Menu

مدارس الأردن تعود للحياة بعد انتصار المعلّمين

بيسان الشرافي

مدرسة في الأردن- ارشيف

عمَّان_ خاص بوابة الهدف

بعد تتويج النضال المطلبي الذي خاضه المعلّمون الأردنيّون، على مدار شهرٍ كاملٍ، بانتصارٍ تكلّل باستجابة الحكومة للمطالب وجُملة الاستحقاقات الوظيفية التي رفعها المُضربون، وأهمها إقرار علاوة الراتب. يتحدث مُنسق الحملة الوطنية لحماية حقوق الطالب "ذبحتونا"، فاخر دعّاس، للهدف عن ردود الفعل في الشارع الأردني، وسيّما في أوساط المُعلّمين بعد إعلان تفاصيل الاتفاق المُبرَم بين نقابتهم والحكومة، والعوامل التي أسهمت ومكّنت من تحقيق المطالب، وكيفية تعاطي الحكومة في أعقاب إنهاء الإضراب.

وبعد 30 يومًا من تعليق الدوام المدرسي، انتظم منذ أمس الأحد 6 أكتوبر، نحو مليون ونصف المليون طالب وطالبة في مقاعدهم الدراسية، في أربعة آلاف مدرسة حكومية بأنحاء الأردن، بعد ساعاتٍ من الكشف عن الاتفاق الذي أنهى الإضراب، فجر اليوم ذاته، خلال مؤتمرٍ صحفي مشترك لوزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين ونائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة، نص على أن تحصل مختلف الرُّتب في سلك التعليم على علاوات، ويبدأ تطبيقها اعتبارًا من مطلع العام القادم 2020.

مُنسق حملة "ذبحتونا" فاخر دعّاس، أوضح أن مدارس الأردن تشهد انتظامًا تامًا في العملية التعليمية، وعادت الحياة المدرسية لوضعها الطبيعي. ولفت إلى أنّ الاستجابة لمطالب المعلمين شكّل انتصارًا لإرادة الشارع الأردني، ونِتاج حالة الالتفاف الشعبي حول المطالب العادلة للمُضربين ونقابتهم.

وأكّد أنّ نجاح الإضراب وتحقيق المطالب العادلة يُثبت أنّ سياسة ليّ الذراع ومحاولات كسر الإرادة التي تُمارسها الحكومات المتعاقبة هي سياسة فاشلة ولن تُؤدي إلى نتائج تخدم مصلحة البلد والعملية التعليمية، مُشيرًا إلى أنّه كان حريٌ بالحكومة الاستجابة لمطالب الإضراب في وقت مبكر، سيّما وأنّ الأمر بات متعلقًا بكرامة وهيبة المعلم ومكانه في المجتمع، في أعقاب قمع احتجاجات المعلمين يوم 5 سبتمبر الماضي، على يد الأجهزة الأمنية، التي استخدمت القوة والعنف ضدّ المتظاهرين من المُدرّسين.

إنجازٌ هام يجب البناء عليه

وبموجب الاتفاق، يحصل المعلم المساعد (حديث التعيين في وزارة التربية والتعليم) على علاوة بنسبة 35% من الراتب الأساسي، وبنسبة 40% للمعلم (ذو خبرة أقل من 10 أعوام)، والمعلم الأول (خبرة أقل من 15 عامًا في التربية) بنسبة 50%، في حين يحصل المعلم الخبير (خبرة أكثر من 15) على على علاوة بنسبة 65%. وكانت أعلى نسبة علاوة لمنصبٍ تم استحداثه خلال المفاوضات، وهو "المعلم القائد الإداري"، بنسبة 75%.

من جهته، اعتبر دعاس ما حققه المعلمون عبر النضال الحقوقي "انجازًا مهمًا يجب البناء عليه من أجل إنصاف المهنيين بشكلٍ عام والمعلمين بشكل خاص".

عموم المعلّمين راضون عن الاتفاق الذي أبرمته النقابة مع الحكومة، وهم مُؤمنون بأن مجلس النقابة يُمثلهم ويُعبر عن تطلّعاتهم وطموحاتهم، ويُؤمنون بخياراته، لذا كان الالتفاف حوله قويّ، ولم تبدُ أيّة معارضة لمواقفه، سواء خلال المسار الاحتجاجي أو الاتفاق المُبرَم. وفق ما بيّنه دعّاس

وعن تعاطي الحكومة مع الاتفاق، عبّر دعّاس، خلال حديثه للهدف، عن أمله بأن يكون التعاطي مع انتصار المعلمين وتمكّنهم من تحقيق مطالبهم على أنّه انتصارٌ للوطن وإحقاقٌ لمطالب عادلة، وأن لا يتم التعامل بعقلية المُنهزِم وردّات الفِعل.

وكان بالأمس تصريحٌ من رئيس الوزراء الأردني عمر الرزّاز، قال فيه إن الاتفاق سيؤدي إلى زيادة العجز في الموازنة العامة. وهو ما وصفه دعّاس بأنّه "تصريحٌ غير موفقٍ"، معربًا عن أمله بأن لا يكون هذه التصريحات وما شابهها مقدمة لمحاسبة المعلمين نتيجة ثباتهم على مواقفهم، كما أمِل أن يكون مجرّد تصريح صدر عن رئيس الحكومة في إطار الواقع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، بعيدًا عن محاولات شيطنة أو تأليب الشارع ضدّ المعلمين ونقابتهم.

عوامل عدّة ساهمت بإنجاح الإضراب

ولفت فاخر دعّاس إلى أنّ نجاح إضراب المعلمين والاستجابة لمطالبهم يعود إلى عدّة عوامل، ساهمت بشكل كبير في انتزاع الاتفاق المُشار إليه، أوّلها وأهمها استجابة الأهالي لقرارات ودعوات مجلس نقابة المعلمين، حتى اللحظة الأخيرة، رغم محاولات الحكومة والوزارة الالتفاف والتشويش عليها، بدعوة الأهالي لإرسال أبنائهم إلى المدارس، وهو ما لم يلق أيّ أثرٍ على أرض الواقع.

يُضاف إلى عوامل إنجاح الإضراب كذلك صلابة وتماسك مجلس نقابة المعلمين، ووحدة موقفه، وكذلك التزام وانضباط المعلمين بتوجيهات نقابتهم، وذلك من وحي إيمانهم بقدرته على انتزاع مطالبهم وتحصيل حقوقهم.

الأزمة التي كانت حديث الشارع الأردني، منذ بداية سبتمبر، اتّخذت بُعدًا وطنيًا كذلك، وفق ما أوضحه دعّاس، إذ أعلنت القوى الوطنية والشعبية والنقابية والمهنية والعمالية تضامنها مع المعلمين، وشكّل هذا الدعم والإسناد عاملًا إضافيًا زاد الضغط على الحكومة باتجاه إنهاء الأزمة بما يُنصف المعلمين.

وختم دعّاس حديثه للهدف بالإشارة إلى أنّه يجري التنسيق في الوقت الحالي بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين من أجل ترتيب خطة العام الدراسي، لتعويض ما فات الطلبة خلال فترة الإضراب، الذي استمر شهرًا كاملًا. ولفت إلى أنّ المسألة ليست صعبة، إذ سيتم تقليص العطلة ما بين الفصلين الدراسيين، كما سيتم تقليص أسبوعين من العطلة الصيفية.