Menu

المقاطعة الشعبية لانتخابات الكنيست الصهيوني تتسع

القدس المحتلة – بوابة الهدف

رغم كل محاولات التضيق على المقاطعة الشعبية لانتخابات الكنيست الصهيوني، إلا أنها تتسع وبشكل ملاحظ سيما وأن عدد من مؤيدي الأحزاب العربية انضم لها، وهو أمراً بالغ الأهمية في دلالاته، حتى وأن كان خلف اتساع دائرة المقاطعة يكمن عجز الأحزاب العربية إلا عن جني الإخفاقات المتتالية، ومراكمة خيبات الأمل، وضعف قدرتها على إحداث تغيير يُذكر في واقع فلسطينيي الـ 48.

قبل أربعة أشهر، رفض "المركز الجماهيري" في مدينة باقة الغربية المحتلة استضافة حفل إطلاق كتاب وليد دقة، الأسير في سجون العدو الاحتلال الصهيوني منذ 32 عاماً، وهو ابن المدينة نفسها التي سيستضيف المركز فيها، غداً السبت، ثلاث شخصيات هي: رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، والنائب السابق لرئيس جهاز العمليات الخارجية الخاصة (الموساد) رام بن باراك، وعضو الكنيست أيمن عودة، في لقاء يُدعى "السبت الثقافي"، وذلك في إطار فعاليات انتخابات الكنيست الـ21.

ويعارض الفلسطينيون بشكل واسع عقد هذا اللقاء؛ إذ أعلنوا أن تظاهرة منددة ستُنظم في ساعة عقده، في حين تراجُع عودة عن المشاركة، استُبدل به عضو الكنيست عيساوي فريج من حزب "ميرتس"، الذي نُظر إليه على أنه "ازدواجية في المعايير"، لأن الرجل أصلاً مع "الحوار الإسرائيلي ــــ الفلسطيني"، وهو نفسه يشارك في البرلمان إلى جانب كل الوزراء والنواب "الإسرائيليين"، سواء في زمن حكومة إيهود أولمرت أو بنيامين نتنياهو.

ووجه البعض انتقاداً لعودة لأنه صرّح بإلغاء مشاركته على صفحته الشخصية على "فايسبوك" باللغة العربية فقط، لا العبرية، عازين ذلك إلى أنه "يخشى خسارة أصوات المقترعين اليهود الذين يعطون أصواتهم للحزب الشيوعي الإسرائيلي عادة".

ومن الوضح أن "الحملة الشعبية لمقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني" بدأت تؤرّق الأحزاب العربية الأربعة "التجمع، الجبهة، الإسلامية، العربية للتغيير) المشاركة في الانتخابات الصهيونية في قائمتين منفصلتين. عماد الحملة، بالأساس، حركة "أبناء البلد"، التي تدعو منذ أربعين عاماً للمقاطعة، وتشارك فيها أيضاً حركة "كفاح" وشابات وشبان مستقلون، وحركات طالبية فلسطينية وعربية.

ويرى القيادي في أبناء البلد محمد كناعنة أن الحملة الحالية لم تعد "حملة أبناء البلد فقط، بل ينشط فيها كادر شبابي، من صبايا وشباب من الداخل الفلسطيني ومن القدس والضفة والشتات ومن مخيمات اللجوء، على قاعدة أننا جميعاً أبناء فلسطين، فيما تُضفي المشاركة في الكنيست على الكيان القائم عليها شرعية واعترافاً".

وصّوت في انتخابات الكنيست الـ 20 عام 2015 نحو 500 ألف فلسطيني لـ"القائمة العربية المشتركة"، فالاستنتاج أن هناك نصف الفلسطينيين في الداخل تقريباً لم يصوتوا (مجمل عدد الذين يحق لهم الاقتراع 900 ألف فلسطيني)، على هذه الخلفية، يرى الناشط في الحملة، رأفت جمال، أن "مقاطعة هؤلاء تأتي من منطلقات مختلفة".

وأوضح أن "هناك مقاطعين مبدئيين من الذين يرون أنهم ليسوا جزءاً من هذا الكيان ولا يعترفون بشرعيته وببرلمانه، ويدعون النواب العرب إلى الخروج من الكنيست، أما النوع الثاني من المقاطعين هذه المرة تحديداً، فهم أولئك الذين منحوا ثقتهم في السابق للأحزاب العربية، لكنهم اكتشفوا فشلها وعجزها عن تحقيق تطلعاتهم السياسية، والجزء الأخير نسبة ضئيلة لا يصوّتون، لكونهم غير مبالين أساساً بتقلبات الحياة السياسية".

وتعزو الناشطة في الحملة هند سلمان عزوف جزء كبير عن ممارسة حق الاقتراع إلى أن الفئة الكبرى من هؤلاء "فقدت الثقة بالقيادة الحالية، وبالأمل في قيمة التصويت وجدواه في تحصيل الحقوق ونيل المساواة ضمن خطاب المواطنة".

وأشارت إلى أن هناك نحو 115 ألف صاحب حق اقتراع في النقب المحتل، وأكثر من ثلث هؤلاء يسكنون في قرى غير معترف بها، حيث لا توجد أصلاً مدارس ولا صناديق اقتراع ولا بنى تحتية، قائلة "هُنا الكوميديا السوداء، حيث مواطنون يحق لهم المشاركة في ما يسمى العملية الديموقراطية، لكن لا يحق لهم الحصول على مسكن وأمن وعيش كريم، وهي طبعاً مسائل يحددها أولئك الجالسون في البرلمان".

وأوضحت أن هناك فئات منتمية إلى الأحزاب، ومتصلة بشكل قريب من سلسلة الهرم الاجتماعي، المرتبط بدوره بشبكة من العلاقات الاجتماعية والعائلية للمترشحين لشغل مناصب برلمانية، بالإضافة إلى هؤلاء، توجد فئة من الأشخاص غير المقتنعين بفكرة الجدوى من المشاركة في الكنيست، وقدرة ذلك على إحداث تغيير".

وما يُميّز الحملة هذه المرة "حجم التفاعل مع الموقف الداعي إلى المقاطعة"، وبناءً على ذلك، إذا كان المقاطعون يشكلون عدداً لا بأس به من فلسطينيي الـ48، فلماذا لم يستطيعوا فرض خطابهم كما تفرض أحزاب الكنيست خطابها؟ بالنسبة إلى رأفت، لا شكّ في أن الأحزاب "نجحت في إيصال خطابها إلى أوساط كبيرة في الداخل. الحزب الشيوعي الإسرائيلي ينشط منذ قيام دولة الاحتلال، واستطاع أن يستقطب فئات كثيرة".

وأضاف رأفت ويضيف "حملة مقاطعة الكنيست، بخلاف الأحزاب، حملة غير مموّلة، كذلك فإن ناشطيها متطوعون غير مفرغين، بينما التنظيمات الحزبية المموّلة تتيح إنشاء فروع ونوادٍ ومقارّ في الجامعات والبلدات العربية".

ويتذرع كُثر من المشاركين في الانتخابات، سواء بالاقتراع أو بالترشح، بأنه ما من بديل من الكنيست لتحصيل الحقوق المرتبطة بالمواطنة، أو أن "النضال البرلماني لا يُلغي طُرقاً أخرى". وهذه الحُجج، بالنسبة إلى القائمين على حملة المقاطعة، مرفوضة؛ إذ يؤمنون بأن الشارع هو من يُقرر.

وتستذكر الناشطة هند "مخطط برافر" التهجيري بالقول نضال أبناء شعبنا في الداخل، وحراك الشارع هو ما جعل سلطات الاحتلال تجمّد المخطط"، مستدركة "بعد تجميد المخطط زاد عدد النواب العرب، لكن ارتفعت وتيرة هدم البيوت، وازداد عدد المخططات التهجيرية والتهويدية في النقب المحتلة، وعلى رأسها مخطط (سديه برير) الهادف إلى استخراج الفوسفات على حساب تهجير قرى الفرعة والزعرورة، فضلاً عن مدّ سكة القطار لربط المستوطنات بشبكة مواصلات، دون مراعاة للسكان الفلسطينيين كأنهم غير مرئيين أصلاً"

وحّول الاحتلال الصهيوني أراضي الرعي في النقب إلى مناطق تدريبات ومنشآت عسكرية مغلقة ضمن سياسة محاربة طابع الحياة البدوية، وبما أن تربية المواشي أصبحت معاناة ومشقّة، وهدم البيوت وحظائر الماشية في النقب صار هو السائد من دون أن يستطيع أحد من النواب العرب إيقاف معاناة السكان هناك، ترى هند أن "التحديات كثيرة، ولكن في النهاية هذه أرضنا، وعلينا أن نستردّها، وبالتأكيد ليس بتبييض وجه الاحتلال وإعطائه الشرعية بتلك المشاركة".

ورداً على أصوات بعض الفلسطينيين في الداخل، القائلة إنه ليس من حق العرب ولا الفلسطينيين المُهجرين أن يتدخلوا في شؤوننا، لأنهم ليسوا هنا وغير مدركين لواقعنا المركب، يقول الشاب نضال خلف" الظرف الاستعماري الإحلالي بطبعه فرض شرخاً جغرافياً وديموغرافياً بين الفلسطينيين، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن الحرب شاملة ضد كل الشعب الفلسطيني، وبالتالي تجزيء المواجهة يحول كلّاً منا إلى ثور أسود سيؤكل يوم يؤكل الثور الأبيض".

وأضاف خلف "لهذا السبب على الشعب الفلسطيني أن يعبّر عن إرادته الخارجة عن المنظومة الاستعمارية، لأن العمل ضمن الخطوط التي رسمها العدو يسهل القضاء علينا في كل الساحات التجارب أثبتت أن القوة الفلسطينية الحقيقية لم تكن يوماً في عدد الممثلين في الكنيست أو غيره، بل بالفعل المتمثل في البقاء والصمود والحفاظ على الهوية".

المصدر: الأخبار اللبنانية.