Menu

"جريمة بحق النضال الوطني"

قطع رواتب الأسرى.. أن يُلاحقكَ الظلمُ بعد التحرّر!

بيسان الشرافي

قطع رواتب الأسرى- من اعتصام

غزة_ بوابة الهدف

نسمع بين الحين والآخر عن إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام يخوضه أسيرٌ- أو أكثر- داخل سجون الاحتلال، احتجاجًا على السياسات التعسفية والقمعية- على اختلافها- لكنّ الغريب هو أن يُعلن 30 أسيرًا محررًا الإضراب خارج أسوار السجن؛ داخل خيمة اعتصامٍ في قلب مدينة رام الله بالضفة المحتلة.

إضرابٌ أعلنه أكثر من 30 أسيرًا محررًا، تُواصل السلطة الفلسطينية قطع رواتبهم منذ 13 عامًا حتى اليوم، بذرائع مختلفة، استمرّ 43 يومًا، وانتهي مطلع الأسبوع الحالي.

43 يومًا من الإضراب عن الطعام فعلت ما فعلته بأجسادِ الأسرى المحررين المقطوعة رواتبُهم؛ يقول المتحدث باسمهم علاء الريماوي "لا نزال نشعر بأوجاعٍ في الأمعاء والمعدة، ومشكلات أخرى، لكنّنا أسرى محررون، ومُعتادون على هذا الأمر".

تحريضٌ إعلاميّ وتقارير هجوميّة واتهاماتٌ وُجّهت لهؤلاء الأسرى، بعد أيامٍ على نصبهم خيمةَ اعتصامٍ في قلب مدينة رام الله، وإعلانهم الإضراب المفتوح عن الطعام حتى إعادة رواتبهم، وانعكسَ التحريضُ على الأرض باقتحام قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، الثلاثاء الماضي، خيمةَ الاعتصام، واعتدائها على المُضربين وخطفِها أحدَهم.

اقرأ ايضا: رام الله.. المحررون المقطوعة رواتبهم يوقفون اعتصامهم وإضرابهم

صباح السبت، أصدر الأسرى أنفسهم بيانًا أعلنوا فيه إنهاء الإضراب، وقالوا "إن وعودًا قُدِّمت لهم بحلّ قضيّتهم، دون مزيدٍ من التفاصيل". لتُعلنَ هيئة شؤون الأسرى والمحررين في وقتٍ لاحق أنّه "سيتم النّظر في ملفات الأسرى كلٌ على حِدة، وسيتم التعامل معها وفق قانون الأسرى".

"بوابة الهدف" تواصلت مع المتحدث باسم الأسرى المقطوعة رواتبهم، علاء الريماوي، الذي أكّد بدوره أنّ "شخصيات وطنية وازِنة إلى جانب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تدخلت لإنهاء إضرابهم بناءً على تعهّدٍ بحلّ قضيتهم".

اقرأ ايضا: "الضمير" تُطالب السلطة بالتراجع عن قرار قطع الرواتب المخالف للقانون

واستبعد الريماوي عدم الإيفاء بالتعهّد؛ و"إلا ستكون كارثة!" على حدّ قوله.

قطعُ الرواتب سياسةٌ تتّبعها السلطة الفلسطينية منذ وقوع الانقسام بالعام 2007، وصعّدت منها في الأعوام الأخيرة، حتى باتت تعصف بآلافٍ من موظفيها. غير أنّ ما زاد من حالة الاحتقان ضدّ هذا الإجراء العقابي هو شمولَه الأسرى المحررين، ما اعتبرته العديد من الجهات الفلسطينية، ومنها فصائل وجهات حقوقية، مساسًا بقضية الأسرى والمحررين وتنكّرًا لنضالهم وتضحياتهم في سجون الاحتلال.

اقرأ ايضا: الشعبية: خصم رواتب الأسرى المحررين خضوعٌ للاحتلال

الريماوي بيّن خلال حديثه للهدف أنّ "السلطة تعاملت معنا- المضربين- وكأنّنا قسمٌ تخريبيّ، ومارست بحّقنا التشويه والتشكيك، لكنّ هذا لم ينطلِ على شعبنا، الذي استمرّ بالدفاع عن قضيّتنا ومناصرة مظلوميّتنا".

وقال "إن الحالة الفلسطينية لا تحتمل منعطَفًا آخرًا"، داعيًا إلى تجنيب الأسرى تبِعات الانقسام وتجنّب التمييز بينهم على أساسٍ حزبيّ".

المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، د. حسن عبد ربه، كشف للهدف أنّ كل إشكالية الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم لم تكن بفِعل الهيئة، بل كانت على خلفية "أمنية"، وكانت الأجهزة الأمنية هي من تتولّى القضية.

وأوضح عبد ربّه لبوابة الهدف أنّ الإشكالية تتعلّق بـ30 أسيرًا في الضفة تم قطع رواتبهم منذ العام 2007، بسبب التحاق عددٍ منهم بالوظيفة العمومية ضمن الحكومة العاشرة، وهو ما ينصّ عليه قانون الأسرى الذي يمنع ازدواجية الراتب.

حتى الآن الأمور سارت وفق القانون، لكنّ بعد الانقسام وتولّي حكومة سلام فياض زمام الأمور بالضفة المحتلة قطعَت رواتبهم، وبرّر المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى هذا بـ"وجود تحفّظ أمني عليهم لدى الجهات الأمنية، وعليه لم تتم إعادة رواتبهم بصفتهم أسرى محررين".

"التحفّظ الأمني، وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بوساطة حنّا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية وشخصيّات أخرى، ستتم إزاحتُه جانبًا، ومن ثمّ الاحتكام إلى قانون الأسرى الناظم لحقوق الأسرى المحررين، بدون أيّ تمييز"، وفق ما بيّنه عبد ربه.

ورجّح أن تتم إعادة راتب عدد من هؤلاء الأسرى ممّن تنطبق عليهم شروط القانون، في حين من يُناقض أيًّا من الشروط سيفقد حقّه في استعادة الراتب. وعن صرف الرواتب بأثر رجعي من عدمه قال "الوقت الآن ليس مناسبًا لمناقشة هذه القضية".

مدير الوحدة القانونية في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، المحامي محمود حسّان، أكّد لبوابة الهدف أن رفض إعادة رواتب الأسرى المُستحقّة لهم "إجراءٌ تعسّفي وغير قانوني"، وتجاوزٌ لقانون الأسرى.

وبموجب المادة (5) من قانون الأسرى والمحررين رقم (19) لسنة 2004، المُقَرّ من مجلس الوزراء، تَصرِف السلطة الفلسطينية راتبًا شهريًا لـ"كلّ أسير مُحرر أمضى في سجون الاحتلال مدة لا تقل عن خمس سنوات.."، ولا يتقاضى راتبًا يتجاوز 3500 شيكلٍ.

المحامي حسّان بيّن أنّه في حال انخراط الأسير بعملٍ يتقاضى منه أجرًا يزيد عن 3500 شيكلٍ، يُقطَع عنه "راتب الأسير"، وإذا ما انتهى منه يُصبح من حقّه استعادة "راتب الأسير" على الفور.

من جهته، طالب الريماوي- خلال حديثه للهدف- السلطةَ الفلسطينية بإدارة ملف الأسرى بحكمةٍ، لما يُمثلونه من صمام أمانٍ للقضية الوطنية. مُستدركًا بالقول "عكسُ هذا سيُدخلنا في حالة شقاق وصراع على السلطة ومكاسبها..، تعالَوا نُجمع على الثابت كي نستفيد ببلورة جسمنا الفلسطيني لمواجهة الاحتلال".

ودعا الفصائل إلى إعادة الاعتبار لقضية الأسرى. إلى جانب تعزيز الحالة الشعبية الداعمة لهم.

مسؤول لجنة الأسرى بالجبهة الشعبية، الأسير المحرر علام كعبي، اعتبر الإجراءات العقابية التي تتّخذها السلطة ضدّ الأسرى والمحررين "جريمة بحقّ النضال الوطني،.. في وقتٍ يُواصل فيه الرئيس محمود عباس تصريحاته في مختلف المحافل الدولية بأنّ قضية الأسرى خطٌ أحمر وغير خاضعة لأيّ ابتزاز".

وقال كعبي، لبوابة الهدف "وقفنا بقوّة منذ البداية ضدّ سياسة قطع الرواتب والخصم منها، والتي طالت الأسرى". مُبيّنًا أنّ القضية لا تقتصر على المقطوعة رواتبهم بالضفة، فالسلطة لا تزال تقتطع 50% من رواتب المحرَّرين من قطاع غزة.

وطالب كعبي السلطة الفلسطينية بإعادة الرواتب كاملةً للأسرى والمحررين في الضفة والقطاع، بدون أيّ تمييز، وهذا أقل حقّ يُمكن أن تقّدمه لهذه الشريحة التي ضحّت بسنوات طويلة من عمرها في سجون الاحتلال.