تصاعدت الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية بيروت، مع فجر يوم الجمعة، حيث أصيب عشرات المتظاهرين في ساحة رياض الصلح قرب مقر الحكومة، بحالات إغماء جراء استخدام قوات الأمن قنابل الغاز، وتأتي هذه الاحتجاجات على خلفية إقرار الحكومة ضرائب جديدة وتردي الوضع المعيشي.
وعمدت قوى الأمن إلى إخلاء الساحة من المتظاهرين بإطلاق قنابل الغاز وخراطيم المياه، كما عملت على ملاحقتهم وضربهم بالهراوات، بينما تحدث متظاهرون عن اعتقال عدد منهم، وقالت قوى الأمن الداخلي إن 40 من عناصرها جرحوا في المواجهات.
ويشهد لبنان منذ مساء أمس الخميس احتجاجات واسعة -هي الأكبر منذ سنوات- في مختلف مناطق البلاد، رفضا لإقرار الحكومة ضرائب جديدة أبرزها ضريبة على اتصالات الإنترنت، ورفضا للأوضاع الاقتصادية والمعيشية بصفة عامة.
ونصب المتظاهرون خيامًا في بيروت ومناطق أخرى بهدف البقاء في أماكن الاعتصام حتى إسقاط الحكومة -وفق قولهم-، رغم تراجع الحكومة عن الضريبة على خدمة اتصالات الإنترنت. وقطع المحتجون عددا من الطرقات الرئيسية في البلاد وطالبوا بمكافحة الفساد.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام اليوم أن اثنين من العمال الأجانب لقيا حتفهما اختناقا جراء حريق امتد إلى مبنى قريب من احتجاجات حاشدة تشهدها بيروت، مضيفة أن فرق الإنقاذ تعمل على سحب الجثتين وإخماد الحريق.
وبسبب الأوضاع الحالية، قررت وزارة التربية والتعليم العالي تعطيل المدارس والجامعات اليوم الجمعة، كما أعلنت جمعية المصارف الخاصة إقفال أبواب المصارف اليوم تحسبا لأي ظروف طارئة.
ودعا الاتحاد العمالي العام في لبنان إلى الإضراب تزامنا مع جلسة ستعقدها الحكومة اليوم في القصر الجمهوري.
بينما قالت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن إنه لا استقالة لرئيس الحكومة سعد الحريري حاليا لأنها لا تحقق أي هدف. وأضافت الوزيرة في تصريحات تلفزيونية أمس الخميس أن معظم المظاهرات سلمية، ولدى قوى الأمن تعليمات بعدم الاصطدام معها.
من جانب آخر، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إنه اتصل بالحريري واقترح عليه أن يستقيلا سويا من الحكومة.
كما قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بيان إنه اتصل برئيس الحكومة وبجنبلاط، وأجرى اتصالات للتوصل إلى أفضل ما يمكن عمله بعد تدهور الأوضاع.
وكان وزير الاتصالات محمد شقير أعلن منذ ساعات التراجع عن فرض رسم بقيمة تعادل ستة دولارات شهريا عن خدمة المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت، وذلك بعد خروج المظاهرات الاحتجاجية التي عمت كافة مناطق البلاد.
ما السبب؟
ويعزى قرار الحكومة فرض هذه الضريبة الجديدة وغيرها من الإجراءات التقشفية إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان بسبب ارتفاع عجز الميزانية والمديونية العامة.
وتصاعدت نقمة الشارع في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة إزاء تدهور قيمة العملة المحلية التي انخفضت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وفرض البنوك عمولة على السحب بالدولار الذي شح في السوق.
يشار إلى أن الحكومة اللبنانية تناقش منذ أيام مشروع موازنة العام 2020 التي ستتضمن فرض ضرائب جديدة لتمويل عجز الميزانية العامة، ومنها رفع الرسوم على التبغ والمحروقات وزيادة ضريبة القيمة المضافة تدريجيا.