Menu

بعد سقوط الصاروخٍ شمال "تل أبيب"

ساعاتٌ حاسمة بين غزة والاحتلال .. محلّلون: الوضع خطير ومعقّد

جانب من الدمار الذي خلفه صاروخ سقط في "تل أبيب" فجر اليوم وأوقع 7 إصابات في صفوف الصهاينة

غزة_ بوابة الهدف

تمرّ الساعات ثقيلةً جدًا على أهالي قطاع غزة، وسط حالة ترقّب لما يُمكن أن يشهده القطاع اليوم وكذلك الأيام المقبلة، على خلفية سقوط صاروخٍ في منطقة "هشارون" شمال "تل أبيب"، تقول سلطات الاحتلال أنّه انطلق من رفح جنوب غزة، وأسفر عن إصابة 7 مستوطنين، فجر اليوم الاثنين 25 مارس. وهو ما دفع ساسة العدو لإعلاء الصوت لـ"ضرب غزة"، فيما تترقّب الأوساط الصهيونية "رد نتنياهو"، بالتزامن العد التنازلي للانتخابات "الإسرائيلية".

اجتماعاتٌ متتالية عقدها كبار قادة الأمن في دولة الاحتلال، ولا تزال اللقاءات جارية، لتدارس الأوضاع، وبحث الخيارات المُتاحة للردّ على إطلاق الصاروخ من غزّة، بالتزامن مع تعزيزات تحتشدّ منذ ساعات في محيط قطاع غزة، من عدّة ألوية، ضمن استعدادات العدو الصهيوني لمختلف السيناريوهات المحتملة، والتي يبدو أنّ الردّ العسكري هو المُشترك فيها كافة، مع اختلاف التبِعات وردود الفعل.

ووسط توقعات بأنّ الرد الجدّي والحقيقي على الصاروح سيكون بعد عودة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الكيان، من الولايات المتحدة، التي قرّر اختصار زيارته فيها، بسبب مستجدات الوضع الأمني. لكن هذا لن يمنع من شنّ هجمات أو غارات صهيونية على غزة لحين عودته. بالتزامن مع ما يتردد عبر وسائل الإعلام بأنّ الجانب المصري نقل لـ"إسرائيل" رسائل من حماس بأنّ إطلاق الصاروخ من القطاع صوب "تل أبيب" تمّ عن طريق الخطأ، وهو ما ردّ عليه الجانب "الإسرائيلي" بأنّه لن يُلقي بالًا للتفسير هذه المرة.

التصعيد سيّد الموقف

الباحث في الشأن الصهيوني، الفلسطيني جلال رمانة، قال "إنّ ما يحدث قد ينفلت من يدّ نتنياهو، أو صانع القرار في إسرائيل، فالوقت الحالي هو حساس وصعب جدًا بالنسبة للإسرائيليين، والتصعيد هو سيّد الموقف".

وقال رمانة، في تصريحات صحفية "إن إسرائيل لا يُمكن لها إلّا أن تردّ (ضربتها)، لكنّها لا تضمن رد فعل الفصائل، فإذا ما تم استهداف غزة ووقع شهداء لن يكون أمام الاحتلال أن يُصعد أكثر، وليس أمام الفصائل إلا أن تردّ. وهو موقفٌ لا أعتقد أنه بالإمكان إنقاذه سياسيًا، بالرغم من وجود الوفد الأمني المصري في تل أبيب".

وبالنسبة لنتنياهو فإن التصعيد هو سلاحٌ ذو حدين "فإذا ما استطاع (كسر غزة) يستفيد بهذا انتخابيًا، لكن إن تمكّنت فصائل المقاومة من تسجيل نقاطًا أخرى عليه، كونه رئيس الحكومة ووزير (الدفاع) الآن، ولهذا أثر سلبي واضح على الانتخابات القادمة".

ولفت إلى أنّ "من جرّ إسرائيل للوضع الحالي، هو آردان، الذي وجه أوامره بالتصعيد ضد الأسرى في السجون، ولم يكن يعلم بماذا سيردّ الأسرى، الذي أقدموا على طعن سجانين الليلة، ولا ننسى أحداث الضفة، وهو بهذه الأوامر الذي أعطاها بكل سطحية سياسية، بدأ كرة الثلج التي تواصل التدحرج، وها هي اليوم تصل تل أبيب". والمقصد من هذا وفق رمانة هو أنّ "ما من يتخذ القرارات والسياسيات الآن بات في وضعٍ حرج، وما يحدث حاليًا ليس في صالحه، بل يصبّ في صالح المعارضة".

هل يُمكن أن نكون أمام فِعلٍ انتفاضيٍّ يعمّ الضفة المحتلة، في حال اشتعل قطاع غزة إذا ما شنّ الاحتلال عدوانٌ عليه؟، على هذا ردّ المحلل السياسي رمانة بأنّ "الجواب في هذه الحالة سيكون لدى المستوى السياسي في الضفة، فإذا استمر الرئيس محمود عباس بسياسته بعدم الرد وأن لا يكون هناك أحداث رغم تصعيد الاحتلال ضدّ القطاع، للأسف ستعمل السلطة على وقف أي تحرّك في مواجهة الاحتلال، لكن بلا شكّ يُمكن أن تفلت الأمور من كل السياسيين". موضحًا أنّه "في مسألة الحروب لا يُمكن لأحد التنبؤ بما يُمكن حدوثه، ومسألة الحرب الرابعة واردة إذا ما انفلتت الأمور من أيدي الساسة من الطرفين، على شاكلة تسبب الضربات، حتى إن كانت محدودة، بوقوع قتلى إسرائيليين أو شهداء في غزة".

الوفد المصري "قد" يُحجّم الرد الصهيوني

رئيس القسم السياسي بجريدة الأهرام المصرية، أشرف أبو الهول، رأى أنّ "نجاح الوفد الأمني المصري في احتواء التصعيد المحتمل في غزة شبه مستحيلة، وكل ما يُمكن للوفد فعله إزاء تطورات الوضع هو تحجيم الردّ الذي سيكون حتمي". بدلالة حالة الاستنفار في محيط غزة والاجتماعات المتواصلة لقادة الأمن.

وأضاف أبو الهول، في تصريحات صحفية، أنّ نتنياهو في موقف صعب جدًا، وكل السياسيين في "إسرائيل" يُوجهون له الاتهامات بالتخاذل والجُبن، سيّما مع اقتراب موعد الانتخابات "الإسرائيلية" في 9 من شهر إبريل المقبل. واشتدّ الهجوم لنتنياهو بالضعف اليوم لأن ذات الموقف تكرر قبل نحو 10 أيام، إذ سقط صاروخان في "تل أبيب" و"اكتفى رئيس الحكومة بردٍّ محدود، زاعمًا أنّه استهدف 100 هدف في غزة".

ورأى أبو الهول أنّ "عدم الرد على صاروخ تل أبيب شبه مستحيلًا". وقال إنّ "نتنياهو سيضطرّ للرد، حتى لا يخسر الانتخابات بهزيمة مُذلة ويخرج من الساحة السياسية، لكنه لن يدخل في حرب برية، ربّما سيشنّ عدوانًا وغارات تستمر لعدة أيام، يُعلن بعدها أنه حقق أهدافًا فيها، ومع ذلك سيظل تحت انتقاد وضغوط الرأي العام".

وقال إنّ هناك عدد من السياسيين حول نتنياهو يضغطون عليه للذهاب إلى حرب على غزة، وهناك رأي عام جارف ضدّه، سيّما مع تحقق التخوّفات التي كان يُعبّر عنها "الإسرائيليون" بعد كل استهداف للمستوطنات بمحيط غزة بأنّ "اليوم المستوطنات وغدًا تل أبيب"، وهو ما كان يردّ عليه نتنياهو دومًا بالنفي، وتجديد التأكيد على قوة الردع لدى "اسرائيل".

وأشار إلى أنّ حماس كانت، طوال الفترة الماضية، تضغط على "إسرائيل" من خلال المفاوض المصري ومن خلال مسيرات العودة وفعاليات الإرباك الليلي، لتحقيق التهدئة ومن أجل تحقيق عدّة مطالب، وحين بدأت "إسرائيل" بالرضوخ والاستجابة لبعض هذه المطالب، كتخفيف الحصار وغيره، سعت حماس للحصول على مزيدٍ من المُكتسبات، لذلك كان الوفد المصري أمس في "تل أبيب".

واستدرك بالقول إنّ "هذا التصعيد يقضي على أيّة فرصة لحصول حماس أو غزة على أية امتيازات قبل مسيرة العودة الكبرى المقررة في يوم الأرض السبت المقبل، وقبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة".

واعتبر أنّ " مصر لن تيأس في حال فشل جهودها في احتواء الموقف الحالي في غزة، وبالتأكيد ستُعاود الكرة، لأنّها أكثر الدول تأثرًا بالعدوان على غزة".

نتنياهو في "ورطة"

من جهته، رأى المحلل السياسي حمزة أبو شنب أنّ "خيارات رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو محصورة بين مشهد الدمار من صاروخ المقاومة وبين مشهد رد المقاومة في حال توسع في العدوان". مُرجّحًا أنّ "يلجأ الاحتلال إلى رد ربّما يكون أقسى من السابق، اعتمادًا على تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية لدوافع إطلاق الصاروخ".

واعتبر أبو شنب أنّ "حشد مزيد من القوات الصهيونية على حدود قطاع غزة لا يعني أننا أمام عملية برية، ولكنّه إجراءٌ احترازي من العدو خشية التطورات الميدانية ورد فعل المقاومة". سيّما وأنّ العدو لا يزال يجهل تقدير المقاومة وموقفها، وبتقديري لن تسمح المقاومة للعدو بالتمادي في عدوانه على قطاع غزة.

وقال إنّ  "العدو سيتوقف كثيراً أمام فشل القبة الحديدية وتطور أدوات المقاومة"، فيما ستُحدد التطورات الميدانية البوصلة، على حدّ قوله, مضيفًا أنّه "ليس مهماً كيف ومن أطلق الصاروخ أمام الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأسرى و القدس والضفة الغربية وقطاع غزة".