تعرف الأمهات جيًدا تأثير التدليك على أطفالهنّ، حديثي الولادة والرُّضَع، فبعد جلسة تدليك، سيّما بزيت الزيتون أو أحد أنواع الزيوت المخصصة للأطفال، تنعم الأم بهدوء رضيعها وكذلك ينعم الطفل بساعات من الراحة والسكينة.
هذه العادة التي توارثناها من الأمّهات والجدّات منذ سنين طويلة، توصّل الخبراء لتفسير علميّ عنها، وذلك في دراسة بريطانية أُجريت بإشراف من أطباء الأطفال، ونُشرت نتائجها في مجلة “كارانت بايولوجي” حديثًا.
وتوصّل الباحثون إلى أنّ التمليس المنتظم للرضع له تأثير علاجي جيد ودون آثار جانبية. لكن قوّة هذا التأثير تتوقف على سرعة التمليس. وفي الدراسة جرت متابعة آثار التمليس على أكثر من 60 طفلاً حديثي الولاد، وتم فحص رد فعل الرضع -بعمر أيام - على وخزهم بإبرة في أقدامهم عند أخذ عيّنة دم.
وتبيّن من خلال قياس نشاط المخ الناتج عن هذا الألم باستخدام التخطيط الكهربائي لأمواج الدماغ، أن الألم الذي شعر به الرضع الذين مُلِّسوا أعلى موضع الوخز في الساق، باستخدام فرشاة ناعمة ببطء، وبالتحديد بسرعة 3 سنتيمترات في الثانية، كان (الألم) أضعف بشكل واضح عن الألم الذي شعر به أقرانُهم الذين لم يتم تمليسهم.
كما تبيّن أن الأطفال الذين تم تمليسهم بالفرشاة بسرعة 30 سنتيمترًا في الثانية، كانوا أكثر حساسية تجاه الألم الناتج عن الوخز. وأكد الباحثون أن تأثير هذا التمليس يضاهي تأثير المسكنات الخارجية مثل المراهم والملصقات الطبية والبخاخات.
ورغم أن تعبيرات وجوه الكثير من أطفال المجموعتين أظهرت امتعاضًا أثناء الوخز، إلا أن امتعاض الأطفال الذين مُلِّسوا ببطء استمر نحو نصف فترة غضب الأطفال الآخرين.
ولم يظهر التمليس أي تأثير على خفض الألم عند شد القدم، غير أن الباحثين فسروا ذلك على أنه انعكاس تلقائي.
وعزا الباحثون تخفيف الألم جراء التمليس إلى وجود مجموعة من الألياف العصبية في الجلد وهي الألياف التي تعرف بالأعصاب الواردة، وهي أعصاب تنشط عند تمليسها بسرعة نحو ثلاثة سنتمترات في الثانية، وبالمناسبة فهذا التأثير موجود أيضا لدى البالغين.
وأوضح الخبراء أنّ الآباء والأمهات اعتادوا بالفطرة تمليس أطفالهم بالسرعة النموذجية التي تخفض الألم “وعندما نفهم نحن أطباء الأعصاب بشكل أفضل الأسس التي تقوم عليها تقنيات مثل تدليك الرضع، فستصبح باستطاعتنا مساعدة الآباء بشكل أفضل في ما يتعلق بكيفية تهدئة أطفالهم".
وعلقت رئيسة الجمعية الألمانية لطب الأطفال والناشئة، إنجه بورج كريجيلو مان، على الدراسة قائلة “هذه الدراسة جادة.. حيث برهن الباحثون ولأول مرة على التأثير الإيجابي للتمليس على الرضع”.