حمّل سكرتير عام الحزب الشيوعي السودان ي محمد مختار الخطيب، المجلس العسكري الانتقالي، المسؤولية بعد سقوط شهداء وجرحى من المتظاهرين، مطالبًا بفتح تحقيق شفاف لمعرفة الجهات المتورطة في الأحداث، على أن تشارك في التحقيقات قوى الحراك الثوري.
ورأى الخطيب أن امتناع المجلس العسكري الذي يسيطر على السلطة عن "اعتقال رموز النظام السابق وحل ميليشياته، التي كانت هددت علانية بقمع المحتجين، وراء ما حدث من تفلتات أمنية.
وفي حوارٍ نشرته صحيفة الشرق الأوسط، يوم السبت، قال الخطيب إن "الحزب الشيوعي السوداني لا يزال موجوداً وسط الناس، وكل يوم يزداد نفوذاً، والشعب يعرفنا تماماً".
وأضاف قائلًا: "بعد تجربة 30 عاماً من حكم الإسلاميين ظهر من هو الذي قلبه على بلاده وشعبه ومن قلبه على نفسه". مشددًا أن النظرية الماركسية ما زالت صالحة منهجاً للحكم، ولم يستبعد أن تحكم السودان من جديد.
ونفى أن يكون الحزب الشيوعي من يقود حراك الشارع، قائلاً إنها ثورة الشعب بكل أطيافه، و"لشيوعي" جزء منها.
وأكد الخطيب أنه "لن يترشح لأي منصب في الفترة الانتقالية، لأن الحكومة المقبلة هي حكومة كفاءات وليست للمحاصصات الحزبية". مضيفًا "نريد أن نتفرغ خلال الفترة المقبلة لتأهيل وتنظيم حزبنا استعداداً لمرحلة ما بعد الحكومة الانتقالية".
وحول أسباب الحالة المعقدة التي يعيشها السودان حاليًا، قال الخطي إنها تأتي "في إطار الصراع بين قوى الثورة، والنظام البائد... كل يعمل من أجل أن يكون التغيير المقبل في صالحه. سلاح الثوار، هم الجماهير، ويريدون أن تبقى الانتفاضة، متقدة... وأن يبقى الزخم الثوري ممتداً؛ ولا يزال سلاح العصيان المدني والإضراب السياسي مطروحاً من أجل كسب الجولة مع المجلس العسكري الانتقالي، الذي يسيطر على السلطة ويملك أجهزة وأدوات القوة".
وحول من يقف وراء قتل المعتصمين، قال الخطيب إن "كل المؤشرات تشير إلى أيادي النظام البائد، الذي استعمل كل قواه لإخماد الانتفاضة، ولكنه فشل وكانت وسيلته الوحيدة أن يخلع الرئيس، ويأتي بقوى تواصل مسار النظام السابق، والحفاظ على مكتسباته وإجراء انتخابات سريعة للعودة إلى الحكم مرة ثانية. ورغم ذلك نريد أن يجري تحقيق شفاف لمعركة الحقيقة كاملة ومحاكمة المقصرين".
وشدّد على أننا "لم نرَ أي خطوات جادة تجاه قصقصة أجنحة النظام السابق، ولا تزال الدولة العميقة وكتائب الظل وميليشيات وأجهزة النظام الأمنية موجودة، وتعمل على إجهاض الثورة".
وعن رؤية الحزب الشيوعي للحكومة، قال إن "رؤيتنا أن تكون الحكومة المقبلة مدنية كاملة، ولكن الحزب لديه تحالفات مع قوى أخرى، ونحن نلتزم بما يتم التوصل إليه في تلك التحالفات، نحن مع مجلس سيادة رمزي يمثل فيه العسكريون، أما الحكومة التنفيذية والمجلس التشريعي فيجب أن يكونا بإرادة قوى الحرية والتغيير".
وأضاف أن "الحزب لديه مرشحين، ونحن نعمل في إطار التحالف العريض، وتقدمنا بأسماء مرشحين من الحزب إلى لجنة قوى الحرية والتغيير التي تقوم بتطبيق المعايير الموضوعة على مرشحي الأحزاب في المناصب".
وعن قدرة الحزب على المساهمة في التحول الديمقراطي، قال الخطيب "عملنا في ظروف سرية وصعبة في كل العصور الديكتاتورية من عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، مروراً بنظام النميري من تحت الأرض، ومن فوقها... اعتقلت أعداد كبيرة من الشيوعيين؛ ولكن في كل مرة يخرجون أكثر قوة وثقلاً وسط الجماهير، لأن جذور الحزب الشيوعي مغروسة تماماً في هذا الشعب وعلى أرضه، ونفوذنا وسط الجماهير لا يزال كبيراً.
وتابع قائلًا "سنحاول أن نبني على ما هو موجود، وسندعو إلى مؤتمر دستوري جامع في نهاية الفترة الانتقالية، التي أردناها طويلة، لأن القضايا الحالية لا يمكن أن يحلها برنامج حزب واحد، وهي تهم كل الشعب، وبما أن الأحزاب تعبر عن طبقات وفئات الشعب، فبالضرورة أن يحمل البرنامج الذي سينفذ خلال سنوات الانتقال تطلعات هذه القوى".
وعن أهمية الفترة الانتقالية الطويلة، قال "جربنا فترات انتقال قصيرة بعد ثورتي أكتوبر (تشرين الأول) 1964 وأبريل (نيسان) 1985، فالحكومات التي تأتي بالانتخابات بعدها، تقوم بتنفيذ برامج خاصة بها، لا برامج وطنية، ولا تمثل شعارات الثورة؛ وبالتالي دخلنا في الدائرة الشريرة؛ حكومة ديمقراطية يعقبها انقلاب عسكري... ثم ثورة شعبية تعقبها فترة انتقالية قصيرة ثم انقلاب آخر".
وأردف قائلًا "بالتالي علق كثير من القضايا الوطنية الحيوية. نريد أن نستفيد من طول الفترة، لعقد مؤتمر دستوري قومي يشارك فيه كل أهل السودان، نتوافق فيه على كيفية حكم السودان، وهذا هو الذي يؤدي إلى استدامة الديمقراطية في البلاد، ويرسخ التداول السلمي للسلطة".
وحول مشاركة الإسلاميين في الحكم القادم، قال الخطيب "نحن نريد أن نصفي ما صنعه الإسلاميون خلال 30 عاماً، لن يمنعوا من ممارسة نشاطهم السياسي، ولن يكونوا في الترتيبات الانتقالية التي نريد أن نحقق فيها تطلعات الثوار وليس من هزمناهم".
كما شدّد على أن "الحزب الشيوعي مع النظام البرلماني لأنه يحقق قضية التنوع في الشعب السوداني، واحدة من أزماتنا عدم حل قضايا القوميات، حيث وقع ظلم كثير وازدراء ثقافي ديني وعرقي، لذلك يجب أن تمثل كل الجهات في مجلس السيادة الذي اقترحنا أن يعكس أقاليم البلاد الستة، بالإضافة إلى تمثيل المرأة".