلاحين وقمع أصحاب الميول الثورية وضم هذا الحرس حوالي المليون، وقد ذكرت الواشنطن بوست أن المستشارين الإسرائيليين يساعدون أجهزة الأمن الغواتيمالية على اضطهاد المجموعات السرية للثوار وعام 1982 بلغ عدد هؤلاء المستشارين الثلاثمائة.
وتعليقا على عمق التعاون صرح أحد القادة الرسميين الجدد في غواتيمالا أن «الإسرائيليين لا يدعون هذا المسمى حقوق الإنسان يقف عثرة في طريق التعاون المشترك، فأنت تدفع وهم يسددون التزاماتهم بلا مشكلات" وهو نفسه ماقاله مسؤولون سيرلانكيون على ما سوف نرى لاحقا في هذا النص..
نيكاراغوا:
النموذج الثاني لعلاقات "إسرائيل" المشبوهة مع نظم رجعية هو نيكاراغوا، وترجع العلاقات بين النظامين إلى ما قبل إعلان قيام الكيان الصهيوني حيث قام الديكتاتور انستاسيو سوموزا بتوفير الغطاء الدبلوماسي اللازم لشراء الأسلحة من أوربا لصالح قوات الهاغاناة، وردا للجميل قامت "إسرائيل" بتزويد نظام الديكتاتور بالمعدات العسكرية اعتباراً من منتصف الخمسينيات، وخلال السبعينيات كانت 98% من واردات نيكاراغوا من السلاح تأتي من "إسرائيل".
وكانت "إسرائيل" حريصة كل الحرص على حماية نظام سوموزا ودعمه في وجه الثورة الساندينية، ففي عام 1979 كتب دايان وكان وزيرا سابقا للحرب في "إسرائيل" إلى عيزرا وايزمن خليفته في المنصب حينها يحذر من «كارثة ستصيب العلاقات الخارجية لـ"إسرائيل" إذا لم يستطع السلاح "الإسرائيلي" إنقاذ الديكتاتور سوموزا من الكارثة التي تواجهه» هذا التحذير جاء بعد الاتفاق "الإسرائيلي"- الأمريكي على أن تزود المكسيك "إسرائيل" بالنفط (الذي كانت في أمس الحاجة إليه بعد توقف الإمدادات من إيران اثر خلع الشاه)، مقابل أن توقف "إسرائيل" تزويد سوموزا بالأسلحة.
وفيما بعد إثر انتصار الثورة الساندينية كان الكيان الصهيوني متورطا في العمق بدعم عصابات الكونترا التي أنشأتها المخابرات الأمريكية من المرتزقة المناهضين للثورة، وكان الكيان يقدم المساعدة لدعم العصابات الإرهابية كوسيلة للمخابرات الأمريكية وإدارة ريغان لإخفاء الأمور عن الكونغرس، تجاه معضلة ضرورة دعم هذه العصابة الحليفة، وقد حدث ذلك بطريقة غريبة، حيث اجتاحت "إسرائيل" لبنان عام 1982 في محاولة للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وتوسطت الولايات المتحدة بعد حصار دموي لبيروت بخروج مقاتلي المنظمة، ما أسفر عن المذبحة الرهيبة في صبرا وشاتيلا، وعندما أبحر مقاتلو المنظمة خارجين من بيروت كانت "إسرائيل" قد استولت على كميات كبيرة من السلاح المتروك قامت ببيعه إلى الكونتراس في حربها ضد الحكومة اليسارية.
وقد صرح أحد قادة الكونترا " الجميع يعرف أن البائعين كانوا إسرائيليين، وأنهم قد انتزعوا السلاح من الفلسطينيين في لبنان"، وقال آخر لصحيفة مكسيكية عام 1988. "ليس لدي أي شك - قال كثير من الناس لي ذلك - أن الأشخاص الذين شاركوا مع وكالة المخابرات المركزية في إرسال الشحنات كانوا إسرائيليين".
طبعا، استفادت "إسرائيل" أيما استفادة من أوضاع أمريكا اللاتينية التي لم تشهد الاستقرار حتى الآن، واستمرت الحروب المتعددة بين تلك البلدان وهي حروب قامت على حساب أوجاع ومصالح مواطني أمريكا اللاتينية ومن قبل أنظمة ديكتاتورية عسكرية رجعية. الاستفادة الكبرى هي أن "إسرائيل" نظرت إلى تلك المنطقة كسوق رائجة للسلاح "الإسرائيلي" والمعاد تصديره، ولعل من الأمثلة الكبيرة الدلالة على هذا الوضع أنه بعد عام 1969 اتجهت السلفادور للحصول على السلاح "الإسرائيلي" وحصلت بالفعل عام 1973 على 49 طائرة حربية فأعلنت الهندوراس غضبها على الصفقة كونها كانت في حالة حرب مع السلفادور فما كان من "إسرائيل" إلا أن أبرمت مع هندوراس تلك الصفقة الهامة عام 1975 بقيمة 57 مليون دولار، وعندما تصاعد التوتر بين البلدين الجارين عام 1976 كان من المثير للدهشة والغثيان من السياسة "الإسرائيلية" احتشاد الأسلحة الإسرائيلية على جانبي النزاع ليحصدا الدمار والموت وتحصد "إسرائيل" مئات الملايين من الدولارات وهو الأمر الذي تكرر الآن في جنوب السودان .
كشف جديد
تمت تغطية غرام الرئيس البرازيلي الجديد بولسونارو، بالكيان الصهيوني على نطاق واسع، وهذا الغرام ليس جديدا، بل يعود للعلاقات الوطيدة التي ربطت الكيان الصهيوني بالديكتاتورية العسكرية البرازيلية على مدى أكثر من عقدين، ولكن كشوفا جديدة تظهر عمق هذه الروابط التي وصفت بأنها حميمة بين الجانبين، وقد أشار تقرير نشر في مجلة +972 إلى هذه "العلاقات الحميمة" مع الديكتاتورية العسكرية في البرازيل، التي حكمت البلاد ما بين 1964-1985. ويبدو أن عودة أحد أبرز رموز تلك الحقبة الدموية في البرازيل ليحتل منصب الرئيس مناسبة جديرة بإعادة إلقاء الضوء على هذه الوقائع.
وفقا للتقرير في +972 فإنه بعد عام على الانقلاب، في يونيو 1965، كتب أرييه ايشيل، مدير الشؤون الأمريكية اللاتينية في وزارة الخارجية "الاسرائيلية"، إنه يأمل أن "النظام الحالي في البرازيل يستمر".، وهذا ليس بعيدا جدا عن الفرحة التي عمت الكيان الصهيوني بفوز بولسونارو مؤخرا في انتخابات رئاسية مشكوك بنزاهتها السياسية على الأقل.
واستنادا إلى المعلومات المتاحة، والتي لا تخضع للرقابة، يذكر التقرير ان هناك "علاقات قوية" فيما يتعلق بالعلاقات العسكرية: فقد استخدمت قوات الأمن البرازيلية الرشاش الصهيوني من طراز عوزي، كما كشفت اللجنة البرازيلية لتقصي الحقائق عن أن عملاء المخابرات من دائرة الاستخبارات الوطنية البرازيلية (SNI) الذين كانوا مسؤولين عن عن التعذيب والقمع والجرائم التي ارتكبها النظام قد تلقوا التدريب في "إسرائيل".
بالإضافة إلى ذلك ، "دخل النظامان في معاهدة نووية للأغراض السلمية" ؛ ذهب العلماء النوويين "الإسرائيليين" للعمل في البرازيل "، وحتى أن فراير، رئيس "لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية"، قام بزيارة إلى البلاد في أوائل السبعينات، وقد دخلت الاتفاقية النووية الأولى بين الكيان والبرازيل حيز التنفيذ في آب/ 10 أغسطس 1964 ، بعد أربعة أشهر فقط من الانقلاب العسكري. وتم توقيع اتفاقيات تكميلية في 1966 و 1967 و 1974.
وليست مصادفة أنه في ذات الوقت في أعقاب عدوان 1967 قام رئيس الوزراء الصهيوني ليفي أشكول بإثارة فكرة تهجير الفلسطينيين إلى البرازيل وتم تفحص هذه الفكرة مع حكام البرازيل.
وبعد محادثات مع السفارة "الإسرائيلية" في البرازيل، كتب اشكول في 8 آب /أغسطس 1967: "هذه المحادثات تعطيني سبب للاعتقاد بأنه مع الجهود المكثفة، الآلاف، إن لم يكن عشرات الآلاف من العائلات العربية، وخاصة من قطاع غزة، يمكن أن يهاجروا إلى البرازيل ".
كيف يتعامل النظام القانوني الصهيوني مع الأمر
على مدى سنوات سعى محام "إسرائيلي" يعمل في مجال حقوق الإنسان يدعى إيتاي ماك، مع فريق من المساعدين لكشف حجب السرية الغامضة التي أحاطت بتواطؤ "إسرائيل" مع بعض أسوأ أنظمة الإبادة الجماعية في العالم، وربما استنادا إلى المقدمة أعلاه، لايبدو هذا مفاجئا ولكن الوثائق طبعا تختلف عن التحليل العام والمعلومات االمتفرقة التي تم جمعها من قبل الكثيرين على مدى سنوات.
نجح إيتاي ماك في مسعاه تقريبا، عبر استخدانم آلية قانونية في الكيان الصهيوني بتقديم طلبات لكشف المعلومات بناء على قانون "حرية المعلومات" وحق الجمهور في الوصل إليها، تقدموا بطلباتهم من وزارة الحرب عبر معارك قانونية شائكة، تضمنت التماسات ودعاوى، وردها والتماسات مناقضة من الحكومة، ، وكانت الالتماسات تتعلق أساسا بالكشف عن وثائق صفقات السلاح التي عقدها الكيان الصهيوني وكذلك عقود الاستشارات والتدريب العسكري والأمني في دول مثل سيرلانكا وميانمار وصربيا وجنوب السودان ورواندا خلال عقود من الصراع العرقي. ما هي الأسلحة التي تم توريدها وإلى من، وكيف تم استخدام الأسلحة، ومدة استمرار التجارة.
دائما كانت الوزارة ترفض، ودائما استأنف الفريق لدى محكمة العدل العليا التي انحازت إلى الجيش وحكمت بأن هذه المعلومات قد حجبت عن الرأي العام بشكل قانوني من أجل حماية أمن الدولة.
يلاحظ سيلفرستين أنه من الصعب فهم كيف أن الكشف عن تسليح القتلة في راوندا يعتبر مساسا بأمن الدولة، وتكم الإجابة في كون هذه الدولة شريكا مباشرا في الجرائم التي حدثت بعلمها وسلاحها، طبعا لأن هذا الكشف يضر بسمعة "الديمقراطية الوحيدة " في الشرق الأوسط التي تستمر بالتشدق بحقوق الإنسان و"رعاية" الأقليات لتخفي حقيقة أنها دولة مارقة تنتهك بشكل دائم القانون الدولي وقواعد السلوك المرتبطة به.
والكيان الصهيوني طبعا دولة أمنية، الجميع يعرف هذا، ويعرف الجميع أيضا أن الحقوق الفردية وحق الجمهور في المعرفة تخضع لإرادة و جهاز المخابرات العسكرية، وكما حال كل نظام من هذا االنوع من الاسهل بكثير تبرير السرية باستخدام مفهوم حماية الدولة ومواطنيها من الاعتراف أن السرية هدفها بالأساس خماية جهاز أمني واحد، لأن هذا الجهاز ببساطة مع ممارساته في الداخل وحول العالم هو الصورة الحقيقية لـ"إسرائيل".
ضمن هذا السياق منعت حكومة الاحتلال مؤخرا نشر تقريرين رئيسيين يكشفان كيف قام الكيان بتسليح الدول والجماعات التي نفذت وتنفذ أعمال إبادة جماعية أو عنف جماعي.
وقد جاء المنع برد التماس ايتاي ماك الذي طلب الكشف عن تجارة الأسلحة للقوات السنهالية في سريلانكا في حربها ضد نمور التاميل التي استمرت ثلاثين عاما وانتهت عام 2009 بخسارة حوالي 75000 معظمهم من المدنيين.
قال المحامي "الإسرائيلي" أن الكيان لعب دورا أكثر محورية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية عبر التزويد بالطائرات المسيرة القاتلة وطائرات وسفن صنعت في "إسرائيل" استهدفت عمدا المدنيين وتسببت بتكلفة بشرية عالية للغاية. كما قام الجيش الصهيوني بتدريب القوات السريلانكية التي نفذت تلك االجرائم وكذلك شاركت الشرطة "الإسرائيلية" في هذا التدريب.
من هذه القصص المأساوية استخدام طائرة كفير في 14 آب/ أغسطس 2006 من قبل القوات السريلانكية لتفجير دار أيتام للفتيات حيث كانت تعيش 400 فتاة.
زعمت القوات السريلانكية أنه يتم تدريب الفتيات ليتحولن إلى مقاتلين وقتلت حوالي 60 فتاة على الفور، وأصيب العشرات، قبلها عام 1999 هاجمت طائرة حربية "إسرائيلية" أخرى مدرسة، مما أسفر عن مقتل 21 من الأطفال والمعلمين.
يقول سيلفرستين أن الأبحاث الاستقصائية واعترافات مبثوثة لكبار المسؤولين في ذلك البلد أثبتت أن المدنيين والأهداف المدنية استهدفوا عمدا مع الوعي الكامل للقوات الامنية للحكومة.
وينقل سيلفرستين عن إيتاي ماك أن قاضي المحكمة الجزئية شاؤول شوحيت حكم بأن الوثائق التي تحتفظ بها وزارة الحرب، يجوز حجبها عن الرأي العام، وجاء هذا بعد أن عقد جلسة مغلقة مع ممثلي الدولة، بما في ذلك المحامين، ومسؤولين في وزارة الحرب، وحتى وكالة الموساد، وتم استبعاد صاحب الالتماس من الاجتماع.
في تلك الجلسة قدمت الدولة أدلة سرية للقاضي بهدف إقناعه بأن الكشف عن أي من هذه المعلومات سيضر الدولة بشكل لا يمكن إصلاحه ونجحت في ذلك.
وجاء الحكم كالتالي " المستفاد من مراجعة هذه الوثائق أن معظم الصفقات متصلة بالنظام التشغيلي للجيش وعلى علاقة مع الصناعات العسكرية في إسرائيل . و تتضمن الوثائق تفاصيل المناقشات الداخلية بين كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية فيما يتعلق بالقضية فضلا عن المناقشات والاتفاقات بين كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية وكبار المسؤولين في الحكومة السريلانكية، التي تنطوي على وجه التحديد على صياغة السياسات الأمنية، و إجراءات العمل والعمليات الداخلية في وزارة الحرب، والزيارات المتبادلة والبيانات المتعلقة بالمعاملات التي وقعت وكمية الصادرات العسكرية، بما في ذلك تحديد أنواع مختلفة من الأسلحة، إلخ". وذكر أيضا أن هناك "اتفاق على السرية مع سري لانكا، والكشف عن الوثائق من شأنه أن يشكل انتهاكا من قبل "إسرائيل" من شأنه أن يخلق سابقة إشكالية تنعكس في العلاقات مع الدول الأخرى، وتضر اتفاقات سرية موجودة وردع الدول الأخرى عن إقامة علاقات عسكرية جديدة [مع إسرائيل ]". وقيل في هذا السياق أنه "حتى لو كانت سريلانكا قد انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاق ونشرت معلومات محددة مخصصة، فهذا لا ينتقص من ولاية التزامات "إسرائيل" بموجب الاتفاق." وذلك وفقا لمقال نشره الصحفي "الإسرائيلي" جون براون في صحيفة هاآرتس يوم 9 حزيران/ يونيو 2018 حول تشوهات هذا الحكم، وكشف أن وزارة الحرب طلبت من القاضي فرض رقابة على جزء من حكمه، وكان الشاغل الرئيسي للوزارة هو منع الكشف عن حقيقة أن ممثلي الموساد حثوا القاضي على تقييد النشر الإعلامي حول مبيعات الأسلحة "الإسرائيلية" إلى سريلانكا. كما تم حظر تقارير إعلامية عن الطبيعة السرية للتعامل بالسلاح،.
السبب الآخر لحساسية الرقيب الصهيوني الكبيرة تجاه الكشف عن هذه المعلومات كما يرى سيلفرستين هو أن المحكمة الجنائية الدولية (ICC) أعلنت عن بدء إجراءات ما قبل المحاكمة في التحقيق في سلوك "إسرائيل" أثناء العدوان على غزة عام 2014، حيث استشهد 2300 فلسطيني ، أعلن أن ثلثاهم من المدنيين .
وقد أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن المرحلة التمهيدية للمحاكمة وسط مسيرة العودة الكبرى هذا العام ، والتي قتلت خلالها "إسرائيل" ما يقرب من مائتي فلسطيني ويدرك المسؤولون "الإسرائيليون" أن نشر أي دليل على أنه كان ملحقًا بالإبادة الجماعية في نزاعات أخرى يمكن أن يعزز القضية التي ستقدم أمام المحكمة الدولية.
بالعودة إلى سريلانكا، فإنه لا عجب، نظرا للعلاقات الوثيقة بين الجيش "الاسرائيلي" وسري لانكا، أن رئيس أركان الجيش المسؤول عن الإبادة الجماعية، عين سفيرا لبلاده في الكيان الصهيوني بعد انتهاء ولايته.
سابع أكبر مصدر لأنظمة الأسلحة في العالم
سريلانكا هي واحدة فقط من مشتري السلاح "الإسرائيلي" العديدين ، كما ينقل تقرير سيلفرستين، حيث يعد الكيان واحدا من أكبر مصدري السلاح في العالم. بل هو سابع أكبر مصدر لأنظمة الأسلحة في جميع أنحاء العالم، مع ناتج إجمالي محلي يبلغ 350 مليار دولار، حيث يحتل المرتبة الثانية والثلاثين في العالم. وهذا يعني أن صناعة الأسلحة في هذا الكيان ليست مجرد واحدة من المحركات التصديرية للاقتصاد، ولكنها تلعب دورا أكثر بروزا بكثير مما في الدول الرئيسية الأخرى المصدرة للأسلحة، و التي لديها اقتصادات أكبر بكثير من "إسرائيل".
يبرز التقرير الذي كتبه سيلفرستين أن صناعة التسلح التي تتغذى على الصراع المستمر بين الكيان الصهيوني وجيرانه تقف في الخطوط الأأمامية، حيث يتم تطوير واختبار السلاح ونشره في العالم ما يزيد معاناة الناس، إن "إسرائيل" لاتصدر السلاح فقط بل تصدر المعاناة أيضا.
وكما تزعزع "إسرائيل" الاستقرار في الشرق الأوسط، عبر الاحتلال المستمر والهجمات والاغتيالات والهجمات الجوية والعمليات العسكرية المتكررة خارج حدودها، فهي أيضا توفر لعملائها القدرة على إلحاق أكبر قدر من الضرر على منافسيهم وهذا يجعل "إسرائيل" قوة رئيسية لزعزعة الاستقرار بين دول العالم.
في هذا السياق فإن نصف مبيعات الأسلحة الشاملة تذهب إلى الهند، حيث تتورط الحكومة هناك أيضا باحتلال غير قانوني لكشمير أو على الأقل صراع عبثي على السيادة على هذا الإقليم و"إسرئيل" " هي أكبر مورد للسلاح للهند.
و لمزيد من التفاصيل ولفهم كيف تعمل "إسرائيل" كواحدة من تجار السلاح الرئيسيين في العالم ، يلقي سيلفرستين نظرة معمقة على بعض العملاء الرئيسيين للكيان الصهيوني:
عندما تسوق دوتيرتي الفلبيني البنادق "الإسرائيلية":
في الصيف الماضي ، قام رئيس الفلبين ومجرم الحرب، رودريجو دوتيرتي، بزيارة ناجحة للغاية للكيان الصهيوني، وقع خلالها عقوداً لشراء بعض أكثر الأسلحة فتكا، وهو شخص متهم بقتل عشرات الآلاف من الفلبينيين المستهدفين بادعاء محاربة تجارة المخدرات.
زار دوتيرتي مجمع النصب الذكاري للمحرقة في ياد فاشيم، وكان في الماضي قد شبه نفسه بهتلر، معربا عن إعجابه بالزعيم النازي، ويرى نفسه بأنه قضى على طاعون المخدرات في بلاده، على ما يبدو ، كما قام هتلر بالقضاء على "وباء" اليهود.
وقد أشاد هذا المجرم المعروف بهوسه الدموي وعدم ممانعته بالقتل خارج القانون، كما كشفت عدة وثائق، بنهج "إسرائيل" في عدم طرح الأسئلة عند بيع السلاح، وعلى عكس الولايات المتحدة ، لم تفرض "إسرائيل" أي قيود على استخدامها فهي لاتطرح أي سؤال ولا تتوقع إجابات من عملائها.
تسليح مجرمي الحرب الصربيين والروانديين
في عام 2016، كشف براون في هآرتس أيضاً عن أن "إسرائيل" قدمت تدريبات عسكرية وأسلحة لمجرم الحرب الصربي رادكو ملاديتش، الذي قاد القوات الصربية التي قتلت الآلاف من المدنيين البوسنيين في سريبرينيتشا.
وقد رفضت محكمة "إسرائيلية" أخرى الإفراج عن أدلة وثائقية مفادها أن "إسرائيل" قامت بتسليح ميليشيا رواندية (الهوتو)، قتلت ثماني مائة ألف من التوتسي خلال الإبادة الجماعية عام 1994. مرة أخرى، قررت المحكمة أن الكشف عن تورط "إسرائيل" في مذبحة أغضبت العام كله من شأنه أن يضر بسمعتها.
من المثير للغثيان فعلا في هذه الحقائق أن الكيان الصهيوني الذي ينصب نفسه حاميا لليهود حول العالم عبر ادعاءته المطولة منذ المحرقة ، هو نفسه أحد المشاركين في بعض من أسوأ حالات الإبادة الجماعية، لكن القضاء "الإسرائيلي"، على المستوى الخاضع لرغبة جهاز الاستخبارات العسكرية ، يعتبر هذه المعلومات "مدمرة للأمة".
ميانمار التطهير العرقي للمسلمين الروهينجا ، بمساعدة السفن الحربية ا"لاسرائيلية" البحرية
في العام الماضي، خلال التطهير العرقي الذي مارسته الحكومة العسكرية ضد أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار، حاول إيتاي ماك ومجموعته توجيه الرأي العام لجرائم المجلس العسكري في ميانمار، ورفضت المحكمة مرة أخرى التدخل لوقف مبيعات السلاح القاتل بل رفضت نشر حكمها أيضا.
مع تصاعد اهتمام العالم واشمئزازه من سياسات حاملة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو كيي، واحتضان "‘إسرائيل" لهؤلاء الجنرالات الذين محوا قرى بأكملها وشردوا خمسمائة ألف إنسان تحولوا إلى لاجئين في بنغلاديش، أثمر عمل إيتاي ماك في هذه القضية إلى إجبار الجيش "الإسرائيلي" وشركائه من تجار السلاح على تعليق هذه المبيعات. ولكن السلوك الصهيوني عبر التاريخ ينبئنا أنه بمجرد توقف نوبة الغضب العالمية الأخيرة سيتم استئناف التجارة القاتلة.
"إسرائيل" تغذي الإبادة الجماعية في السودان
الحرب الأهلية السودانية نموذج آخر، على التدخل الصهيوني القاتل حيث قامت بانتهازية ببيع السلاح للجانبين ما أودى بحياة أربعمائة ألف شخص.
وفي عام 2017 ، قدم ماك ومجموعة من النشطاء "الإسرائيليين" التماسات إلى المحكمة العليا لإنهاء مبيعات الأسلحة "الإسرائيلية" على أساس أنها ارتكبت جريمة حرب. في هذه الحالة ، استخدمت حكومة جنوب السودان البنادق "الإسرائيلية" الصنع من طراز جليل إيه إس إي لمهاجمة أفراد قبيلة منافسة في مذبحة كانت هي بداية الحرب الأهلية. كما قدمت معدات للتنصت تسمح لجنوب السودان بمراقبة اتصالات أعدائه. كما هي العادة حكمت المحكمة فيما بعد أن مبيعات الأسلحة كانت قانونية.
من الملاحظ أن وسائل الإعلام الصهيونية كانت تغطي الحرب الأهلية في جنوب السودان بشكل مكثف في البداية، ولكن فجأة أصابها صمت القبور، رغم أن ما كان جديرا بالتغطية ما زال مستمرا بالحدوث، ولكن لأننا أصبحنا نفهم السلوك الصهيوني سنجد أن لهذا الصمت سبب وجيه، حيث يقوم كبار المسؤولين في الحكومة وصناعة الأمن ببيع الأسلحة والتدريب العسكري والأمن الداخلي وتكنولوجيا المراقبة إلى الفرقاء في جنوب السودان ويمكن لأي منشور يتناول هذه الأنشطة إحراجهم بشكل خطير.
الكيان الصهيوني طبعا متورط في الحرب السرية في جنوب السودان منذ ستينيات القرن الماضي، عبر دعم المتمردين ضد الحكومة المركزية في الخرطوم، وهذا ليس له علاقة أبدا بقيم الحرية ودعم الجنوب سودانيين في نيل استقلالهم، لأن هذا لم يكن مطروحا أصلا، ولكنه نتيجة لمصالح إستراتيجية مختلفة في المنطقة.
كانت دولة "إسرائيل" واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الجديدة في جنوب السودان، وفي عام 2011 جاء سلفا كير ميارديت، رئيس جنوب السودان ، إلى "إسرائيل" في زيارة رسمية حيث باع بلاده للاستثمارات الضخمة في البنية التحتية المدنية والعسكرية، وكان للكيان مصلحة كبرى مزدوجة، تقسيم السودان وخلق عدو في جنوبه، وإيجاد عميل موثوق في تلك المنطقة لخدمة المصالح "الإسرائيلية" في القارة السمراء وجعل جنوب السودان جسر عبور استراتيجي إلى دولها.
الحرب في جنوب السودان ما زالت مستمرة، واتسمت بفيض هائل من الانتهاكات والقتل والاغتصاب والتعذيب والقتل الجماعي، وعلى الرغم من من رد فعل العالم ، فإن تورط الكيان الصهيوني مستمر ويتصاعد، بعيدا عن الرقابة، فوفقا للتقارير والمعلومات التي قدمها نشطاء حقوق الإنسان الذين كانوا ، أو لا يزالون ، في جنوب السودان. منذ استقلال البلاد ، قامت "إسرائيل" باستمرار بإرسال الأسلحة وتدريب القوات الحكومية وتوفير مختلف التقنيات المتعلقة بالأمن. كما يوجد تعاون بين الخدمات السرية للبلدين ، وقد أنشأت المؤسسة الأمنية الصهيونية نظامًا داخليًا للتحكم والمراقبة في جنوب السودان ، ما يزال عاملا.
ويلاحظ تقرير كتبه المحامي إيتاي ماك ونشرته مجلة +972 Magazine أن المشاركة "الإسرائيلية" الحالية في جنوب السودان تعتبر استثنائية في تاريخ الصادرات العسكرية "الإسرائيلية" وتذهب أبعد من مجرد الجشع، لأن الكيان الآن يقاتل هناك دفاعا عن المشروع الذي استثمر فيه بشكل استراتيجي خلال سنوات طويلة وفشل الكيان يؤدي إلى تلف مصداقيته في أعين الطغاة والأنظمة الأخرى التي تتلقى مساعدات عسكرية من "إسرائيل".
غرام "إسرائيل" بمنظمة القاعدة
بالعود إلى التقرير الذي كتبه سيلفرستين، فإن القصة الرئيسية الثانية التي اندلعت الشهر الماضي هي الرقابة على مادة في صحيفة جيروزاليم بوست أكدت أن الكيان زود بالسلاح فرع تنظيم القاعدة في سوريا، المسمى حينها جبهة النصرة قبل تغيير اسمه إلى (جبهة تحرير الشام)، ووفقا للضابط الصهيوني صغير الرتبة الذي سرب المعلومات فقد نسق الجيش ماديا مع هؤلاء وقدم لهم أجهزة جمع المعلومات والاتصالات. كما أنه بنى لهم معسكراً داخل منطقة الاحتلال في الجولان كما نشرت جريدة وول ستريت جورنال والسياسة الخارجية مقالات حول تجارة الأسلحة هذه، ونشر تقيرر تفصيلي أيضا في جريدة الأخبار اللبنانية حول الصلات بين معارضين سوريين مسلحين والكيان الصهيوني.
حتى الآن ، زعم الكيان إنه لايقدم سوى مساعدات إنسانية وطبية للمتمردين السوريين ، متظاهرا بأن ذلك كان بمثابة مساهمة في تخفيف معاناة السوريين خلال الحرب الأهلية. وبخلاف ذلك ، ادعت "إسرائيل" زوراً أنها إما محايدة في الصراع السوري أو مقيدة بتورطها. وهذا يتنافى مع قيامها بمئات من الطلعات الجوية لمهاجمة القواعد الجوية السورية واستهداف قوافل حزب الله. علاوة على ذلك ، فقد اغتالت القادة العسكريين السوريين والإيرانيين ومن حزب الله داخل سوريا.
أقامت " إسرائيل" هذه التحالفات مع الإسلاميين السوريين بينما كان رئيس وزرائها يجوب العالم ويفتخر بأن بلاده هي الحصن الأخير ضد الإرهاب الإسلامي. وأن على الغرب أن يشكر "إسرائيل" على تحذيرها من مثل هذه الهجمات الإرهابية على الأراضي الأوروبية ؛ وأن داعش والقاعدة تسعى أولاً إلى تدمير "إسرائيل" ثم المتابعة لتدمير الغرب.
خاتمة:
طبعا ما ورد أعلاه غيض من فيض السلوك الإجرامي الصهيوني حول العالم، وهو سلوك يتم تغطيته والدفاع عنه من قبل الولايات المتحدة كشريك أساسي وبصمت المجتمع الدولي ومحاباته للكيان.
ولن تنتهي هذه الممارسات طبعا بدون وقفة حازمة للعالم أمامها ولكن هذا يبقى مستبعدا في واقع التغول الإمبريالي الأمريكي –الأوربي الذي تتلاقى مصالحه مع مصالح القتلة والطغاة حول العالم وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني، وبالتالي يبقى الكفاح ضد الكيان الصهيوني ومقاومته هو الطريق الصحيح والوحيد المجدي في وجه هذه الممارسات الإجرامية التي لن تنتهي إلا بزوال هذا الكيان وأشباهه وعملاءه حول العالم ولكن هذا طبعا أمر يحتاج إلى الكثير من الصبر والإرادة وتوحد جهود أصحاب المصلحة ممن هم واقعين تحت الإحتلال أو الاضطهاد ضحايا الإبادة العرقية العالمية التي يديرها الكيان الصهيوني وعملائه.