Menu

كارثة حقيقية في حال تفشى كورونا.. مركز الميزان: رفح تخلو من أجهزة التنفس الصناعي

غزة - بوابة الهدف

وجّه مركز الميزان لحقوق الانسان، مساء اليوم الثلاثاء، مناشدة عاجلة حذّر فيها من كارثة حقيقية في حال تفشي فيروس كورونا في قطاع غزة، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك بالفوري لإنهاء حصار غزة. 

وحذر الميزان من كارثة حقيقية ينطوي عليها تفشي الجائحة فيما لو خرجت عن السيطرة في قطاع غزة، وهو خطر حقيقي وقائم وهو ما يعني أن حياة عشرات الآلاف من سكان القطاع تصبح تحت تهديد غير مسبوق في ظل ضعف الإمكانيات.

وقال المركز أن المعلومات المتوفرة لديه أن قطاع غزة سيعاني أزمة حقيقية في حال تفشى الفيروس فيه، إذ تقف قلة الإمكانيات المتاحة في مواجهته عائقًا أمام ذلك. 

ونشر المركز أرقامًا تسلط الضوء على قطاع الصحة في غزة، إذ "بلغ عدد أسرة العناية المركزة فيه (110) سريراً للبالغين، منها (78) في مستشفيات وزارة الصحة، و(7) أسرّة توجد لدى الخدمات الطبية العسكرية، فيما تمتلك المؤسسات الطبية الأهلية (12) سريراً، فيما يوجد لدى المؤسسات الطبية الخاصة (13) سريراً. ووزعت أسرّة العناية على محافظات القطاع فاحتلت محافظة غزة المرتبة الأولى بـ61 سريراً، وخان يونس ثانية بـ23 سريراً، ومحافظة شمال غزة ثالثة بـ16 سريراً، و10 أسرّة في المحافظة الوسطى، في حين تخلو محافظة رفح من أسرّة العناية المركزة". 

وأضاف المركز أنّ ما نسبته 72% من أسرة العناية المركزة في مستشفيات وزارة الصحة مشغولة، ما يعني وجود (22) سرير فعلياً جاهزة لاستقبال حالات الإصابة بفيروس كورونا في حال انتشاره.

بحسب المركز، يعبّر عدد أجهزة التنفس الصناعي اللازمة لعلاج مصابي فيروس كورونا عن حجم المأساة: "حيث يبلغ عدد أجهزة التنفس الصناعي العاملة في وحدات العناية المركزة في قطاع غزة (96) جهازاً، منها (63) جهازاً في مستشفيات وزارة الصحة فقط، و(9) أجهزة في المستشفيات التابعة للمؤسسات الأهلية، و(7) أجهزة في مستشفى كمال عدوان التابع للخدمات العسكرية الطبية، فيما يوجد (17) جهازاً في المستشفيات الخاصة منها 10 أجهزة غير مفعلة. وبلغ عدد أجهزة التنفس الصناعي في محافظة غزة 49 جهازاً، وفي خان يونس 21 جهازً، و17 جهازاً في محافظة شمال غزة، ويوجد 9 أجهزة في المحافظة الوسطى، في حين تخلو محافظة رفح من أجهزة التنفس الصناعي". 

وكشف المركز أن قطاع غزة من نقص حاد في معدات التحليل، ما يحول دون قدرة وزارة الصحة على تحليل كل الحالات المشتبهة والانتظار لحين ظهور أعراض المرض. كما ويعاني القطاع الصحي من نقص في ملابس وأدوات الوقاية المخصصة للطواقم الطبية في صراعهم مع فايروس كورونا. ذلك يعني أن نسبة عدد الأجهزة بالنسبة لعدد السكان في القطاع هي جهاز تنفس صناعي واحد لكل 33.333 نسمة.

ورأي المركز أن هذه الأرقام تكشف "حجم الكارثة التي تنتظر القطاع فيما لو تفشى الوباء بداخلها، وهو خطر حقيقي قائم، في ظل توفر هذا العدد المتواضع من الأجهزة، الذي يتم إشغال أكثر من 80٪ منها للحالات الطارئة لمرضى القلب وغيره في الأوقات العادية".

وأشار المركز إلى أن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" سمحت بإدخال كميات محدودة جداً من عدة التحليل حيث تشير وزارة الصحة إلى أن الكميات المتوفرة تسمح بإجراء حوالي (1500) تحليل فقط، جرى استخدام جزء كبير منها. وفيما لا تتمكن وزارة الصحة في غزة من إجراء تحليل لبضع عينات يومياً، تجري سلطات الاحتلال 10.000 تحليل يومياً لمواطنيها وتسعى لزيادة العدد إلى 30.000.

ونوه المركز إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية ليست أفضل بكثير من أوضاع القطاع وهو ينذر بكارثة حقيقية بانتشار الإصابة بالفايروس لعدم توفر أي مخزون لتحليل شامل لتلك الحالات المشتبه فيها.

وتواصل قوات الاحتلال فرض حصاراً مشدداً على قطاع غزة، ولم توقف هجماتها الحربية التي كان آخرها فجر الجمعة 28/3/2020. وأفضت الهجمات العسكرية الصهيونية واسعة النطاق إلى تدمير البنية التحتية، وأسهمت في تدهور مستوى الرعاية الصحية، وأفضت إلى نقص دائم في الأدوية والمستلزمات الطبية والمستهلكات الطبية، لدرجة أوقفت معها وزارة الصحة العميات الجراحية مرات عدة.

ولفت المركز إلى أن انتشار الوباء في المنطقة يهدد حياة من يعانون أمراض خطيرة من سكان قطاع غزة والذين يتلقون العلاج خارج قطاع غزة حيث ألغت المستشفيات مواعيد جلساتهم العلاجية، كما أن القيود "الإسرائيلية" التي تفرضها على حرية الحركة لهم ولمرافقيهم تهدد حقهم في تلقي العلاج وتنطوي على خطورة حقيقية على حياتهم في ظل عدم قدرة قطاع الصحة في غزة على التعامل مع حالاتهم بسبب تدهور البنية التحية وتوفر العلاجات المناسبة بفعل ما تفرضه دولة الاحتلال من حصار.

وسرد المركز حقائق تظهر أن  الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة يشهد انهياراً متسارعاً وغير مسبوق، وسط تفشي لظاهرة البطالة التي سجلت ما نسبته (52%) في صفوف القوى العاملة. وارتفعت البطالة في صفوف الشباب في سن (18-29) عاماً خلال عام 2018 من 53% إلى 69%. كما تفشى الفقر بين السكان وسجل ما نسبته (53.0%). كما أظهرت المعطيات المتوفرة أن ما نسبته (68.5%) من الأسر في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، وتواجه صعوبات في توفير كمية ونوعية الطعام بسبب محدودية الموارد المالية. هذا وأشارت وكالة الغوث الدولية إلى أن نحو 80٪ من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية. ولا شك في أنه من شأن التدابير المتخذة للحد من انتشار الفيروس أن تقوض أسباب الحياة في حدودها الدنيا لأكثر من نصف السكان في قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب على نحو عاجل دعم الأسر الفقيرة ومن يفقدون دخلهم، ولاسيما وأن متوسط الدخل يشهد انخفاضاً متسارعاً في قطاع غزة، ولم يعد العمل يخرج صاحبه من دائرة الفقر.

في نفس السياق، أشار المركز إلى "أعداد الضحايا من الفلسطينيين الذين قتلوا أو أصيبوا خلال مشاركتهم في مسيرات العودة السلمية للوقوف على حجم الضغط المتواصل الذي يرزح تحت عبئه قطاع الصحة. وفي هذا السياق يشير مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أن قوات الاحتلال قتلت (217) شهيداً، من بينهم (48) طفلاً، وسيدتين، و(9) من ذوي الإعاقة، و(4) مسعفين، وصحافيين اثنين. كما أوقعت تلك القوات (19237) إصابة، من بينهم (4974) طفل، و(867) سيدة، ومن بين المصابين (9517) أصيبوا بالرصاص الحي، من بينهم (2127) طفلاً، و(191) سيدة"، وبلغ عدد مرات استهداف الطواقم الطبية (283) مرة، أسفرت عن إصابة (225) مسعف، تكرر إصابة (44) منهم أكثر من مرة، فيما بلغ عدد مرات استهداف الطواقم الصحفية (249) مرة، أسفرت عن إصابة (173) صحافي، تكرر إصابة (43) منهم أكثر من مرة.

وتطرق المركز في مناشدته إلى المشاكل التي يعاني منها قطاع غزة قائلا:"يعاني سكان غزة من انقطاع التيار الكهربائي والتلوث البيئي، وانعدام المياه الصالحة للشرب، والنقص الحاد في المساكن، في ظل استمرار عمليات هدم وتدمير المساكن وإعاقة إعادة بنائها حيث سمحت سلطات الاحتلال منذ أسابيع فقط بمرور مواد البناء بعد أن خففت نسبيا من القيود الصارمة التي فرضتها على دخولها، في ظل انهيار الاقتصاد في قطاع غزة. وهذه عوامل تولّد الأمراض، فيما تتطلب مواجهة جائحة كورونا خفض التلوث وتعقيم الأماكن والمنشآت وتعزيز النظافة الشخصية باستخدام مياه غير ملوثة لغسل اليدين والاستحمام". 

وتابع: "وما يثير القلق أن سلطات الاحتلال تواصل سياستها العنصرية ضد الفلسطينيين ولا تضع الأبعاد الإنسانية في اعتبارها، ولاسيما وأننا أمام جائحة توحد مشاعر البشرية جمعاء وتدفع إلى تعزيز التعاون والتنسيق الدوليين للقدرة على مواجهتها والحد من الخسائر في أرواح البشر وتقليص الأضرار إلى أكبر قدر ممكن. لقد تجاهلت سلطات الاحتلال المناشدات الدولية للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، وأفرجت عن السجناء الجنائيين الإسرائيليين، فيما تبقي على اعتقال النساء والأطفال والمعتقلين المرضى الذين مر على بعضهم نحو ثلاثة عقود وهم في السجن. ناهيكم عن مئات المعتقلين الإداريين الذين تزج بهم سلطات الاحتلال في السجون دون تهمة وتجدد اعتقالهم بعرضهم أمام محاكم صورية. ولعل الصورة الأشد قسوة كانت تلك المشاهد التي بثتها وسائل الإعلام المرئية لعمال فلسطينيين يعملون داخل الخط الأخضر ألقت بهم قوات الاحتلال عند حواجزها العسكرية بعد الاشتباه بإصابتهم بفيروس كورونا (كوفيد 19) الأمر الذي يظهر بشكل جلي العقلية العنصرية التي تتحكم في سلوك سلطات الاحتلال تجاه الفلسطينيين".

وفي ختام المناشدة، وجّه المركز النداء إلى كل الفاعلين والمتجمع المدني الدولي والحركات الاجتماعية والأحرار في العالم بأن يساندوا سكان قطاع غزة، الذين يعيشون تحت حصار خانق يحرمهم من أبسط مقومات حياتهم الطبيعية، والمركز يشير إلى أن ما اختبره العالم من قيود على حرية الحركة والتنقل ومن نقص في توفير الغذاء والدواء وفي البطالة التي بدأت تنتشر حول العالم كواحدة من تداعيات الجائحة كاستثناء في حالة الطوارئ القائمة، فإنها القاعدة والحالة المزمنة التي يعيشها سكان قطاع غزة بسبب الحصار "الإسرائيلي" والهجمات العسكرية واسعة النطاق التي تشنها قوات الاحتلال.

وطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان  المجتمع الدولي بالوقوف أمام مسئولياته، وحذر من كارثة حقيقية سوف تطال القطاع، كما طالب بالتحرك فورا لغوث قطاع غزة ومساعدته على نحو عاجل بأجهزة التنفس الصناعي وعدة التحليل والأدوية الضرورية للحد من الخسائر في الأرواح جراء هذه الجائحة التي ضربت العالم ولم تستثنِ قطاع غزة. كما يجدد دعواته المتكررة بتفعيل توصيات لجان التحقيق الأممية في تفعيل المسائلة والمحاسبة عن انتهاكات القانون الدولي، والعمل دون إبطاء على إنهاء الحصار "الإسرائيلي" على قطاع غزة.