قي العام 2017 خلال مؤتمر جيروزاليم بوست؛ قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، "إن موقف معظم المواطنين العرب تجاه إسرائيل يتغير نحو الأفضل؛ بسبب تطور العلاقات الاقتصادية: "إنها ثورة". قد يكون نتنياهو محق في تفاخره وخطاب المنتصر وتطور إسرائيل وتقدم عملية التطبيع بشكل فج، على الرغم من أن الدراسات الإسرائيلية، تقول: أن غالبية مواقف المواطنين العرب هي ضد إسرائيل وضد التطبيع، برغم أن الأنظمة العربية تمارس كافة أشكال القمع والاستبداد بحق مواطنيها وتصادرها حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وما نشاهده من فجور التطبيع الإماراتي البحرين ي، الذي كشف الوجه الحقيقي للأنظمة العربية الاستبدادية في الحفاظ على مصالحها الضيقة، وحال الانقسام العربي وقرب تفككه والتحرك الأمريكي لإنهاء الخلافات الخليجية.
نجحت مساعي مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير، في ساعات بإنهاء الخلاف الخليجي الذي استمر لسنوات تحت سمع ورضا وصمت أمريكي، وبعد تقارب في وجهات النظر بين المختلفين، هذا التقارب جاء قبل استلام الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، ولتوسيع التحالف ضد إيران في خدمة إسرائيل، والسير قدمًا في التطبيع مع إسرائيل، والضغط على السلطة للعودة للمفاوضات، وما قد نشهده من ممارسة قطر الضغط على حركة حماس في تغيير من مواقفها.
من حق نتنياهو أن يتحدث بتفاخر ويقدم خطاب النصر لما حققه خلال السنوات الماضية؛ سواء بوجود ترامب أو حتى مع قدوم بايدن؛ فمحددات السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وإسرائيل ودول الخليج النفطية واضحة، ولا تتغير بتغير الإدارات سواء ديمقراطية أو جمهورية. ومع هكذا واقع وتحالفات جديدة، أصبح واضحًا التوجه الفلسطيني مع خطاب الانتصار بعودة العلاقات مع إسرائيل، ومن الصعب توقع الخطوة القادمة للفلسطينيين، وسؤال ما العمل والذي بات ممجوجًا واجابته واضحة، وهم بهذا الحال من الانحطاط والتردي وغياب الرؤية الوطنية الجامعة، والخطر القادم؛ سواء أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بادين عن رؤيته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي واضحة ولن تخرج عن محددات السياسة الأمريكية برغم رؤيته حول حل الدولتين.
أي كانت القرارات التي ستتخذ من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، فهي تكرار المكرر والعودة للمفاوضات دون شروط ودون سقف زمني، وإن تم ذلك وعلى الأرجح أن السلطة لا تبحث عن خيارات أخرى، سيكون ذلك استخفاف وإهانة للفلسطينيين ومشاعرهم الوطنية والعاطفية تجاه قضيتهم الوطنية. وما تغييب الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم الأساسية بحرية في النضال ضد الاحتلال، إلا السير في ذات السياق وحرمانهم حتى من مطالبهم بحقوقهم الخدمية المعيشية والتعبير عن تلك الحقوق والانخراط في الدفاع عنها، وأن يكونوا شركاء في المجتمع والتعبير عن مواقفهم وآرائهم والمشاركة في اتخاذ القرار، واحترام عقولهم وإمكاناتهم في النضال لبناء مجتمع حر يسعى للحرية.
الفلسطينيون يشعرون بالظلم والغضب والإحباط ولا يعلمون شيئًا عن القرارات التي ستتخذها القيادة الفلسطينية؛ فالقضية الأساس هي الاحتلال، والأهم رؤيتهم والاستفراد بالنظام السياسي والتهميش، وهما سمة النظام السياسي والقيادة الفلسطينية، وعدم معرفتهم للنوايا والخطط المستقبلية، هذا إن كان هناك خطط حقيقية للخروج من المأزق الذي يعيشه الفلسطينيون منذ النكبة وحتى يومنا هذا.
الحاصل هو الارتهان للموقف الأمريكي والوعود الذي أطلقها الرؤساء الأمريكيين بضرورة حل القضية الفلسطينية، واعتبار الولايات المتحدة الامريكية الراعي الحصري لما يسمى العملية السلمية، والرهان على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهي الشريك الحقيقي لإسرائيل منذ قيامها ونكبة الفلسطينيين وتشريدهم.
يتساءل الفلسطينيون ويجيبون عن الخطوات التي ستتخذ لمواجهة كل ما يجري من تطبيع واستفراد بالفلسطينيين وتجريب المجرب والشعور بالظلم التاريخي الذي تعرضوا ولا يزالوا يتعرضون له وإنكار حقوقهم، هي أسئلة البحث عن الكرامة والتعبير عن الغضب والذل والهوان الذي وصل إليه الفلسطينيون، والجميع ينتظر ويتمنى ردود الفعل وأي ردود نريد؟ وهل القضية تتعلق بردود على قضية بعينها كما حدث في موضوع الضم؟ أم هي مجرد أمنيات والتيه والعجز والفوضى وغياب الرؤية المشحونة بمشاعر الغضب والقهر؟
عوامل وأسباب الانفجار كبيرة؛ فالشعب الفلسطيني يعاني الاحتلال، وإسرائيل مستمرة في مشروعها الاستيطاني، وما يقوم به الفلسطينيون هو إسقاط واجب، مواجهة ما يجري يتعلق بالحق الفلسطيني والقضية والمشروع الوطني، ومن الواضح ان لا حلول سياسية ولا قدرة عربية على الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة، في ظل تسابق دول مركزية عربية بتبديل مواقفها وتبييض صفحتها من استبداد وممارستها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان قبل استلام الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها، وعمليات التطبيع والعلاقات مع إسرائيل و السعودية والانفتاح عليها.
الفلسطينيون أمام موقف صعب من احترام الذات، وحتى الآن غير قادرين على اتخاذ قرارات دراماتيكية بإعادة الاعتبار لمؤسساتهم التمثيلية، وهم غير قادرين اتخاذ مواقف لتنظيم صفوفهم والعودة للبدايات، وعقد مراجعات نقدية للتجربة والفشل، والتصدي للاحتلال يكون بالرهان على الشعب والوحدة والتوافق على الرؤية والشراكة.ش