يبدو أن تشكيل حكومة العدو الجديدة ما زال يجري بنظام خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، بمعنى تغليب حالة المراوحة على التقدم، رغم توصل بني غانتس وبنيامين نتنياهو إلى تفاهمات تشي بقرب تشكيل حكومة وحدة بين الجانبين.
يأتي هذا مع ضبابية الوضع السياسي المرتبط بغيوم كثيفة يتركها وباء كورونا وسباق العدو من أجل الحد من آثاره، ورغم أن هذا الوباء يشمل العالم كله، غير أن خصوصية الكيان تكمن في ضعف النظام الصحي بشكل عام، والجبهة الداخلية كذلك من جهة، وكونه يواجه أزمة الفيروس في غياب حكومة فاعلة يبدو أنها ستتأخر أكثر.
في هذا السياق، التقى المكلف بتشكيل الحكومة بني غانتس بالرئيس الصهيوني رؤوفين ريفلين وقال إنه سيتعين عليه طلب تمديد التفويض الممنوح له بعد عطلة عيد الفصح، إذ يريد غانتس الاستمرار في التفويض لتتاح له الفرصة للمضي قدما بالقوانين التشريعية ضد بنيامين نتنياهو، حيث يبدو أن هذه القوانين هي السلاح الوحيد الآن الذي يمتلكه أزرق-أبيض في مفاوضاته مع الليكود.
من غير المعروف حتى الآن إن كان ريفلين سيمنح التمديد المطلوب لغانتس، إذ يمتلك رئيس الكيان الصلاحية الكاملة في هذا الآمر، وبعد انتهاء المدة الأساسية لغانتس يستطيع ريفلين أن يستجيب لطلب التمديد أو يحول التفويض إلى بنيامين نتنياهو.
وفرصة غانتس محدودة تمامًا بالتمديد حيث في حالة انتقال التفويض إلى نتنياهو، ذلك يعني أن الليكود سيحكم اللجنة العادية للكنيست، وسيطرة الليكود على اللجنة العادية تعني أن غانتس لن يكون قادرًا على تطوير القوانين ضد نتنياهو.
وتتوقع أوساط سياسية صهيونية أن تشكيل الحكومة قد يستغرق ما لا يقل عن عشرة أسابيع بسبب الأعياد اليهودية، وتعقيد التشريعات ومن ضمنها تعيين رئيس للوزراء في حالة حكومة وحدة، وهو ما سيتطلب تقديم التماس للمحكمة العليا للموافقة على أي اتفاق يضع نتنياهو في المنصب.
رغم أن هذا يضاف إليه عدم اتفاق الطرفين على مسألة الضم في الضفة الغربية ووادي الأردن والأغوار، الأمر الذي اعترض عليه غانتس وهو ما يعيق التوقيع النهائي على الاتفاق.
التقييم الأقل تفاؤلاً هو أنه لن يتم تشكيل حكومة قبل "عيد الاستقلال" في شهر أيار/مايو، ويعود ذلك جزئيًا إلى الأعياد.
ومع ذلك، فإن الافتراض المحتمل هو أن نتنياهو وغانتس، اللذان التقيا مرة أخرى الليلة الماضية، سيتوصلان إلى اتفاق.
والافتراض المعقول هو أنه سيتم التوصل إلى اتفاق، كما أن أساس الجدل هو تطبيق السيادة والجدول الزمني، خاصة على خلفية الانتخابات الأمريكية.
ويشكل الوضع الحالي في الكيان تصادمًا بين ساعتين تدقان بمعدل مختلف - مراقبة وباء كورونا، ما يتطلب إنشاء حكومة في أقرب وقت ممكن، والثانية هي الساعة الدستورية، التي تسمح بـ 10.5 أسابيع أخرى لتشكيل ائتلاف من ضمنها 14 يومًا تمديدية لغانتس كاحتمال، و28 يوما لنتنياهو، و21 يوما للكنيست نفسه ليتمكن من تقديم مرشح بـ 61 صوتًا.
ورغم تراجع الذعر السياسي في الكيان مع إعلان غانتس إنه مستعد للذهاب إلى الحكومة مع نتنياهو، إلا أن رعبًا اقتصاديًا يتفشى أيضًا فيما يوصف بأنه أقسى من حرب أكتوبر.
رغم ذلك، يعاني أزرق-أبيض من جانبه من مشاكله الخاصة في قيادته الضيقة بعد انسحاب لابيد ويعلون، حيث بينما يريد أشكينازي أن يصبح وزيرًا للحرب، ربما يرغب غانتس بذات المنصب إضافة لكونه نائبًا لرئيس الحكومة وهو منصب شكلي كما هو معروف، وبالتالي قد لا يرغب غانتس أن يكون على الهامش خلال الفترة الأولى لرئاسة نتنياهو، وهو ما سيثير ربما معارضة من أشكينازي ما سينعكس على الاتفاقات مع الليكود أيضا.
من جانب الكتلة اليمينية، هناك غضب أيضًا على نتنياهو، حيث أن حزب اليمين بقيادة نفتالي بينت يخشى تهميشه في الحكومة الموحدة، وهناك أيضًا مشاكل عديدة يواجهها نتنياهو لتوزيع 15 حقيبة (من أصل ثلاثين) هي حصته في حكومة الوحدة، ما بين إرضاء الليكوديين والأرثوذكس وحزب اليمين.
من جانبه هاجم أفيغدور ليبرمان نتنياهو ومساعيه للهروب من استحقاق المحاكمة والتحريف السياسي لقضية كورونا.
كما هاجم حكومة الوحدة وقال: "إنها ليست حكومة وحدة أو حكومة خاصة، غانتس مجرد مبتدئ، وبمجرد الموافقة على رئيس الكنيست، لجنة المالية، وكذلك لجنة القانون والدستور والعدل، سيتحكم نتنياهو في كل شيء. يخجل غانتس من نفسه ويخترع الكذب علينا".