Menu

الشاعر والروائي المناضل أمجد ناصر: "نبي نفسه" التي رثاها في "قناع المُحارب"

خاص بوابة الهدف

غادرنا بالأمس الشاعر والروائي المناضل يحيى النميري النعيمات؛ المعروف باسم "أمجد ناصر"، عن عمر يناهز 64 عامًا.

ولد أمجد عام 1955 في قرية الطرّة قضاء محافظة الرمثا، وأنهى دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية فيها، ثم توجه إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ليدرس العلوم السياسية.

يُعرف الفقيد بأنه "ابن الثورة الفلسطينية"، التي التحق في صفوفها منذ عام 1977 من خلال انتمائه للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد أن ترك العمل في التلفزيون الأردني وغادر الأردن متوجهًا إلى لبنان، حيث عمل محررًا ثقافيًا في مجلة "الهدف" التي أسّسها الشهيد غسان كنفاني عام 1969.

عاش أمجد حصار بيروت عام 1982، بكل يومياته إلى جانب الشعب اللبناني والفلسطيني ومقاتليه، وانتقل بعدها إلى دمشق ثم إلى قبرص فاليمن ثم لندن التي استقر فيها، قبل عودته مؤخرًا إلى مسقط رأسه حيث توفي هناك.

يحي النعيمات "أمجد ناصر" يرثي نفسه:

كان "أمجد" رثى نفسه في تدوينته المطولة الأخيرة التي كتبها على صفحته الشخصية في "الفيس بوك" بتاريخ 13 آيار/مايو الماضي، بعنوان "قناع المحارب"، بالقول:

"جسدي يخذلني     
وهذا ليس جديدًا     
كان يفعل ذلك مراوغة       
الآن صريح ومباشر في مسعاه            
كلما نهضت وقعت على الأرض           
لا أستطيع أن أبقى واقفًا على قدمي ما تبقى لي من أيام         
حتى الشجرة لا تفعل        
ألم نرً أشجارًا ممددة إلى جانبها لكي ترتاح من عبء الوقوف؟".  

كما سرد في "تدوينته" تفاصيل آخر زيارة له لطبيبه المعالج في مستشفى تشرينغ كروس بلندن:  

"في آخر زيارة إلى طبيبي في مستشفى تشرينغ كروس في لندن. كانت صور الرنين المغناطيسي عنده. من علامات وجهه شعرت بنذير سوء. قال من دون تأخير: الصور الأخيرة لدماغك أظهرت للأسف تقدمًا للورم وليس حدًا له أو احتواء، كما كنا نأمل من العلاج المزدوج الكيمو والإشعاعي.

كان مساعده دكتور سليم ينظر إلى وجهي وفي عيني مباشرة، ربما ليعرف رد فعلي.     
قلت: ماذا يعني ذلك؟
قال: يعني أن العلاج فشل في وجه الورم.  
قلت: والآن ماذا سنفعل؟    
رد: بالنسبة للعلاج، لا شيء. لقد جربنا ما هو متوافر لدينا.      
وفي ما يخصني ماذا عليّ أن أفعل؟
قال: أن ترتب أوضاعك. وتكتب وصيتك! 
قلت: هذا يعني نهاية المطاف بالنسبة لي. 
ردّ: للأسف.. سنحاول أن تكون أيامك الأخيرة أقلّ ألمًا. ولكننا لا نستطيع أن نفعل أكثر.
قبل أن أغادره قال: هذه آخر مرة تأتي فيها إلى عيادتي. سنحولك إلى الهوسبيس. وكانت آخر مرة سمعت فيها هذه الكلمة، عندما دخلت صديقة عراقية أصيبت بالسرطان في المرحلة النهائية. يبدو أن الهوسبيس مرفق للمحتضرين أو من هم على وشك ذلك.     
قلت له: لدي أكثر من كتاب أعمل عليه، وأريد أن أعرف الوقت. 
حدد وقتًا قصيرًا، لكنه أضاف هذا ليس حسابًا رياضيًا أو رياضيات. فلا تتوقّف عنده". 

وزير الثقافة الأردني: سيبقى في ذاكرة الأردنيين

قال وزير الثقافة الأردني محمد أبو رمان إن أمجد ناصر "سيبقى في ذاكرة الأردنيين، وفي ذاكرة عمان التي انطلقت منها كلماته الأولى" وكتب فيها ديوانه الأول "مديح لمقهى آخر" عن شوارع ومقاهي العاصمة الأردنية.

كما استذكر تجربة ناصر "يحيى النعيمات" الشعرية كأحد أبرز رواد الحداثة الشعرية، وقصيدة النثر، ونتاجه الإبداعي، ومساهمته كشاعر، ودوره الكبير في إثراء المشهد الشعري العربي من خلال مؤلفاته الشعرية، ومن خلال مشاركاته المتعددة في المهرجانات العربية والدولية، حيث كان أول شاعر عربي يقرأ في الأمسية الافتتاحية لمهرجان لندن العالمي للشعر، ومشاركته في لجان تحكيم الجوائز العربية والدولية في الأدب والصحافة.

الروائي والقيادي مروان عبد العال: رحل "نبي نفسه"

كتب الروائي والقيادي الفلسطيني مروان عبد العال في نعيه للفقيد: "رحل "نبي نفسه" كما وصف نفسه، وهو المقاتل والروائي والشاعر والمُحرر الذي يحمل صليبه على ظهره، وليس له ناقة تنشق من الصخر أو شمس في غربة باردة. وبعد حياة عبرت كل الأزمنة، واجتازت الأمكنة، من مسقط رأسه في الأردن والذي غادره إلى بيروت عام 1977، ملتحقًا بالثورة الفلسطينية وفي صفوف "الـجــبـهــة الـشـعـبـيــة لـتــحـريـر فـلـســطيـن"، انتصارًا لقضية فلسطين، ومدافعًا عن جبهة الثقافة الوطنية".

وجاء فيما كتبه الروائي والقيادي "عبد العال" بأن الراحل "أمجد" رفض في إحدى حواراته بشدة أن يكون هناك زمنًا للسياسة وزمنًا للأدب. وشدّد على أن الأدب، أبقى وأهم من السياسة، وهو المعبّر الأعمق عن أحلام المجموعات والأفراد. مؤكدًا أنه "لا يمكن لأمة أن تنهض من دون وجود أدب عظيم".

كما كتب "عبد العال": "سيبقى أمجد ناصر كالظل الوارف الممتد في العصور وصوت من الصحراء في "مديح المقهى الآخر" و"منذ جلعاد كان يصعد الجبل" من رعاة العزلة وأثر العابر إلى "وحيدًا كذئب الفرزدق" و"حياة كسرد متقطع" حتى "مملكة آدم".

إنتاجٌ أدبي زاخر وجوائز تقديرية مستحقة

صدر "لأمجد ناصر" نحو عشرين كتابًا في الشعر والرواية وأدب الرحلات، أولها صدر عام 1977 في بيروت، وتحول مطلع الثمانينيات لقصيدة النثر، ليصدر عدة دواوين منها: "منذ جلعاد"، و"رعاة العزلة"، و"سر من رآك"، و"مرتقى الأنفاس".

وفي السرد والرواية صدر له "خبط الأجنحة" و"هنا الوردة" و"في بلاد ماركيز"، وترجمت بعض أعماله للغات أوروبية بينها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية والهولندية.

تم منحه في الأردن جائزة الدولة التقديرية في الآداب، ووسام الإبداع والثقافة الفلسطيني، كذلك نال جائزة محمّد الماغوط للشعر من وزارة الثقافة السورية سنة 2006.