قال التيار الديمقراطي التقدّمي الأردني، يوم أمس الأربعاء، إنّ "الولايات المتحدة الأميركية تمر في منعطفٍ خطير؛ فالاضطرابات السياسيّة والاجتماعيّة والانقسام الحاد في المجتمع الأميركي هو أحد تعبيرات الأزمة الاقتصادية للنظام الرأسمالي، فقد توّج ترامب سياساتها العنصرية المتوحشة في تمرده على المؤسسات الأميركية، وتحريض أنصاره في اقتحام الكونغرس، ما ينذر بخطر اشعال حرب أهلية، حيث اتسمت سياساته بالثقافة العنصرية المعادية للإنسانية جمعاء".
ولفت التيار الديمقراطي في بيانٍ له وصل "بوابة الهدف" نسخة عنه، إلى أنّ "الوطن العربي والقضية الفلسطينية خاصة كان لها نصيب من سياسات ترامب العدوانيّة، بمواقفه المتطرفة متجاوزًا قرارات الشرعية الدولية في حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير، ونقل سفارته للقدس واعترافه ب القدس عاصمة للكيان الصهيوني والدعوة لضم الأراضي العربية في الضفة والجولان".
وأكَّد التيّار على أنّ "موجات العنف التي شهدتها الولايات المتحدة بعد مقتل "جورج فلويد" في أكثر من ولاية، وفي 75 مدينة لم تعد احتجاجات، بل إنه تدمير كما أورد عمدة بلدية لوس انجليس: إن مقتل الأمريكي الأسود من قبل الشرطة الأمريكية العنصرية بطريقة مأساوية وهو يصرخ "أريد التنفس" كان الشرارة التي فجرت الاضطرابات، واشاعة الثقافة العنصرية لمواجهة تحديات الصراع الطبقي العميق داخل المجتمع الأميركي، وقد تحوّل الغضب والعنف إلى حركة احتجاج ليس على مستوى الأميركي وحسب؛ بل وعلى المستوى العالمي، فقد شهدت عدة عواصم عالمية احتجاجات ضد العنصرية".
وأشار إلى أنّ "الاحتجاجات الشعبية كشفت أنّ الاضطهاد ليس ذو طابع عنصري وحسب بل وقهر طبقي أيضًا، فعلى الرغم من الانتشار المفزع لفيروس كورونا وارتفاع معدل الوفيات والصعوبات البالغة التي تعاني منها الفرق الطبية، والنقص في بعض المعدات، واصل ترامب تجاهل هذه الأخطار بفتح الأسواق وإطلاق النشاط الاقتصادي والمالي والتجاري خوفًا من الركود وانهيار البورصات، فقد تفشى الفيروس بين العمال والفقراء المسحوقين والمحرومين من التأمينات الصحية، وكشف الوباء عن عورة النظام الرأسمالي وفشله في مواجهته، كما وظّف ترامب أدواته الإعلامية بشكلٍ مبتذل ضد الصين التي نجحت في حماية شعبها مبكرًا من هذا الفيروس الخطير، وواصلت تحقيق نمو اقتصادي حقيقي في الوقت الذي يعاني الاقتصاد العالمي من حالة انكماش".
وتابع التيار في بيانه: ومثلما واجهت الرأسمالية المتوحشة الأزمة المالية والاقتصادية في 2008 بإغراق البشرية في المزيد من الكوارث البيئية والمناخية وعمقت التفاوتات الطبقية وعرضت ملايين البشر للفقر والجوع والتشرّد، مقابل الثراء الفاحش لعدد محدود من كبار الرأسماليين، فقد كشف تقرير "تجمع أوكسفام للأعمال الخيرية"، أن 26 شخصًا في العالم يحتكرون ثروة تصل قيمتها 1.4 تريليون دولار أميركي، أكثر مما يملكه نصف سكان العالم في عام 2020 ، في الوقت الذي يدخل الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بعد فصلين متتالين من الانكماش، وارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 15% في النصف الأول من عام 2020".
وشدّد على أنّ "الرأسمالية صحيح نجحت بالتكيّف خلال القرن الماضي، والإفلات من العديد من الأزمات من خلال ضخ الأموال المنهوبة من شعوب الأرض لإنقاذ المؤسسات الماليّة وشركات التأمين من الانهيار دُفعت من جيوب المواطنين، فكافة المعطيات تشير إلى أن الأزمة في صلب الاقتصاد الحقيقي للنظام الرأسمالي، ولم تنحصر بالسياسة المالية ونقص السيولة وحسب، فالرأسمالية تحمل في طياتها بذور أزماتها الاقتصادية، هذا ما أكده كارل ماركس في كتابه الشهير رأس المال، وما يشهده النظام الرأسمالي دليل ساطع على ذلك، لقد كشف ماركس بوضوح أن الرأسمالية تتعرّض لأزمات دورية ومتعاقبة مشبها أزمتها الدورية بالأجرام السماوية التي ما أن تأخذ حركة التوسّع والتقلّص التناوبيّة حتى تتجدّد بشكلٍ متواصل، وأن النتائج تصبح بدورها أسبابًا، ومراحل العملية المتعاقبة هذه تجدد باستمرار شروطها الخاصة وتأخذ شكلاً دوريًا، وجاءت الرأسمالية المتوحشة في الولايات المتحدة الأمريكية ب دونالد ترامب رئيسًا لتخفيض الضرائب على كبار الرأسماليين، ومواجهة الخطر الحقيقي الذي يشكله الاقتصاد الصيني على الدور الأميركي، وللعودة إلى السياسة الحمائية، والانسحاب من اتفاقية باريس والغاء القيود التي فرضت على صناعات البترول والفحم والتعدين وغيرها من صناعات تلويث الأرض والكوارث البيئية، فالظّاهرة الترامبية المتوحّشة إحدى مؤشرات أزمة النّظام الرأسمالي".
وفي ختام بيانه، أكَّد التيّار على أنّ "ترنح النظام الرأسمالي غير كاف لإنقاذ العمال والفقراء المهمشين من تداعياته، بل يجب أن يرافق ذلك وعيًا سياسيًا وتنظيميًا وأحزابًا ثورية قادرة على تنظيم المقهورين والمضطهدين لتجاوز أسلوب الانتاج الرأسمالي".