أعلن الحزب الشيوعي اللبناني والحركة الشبابية للتغيير، تنفيذ اعتصام ونصب عدد من الخيم في ساحة رياض الصلح في العاصمة اللبنانية بيروت على بعد أمتار من السراي الحكومي (مقر الحكومة)، طوال فترة مناقشة مجلس الوزراء لمشروع الموازنة العامة للعام 2019، والتي قد تُمدد إلى ما بعد السبت 4 مايو/ أيار الحالي.
وأكَّد مسؤول في الحزب خلال تصريحاتٍ صحفية، أن "هدف الاعتصام رفض الإجراءات التي سُميت بالتقشفية ورفض موازنة لا تتضمن إجراءات عادلة كفرض ضرائب تصاعدية على أرباح المصارف والشركات"، مُشيرًا إلى "أن القوى الأمنية حاولت إزالة الخيم من ساحة رياض الصلح. وأنها انتظرت تراجع عدد المعتصمين لتستقدم تعزيزات وتبلغ المعتصمين بوجود قرار بإزالة الخيم".
وطلب المعتصمون الدعم من رفاقهم عبر رسائل الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي، لتعود وتتراجع القوى الأمنية عن قرارها بعد ازدياد الأعداد، في حين عادت وحاولت التفاوض معهم لنقل خيمهم من ساحة رياض الصلح المقابلة للسراي الحكومي حيث سينعقد مجلس الوزراء، إلى ساحة الشهداء القريبة من رياض الصلح لكن غير المواجهة للسراي، متذرعة بأسباب أمنية، لكن المعتصمين رفضوا.
بدوره، قال عماد سماحة، عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي، أن السبب في "عدم مشاركة بعض المجموعات المعارضة إلى استيائها من المواقف السياسية التي يعلن عنها الحزب الشيوعي"، مُضيفًا "نحن نعلم حجمنا، الحركة الشعبية التي تحتج على سياسة التقشف والموازنة لم تصل بعد للمستوى الذي يفترض به أن يحاسب. ويجب تقوية العامل الذاتي خلال هذه الأشهر".
وأكد أن "الحزب سيلجأ بعد إرسال الموازنة إلى مجلس النواب إلى خطوات تصعيدية وصولاً إلى العصيان المدني، ونحن نحضر لعمل نقابي وطلابي لتفعيل الحراك"، مُشيرًا إلى أن "مشروع الموازنة يتضمن فجوات، فلا نظامًا ضريبيًا جديدًا يطاول الأرباح والرساميل الكبيرة، فضلاً عن أن الدولة لن تستفيد من رفع الضريبة على فوائد الودائع، وإنما المصارف التي تصرح للدولة عن حجم الودائع وفق ما تريده هي".
من جهته، قال مسؤول تنظيم بيروت في الحزب، يوسف يوسف في تصريحاتٍ لـ "العربي الجديد"، إن "الهدف من الاعتصام إظهار الصوت المعارض، فما زلنا في المرحلة الأولى التي بدأنا بها والأمور تحتاج إلى تراكمات. والمطلب الأساسي أن لا تضع الموازنة العبء على المواطن".
وردًا على سؤال عن رفض الحكومة فرض ضرائب على المصارف والشركات بذريعة الخوف من هروبها إلى خارج لبنان، قال "فليهرب 1% أفضل من هروب 99%، فهم هربونا والشباب لا يجدون فرص عمل".
ورأى أن "العائق الأكبر أمام تحقيق مطالبهم يكمن في نظام المحاصصة الطائفي الموجود في البلد لكنه يراهن على تحرك الناس المتضررة.
أمَّا سمير سكينة، مسؤول التثقيف في قطاع الشباب والطلاب في الحزب، قال إن "الاعتصام سيترافق مع جلسات نقاش مفتوح أمام كل من يرغب بالمشاركة، وعند السادسة من مساء اليوم سيكون موضوع النقاش تأثير الموازنة على القطاع العام والقطاع الرسمي والجامعة اللبنانية، ومن بعدها سيفتح نقاش مع الخبير الاقتصادي كمال حمدان والذي سيبين خلاله من المستفيد من كل بند في مشروع الموازنة".
وبدأ الاعتصام ظهر اليوم تزامنًا مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، حيث تواجد عشرات الأشخاص في ساحة رياض الصلح داخل الخيم وفي محيطها يقابلهم عدد أكبر من القوى الأمنية، التي انتشر عناصرها دون استنفار.
وعلقت فوق الخيم لافتات تعبِّر عن رفض رفع الضريبة على القيمة المضافة ورفع سعر البنزين المستمر بالارتفاع.
جدير بالذكر أن الحزب الشيوعي اللبناني نظّم قبل شهور عدّة تظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف، وحملت شعار "إلى الشارع للإنقاذ.. في مواجهة سياسة الإنهيار"، بمُشاركة التنظيم الشعبي الناصري والاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، ومنظمات يسارية ونقابية وحشد من المناصرين.
وأكَّد المكتب السياسي للحزب، في حينه على أن "هذه التظاهرة ما هي إلّا بداية التحرك، وفي الوقت نفسه، دعوة إلى كل المتضررين للانخراط فيه، دفاعًا عن حقوقهم، ولتغيير السياسات الاقتصادية - الاجتماعية التي أفقرتهم وأوصلت البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي".
وقال إن "تحقيق هذه الأهداف مرهون، بالعمل معًا لبناء حركة شعبية لها برنامجها وخطّة تحركها، وقيادتها الموحدّة، وهو ما نسعى من أجله في الشارع".
وجابت التظاهرات شوارع بيروت انطلاقًا من أمام المصرف المركزي في إشارة للاعتراض على سياسته النقدية والمالية، ووصلت إلى ساحة رياض الصلح في وسط العاصمة حيث تجمع المتظاهرون قبالة السرايا الحكومية وسط اجراءاتٍ أمنية مُشددة.
ورفع المتظاهرون لافتات منددة بسياسات الطبقة الحاكمة محملين اياها المسؤولية عن ارتفاع الدين العام والذي ناهز الـ100 مليار دولار، وهتفوا ضد الفساد من دون أن يوفروا أحدًا من أركان السلطة.
كما ورفعوا الأعلام اللبنانية والرايات الشيوعية، ولافتات تطالب بمُحاكمة السلطة السياسية الفاسدة، وكتبوا على بعضها "لا للدولة الفاشلة"، و"كفى خطابات مذهبية"، و"لإعادة النظر بحكم الدولة المنهوبة والفاسدة".